موقع إيراني يرصد "قلق" أوروبا من ازدياد نفوذ تركيا في البحر المتوسط

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع إيراني الضوء على القوى العسكرية والأيدولوجية في منطقة البحر الأبيض المتوسط خلال الفترة الأخيرة، إذ تطرق إلى مصالح العديد من الدول في المنطقة ومنها: مصر، وتركيا، وروسيا، والإمارات، والصين.

وتحدث موقع "إيران دبلوماسي" في مقال للخبير والمحلل في شؤون غرب آسيا عماد حسيني، عن "فراغ السلطة الذي سيحدث نتيجة تراجع الولايات المتحدة عن هذه المنطقة بعد تولي الرئيس الأميركي جو بايدن واتباعه لسياسة خارجية جديدة".

كما تناول حسيني، ظهور القوة البحرية التركية واتساع ميدان العمليات طويلة المدى في البحر الأسود والمتوسط، وشراء الجهاز الدفاعي الجوي إس-400 من روسيا، بالإضافة إلى العواقب طويلة الأمد.

واعتبر أن "ظهور سلطات جديدة في منطقة المتوسط أدى إلى منازعات جديدة حول السلطة الاقتصادية، العسكرية، والأيدولوجية، وكما يعتقد بعض المحللين الأوروبيين أن اتحادهم لم يستطع أن يقيم العمليات السياسية من وجهة نظر إستراتيجية خلال هذا الوضع الخطير والحساس، ولم يضع تكاليفه السلبية وعدم تقدمه تحت الاختبار".

وأشار حسيني إلى أن "الصين، ومصر، والإمارات، وروسيا، والسعودية، وتركيا، اتخذت خطوات جادة من أجل تقدم مصالحها في منطقة شرق المتوسط وسواحله بشكل مباشر، أو عن طريق أدوات تدعمها".

وشدد على أن "الاتحاد الأوروبي وأكثر الدول الأعضاء قلقا (قبرص الرومية، فرنسا، اليونان، إيطاليا، ومالطا) مشغولون باهتمام كبير بمخاوفهم المستقبلية تجاه تركيا".

سياسة الضغط

ولفت حسيني إلى أنه "من الواضح أن نزاعات السلطة الجديدة في هذه المنطقة كانت قد بدأت، والجدير بالذكر أن لها أبعادا اقتصادية، وكذلك عسكرية وأيدولوجية".

وأفاد بأن "هذه السلطات بصرف النظر عن أهداف كل منها، إلا أنهم استغلوا فراغ السلطات الثلاث، حيث كان فراغ الاتحاد الأوروبي أعظمهم ونتج عن معاهدة لشبونة الطموحة عجزه عن الوصول إلى معاهدة تخص سياساته في سوريا، ليبيا أو تركيا، مما أفسح الطريق أمام روسيا وتركيا لاتخاذ إجراءات حاسمة في سوريا، ومن ثم في ليبيا".

وهناك فراغ آخر رئيس نتج عن تراجع الولايات المتحدة عن  منطقة المتوسط هذه، والذي بدأ مع إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، وتسارع خلال فترة الرئيس السابق دونالد ترامب، وتسبب قرب الأخير من زعماء روسيا وتركيا الأقوياء في عدم يقين حلفاء أميركا الأوروبيين، ووضع الفرص تحت تصرف السلطات الجديدة، بحسب الكاتب.

وأردف: "يبدو أن الأوروبيين اليوم قلقون بشكل جاد من الإجراءات التي ستتخذها تركيا، ويعتقدون أن سياسة الضغط لأقصى حد التي كان يتبعها ترامب هيأت الفرصة بالنسبة لتركيا".

ورأى حسيني أن "تركيا ترغب في التحالف مع باكستان وبلا شك تسعى إلى أمان وطموحات أكبر؛ كي يوجد المجال المناسب في المنطقة وتصل إلى أهدافها المطلوبة بشكل أسرع".

وتابع: "ظهر نوع آخر من الفراغ بداية عام 2020 مع جائحة كورونا، حيث قلت الطاقة الرئيسة لحكومات الغرب إلى حد ما لتتوقف أغلب إجراءاتها في منطقة البحر المتوسط".

وذكر حسيني أن "الإستراتيجية البحرية التركية يبدو على وشك التغيير؛ لأن أنقرة لم تعد تركز على علاقاتها مع الناتو مرة أخرى، وبدلا من ذلك، تعمل على بناء قوة بحرية بسلطة خاصة في المنطقة، حتى تستطيع أن تقوم بعمليات طويلة المدى".

قوة مذهلة

ومن المقرر أن تعمل أنقرة على تحديث أساطيل غواصاتها، بتزوديها بأخرى متطورة خلال السنوات المقبلة، وبشكل عام يتوقع أن تعد القوات البحرية التركية من 12 إلى 14 غواصة حديثة، ويعتبر هذا سبق واضح بالمقارنة مع سائر المنافسين، وخاصة إسرائيل.

ومن ناحية أخرى، فإن القوة البحرية التركية تهدد منافسيها في المنطقة وخاصة اليونان ومصر، ويقال إن "النظام الصهيوني في حالة بحث جاد عن التهديدات المحتملة الناتجة عن هذا الوضع".

وبشكل ضمني، مصالح تركيا الاقتصادية في البحر تربطها عداوة رئيسة مع إسرائيل، وبأخذ اتصال النظام بالصادرات عن طريق البحر في الاعتبار، فإن تل أبيب لن تستطيع أن تعمي عينها عن القوة البحرية التركية المذهلة، ومنذ فترة أكد الرئيس رجب طيب أردوغان خلال حديثه على وجوب تمتع دولته بقوات بحرية قوية.

وقال حسيني: إن "بعض المحللين يعتقدون أن أنقرة تمضي في سياساتها الخاصة بالمنطقة عن طريق التدخل العسكري في دعم أحد طرفي النزاع في ليبيا، ومن وجهة نظر الأوروبيين فإن تركيا تهدد مصالحهم الأمنية".

وأضاف أن "الإجراءات التركية الخاصة باتصالها بروسيا لشراء نظام الدفاع الجوي المتقدم إس -400، تعتبر تهديدا مكررا لفسخ معاهدة الدعم بـ6 مليارات يورو مع الاتحاد الأوروبي، وفتح الحدود التركية من أجل هجوم ملايين اللاجئين من الشرق الأوسط إلى أوروبا".

واعتبر حسيني أن "اتفاقية تركيا مع المسؤولين السياسيين الليبيين في طرابلس تفسر على أنها نموذج آخر من الإجراءات التي تتخذها أنقرة للتعارض مع المصالح الأوروبية، وكل هذه الأمور توضخ اختلاف القيم بين تركيا وباقي أوروبا، وتسبب في ظهور مشكلات بالناتو؛ لأن سلوك عضو في هذه المعاهدة العسكرية، أي تركيا، عكس مصالح باقي الأعضاء".

ولفت إلى أنه "خلال الظروف الحالية يبدو أن تركيا لم تعد تركز على علاقاتها بالاتحاد الأوروبي وحلف الناتو كالسابق".

ومن هذا المنطلق فإن "إستراتيجية تركيا العسكرية وخاصة في الإقليم البحري على وشك التغيير، إذ إن أنقرة تعمل حاليا على إقامة قوات بحرية خاصة في المنطقة ليكون بإمكانها تنفيذ عمليات بحرية طويلة المدى"، وفق الكاتب.

وختم حسيني مقاله بالقول: "لا يبدو أن الاتحاد الأوروبي موافق على طموحات تركيا في مناطق الشرق الأوسط والبحر المتوسط التي تستمر بشكل متزايد ومتطور".