تغيّر بالمواقف.. هذه تحركات تيار الصدر للحصول على رئاسة وزراء العراق

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

يحاول التيار الصدري في العراق بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الحصول على منصب رئاسة الحكومة بعد الانتخابات المقبلة في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، الأمر الذي انعكس بشكل واضح على تحركاته السياسية ومواقفه من قضايا محلية وإقليمية ودولية.

يطمح الصدريون في الحصول على أكثر من 100 مقعد (من أصل 329) خلال الانتخابات المقبلة، ما يمكنهم من تشكيل تحالف مع القوى السياسية الفاعلة من مختلف المكونات العراقية، ووصل الأمر إلى تشكيك بعض قياداتهم مسبقا بنزاهة الانتخابات إذا لم يكونوا هم في صدارتها.

تحالف الأقوياء

أولى تلك التحالفات التي يحاول التيار الصدري تأمينها في مرحلة ما بعد الانتخابات هي مع قوى من خارج ما يعرف بـ"البيت الشيعي"، فقد أجرى تفاهمات متقدمة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، بقيادة مسعود البارزاني، والذي يعد أكبر الأحزاب الكردية في البلاد.

 وقال المتحدث باسم "الديمقراطي الكردستاني" محمود محمد، خلال مؤتمر صحفي في 29 أبريل/ نيسان 2021، إن الحزب تحدث مع تحالف "سائرون" بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ولكن لغاية الآن لا يوجد أي اتفاق رسمي.

لكن كفاح محمود مستشار رئيس الحزب، نقل تصريحات عن عضو المكتب السياسي للحزب جعفر إبراهيم أكد فيها أنه "حتى هذه المرحلة من المحادثات، فإن التيار الصدري هو الأقرب إلينا لما يتمتع به من مساحة أفقية واسعة في الوسط السياسي الشيعي، وحتى على المستوى العراقي".

وأضاف محمود خلال تصريحات صحفية في 3 أبريل/ نيسان 2021، أن "المحادثات في بدايتها، وإن هناك تقاربا واضحا جدا ما بين التيار الصدري والحزب الديمقراطي، وإن الأخير واحد من أكبر الأحزاب السياسية العراقية، وعلى مستوى الإقليم هو الحزب الأول والأكبر".

أما من ناحية التيار الصدري، فقد أعلن عضو تحالف "سائرون" النائب رياض المسعودي، خلال تصريحات صحفية في ذات اليوم أن "إستراتيجية التيار الصدري في المرحلة المقبلة هي شراكة الأقوياء، والذهاب باتجاه تشكيل حكومة قوية، تتحمل تبعات النجاح والفشل، لذلك فإنه لا ينبغي أن يشترك الجميع في الحكومة المقبلة".

وفيما يتعلق بالتفاهمات بين الديمقراطي الكردستاني والتيار الصدري، قال المسعودي "نحن قريبون من جميع الأحزاب الكردية في كردستان العراق، والإقليم جزء مهم من العملية السياسية، لكننا نؤمن بشراكة الأقوياء وهو عدد قليل من القوى السياسية بمقاعد كثيرة تصل إلى 200 مقعد لتشكيل الحكومة المقبلة".

وكشفت تقارير نشرتها مواقع عراقية في مارس/ آذار 2021، أن الحزب الديمقراطي برئاسة مسعود البارزاني أجري 14 اجتماعا مع التيار الصدري خلال الفترة الماضية تمخضت عن استعداد الحزب لاعتبار الصدر مرجعا سياسيا وحيدا لقادة الشيعة، فيما يعتبر الصدر بارزاني مرجعا سياسيا أوحد لكل الأكراد.

وأضافت أن "البارزاني أكد للتيار الصدري أنه لا يمثل كل الأكراد، فهو يمثل 25 مقعدا من أصل 60 كرديا بالبرلمان العراقي". وأكدت أن "المحادثات بين الهيئة السياسية للتيار الصدري والديمقراطي الكردستاني، نجمت عن اتفاق أولي بين الجانبين على تشكيل تحالف ما بعد الانتخابات".

ووفقا للتقارير الصحفية المحلية، فإن "وفد التيار الصدري بحث على مدى أسبوع في إقليم كردستان العراق، تشكيل تحالف يتضمن دعم المشروع السياسي للتيار في رئاسة حكومة ما بعد الانتخابات، مقابل تنفيذ مطالب الكرد، وتسهيل تمريرها".

ويأتي التقارب بين الطرفين في وقت أكد فيه الصدر أكثر من مرة سعي تياره للحصول على منصب رئاسة الوزراء من خلال الانتخابات المقبلة، في حين لا يخفي البارزاني حرص حزبه على منصب رئيس جمهورية العراق، الذي لا يزال يحتفظ فيه الاتحاد الوطني الكردستاني منذ 2005.

تغير بالمواقف

لم يكتف التيار الصدري بالتقارب مع قوى عراقية، إذ نشرت مجلة "إيكونوميست" في 30 أبريل/ نيسان 2021 تقريرا أشارت فيه إلى تقرب الصدر من "أعدائه السابقين"، الأميركيين.

الصدر كان قد قال بعد إطاحة واشنطن بالرئيس الراحل صدام حسين عام 2003 إن الأخير هو "الثعبان الصغير" ولكن الأميركيين هم "الثعبان الكبير". وفي السنوات التي تبعت الاحتلال هاجمت مليشيا الصدر القوات الأميركية التي احتلت العراق وقتلت المئات منهم.

وذكرت المجلة أنه "في الوقت الذي ستخفض أميركا من قواتها (لم يبق منهم سوى 2500 جندي) فإن إيران هي التي تمثل التهديد الأكبر على استقلال العراق".

وتمارس طهران، بحسب المجلة، تأثيرا واسعا عبر مليشيات محلية وسياسيين تدعمهم، ويرى الأميركيون إيران تهديدا كبيرا لهم وكذا الصدر.

إلا أن علاقة رجل الدين مع إيران معقدة، فقد قضى سنوات يدرس في مدينة قم ويبحث عن حماية من منافسيه في العراق.

وفي بعض الأحيان رأت فيه إيران حليفا مفيدا، ولكنه كان من دعاة الوطنية العراقية، فقد دعم تياره التظاهرات في عام 2019 التي اندلعت ضد الفساد والتأثير الإيراني.

وأشار بعض السياسيين العراقيين بإصبع الاتهام لإيران في الهجوم بطائرة مسيرة على منزل الصدر، عام 2019.

ويبدو أن الصدر يتعامل مع التأثير الإيراني في العراق كتهديد على سلطته، ولهذا السبب رحب بالبيان الأميركي والحكومة العراقية الذي أكد الوجود الأميركي في العراق، وفقا للمجلة.

كما وشجب الصدر الهجمات الصاروخية التي شنتها المليشيات التابعة لإيران على السفارة الأميركية في بغداد. وعرض نشر قواته "سرايا السلام" لحماية البعثات الدبلوماسية الغربية.

وقال إنه يجب تقوية علاقات العراق مع السعودية والإمارات وهما الدولتان الحليفتان لأميركا والعدوتان لإيران.

ورغم رفض الصدر المحادثات المباشرة مع الأميركيين، لكن لديه مصلحة مشتركة معهم. ودعما معا الشركة الكورية "دايو" التي منحت عطا تطوير ميناء الفاو، جنوب- شرق العراق بمليارات الدولارات.

وفازت "دايو" الكورية في يناير/ كانون الثاني 2021 على الشركة الصينية التي حظيت بدعم زعيم شيعي منافس له، في الوقت الذي يفكر الصدر فيه بعقد اتفاق مع ساسة سنة وأكراد ممن لهم علاقات قريبة من أميركا، حسب المجلة.

كما دعم الصدر حكومة مصطفى الكاظمي والذي حظي بدعم الأميركيين ويحاول الحد من تأثير إيران، والتي بسببها يجد معارضة من الأحزاب التي تدعمها إيران، فيما تحميه كتلة "سائرون" التي تعتبر الأكبر في البرلمان من محاولات نزع الثقة منه.

ونقلت المجلة عن مسؤول عراقي (لم تكشف هويته) قوله: "العراق في فوضى وتملأ إيران الفراغ، والصدر هو القوة الوحيدة القادرة على المقاومة".

وهناك في الغرب من يتفق مع هذا الرأي، حيث نجا الصدر من العقوبات الأميركية التي فرضتها إدارة دونالد ترامب عام 2019 على قادة مليشيات.

وفي ظل إدارة ترامب حاول المسؤولون الأميركيون التعاون مع الصدريين عبر السفير العراقي في بريطانيا محمد جعفر الصدر، وهو صهر زعيم التيار الصدري.

ولا يزال الرئيس الأميركي جو بايدن يعمل على سياسته من العراق، وربما حاول تخفيف التوتر مع إيران. وهناك البعض في واشنطن يحاول تشجيع حلفاء أميركا السياسيين في العراق للتعاون مع الصدر قبل الانتخابات المقبلة، حسبما ذكرت المجلة.

قانون الانتخابات

وفي خطوة استباقية أخرى يحاول التيار الصدري الحصول على أكبر عدد ممكن من مقاعد البرلمان المقبل.

وأكد أحد نواب تحالف "سائرون" أن قانون الانتخابات الذي أقره البرلمان في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، يخدم التيار الصدري.

وقال النائب غايب العميري خلال مقابلة تلفزيونية في 8  فبراير/ شباط 2021، إن "قانون الانتخابات الجديد يخدم التيار الصدري بشكل صريح والشارع معنا.

لذلك فإن القانون وتزايد أعداد أتباع التيار الصدري ومحبيه عاملان مهمان بالإضافة إلى بيئة إجراء الانتخابات التي نتمنى أن تكون آمنة، وفق قوله.

وأكد العميري أن التيار الصدري لا يسعى لإرضاء القوى السياسية من أجل حصول على رئاسة الوزراء.

وقال إن "الفشل يبدأ عبر السعي إلى رئاسة الوزراء عن طريق رضى الأطراف السياسية وهذا ما يرفضه التيار، ولا خير في كرسي رئاسة الوزراء إذا كان عن طريق بقاء الكتل ورضائها".

من جهته، قال القيادي في التيار الصدري، حاكم الزاملي، خلال مقابلة تلفزيونية في 9 فبراير/ شباط 2021 إن "ذهاب كرسي رئاسة الوزراء إلى جهة أخرى غير التيار الصدري، يعني أن الانتخابات مزورة" محذر ا من "تدخل جهات داخلية وخارجية في مسألة التصويت البايومتري".  

وأضاف أن "قاعدة التيار الصدري ملتزمة ومطيعة، وإن التيار سبق أن قبل بحزب الدعوة وغيره لشغل منصب رئاسة الوزراء، وأن هذا المنصب (هذه المرة) هو استحقاق للتيار الصدري" متسائلا "هل هو حكر على تلك الأحزاب وشخصياتها؟". 

وكان مقتدى الصدر، قد قال في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2019 إن تمرير قانون الانتخابات الجديد يحقق مطلبا آخر من مطالب الشعب العراقي.

وأضاف الصدر أن قانون الانتخابات سيقصي كل الأحزاب الفاسدة.

وتابع خلال تغريدة على "تويتر": "ننتظر بفارغ الصبر أن تكون مفوضية الانتخابات مفوضية نزيهة ومستقلة بحق ولن نسمح بغير ذلك". ولفت إلى أن "مرشح الشعب سينتصر".