"يني شفق": هذا ما جرى في السودان.. ما علاقة تركيا؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية، مقالا للكاتب يوسف كبلان، سلطت فيه الضوء على ما يجري في السودان بعد الاطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير، وتولي المجلس العسكري الانتقالي الحكم.

وقال كبلان: إن "الذي يجري في السودان لا يسمى ثورة، ولا يسمى أيضا انقلابا"، مضيفا أن "السودان والسودانيين شهدوا ذات الحوادث في تاريخ بلادهم الحديث".

وأكد أنه "ليس هناك انقلابي يستطيع أن يتنازل عن انقلابه بكل بساطة كما حدث مؤخرا في السودان وبهذه السرعة"، مشيرا إلى أن "الفترة المقبلة ستكون فترة يتحكم بها الجيش في البلاد مدة من الوقت".

ما علاقة تركيا؟

وتساءل الكاتب حول ما الذي يحدث في السودان؟ حيث يقول: إن "الناس ذهبوا للشوارع متظاهرين في احتجاجات استمرت 4 أشهر وفجأة حدث انقلاب، ثم مرة أخرى، الذي أعلن عن الانقلاب يستقيل من مهامه. ويستنكر الكاتب في مقاله ذلك بسؤال، هل يمكن لأي انقلابي أن يترك انقلابه، وفجأة وبهذه السرعة؟"

وتابع كبلان: لا نعرف بالضبط ما حدث في السودان حتى الآن؛ من يقف وراء الانقلاب؟ من الذي يوجه الجماهير في الشارع؟ لكنه يضيف أن هذه المعلومات وهؤلاء الأشخاص سيظهرون بمرور الوقت.

رأى الكاتب، أن "لا شيء يحدث في السودان دون علم الغرب، حتى الطيور لا تستطيع أن تطير بدون علمهم، لذلك فعلى الأرجح أن ذات الطريقة التي استخدمت في مصر، جرى تطبيقها في السودان. ليس هذا فحسب، بل أن الحب السوداني لتركيا، والعلاقات الإستراتيجية والاقتصادية مع تركيا التي أسست لها الحكومة السودانية بالتعاون مع أنقرة كان كافيا ليغيب عن النوم الإمبرياليين، وليكون هذا التقارب أحد أسباب الانقلاب".

ووجه كبلان، قرائه لقراءة أكثر عمقا حول ما يحدث في السودان وما الذي يجري الآن، إلى العالم والذي نشأ وترعرع في السودان سرحات اوراجي وهو أول من شرح حول ما يدور في السودان في هذه الأيام. 

وواصل الكاتب حديثه قائلا: التاريخ يتكرر في السودان، فمنذ الأيام الأخيرة لعام 2018، بدأت الاحتجاجات في السودان، واستمرت بشكل متقطع حتى الخميس 11 أبريل/نيسان الجاري، حيث استيقظت البلاد على انقلاب.

وتابع: "استولى الجيش على القصر الرئاسي في الصباح وصادر المقعد الرئاسي من الرئيس عمر البشير، الذي كان في السلطة لمدة 30 عاما، وقام بعزله من منصبه، ومع هذه التطورات الساخنة، تم الانتهاء رسميا من فترة حكم البشير في السودان".

بدايات الاحتجاجات

وهنا، ينقلنا الكاتب، إلى بدايات الاحتجاجات في السودان، إذ يقول: بدأت الاحتجاجات لأول مرة في عطبرة، شمال السودان، بسبب الزيادة غير الطبيعية في أسعار الخبز، ومع ذلك، في فترة زمنية قصيرة، انتشرت في جميع أنحاء البلاد واكتسبت شكلا سياسيا وأصبحت استقالة الرئيس البشير، الذي حكم البلاد لمدة 30 عاما، أمرا مرغوبا فيه؛ وفي مختلف المناطق والمدن خرجت مظاهرات ضد عمر البشير، بينما كان النظام يرى في هذه المظاهرات، أصابع إسرائيل في هذه التظاهرات، ومن وقت لآخر يتهم الشيوعيون في تدبير هذه التظاهرات وبالتالي استخدم النظام الأسلحة المميتة والقاتلة.

لكن التظاهرات، بحسب الكاتب، أصبحت ضد النظام أقوى بعد وفاة ومقتل عدد من المتظاهرين، ولقد نشرت منظمات حقوق الإنسان، مثل "هيومن رايتس ووتش" تقارير مختلفة وأدانت استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين.

وأردف الكاتب: "هنا؛ قام عمر البشير، والذي شعر بأنه مضطر للذهاب إلى المواجهة بنفسه (مواجهة التظاهرات يقصد الكاتب) فقام هنا، بزيارة مختلف محافظات البلاد وتنظيم اجتماعات لمحاولة الحصول على دعم وقام أيضا بافتتاح بعض المشاريع"، لكن الكاتب شدد على أن "هذه الجهود لم تكن كافية لإنهاء الاحتجاجات".

وأضاف كبلان، أن استخدام الرصاص الحي خلال تدخلات وحدات الأمن التابعة للمخابرات السودانية لتفريق المحتجين، والاقتحام العنيف للمنازل وتعذيب الناس أدى إلى رد فعل شعبي كبير. في المقابل، تمكنت تجمع النقابات المهنية في السودان والتي لعبت دورا في تنظيم الاحتجاجات من جمع كل الجماعات في البلاد ومن توحيد الأحزاب والناشطين المناهضين للنظام تحت سقف واحد.

واستطرد الكاتب: اجتمعت كيانات أخرى مثل الأحزاب السياسية القائمة على الطائفة الصوفية والتي تمثل الجناح الإسلامي التقليدي، مثل حزب الأمة في السودان، وغيرها من الأحزاب كحزب المؤتمر، والتي لها توجهات علمانية، تحت شعار إعلان الحرية والتغيير. اتحدت كل هذه المجموعات، التي تمثل أجزاء مختلفة من المجتمع السوداني، في مطالبات تتوحد خلف المناداة بترك عمر البشير لمنصبه، وإنشاء حكومة انتقالية تحت قيادة اسم موثوق ونزيه وضمان الانتقال إلى نظام ديمقراطي.

محاولات البشير

في المقابل أشار الكاتب إلى إن عمر البشير، حاول اتخاذ بعض الإجراءات بشأن هذه التطورات، ومنها إقالة الحكومة على أساس أنها غير فعالة في قمع المظاهرات وكذلك لم تستطع خفض حدتها، كما أعلن الأحكام العرفية لمدة عام في البلاد. قام البشير أيضا، بتشكيل حكومة جديدة وبأسماء ضباط يثق بهم، كما سلم  قيادة حزبه إلى أحمد هارون، وهو الاسم الذي وثق به.

ومع ذلك، بحسب الكاتب، فعلى الرغم من إعلان البشير عدم ترشحه للانتخابات المقبلة العام 2020، ووسم المظاهرات بأنها مسيرات غير مصرح بها، وأعلن العقوبات على بعض المشاركين بها، فقد استمرت الاحتجاجات في السودان.

وأضاف كبلان، لم يجد البرلمان قرار الأحكام العرفية لسنة واحدة مناسبًا وقصر هذه الفترة على ستة أشهر، ومع ذلك لم يمتنع المتظاهرون، الذين استخدموا الشعارات مثل الحرية والعدالة والسلام، عن التعبير عن الفساد الذي شمله معظم القيادات في السلطة؛ وهكذا، وصلت البلاد إلى مستوى كبير  من الاحتجاجات في فترة أربعة أشهر.

الكاتب رأى، أن الهدف الرئيسي من الاحتجاجات والإضرابات والاعتصامات كان هو إجبار الرئيس عمر البشير على الاستقالة وضمان الانتقال إلى نظام تشاركي في البلاد، ثم قرر المتظاهرون، والذين كانوا يتظاهرون في مواقع مختلفة في عبر مختلفة خلال الأشهر الأربعة الماضية، التجمع والتظاهر أمام وزارة الدفاع في 6 أبريل/نيسان 2019 وبدأوا اعتصاما هناك. وتم تفسير هذا التكتيك على أنه مظاهرة لجماعة مناهضة للنظام ولكن من داخل الجيش انضوت تحت مطالب المتظاهرين؛ وهنا فقط يضيف الكاتب، أثناء الاعتصام الذي روقب باهتمام شديد، تم منع الجهود التي بذلتها وحدات الأمن التابعة لجهاز الأمن والمخابرات الوطني لتفريق الناس من قبل الجنود ثلاث مرات.

وزاد الكاتب، أنه وبعد هذه الأحداث، حدثت تطورات ساخنة منذ السبت 6 أبريل/نيسان الجاري ، وآخرها ، في 10  من الشهر الجاري، حيث ، أدلى المسؤولون الحكوميون ببعض التصريحات القوية وقدموا إشارات بأن الاحتجاجات سيتم انهاؤها، وفي اليوم التالي تم الإعلان عن عقد تجمع بمشاركة مؤيدي عمر البشير.

في أعقاب الأنباء التي تفيد بأن بعض الحافلات التي زعمت أنها تحمل مسلحين من خارج الخرطوم قد تم ضبطها قبل دخولها إلى المدينة، حدثت تطورات ساخنة في البلاد بعد منتصف الليل. وفي يوم الخميس 11 من الشهر الجاري، يضيف الكاتب أن المعادلة تغيرت في لحظة، ولاسيما مع الأنباء التي انتشرت والتي أفادت بأن الجنود حاصروا القصر الرئاسي، وبدأت تنتشر أن الجيش سيبث بيانا للرأي العام وللسودانيين في الساعات المقبلة.

مع هذه الحادثة، رأى الكاتب: يبدو أن الفترة السابقة (فترة البشير) قد انتهت في السودان؛ ما حدث في السودان في الوقت الراهن، مماثل تقريبا لأحداث 1964 و1985. وذكر الكاتب، أن الاحتجاجات الشعبية الشديدة والتي نشبت جراء المشاكل الاقتصادية في السودان؛ بدأت عام 1964 من قبل إبراهيم عبود وبحلول عام 1985 قادها آنذاك جعفر النميري.

ورأى كبلان، أن التاريخ يتكرر اليوم في السودان للمرة الثالثة، خاتما حديثه بالقول: "إلى أن يتم الانتقال إلى الإدارة المدنية في الفترة الجديدة، فإن مجلس الانتقال العسكري سيشكل السياسة لفترة من الوقت".