رأس حربة.. هكذا ألقت إيران بثقلها مع "الحوثي" في معركة مأرب باليمن

سام أبو المجد | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

باتت ملامح الحرب في اليمن أكثر وضوحا، وبات كثير من اليمنيين ينظرون إلى المعركة الدائرة في بلادهم على أنها حرب بينهم وبين إيران، خصوصا في معركة مأرب (وسط) التي تشهد مواجهات هي الأشد ضراوة منذ اندلاع الحرب قبل نحو 6 سنوات.

في 12 أبريل/نيسان 2021، نشرت وكالة مهر الإيرانية للأنباء تغريدة كتبت فيها: "لنصومن غدا في مأرب ولنفطرن بتمرها"، وكانت هذه التغريدة بمثابة التصريح الأشد وضوحا حول علاقة إيران بمعركة مأرب.

مدير الهيئة العامة للكتاب في مأرب يحيى الثلايا علق على التغريدة بتدوينة على فيسبوك قائلا: "وكالة مهر الفارسية الشهيرة تهدد أنهم سيفطرون غدا في مأرب!! .. الحرب الفارسية تكشف وجهها السافر الصريح بشكل غير مسبوق! ..السيادة في أوضح صورها، ونحن نقول لكم: مأرب لم تعد تزرع التمور يا غزاة.. ثمارها في هذا الموسم هي الرصاص اللاهب وسنفطركم منه.. ونسقيكم أيضا يا نفايات التاريخ والشعوب.

من جانبه، كتب الدكتور محمد جميح، سفير اليمن لدى اليونيسكو، تغريدة على حسابه بتويتر قال فيها: "تغطية وسائل إعلام محور طهران ولغتهم التحريضية ضد مأرب، تعني أن المعركة بالنسبة لهم (مصيرية)".

وأضاف: "يجب أن تكون مأرب بالنسبة لليمنيين وللعرب معركة مصير. مأرب صمدت وحشود مرتزقة إيرلو (إيران) لم تنقطع، ومن حق مأرب أن تسخر الإمكانات والرجال لحمايتها ودحر حشود الظلام عنها".

اعتراف إيراني

المساعد الاقتصادي لقائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال رستم قاسمي، كشف لأول مرة عن أنشطة مستشارين عسكريين إيرانيين في اليمن دعما للحوثيين في الحرب مع السعودية.

وقال قاسمي، في حديث خاص لروسيا اليوم، في 21 أبريل/نيسان 2021 إنه يوجد في الوقت الراهن "عدد قليل من المستشارين من الحرس الثوري لا يتجاوز عددهم أصابع اليد" في اليمن، مضيفا أن الحرس الثوري قدم السلاح لجماعة الحوثي في بداية الحرب، ودرب عناصر من قواتها على صناعة السلاح.

وأضاف قاسمي: "قدمنا استشارات عسكرية محدودة، وكل ما يمتلكه اليمنيون من أسلحة هو بفضل مساعداتنا، نحن ساعدناهم في تكنولوجيا صناعة السلاح، لكن صناعة السلاح تتم في اليمن، هم يصنعونه بأنفسهم، هذه الطائرات المسيرة والصواريخ صناعة يمنية".

وفي 20 أبريل/نيسان 2021، تداولت صفحات على فيسبوك خبر مقتل أحد عناصر الحرس الثوري في مأرب، يدعى أبو رضا، وكتب أحد أقارب أبو رضا تعزية موضحا فيها أنه كان يقوم بتدريب جماعة الحوثي على استخدام بعض أنواع السلاح، قبل أن يقوم بحذف المنشور لاحقا.

رأس حربة

الكاتب والمحلل السياسي اليمني محمد الأحمدي قال لـ"الاستقلال": "لاشك أن قطاعا واسعا من اليمنيين بات ينظر إلى الحرب في اليمن على أنها مع إيران، وأن مليشيات الحوثيين مجرد أداة إيرانية، خاصة في ظل التصريحات التي يطلقها القادة الإيرانيون عن معركة مأرب تحديدا، وإلقائهم بثقل سياسي وعسكري وإعلامي لإحراز أي انتصار في هذه المعركة".

يضيف الأحمدي: "الإيرانيون في الآونة الأخيرة لا يخفون انخراطهم بشكل مباشر في العمليات العسكرية في اليمن لصالح الحوثيين، وتصريحات مسؤولين إيرانيين قبل أيام تحدثت عن إرسال مستشارين عسكريين للمليشيا الحوثية في اعتراف واضح بإدارتهم للمعركة وبانخراطهم في الحرب على اليمنيين".

يتابع الأحمدي: "في المقابل أيضا، اليمنيون أصبحوا اليوم رأس حربة في معركة الدفاع عن العرب عموما، سواء في مأرب باعتبارها معركة مفصلية ومهمة أو في الحرب اليمنية عموما، لكن الإشكالية هي في غياب الشعور العربي المتضامن مع الشعب اليمني إزاء هذا العدوان الإيراني".

وختم الأحمدي بالقول: "للأسف ضياع بوصلة التحالف السعودي الإماراتي في اليمن وتخادمه مع المشروع الإيراني طوال هذه السنوات الشديدة والقاسية من الحرب، بسبب سوء إدارة المعركة ودخول حسابات ضيقة أضرت بمعركة اليمنيين في مواجهة إيران وساعدت الحوثيين على تعزيز قدراتهم العسكرية والإعلامية وتوطين مشروعهم الطائفي الإيراني في مناطق سيطرتهم".

أطراف عديدة

من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أن الحرب التي يخوضها اليمنيون هي حرب متعددة الأطراف، حيث تواجه اليمن السعودية والإمارات إلى جانب إيران.

التميمي قال لـ"الاستقلال": "كان الجميع منذ حروب صعدة يعلم أن الحوثيين يتلقون دعما من إيران وأن بنيتهم الحركية صممت على مقاييس الحرس الثوري الإيراني وأنهم جزء من مشروع الصراع الإقليمي بين إيران والسعودية، لكن للأسف جرى استدعاؤهم واستخدامهم كأداة للثورة المضادة التي دعمتها السعودية والإمارات ودول إقليمية أخرى للإطاحة بالنظام الانتقالي في اليمن".

يضيف الكاتب اليمني: "من غير الدقيق القول  إن الحرب هي بين اليمنيين وإيران، في جزء من هذا الحديث شيء من الصحة، لكن في الواقع فإنهم يواجهون حربا متعددة الأطراف، الإمارات تستهدفهم والسعودية تستهدفهم وإيران تستهدفهم كذلك، اليمنيون في الواقع يواجهون إيران في هذه المعركة لكنهم أيضا يواجهون مخططات عدائية أخرى تقوم بها أطراف من دول ادعت أنها تدخلت لصالح اليمنيين ولدعم الشرعية".

وتابع أمين عام الهيئة الوطنية للدفاع عن السيادة ودحر الانقلاب (سيادة): "إيران يبدو أنها كانت محظوظة في الوصول إلى أهدافها بسرعة كبيرة، لأنها تمكنت من الإمساك بالأداة الخشنة التي يسرت لها الظروف للسيطرة على إمكانات وقدرات الدولة اليمنية".

وقال: "كل ما في الأمر هو أن إيران أسدت للحوثيين خدمات تقنية ومعرفية وتوفرت لها سبل توصيل المعدات الأحدث والأكثر تطورا مثل الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية لكي تلحق الأذى بالعمق السعودي".

وختم الكاتب اليمني الحديث بالقول: "لاشك أن إيران تدرك أن سيطرة الحوثيين على اليمن تعني تغيير البنية الثقافية والهوية الطائفية للبلاد، وهذا يعني بداية مشاكل لا يمكن أن تنتهي بالنسبة لليمن، وعلى اليمنيين أن يدركوا أن هذه هي أجندة إيران، ضرب الوحدة الوطنية وتغيير الهوية والنسيج الثقافي اليمني، وهذا أخطر المهددات بطبيعة الحال".

أولوية إيرانية

وسائل إعلام إيرانية تناولت معركة مأرب بصفتها معركة مصيرية تأتي ضمن أولوياتها، وفي تقرير لوكالة مهر، عقب اندلاع المعركة الأخيرة في مأرب 7 فبراير/شباط 2021 قالت الوكالة: "يجب القول إن أهم معركة في اليمن خلال السنوات الست الماضية هي معركة مأرب، والانتصار فيها للحوثيين سيغير الميدان والتطورات السياسية وتوازن القوى في اليمن والمنطقة 180 درجة".

وأضافت الوكالة أن "الهيمنة الكاملة للحوثيين على مدينة مأرب سيغير سلسلة التطورات في منطقة غرب آسيا. هذا الانتصار ليس فقط للحوثي، بل لجبهة المقاومة بأكملها، لذلك فوصول المقاومة إلى مدينة مأرب سيغير ميزان القوى في غرب آسيا وبالتالي، سيفقد السعوديين أهم قاعدة لهم في اليمن".

وفي 17 فبراير/شباط 2021، أي بعد أيام من بدء مليشيا الحوثي هجماتها الأخيرة على مأرب ظهر حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني مساندا جماعة الحوثي في معركتها التي قال إنها ستحسن من شروط التفاوض لحلفائهم.

وقال نصر الله: "إذا تمكنت هذه الجبهة من استعادتها، هذا تأثيراته على الحل السياسي الموعود ستكون كبيرة جدا"، مشيدا بما أسماه "تقدم" جماعة الحوثي في كل الجبهات وفي جبهة مأرب قائلا: "الصادقون الصامدون في اليمن سيجنون ثمار صمودهم، والقلق من اليمنيين هو في السعودية وإسرائيل".

وعد نصر الله سيطرة الحوثيين على مأرب "هزيمة وفشلا كبيرا جدا لهذا المحور الذي وضع أهدافا لمعركة اليمن لم يستطع تحقيقها".

أما صحيفة "مشرق" الإيرانية فقالت إن سيطرة الحوثيين على مأرب "إنهاء لأهم وآخر قاعدة عسكرية للسعودية في اليمن"، ومن جانبها قالت قناة العالم: "بعد فتح مأرب والاستيلاء عليها في المستقبل القريب، لو كانت هناك مفاوضات فعلى السعودية والإمارات أن تقبلا ذل الهزيمة وتجلسا على مائدة يكون الشعب اليمني وتمثل حركة أنصار الله، أحد أطرافها".

من جانبها، قالت قناة المنار التابعة لحزب الله: "تطهير مأرب من قوات تحالف العدوان ومرتزقتهم هي المعركة الحاسمة والفاصلة التي سترسم ملامح المستقبل في اليمن وهي من ستصنع السلام الشامل والكامل للشعب اليمني".