هآرتس: بقاء الأسد في السلطة "مصلحة مشتركة" لإسرائيل وروسيا

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة هآرتس العبرية إن إسرائيل وروسيا لديهما مصلحة مشتركة في سوريا وهي بقاء بشار الأسد في الحكم.

وإذا كانت روسيا تسعى من خلال دعم نظام الأسد إلى ترسيخ وجودها في المنطقة والفوز بوصول آمن وسهل إلى ثروات سوريا فإن بقاءه سيمنح إسرائيل أيضا فرص التحرك بحرية ودون تهديدات وخصوصا ضمان عدم صعود رئيس قد يشكل خطرا على أمنها القومي. 

وتعمل إسرائيل بحرية في المجال الجوي فوق سوريا ولبنان، وتهاجم قلب منشآت الإنتاج النووي الإيرانية.

وتهاجم بالقنابل بالقرب من دمشق وعلى الحدود السورية العراقية، كما تحوم فوق بيروت، لكنها ليست محصنة ضد الصواريخ التي تطلق من قطاع غزة، وفق الصحيفة. 

ويبدو أن ركيزة الإستراتيجية الإسرائيلية ضد هذه التهديدات تكتيكية بالأساس ذلك أن التهديد الخطابي والضربات الجوية، حتى لو قضت على رؤساء المنظمات والعلماء والمنشآت العسكرية - بما في ذلك النووية - فإنها تغير من خطورة التهديد الإستراتيجي كثيرا. 

ولذلك فإن الاتفاقيات الرسمية، مثل تلك الموقعة بين إسرائيل والدول العربية، أو غير الرسمية، مثل تلك بين تل أبيب وحركة المقاومة الإسلامية حماس، هي التي أدت إلى زيادة الأمن، وفق التقرير.

 وعلى الرغم من الوجود الإيراني، لا تنظر إسرائيل إلى سوريا على أنها تهديد إستراتيجي، ليس فقط بسبب قدراتها العسكرية المحدودة، بل لأن العلاقة بين الطرفين تعززت من خلال التفاهمات بين تل أبيب وروسيا، ومؤخرا مع دول الخليج، وخاصة الإمارات والبحرين. 

وفيما لا تستطيع إسرائيل، التي لا تشارك حتى في المحادثات النووية مع إيران، تشكيل سياسة واشنطن تجاه سوريا، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت تل أبيب تعرف حتى الإستراتيجية التي تريدها. 

أما بالنسبة لأجهزة المخابرات الإسرائيلية، فإن الوضع الحالي ليس مثاليا، لكنه أفضل ما يمكن لإسرائيل أن تأمل في تحقيقه.

إذ لا يبحث نظام الأسد عن حرب مباشرة - أو غير مباشرة - مع إسرائيل، ولا يرد على الهجمات على أهداف إيرانية في سوريا، كما أن التنسيق العسكري والجوي مع روسيا يعمل بشكل جيد. 

أيضا، توقفت تهديدات حزب الله في الجانب السوري من مرتفعات الجولان بعد أن أعادت إيران انتشارها، حتى لو لم تنسحب بقدر ما تريد إسرائيل.

وقال خبير استشاري للمخابرات الإسرائيلية بشأن سوريا لصحيفة "هآرتس": "أي تغيير إستراتيجي هناك قد يتركنا في مواجهة أسئلة صعبة. لا نعرف من الذي قد يحل محل الأسد".

وتابع: "من المستحيل معرفة النظام الذي سينشأ كجزء من الحل الدبلوماسي، وما هي الدول التي ستؤثر على النظام الجديد، وما هي إستراتيجية مثل هذا النظام تجاه إسرائيل".

الانتخابات الرئاسية

وأضاف الخبير أن المناقشات حول نظام بديل في سوريا لا تتصدر قائمة أولويات مسؤولي المخابرات الإسرائيلية أو الحكومة. 

وظهر الأمر عندما دفعت روسيا عملية أستانا (محادثات السلام في العاصمة الكازاخستانية) حيث حاول كل من نظام الأسد والمعارضة صياغة حل سياسي للأزمة السورية. لكن هذه المحادثات الآن في حالة جمود عميق.

ويشير التقرير إلى أن إسرائيل كانت مهتمة بهذه المسألة في بداية الحرب السورية، حيث التقى ممثلوها بشخصيات معارضة لمناقشة المساعدة العسكرية من تل أبيب وجدوى المساعدة في إسقاط النظام.

ولكن استعادة الأسد معظم سوريا بمساعدة روسية، وانقسام المعارضة إلى عدد من الهيئات الإدارية تحت قيادتين منفصلتين، أقنع إسرائيل بأنه من الأفضل إجراء اتصالات مع منظمات وجماعات محددة يمكن أن تخدم مصالحها المباشرة، مثل تلك الموجودة في جنوب سوريا في منطقتي درعا والسويداء. 

وكان هدف إسرائيل الرئيس هو منع القوات الموالية لإيران من ترسيخ نفسها، قبل التخلي عن خططها لتغيير النظام.

ويبدو أن روسيا شريك لموقف إسرائيل رغم تكثيف جهودها للترويج لحل دبلوماسي للأزمة في هذا البلد، في الوقت الذي واصلت فيه قواتها الجوية ضرب المعارضين، مثل القصف الذي وقع خلال أبريل/نيسان في تدمر حيث تشير تقارير روسية  إلى، "مقتل ما لا يقل عن 200 إرهابي"، وفق وصفها.

وفي الوقت نفسه، "تلتزم روسيا بالاتفاقات المحلية بين المليشيات والنظام، كما فعلت منذ 2018، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار".

ساعدت هذه السياسة الأسد في استعادة سيطرته على العديد من مناطق البلاد، باستثناء مناطق الشمال التي يحكمها الأكراد، وفي منطقة إدلب، حيث تتوزع السيطرة بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام.

وتدعم روسيا من بين مجموعة من الدول إجراء الانتخابات الرئاسية في 26 مايو/أيار، حيث شددت موسكو على أنه يجب على جميع الأطراف احترام الدستور السوري الذي يحدد الجدول الزمني للانتخابات، وكذلك فترة حكم الأسد. وإذا فاز بإعادة انتخابه، يمكنه البقاء في منصبه لمدة سبع سنوات أخرى.

ووفقا للدستور، ستكون هذه آخر فترة يمكن أن يترشح لها الأسد، لكن، في المقابل، الدستور قد يتغير حسب احتياجات رئيس النظام وهو أمر معتاد  في سوريا. 

وأعلن النظام أن السوريين الذين يعيشون في الخارج -بما في ذلك حوالي 6 ملايين لاجئ- لا يمكنهم التصويت إلا إذا كان لديهم وثيقة خروج رسمية، مما يجعل معظمهم غير مؤهلين. 

في غضون ذلك، من المتوقع أن يقاطع معظم الأكراد الانتخابات، ولن يتمكن ملايين الأشخاص المهجرين داخليا من التصويت في مراكز الاقتراع التي لم يتم تجهيزها بها.

معضلة بايدن

السخرية الدولية من نية إجراء الانتخابات لا تثير إعجاب الأسد أو روسيا، اللتين تعتبران العملية دليلا على شرعية النظام وكون سوريا بلدا يحكمه القانون ويحرص على تطبيق دستوره، وفق رؤيتهما.

والأهم من ذلك أن حكم الأسد هو الضمان القانوني لقائمة طويلة من الاتفاقات الاقتصادية التي وقعتها روسيا في السنوات الأخيرة والتي تشمل حقوق التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في ظل ظروف ممتازة.  

ويشمل ذلك اتفاق شهر مارس/آذار 2021 للتنقيب عن الغاز والنفط في المنطقة الاقتصادية الخالصة لسوريا في البحر الأبيض المتوسط.

وأثار هذا الاتفاق قلق لبنان وتركيا واليونان وقبرص، المتاخمة للمياه السورية، لأن دخول روسيا في هذا المجال قد يزعج التقسيم الهش للحقوق البحرية.  

وأثار ذلك أزمة حادة بين تركيا واليونان وقبرص والاتحاد الأوروبي وبين سوريا ولبنان التي تقول إن حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة لم يتم الاتفاق عليها بعد.

وتلتزم  واشنطن الصمت باستثناء تعليق الرئيس الأميركي جو بايدن بأن مستشاريه يعملون بجد لإعادة النظر في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.

ويرى التقرير أنه قد تصبح السياسة الأميركية أقل ضبابية في يوليو/تموز، إذا تم صياغتها بالفعل بحلول ذلك الوقت، عندما يناقش مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مرة أخرى فتح المعابر الحدودية أمام القوافل الإنسانية للسوريين في الشمال.

ويعتمد حوالي 4.5 مليون شخص على قوافل الإمداد هذه، وعلى النظام السوري وموسكو الموافقة على دخولها. 

وفي عام 2014، أصدرت الأمم المتحدة قرارا لتشغيل أربعة معابر حدودية، من الأردن والعراق وتركيا، وخلال كل فترة كان لا بد من إصدار قرار جديد لإبقائها مفتوحة.  

واستخدمت روسيا والصين حق النقض مرتين فيما يتعلق بالمعابر، وفي المرة الأخيرة وافقتا على معبر واحد فقط بين شمال سوريا وتركيا.

وتطالب الولايات المتحدة وأوروبا بزيادة عدد المعابر المفتوحة لأن معبر "باب الهوى" لا يمكنه التعامل مع آلاف الشاحنات التي تنتظر بضائع مثل الأدوية الكفيلة بإنقاذ حياة الآلاف من الناس.

 كما أن القوات السورية المشرفة على المعابر تنهب بعض البضائع أو تطلب رشاوى مقابل السماح لها بالعبور، حتى في حالة حصول سائقي الشاحنات على التصاريح اللازمة. 

وتشير هآرتس إلى أن إغلاق معظم المعابر، يأتي في إطار ما يعرف باسم "إستراتيجية التجويع" التي يحاول نظام الأسد وروسيا من خلالها إجبار المليشيات الكردية والإسلامية في إدلب على الاستسلام.

وهذا الأمر سيجبر بايدن على اتخاذ قرار إستراتيجي واضح بشأن هذه السياسة الوحشية، تقول هآرتس.