بقيادة تركيا.. تعرف على "النموذج الأمني الجديد" في جنوب القوقاز

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

قال مركز تركي إنه "رغم قمع الصراعات والاشتباكات في جنوب القوقاز، إلا أن خطط المؤامرة المعقدة والخبيثة التي حيكت لتشويه عملية السلام في لعبة القوة الجديدة التي بدأت في المنطقة، ما زالت مستمرة". 

وأشار مركز "أنقرة لدراسة السياسات والأزمات" في مقال للكاتب والخبير محمود الحسان خان، إلى أنه "رغم الهزيمة التاريخية التي تعرضت لها، يلاحظ أن أرمينيا ما زالت تميل إلى تنفيذ سلسلة من التكتيكات العدوانية بعيدا عن الأعين لإلحاق الأذى بالناس والطبيعة والبنية التحتية".

وشدد خان على أن "إصرار أرمينيا على عدم مشاركة المعلومات المتعلقة بألغامها المتفجرة والتي تنتشر في كل مكان مثل الفطر، أهم مؤشر على العداء الموروث ضد الشعب الأذربيجاني المسالم والبريء".

ديناميات القوة

ويرى خان أن "انتصار أذربيجان في حرب قره باغ الثانية (27 سبتمبر/أيلول 2020 –10 نوفمبر/تشرين الثاني 2020) أدى إلى تغيير طبيعة ديناميات القوة في المنطقة، بالإضافة إلى مصالحها ونطاق نشاطها وتوقعاتها ومطالبها، لتتعزز بذلك المعادلة الأمنية الجديدة التي ظهرت في المنطقة، وتتطور العلاقات بين أذربيجان وتركيا بشكل أكبر مما كانت عليه".

وأضاف أن "هناك رقعة شطرنج جديدة في المنطقة تعيد ـ حرفيا ـ تشكيل العلاقات الثنائية والثلاثية، حيث أنشأت أذربيجان نموذجا أمنيا جديدا يفرض تفوقها السياسي وسيادتها الاقتصادية وخياراتها الجيوسياسية في جنوب القوقاز".

وانتهى السباق بالفعل وأصبح الفائزون والخاسرون معروفون، وإن كانت الجهود لا تزال مستمرة للوصول إلى علاقة "إنسانية" بسيطة ونقية، وفق الكاتب الباكستاني.

وتابع: "لقد تم تحقيق الانتصار التاريخي في حرب قره باغ الثانية والتي اندلعت لتحرير الإقليم المحتل من أيدي أرمينيا، نتيجة لتفوق أذربيجان في التكتيك العسكري والخبراتي واستخدامها تقنيات حرب مبتكرة ومتقدمة، ودمجها الفعال والمثالي بين الذكاء البشري والاصطناعي، إضافة إلى قيادة رئيسها إلهام علييف الحكيمة".

وأردف قائلا: "كما وقد غيرت القدرات العسكرية غير العادية للقوات المسلحة الأذربيجانية في تاريخ الحروب بشكل كبير، وعلاوة على ذلك، فإن المناورات الدبلوماسية الإقليمية والعالمية الناجحة للرئيس علييف لم تترك لأرمينيا وأنصارها أي خيار سوى الاعتراف بالهزيمة ومغادرة المناطق التي سبق وتم احتلالها بشكل غير قانوني".

ولفت خان إلى أن الاتحاد الأوروبي والغرب أطلق على هذا الوضع تسمية ظهور "القوة الوسطى الجديدة"، بما أنها نجحت في تغيير مسار تطور الروابط والعلاقات والأمن والدفاع والتكامل الاجتماعي والاقتصادي والمعادلة الجيوسياسية في جنوب القوقاز.

وبينما انتصرت كل من أذربيجان وتركيا بشكل مباشر في الحرب، انتصرت باكستان كشريك إستراتيجي لهما، وعلى الناحية أخرى، خسرت أرمينيا والاتحاد الأوروبي ومجموعة "مينسك" التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بشكل مباشر في الحرب، فيما كانت الولايات المتحدة وإيران من خسرتا بشكل غير مباشر، يقول الكاتب.

وأضاف: "لقد فتح انتصار أذربيجان هذا بابا جديدا من الفرص في منطقة جنوب القوقاز، فقد أصبحت كل من مجالات الطاقة والأمن الغذائي أقوى من ذي قبل، وأصبحت أذربيجان الآن لاعبا مهما في اقتصاد الغاز (في العرض والطلب) بمنطقة ما وراء البحر الأسود وجنوب القوقاز والاتحاد الأوروبي".

كما اكتسب تعاون أذربيجان في مجال الطاقة مع جنوب شرق آسيا زخما، ليتاح لها بذلك فرصة تطوير علاقات وثيقة، خاصة مع الحكومة الباكستانية.

وأردف خان قائلا: "كما ويعتبر الانتصار الذي تم تحقيقه في قره باغ، تطورا إيجابيا في إطار تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين باكستان وأذربيجان وتركيا والتي نأمل أنها ستغير من الديناميكيات الأساسية ومفاهيم التنمية في المنطقة خلال الأيام المقبلة".

شراكة جديدة

وتشير سلسلة التدريبات العسكرية الثنائية والثلاثية التي تمت بين أذربيجان وباكستان وتركيا، إلى ظهور شراكة دفاعية جديدة في المنطقة، وقد عزز هذا من التعاون الدفاعي الثنائي والثلاثي من حيث التدريبات المشتركة والإنتاج والتدريب الفني والإعداد التكتيكي.

وبينما تجري إعادة إعمار المناطق المحررة على قدم وساق، تظهر المناجم في المنطقة كـ"آلة قتل" أمام التنمية الاجتماعية والاقتصادية القوية وتطورها، ومع أن أذربيجان طلبت من المجتمع الدولي مرارا وتكرارا مشاركة تفاصيل الألغام التي زرعتها أرمينيا، إلا أن الأخيرة لم توافق على ذلك مظهرة موقفا "عدوانيا وعدائيا"، وفقا للكاتب.

وبحسب خان، فقد شهد كل من المجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية المعروفة أثناء زيارتها للمناطق المحررة، "العرض القاتل" الذي خلفته أرمينيا وراءها من الإضرار بالطرق والمنازل والمدارس ورياض الأطفال والمستشفيات ومراكز المساعدة الاجتماعية والمكتبات والمراكز المجتمعية والبنية التحتية الأساسية والأهم من كل ذلك، الطبيعة.

وأكد أن ذلك كشف الغطاء عن أعمال تخريب "مروعة" ودمار شامل متعمد وأنشطة مدمرة معادية للبيئة وسنوات من الأعمال اللاإنسانية كالتطهير العرقي و"الإبادة الجماعية".

لذلك أنشأت حكومة أذربيجان صندوق تنمية لإعادة إعمار وبناء هذه المناطق المحررة حديثا، كما تم إنشاء وكالة تنظيمية من أجل التطوير السهل والسريع.

وأعطى الرئيس علييف تعليماته للسلطات بإضفاء الطابع المؤسسي على مفهومي "الحياة الأكثر ذكاء" و"المدن الذكية" في الملاجئ والبنى التحتية التي تعتمد على الطاقة الخضراء في جميع المناطق المحررة حديثا مثل فضولي وجبرائيل وزانغيلان وقبادلي وشوشا، هادفا بذلك لإحداث ثورة في البناء السكني، يقول الكاتب الباكستاني.

وأضاف: "وقد تعهدت حكومة إسلام أباد بالفعل بالمساعدة في إعادة بناء هذه المناطق، حتى أن رئيس منظمة الأعمال الحدودية (FWO)، التابعة لسلاح المهندسين بالجيش الباكستاني، زار باكو لبحث طرق إعادة إعمار هذه المناطق".

كما قدمت المنظمة خبرتها الواسعة في إزالة الألغام وإعادة بناء المناطق الجبلية إلى الحكومة الأذربيجانية، وذلك وفقا لمصادر دبلوماسية موثوقة.

حصون حقيقية

ويرى الكاتب أن "سلسلة الزيارات التي قام بها سلاح الجو الباكستاني ورئيس لجنة الأركان والعديد من المسؤولين الآخرين رفيعي المستوى، يظهر أن التعاون الدفاعي بين الدول الشقيقة قد تعزز بشكل كبير".

واستدرك: "الشيء الوحيد الذي ينقصنا حاليا للعمل على تطوير تقنيات الدرون هو التعاون المشترك بين باكستان وأذربيجان وتركيا، والتعاون المشترك بين هذه الدول الشقيقة الثلاث يمكن أن يغير من قواعد اللعبة في الحرب الإلكترونية، حتى أن إقامة علاقات وثيقة في نطاق التعاون البحري قد ترفع من مكانة هذه البلدان في الأيام المقبلة".

وقال خان: "بصفتي أحد الخبراء الإقليمين فإني أقترح إنشاء بنك تنموي يلبي المتطلبات المالية ويسرع الأنشطة الاستثمارية للبلدان الثلاثة، وذلك من أجل تعزيز الشراكات الإستراتيجية الثنائية أو الثلاثية بين باكستان وأذربيجان وتركيا، لأن هذا سيؤدي أيضا إلى زيادة وتيرة التنمية وتسريع الإعمار في المناطق المحررة في أذربيجان".

وتابع: "كما أن تبادل العملات المحلية أو ذات الصلة، والتعاون الثقافي، سيؤدي إلى تغيير قواعد اللعبة، وذلك لأجل مواصلة تطوير العلاقات الثنائية أو الثلاثية في مختلف المجالات مثل الاقتصاد والاستثمارات الأجنبية المباشرة واستثمارات المحفظة والمشاريع المشتركة والعلوم والتكنولوجيا والزراعة والمنسوجات والطاقة".

وبينما سيسهم إنشاء "بنك للطاقة" في تسريع التعاون في مجال الطاقة بين هذه الدول، ستعمل "شركة سياحة" مشتركة على زيادة تنمية السياحة بين الدول الثلاث.

وختم خان مقاله بالقول: إن "ظهور ديناميات أمنية جديدة في جنوب القوقاز، يتطلب تعاونات ثنائية أو ثلاثية وتعاونا عسكريا مشتركا ودمجا اجتماعيا اقتصاديا معززا، إضافة لتشاور سياسي قوي، وذلك لخلق تعاون اقتصادي مستدام وتماسك سياسي وآخر اجتماعي، وحصون حقيقية قبل كل شيء".

وفي هذا السياق، قد يشكل استكمال الممر بين تركيا وجمهورية نخجوان الذاتية وتحرك قطار الشحن بين تركيا وإيران وباكستان، نقطة تقارب جديدة بين هذه الدول الثلاث الشقيقة في الأيام المقبلة.