أجواء توتر.. الأناضول: 3 تطورات مهمة وراء فشل محادثات سد النهضة

12

طباعة

مشاركة

قالت وكالة "الأناضول" التركية، إن "الإخفاق في إحراز تقدم ملحوظ في المحادثات حول سد النهضة التي عقدت في كينشاسا، خلال الأسبوع الأول من أبريل/نيسان 2021، بوساطة الكونغو الديمقراطية، التي ترأس الاتحاد الإفريقي؛ أدى إلى تصاعد التوتر مرة أخرى في المنطقة في سياق نهر النيل وسد النهضة". 

وأكدت الوكالة الرسمية، في مقال للكاتب عثمان كاغان يوجل أنه "مع عقم المحادثات التي عقدت في ظل مخاوف من مصر والسودان وإثيوبيا حول الأمن القومي والاقتصاد، تركت المفاوضات مكانها للاتهامات المتبادلة والخطابات الضمنية حول التدخل المسلح".

وأضاف يوجل "بينما بدت مخاوف مصر والسودان بشأن الزراعة والري والفيضانات والأمن المائي واضحة في المحادثات، برزت رغبة إثيوبيا في ملء سد النهضة للمرة الثانية". 

وأشار إلى أن "عدم تمكن الأطراف على الاجتماع على أرضية مشتركة واختلافهم في الأمور الفنية النابعة من المخاوف السياسية والاقتصادية ورغبتهم في فرض مطالبهم الخاصة، يشكل أهم الأسباب في عدم التوصل إلى نتائج في المحادثات".

وقد أثارت كل هذه التطورات التعليقات حول احتمالات المواجهة العسكرية على النيل وأنها "ممكنة" وإن كانت "ضعيفة"، وفقا للكاتب التركي.

آثار قديمة

ويرى يوجل أن "التطورات التي حدثت قبل المحادثات في كينشاسا أدت إلى بدء المفاوضات بين الدول الثلاث في جو من التوتر".

وعلى الناحية الأخرى، مكنت الاتصالات الدبلوماسية المتزايدة بين إدارتي القاهرة والخرطوم بعد الانقلاب العسكري في السودان (عام 2019)، البلدين من تبني موقف مشترك من قضية النيل في وقت قصير، كما وعزز هذا الموقف من تعاون البلدين في المجالين العسكري والاستخباراتي.

وقال يوجل موضحا: "وقد كانت التدريبات الجوية التي قامت بها القوات الجوية للبلدين في البحر الأحمر وخط النيل، أهم مؤشر على ذلك".

كما أن تصريح وزير الخارجية المصري، سامح شكري بأن المحادثات في كينشاسا هي الفرصة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق، وبيان الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنه إذا تأثرت موارد بلاده المائية بتطورات السد، فسيكون هناك "رد من مصر سيتردد صداه في المنطقة" كان مؤثرا في توتر أجواء الاجتماع.

وتابع: "إلى جانب ذلك، فإن إعلان إثيوبيا ببدء عملية الملء الثانية للسد قوبل باستياء كبير من طرف مصر والسودان، واتهمت إثيوبيا بإظهار موقف غير تصالحي، كما أن الصور التي نشرتها مصر خلال ساعات المباحثات حول مناورات (نسور النيل 2) الجوية بين مصر والسودان وصور الطائرة الحربية المصرية وهي تحلق فوق النيل، سدت الطريق أمام المحادثات".

مطالب متغيرة

واعتبر يوجل أنه "كان من الممكن لاتفاقية الإعلان الموقعة بين مصر والسودان وإثيوبيا بعد أن بدأت الأخيرة في بناء السد وأحرزت تقدما كبيرا عام 2015، أن تكون نقطة تحول مهمة في حل المشكلة، حيث كانت الدول قد وقعت على بنود بناءة مثل حماية حقوق مصر والسودان، وإعطائهما الأولوية في صادرات الكهرباء، وإنشاء آلية ثلاثية، كل ذلك بعد ملء السد".

واستدرك قائلا: "لكن المطالب المتغيرة والمتقلبة التي تشكلت بمخاوف مصر والسودان السياسية والاقتصادية، لعبت دورا مهما في فشل المفاوضات المستمرة منذ 6 سنوات".

وتطالب مصر 40 إلى 50 مليار متر مكعب من المياه سنويا، إلى جانب رغبتها بأن يتم ملء السد خلال فترة طويلة من الزمن، كما وبدأت بالإعلان منذ العام الماضي عن مطالب لم تكن موجودة في اتفاقية إعلان المبادئ القانوني الموقعة في 2015، قبل وبعد كل اجتماع تقريبا.

أما السودان فتظهر موقفا قريبا وتعاونا وثيقا مع السياسات المصرية حول النيل، على عكس ما كان منها في عهد عمر البشير، ويمكن القول إن الفيضانات التي حدثت في السودان العام الماضي تسببت في صدمة كبيرة في هذا الصدد، بحسب الكاتب التركي.

وأضاف: "في الآونة الأخيرة، طالبت مصر والسودان بإشراك جنوب إفريقيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة وكذلك الدولة التي تترأس الاتحاد الإفريقي في المفاوضات، لكن إثيوبيا لم تقبل بهذا".

وأردف يوجل قائلا: "في المقابل أعربت إثيوبيا عن رغبتها في إجراء المفاوضات بوساطة الاتحاد الإفريقي فقط، ومن المعروف أن إثيوبيا التي تشكك في وساطة الكونغو الديمقراطية، بحجة أنها تتخذ موقفا قريبا من سياسات مصر في النيل، لا تريد أن تتحول القضية إلى مشكلة عالمية".

ويرجع السبب الرئيس في موقفها هذا إلى أن إثيوبيا تريد الابتعاد عن الضغوط الدولية بسبب قضايا مثل العمليات العسكرية في منطقة تيغراي والنزاع الحدودي مع السودان.

نحو العزلة 

وقال يوجل: "لقد كانت هناك 3 تطورات مهمة حول قضية النيل حدثت في الآونة الأخيرة، أدت إلى تقييد مجال العمل السياسي الإثيوبي على سد النهضة، كان أولها تقارب مصر مع دول حوض النيل من خلال حركة من الدبلوماسية مع دول مثل الكونغو الديمقراطية وتنزانيا وكينيا".

جدير بالذكر هنا أنه من المهم جدا أن تدلي دولة مثل الكونغو الديمقراطية التي تملك ثقلها في حوض النيل، بتصريحات تدعم مصر.

أما التطور الثاني فهو نقل العمليات العسكرية الإثيوبية في منطقة تيغراي إلى جدول الأعمال الدولية وانسداد القنوات الدبلوماسية المحتملة لإدارة أديس أبابا على نهر النيل وسد النهضة بسبب بعض المشاكل الداخلية.

فيما يشكل فقدان إثيوبيا لحليف مهم مثل السودان ذات الدور المفتاحي في قضية سد النهضة، التطور الثالث والأكثر أهمية، وقد أدت جميع هذه التطورات إلى دخول أديس أبابا في عزلة في قضية تقاسم النيل، وفقا للكاتب التركي.

وأضاف: "تظهر البيانات التي تم الإدلاء بها بعد الاجتماعات التي عقدت في كينشاسا، عاصمة الكونغو الديمقراطية بين 3 و5 أبريل/أبريل الجاري، أن احتمال نشوب صراع عسكري بسبب سد النهضة بعيد حاليا".

ومع ذلك، سيكون من الصعب التنبؤ بالتطورات التي ستشهدها المنطقة على المدى الطويل في حال طالت المشكلة وامتدت الاختلافات المتعلقة بها.

واختتم يوجل مقاله بالقول: إن "الاجتماع التنسيقي الذي عقدته مصر والسودان والذي حضره مسؤولون عسكريون رفيعو المستوى من البلدين عقب المحادثات، وزيارة وزير الخارجية المصري للخرطوم كان بمثابة رسالة مهمة لإثيوبيا". 

ورغم أن تذكير مصر والسودان ـ بطريقة غير مباشرة وضمنية ـ بأن جميع خيارات الحل مطروحة على الطاولة أثار تساؤلات مختلفة، إلا أن حقيقة إرسال الدول الثلاث المعنية لرسائل إيجابية حول التصالح والتوافق، تظهر أن مشكلة النهضة لن تتحول إلى صراع عسكري في المستقبل القريب، بحسب الكاتب.