حل التوترات.. الإندبندنت: "فصل جديد" من العلاقات بين السعودية وتركيا

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية الضوء على سعي دول المنطقة للسيطرة والنفوذ، وعلاقة تركيا بتلك الدول.

وتحدثت الصحيفة بنسختها الفارسية في مقال للخبير الدبلوماسي في أمن الطاقة، أميد شكري، عن التغيرات التي حدثت في المنطقة خلال الفترة الأخيرة انطلاقا من بدء انسحاب أميركا من الأراضي الأفغانية، وزيادة النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، وتحسين تركيا علاقاتها مع الدول العربية وخاصة مصر والسعودية، بالإضافة إلى إسرائيل.

كما تطرق شكري إلى الحديث عن المكالمات الهاتفية بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالإضافة إلى تقليل حجم التجارة بين البلدين، كما تناول الحديث عن الفصل الجديد في العلاقة بينهما.

حل التوترات

وقال الخبير الدبلوماسي: "حدثت اتصالات دبلوماسية بين العديد من رجال الحكومة في المنطقة خلال الفترة الأخيرة من أجل حل التوترات وتوسيع العلاقات الثنائية والمتعددة الجوانب، وفي الوقت الذي يزداد فيه سعي دول المنطقة من أجل النفوذ في الشرق الأوسط، هناك اضطرابات كثيرة مصاحبة لعلاقة أنقرة بدول المنطقة عدا قطر".

واعتبر أن "استكمال المباحثات بين إيران وأميركا في فيينا من أجل حل المشاكل الموجودة، وزيادة احتمالية إبرام معاهدة بين الطرفين يؤكد أن توازن القوى في المنطقة على وشك التغيير، والمعاهدة الجديدة بين إيران وأميركا يمكنها أن تؤدي إلى اقتراب منافسي إيران في المنطقة من بعضهم البعض".

وتابع: "من الطبيعي أن الدول المجاورة والمنافسة تسعى إلى أداء دور أكثر فعالية في التوازن الجديد، خروج قوات أميركا من أفغانستان وزيادة نفوذ روسيا في الشرق الأوسط، وكذلك زيادة دور الصين بالمنطقة، كل هذه الأمور توضح أن الدول بحاجة لأداء دور دبلوماسي أكثر فعالية وحل بعض المشاكل مع دول الجوار من أجل زيادة دورها في المنطقة".

وكان لدى تركيا العديد من المشاكل في علاقاتها مع بعض الدول العربية وإسرائيل في السنوات الأخيرة، ومؤخرا سعت أنقرة إلى تحسين علاقتها مع السعودية، ومصر وإسرائيل.

وبدأت المباحثات مع مصر منذ مارس/آذار 2021؛ للسعي من أجل تحسين العلاقات بين البلدين، حيث عانت بمجيء الانقلابي عبد الفتاح السيسي من "التوتر والأزمة الحقيقية".

وذكر شكري: "بالإضافة إلى الأهمية الجيوسياسية لعلاقات تركيا بالدول العربية، إلا أن هذه الدول من المستثمرين الأساسيين في المشاريع المختلفة في تركيا".

ووفقا لمعطيات البنك المركزي في تركيا، كان الاستثمار المباشر للشركات السعودية في تركيا حوالي 826 مليون دولار حتى نهاية 2019، وهذا الرقم ضئيل للغاية بالمقارنة مع سائر دول الخليج العربي، وعلى أساس هذه الإحصائية استثمرت قطر في تركيا في نفس المدة 22 مليار دولار، والإمارات 6.2 مليارات دولار، وكذلك البحرين 1.5 مليار دولار.

الميزان التجاري

في  4 مايو/أيار 2021، أعلنت وكالة " رويترز" البريطانية عن مكالمة هاتفية بين أردوغان والملك سلمان.

ووفقا لتقرير "رويترز" فإن "هذه المكالمة الهاتفية الثانية لزعماء الدولتين في البضعة شهور السابقة، وأكد الطرفان خلالها على تعزيز العلاقات الثنائية، وعايد أردوغان الملك السعودي مسبقا بمناسبة حلول عيد الفطر".

ويجب الذكر أن تركيا خلال فترة العقوبات على قطر من قبل السعودية وسائر الدول العربية عام 2017 اتخذت جانب قطر، حيث تسبب هذا الأمر في حدوث "توتر جاد" في العلاقات بين أنقرة والرياض.

وفي عام 2018، تعقدت العلاقات بين الدولتين بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل قنصلية الرياض بإسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.

وقال شكري: "في فبراير/شباط 2020، كانت تبلغ الصادرات التركية إلى السعودية حوالي 259 مليون دولار، ولكن في ديسمبر/كانون الأول قبل ذلك قل هذا الرقم إلى 13.5 مليون دولار بسبب تحريم المنتجات التركية في السوق السعودي".

وكان متوسط حجم التجارة بين البلدين عام 2018 حوالي 5 مليارات دولار، وفي عام 2019 بلغ 5.1 مليارات دولار، ثم وصل إلى 4.7 مليارات دولار عام 2020.

ووفقا لإحصائية وزارة الاقتصاد التركية، 1.4 بالمئة من حجم التجارة الخارجية هي مع السعودية، ويجب الذكر أن طوال هذه السنوات، كان الميزان التجاري يصب في مصلحة أنقرة على الدوام.

وأكد شكري أن "استمرار التوتر في العلاقات بين البلدين يعني الانخفاض التدريجي لنصيب المنتجات التركية في سوق السعودية، ويحل محلها المنتجات الصينية والأوروبية".

وأوضح أن "التوتر بين تركيا والسعودية وجه الضربة الأقوى إلى المقاولين، حيث يقال إنه بعد التوتر في العلاقات بين الدولتين، فقدت الشركات التركية فرص استثمارات متعددة في السعودية، لذا خسرت هذه الشركات ما يقرب من 3 مليارات دولار".

فصل جديد

وقال الخبير الدبلوماسي شكري: إن "أول علامة للميل الجاد للدولتين لتحسين العلاقات وتقليل التوتر ظهرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020".

وأشار إلى أن "زعيما الدولتين قاما بحوار هاتفي فيما بينهما قبل انعقاد مؤتمر قمة مجموعة العشرين باستضافة الرياض، وخلال هذه المحادثة أكد كل من الملك سلمان وأردوغان على الحفاظ على أسس الحوار، وكانت هذه أول تصريحات إيجابية من قبل زعماء الدولتين بعد توتر في العلاقات دام لسنوات عدة.

ووفقا لما ذكرته جريدة "يني شفق" التركية، أعلنت بعض وسائل الإعلام السعودية عن ميل الرياض لشراء الطائرات التركية بدون طيار، بالإضافة إلى وساطة قطر من أجل تحسين العلاقات بين الدولتين.

ومع أخذ المكالمات الهاتفية بين زعماء الدولتين خلال الشهور الأخيرة في الاعتبار، سنجد أن كلا من الدولتين لا يمكنها أن تحل بعض المشاكل الموجودة في العلاقات عن طريق إعادة النظر في سياستها الخارجية فقط، بل من الممكن أن تستطيع تركيا الاستفادة من استثمار الشركات السعودية في المشاريع المهمة كالدول العربية الأخرى، بحسب الكاتب.

وأكد أن "انتشار جائحة كورونا وانخفاض قيمة الليرة تسبب في أزمة جادة للاقتصاد التركي، ويعد جذب الاستثمار الخارجي أحد الطرق التي تستطيع أن تقوم بها أنقرة لكي تتحكم في نتائج الأزمة الاقتصادية الحالية إلى حد ما".

واعتبر أن "علاقة الحكومة التركية بالإخوان المسلمين يمكنها أن تؤدي إلى حل العديد من مشاكل السعودية ومصر، أو أن تحول دون زيادة التوتر، كما أزمة سوريا والحرب الداخلية الليبية ضمن الأمور التي يجب البحث عن حل جذري لها من قبل أنقرة والرياض، وزيادة حجم التجارة يمكنه أيضا أن يساعد على استمرار وزيادة مستوى المناسبات السياسية".

واختتم شكري مقالته قائلا: "مع أخذ أهمية الطائرات بدون طيار في الاعتبار في المحافظة على البنية التحتية للطاقة، فيمكن أن تستفيد السعودية منها لتأمين بنية الطاقة التحتية وتعزيز البنية الدفاعية، حيث سيتسبب هذا الأمر بدوره إلى زيادة حجم التجارة بين البلدين، وسيساعد في تهيئة الأوضاع لبيع المسيرات التركية للدول العربية".