ظافر العاني.. برلماني كشف تخاذل السعودية في نصرة السنة بالعراق

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

على خلفية مواقفه الرافضة للتدخل الإيراني وجرائم مليشياتها في العراق، يواجه النائب والسياسي السني البارز ظافر العاني، محاولات لإنهاء عضويته في البرلمان، بعدما طالب الدول العربية بتصنيف المليشيات على لوائح الإرهاب.

مطالبة العاني جاءت ضمن خطاب ألقاه في اجتماعات البرلمان العربي بالقاهرة، في 8 أبريل/ نيسان 2021، تحدث خلاله عن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق، وضرورة الالتفات إليها من المنظمات الدولية، خاصة فيما يتعلق بملف المختطفين وقمع المتظاهرين.

فاضح المليشيات

من أبرز ما جاء في كلمة النائب الذي مثل بغداد في البرلمان العربي بالقاهرة، قوله إن "المنظمات الحقوقية تتجاهل أو تقلل من قيمة الاعتداءات على حقوق الإنسان في العراق"، لافتا إلى أن "حقوق الإنسان تتعرض لانتهاكات خطيرة من المليشيات التي تركب على ظهر الدولة العراقية".

وأوضح العاني أن هناك أكثر من 10 آلاف مغيب (من المكون السني) لا يعرف مصيرهم وتحرم عوائلهم من دفن رفات أبنائها، أو حتى جبر خواطرهم وتجري عملية اختطاف ممنهج وترويع وقتل للشباب من قادة التظاهرات، ولا يعرف أحد لليوم هوية قاتليهم. 

تصريحات السياسي السني، أثارت موجة غضب عارمة من جميع القوى والمليشيات الشيعية، كان آخرها في 26 أبريل/ نيسان 2021 على لسان الأمين العام المساعد لمليشيا "بدر" عبد الكريم الأنصاري، والتي اتهم فيها العاني بأنه "يحمل أفكارا بعثية ولا بد من محاسبته".

وقال الأنصاري إن "مؤتمر البرلمانات العربية الهدف منه تبيان وجهة نظر البرلمان العراقي وما تحدث به العاني خلاف ما يؤمن به البرلمان"، مضيفا أن "الحشد الشعبي والقوات الأمنية قدموا تضحيات تعكس توجهات البرلمانات العربية، وأن حديث النائب ظافر العاني صريح وواضح وهو يتبنى أفكارا بعثية ما زالت راسخة في ذهنه. وعليه اتخاذ إجراءات صارمة بحق العاني".

وقبل ذلك، دعا نائب رئيس البرلمان وعضو التيار الصدري حسن الكعبي، إلى طرد العاني من البرلمان، مشيرا، خلال بيانه 11 أبريل/ نيسان 2021، إلى أن ما تحدث به النائب العاني "دعاية انتخابية طائفية ورخيصة".

ونفى الكعبي وجود مختطفين أو مهجرين بفعل المليشيات كون مفوضية حقوق الإنسان في العراق لم تتحدث بذلك، ودعا إلى إقالته في أول جلسة للبرلمان، كما برر استمرار تهجير أهالي جرف الصخر شمال محافظة بابل، بأنها "كانت حاضنة للإرهاب"، حسب قوله.

وطالب القيادي في حزب الدعوة الذي يتزعمه نوري المالكي، خلف عبد الصمد، بسحب الثقة عن النائب ظافر العاني، موضحا، في تغريدة على "تويتر"، أن "تصريحات العاني في البرلمان العربي تضمنت مغالطات طائفية مقيتة وأكاذيب وافتراءات لا أساس لها وندعو مجلس النواب إلى حجب الثقة عنه بأسرع وقت".

كما علق زعيم مليشيا "جند الإمام"، إحدى الفصائل المسلحة الحليفة لإيران، أحمد الأسدي قائلا إن الحشد سيبقى جسرا للحرية، متهما، في تصريحاته، بأن العاني عبارة عن "كتلة كراهية".

كما هاجم المسؤول الأمني لمليشيا "كتائب حزب الله" أبو علي العسكري، النائب العراقي خلال تغريدة على "تويتر" في 17 أبريل/ نيسان 2021، مطالبا البرلمان بإخراس "ألسن الطائفية" من أمثال ظافر العاني.

ورد العاني على الهجمة ضده بتغريدة على "تويتر" في 13 أبريل/ نيسان 2021، قال فيها: "حينما أعد مشركو قريش أنفسهم لقتل الرسول أو إغرائه بالمال والجاه والمنصب لترك الرسالة قال لعمه أبو طالب: يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلكَ دونه، ما تركته.. رمضان مبارك".  

سياسي شجاع

حديث العاني عن المليشيات ودور إيران السلبي في العراق أمام البرلمانات العربية لم يكن الأول من نوعه، فطالما وجه السياسي ذاته انتقاداته اللاذعة إلى طهران حتى أمام وزير خارجيتها محمد جواد ظريف نفسه عندما زار البرلمان العراقي والتقى بعدد من النواب أواخر عام 2018.

العاني قال خلال لقاء حضره ونواب آخرون مع ظريف: إنه "لا يمكن السماح بوجود مليشيات عراقية ترتبط بالحرس الثوري الإيراني وتأتيها الأوامر من قاسم سليماني، وإذا أرادت إيران تحسين صورتها في المحافظات المحررة (مدن سنية استعيدت من تنظيم الدولة)، فعليها أن تعالج موضوع هذه المليشيات".

وخلال مقابلة للعاني في مايو/أيار 2015، قال: "نحن نتمنى على حكومة طهران أن تنظر إلى العراقيين على حد سواء وتقيم علاقة صداقة مع السنة كما تقيمها مع الشيعة، وهنا أتحدث عن مكون وليس مجموعة مرتزقة، فالعدد الأكبر ممن يذهب إلى إيران من السنة هم مرتزقة".

وفي مقابلة أخرى من العام نفسه، خلال مقابلة تلفزيونية عام 2015، وصف العاني إيران بأنها "أنبل" من السعودية، مفسرا ذلك بأن "إيران لديها التزام حقيقي مع حلفائها بالعراق وهو التزام تسليحي ومالي واقتصادي وسياسي، لكن لا يوجد للعرب السنة داعم خارجي، وليس لديهم دولة ترعاهم مثلما ترعى إيران أصدقاءها من الأحزاب السياسية المعروفة".

وتابع: "حتى عندما أرادت السعودية التبرع للنازحين وهم من السنة، لم تعطها إلى الحكومات المحلية (المحافظين) ولا إلى الأحزاب السياسية في هذه المناطق، وإنما ذهبت إلى الأمم المتحدة وأعطتها المبالغ حتى تصرفها على النازحين".

العاني أكد أن السنة يشكون من الدول العربية لأنها تدير ظهرها للعراق، وطالبنا أن "يكون لها دور إيجابي في العراق وليس تدخلا، وشجعناها أن تفتتح قنصلياتها وبعثاتها الدبلوماسية في العراق، في حين أن هذا الفراغ الكبير قد ملأته حكومة طهران بشكل مريح للغاية".

وانتقد العاني من يتحدث عن أن إيران قدمت السلاح للعراق إبان الحرب ضد تنظيم الدولة في 2015 -2017 بالقول: "مع ترحيبنا بالتسليح الذي قدمته إيران إلى العراق، لكنها كانت تبيعه لنا بخمسة أضعاف سعره الحقيقي، وساعدها ذلك في التخفيف من الأزمة الاقتصادية التي تعانيها بسبب غياب السيولة المالية".

أستاذ القانون

ولد ظافر ناظم سلمان العاني عام 1958 في مدينة عانة (عنه) بمحافظة الأنبار غرب العراق، ونشأ ودرس في منطقة الأعظمية بالعاصمة بغداد وتخرج عام 1982 من كلية القانون والسياسة، وبعد حصوله على الماجستير عام 1988 عمل باحثا وأستاذا في جامعة بغداد، ثم حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية وكان الأول على دفعته 1998.

بعد ذلك، بدأ العاني يدرس مادتي المنظمات الدولية والقانون الدولي، ثم نال مرتبة أستاذ مساعد أوائل عام 2003، وبرز في نفس العام خلال معارضته الشديدة للاحتلال الأميركي للعراق.

أصبح عضوا في أول برلمان منتخب عن "جبهة التوافق" السنية التي فازت بـ (44 مقعدا) في انتخابات عام 2005، حيث كان عضوا في حركة "مؤتمر أهل العراق" بقيادة السياسي الراحل عدنان الدليمي، ثم أصبح العاني الأمين العام لتجمع "المستقبل الوطني" عام 2008 بقيادة السياسي رافع العيساوي.

انتقد العاني الطريقة التي تمت بها قرارات "هيئة اجتثاث البعث" كون إجراءات "الاجتثاث" تتسم بالعشوائية حسب وصفه، وتشمل عددا كبيرا من العراقيين الذين كان معظمهم ينتمي لحزب البعث، لكنه دخل البرلمان ضمن جبهة التوافق رغم اعتراضه على العملية السياسية كونها تتسم بالمحاصصة الطائفية حسب قوله.

لكن "هيئة العدالة والمساءلة" منعته من المشاركة في انتخابات 2010، إلا أن مجلس النواب ألغى قرار اجتثاثه في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2010، مع اثنين آخرين من القائمة العراقية وهما صالح المطلك وجمال الكربولي.

عاد مجددا إلى البرلمان في انتخابات 2014 كنائب عن محافظة بغداد عن "ائتلاف متحدون للإصلاح" حيث كان رئيس القائمة في بغداد وكان من ضمن 4 نواب حصلت عليهم القائمة في بغداد.

اشترك في انتخابات 2018 بدورتها الرابعة مع تحالف القرار العراقي وكان رئيس قائمتها في بغداد والناطق الرسمي باسمها، وفاز فيها، واختير كذلك عضوا في البرلمان العربي نائبا لرئيس لجنة العلاقات الخارجية، ثم انتخب رئيسا للجنة العلاقات الخارجية والأمن القومي وعضوا في المكتب السياسي للبرلمان العربي عام 2020.

يتنقل السياسي العراقي في العيش بين الإمارات والأردن، والعراق وينتقد بشدة نظام بشار الأسد ويدين المجازر التي يرتكبها ضد الشعب السوري، وكذلك يوجه انتقاداته ضد الكيان الصهيوني، إضافة إلى أنه أشاد في أكثر من مناسبة بدور المقاومة العراقية في طرد قوات الاحتلال الأميركي عام 2003.