بعد انسحاب أميركا.. باحث إيراني يستشرف مستقبل الصين في أفغانستان

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلط باحث إيراني الضوء على إمكانية احتلال الصين مكانة أميركا بعد رحيلها من الأراضي الأفغانية، وتحدث عن قرب ترك الولايات المتحدة الأراضي الأفغانية بعد بقائها ما يقرب من 20 عاما.

وأشار الباحث في جامعة "العلامة طباطبائي" الإيرانية، رامين فخاري، إلى أنه "لابد أن يحين الوقت لإنهاء الاحتلال، لأن أفغانستان تعد مقبرة للإمبراطوريات، ولم تقبل الاحتلال على مر التاريخ، وربما يعود ذلك لوعورتها الجغرافية، وكونها منطقة جبلية مما أثر على أفراد شعبها وهيأ لديهم الروح الحربية".

مقبرة الإمبراطوريات

وقال فخاري في مقالته التي نشرها بموقع "إيران الدبلوماسي" قائلا: "أوضح التاريخ أن أي دولة غاصبة لا تظل في الأراضي المحتلة حتى الأبد، وفي النهاية تترك الأرض المحتلة".

واعتبر أن "من الأمور الواضحة أن أفغانستان من الدول التي لا تقبل أي إمبراطورية، لا الإسكندر المقدوني، ولا إيران، ولا المغول، ولا الاتحاد السوفييتي، ولم يستطع أي منهم أن يهيمن أو يفرض سيطرته على هذه الدولة".

وأضاف "الآن وبعد مرور 20 عاما، الولايات المتحدة على وشك ترك أفغانستان، وربما بعض أسباب تحول هذه الدولة إلى مقبرة الإمبراطوريات كونها منطقة جبلية والتي أدت إلى تقوية الروح الحربية بين أفراد الشعب، وبالإضافة إلى ذلك تهيئ الظروف من وجهة نظر إستراتيجية للإخفاء وتوجيه ضربة قاسية نحو العدو".

وتابع الكاتب: "لكن الموضوع الذي يجب التحقيق فيه هو أي سلطة عظمى ستحل على أفغانستان بعد أميركا؛ القضية الأولى التي يجب التحقيق فيها بخصوص الصين هي أن الصينيين على اطلاع منذ البداية بأن أفغانستان مقبرة الإمبراطوريات".

ونتيجة لذلك كان سلوك الصينيين في مواجهة أفغانستان "أكثر حرصا، ولم يسعوا إلى الوجود الدائم في هذه المناطق على الإطلاق".

وأرجع فخاري ذلك إلى أن "الصين وحش اقتصادي ويلزمه وجود الأمن من أجل التطور الاقتصادي؛ ونتيجة لذلك فإن بكين بحجمها سواء في الماضي أوالمستقبل توجد في أفغانستان كي تتمكن من الحفاظ على أمن محافظة شينغيانغ، ولكي تعمل على وجود حد فاصل بين طالبان والإيغور".

عالم منفصل

ولفت إلى أن "أفغانستان رغم أنها تمتلك أثمن وأحدث معادن وفلزات العالم، إلا أنه يلزم توافر الأمن هناك لاستخراجها والتنقيب عنها، ويجب أخذ هذا الأمر بالاعتبار، وعندما لم تعد هناك سلطة وأمن بعد 20 عاما لأميركا التي تمتلك أكبر ميزانية عسكرية بالعالم، فكذلك لن تمتلك الصين هذه القدرة، ونتيجة لذلك فهي مضطرة أن تتجاهل مصالحها في أفغانستان".

وعلى سبيل المثال، عام 2019 استوردت أفغانستان 1.1 مليار سلعة من الصين، وخصصت 31 مليون دولار من الصادرات فقط من أجلها، والميزان التجاري لأفغانستان مع الصين سلبي، بمعنى أن بكين تدعم كابل بهذا الشكل سنويا بحوالي 1.1 مليار دولار، فمن المحتمل أن يكون هذا الدعم فقط "من أجل الحفاظ على أمن حدودها".

بالمقابل، تعمل الصين في مجال التجارة الخارجية مع دولة صغيرة مثل الكويت بحوالي 14 مليار دولار سنويا، حيث تستورد منها البترول سنويا بحوالي 9 مليار دولار، وإحصائيات الميزان التجاري للصين مع سائر دول الخليج العربي لا يمكنها أن تنم عن الوجود الاقتصادي للصين في أفغانستان، وفقا لما ذكره الكاتب.

وقال فخاري: "لم يلاحظ الصينيون بأي شكل كان وجود أفغانستان خلال طريق الحرير الجديد، ولكن من الملحوظ ربط جزء من هذا الطريق بين آسيا الوسطى وإيران، وجزء من باكستان بميناء جوادر، ومن الممكن أن يؤكد على هذا الأمر أيضا أن الصين لها برنامج للسيطرة من أجل الوجود في كابل أو إقرار الأمن في طريق الحرير عن طريق أفغانستان".

وأردف: "ومن ناحية الاشتراك الحضاري أيضا فالصين وأفغانستان تقعان في قارة واحدة، وكل منهما جارة للأخرى، ولكن كل منهما لها عالم منفصل ومختلف عن الأخرى، ولو أرادت الصين أن توجد في أفغانستان من وجهة النظر الحضارية حتى بشكل توسع تكنولوجي، ستضطر إلى المواجهة مع فرق المقاومة".

وفي النهاية يجب الوصول إلى نتيجة وهي أنه عندما لم تستطع الولايات المتحدة أن تسيطر على أفغانستان بميزانيتها العسكرية المباشرة، وأن تستغل معادنها وفرصها الاقتصادية، فمن البعيد، ويكاد يكون من المستحيل أن تستطيع الصين أن تأخذ نصيبا أكبر من أفغانستان، بحسب الكاتب.

وختم فخاري مقاله بالقول: "الناحية الوحيدة التي تهيء فرصة وجود أكبر للصين في أفغانستان هي جوارها لأفغانستان، ويجب التمعن والتفكير في هذا الأمر حيث سيزداد التنافس بين الصين والهند في هذه الدولة بعد رحيل أميركا، وستواجه الصين منافستها في المنطقة وهي الهند".