موقع إيطالي يحذر: إغلاق مخيمات اللاجئين في كينيا ينذر بأزمة إنسانية

12

طباعة

مشاركة

حذر موقع إيطالي من إمكانية وقوع أزمة إنسانية، بسبب اعتزام الحكومة الكينية مجددا إغلاق مخيمات اللاجئين على أراضيها.

وقال موقع "معهد تحليل العلاقات الدولية": إن "المهلة التي وجهتها كينيا إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لإغلاق مخيمي داداب وكاكوما للاجئين، انتهت في 6 أبريل/نيسان 2021".

ويضم مجمع داداب للاجئين 3 مخيمات تأوي مجتمعة 218 ألفا و273 من اللاجئين وطالبي لجوء سياسي وفق أرقام المفوضية في يوليو/تموز 2020، وتم إنشاء المخيم الأول عام 1991 لإيواء اللاجئين الصوماليين الفارين من الحرب الأهلية.

ونتيجة لتدهور الوضع السياسي والاجتماعي في الصومال ما أدى إلى ضعف الاستقرار الاقتصادي والأمني، تم بناء مخيم ثان عام 2011 على إثر نزوح جماعي جديد للاجئين الفارين هذه المرة من شبح الجوع والفقر.

وشمالا، يقع مخيم "كاكوما" ويستضيف لاجئين من الحرب الأهلية في جنوب السودان ويضم حوالي 200 ألف. 

وأشار الموقع الإيطالي إلى أن هذه المخيمات "تقع وسط الصحراء، وتعاني اكتظاظا كبيرا وتشكو نقصا حادا في الموارد الضرورية لتوفير الخدمات الأساسية".

وتابع: "مخيم داداب، أكبر مخيم للاجئين في العالم، يشكو شح المياه ولا تتوفر به اللقاحات والغذاء، كما يعاني معظم الأطفال من سوء التغذية منذ دخولهم المخيم، والآن يموتون جوعا داخله، وهو ما يؤكد ما أطلق على شرق إفريقيا بأنه "أكثر الأماكن بؤسا على وجه الأرض".

أسباب الإغلاق

وأشار الموقع إلى أن "حكومة كينيا كانت قد اتخذت قرار إغلاق المخيمات عام 2017 عندما اعتبرت، في أعقاب مذبحة جامعة غاريسا التي وقعت في 2015، أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتردية للاجئين وما يعيشونه من معاناة داخل مخيمات، قد تجعل منها مراكز تجنيد مميزة لخلايا تنظيم حركة الشباب الصومالي الذي تبنى الهجوم على الجامعة".

من جانبها، قضت المحكمة الكينية العليا بأن الإغلاق التعسفي للمخيمات سيتسبب في تكلفة إنسانية باهظة للغاية بموت مؤكد لعدد كبير من الأشخاص.

بالإضافة إلى ذلك، من الضروري أيضا الأخذ في الاعتبار آثار ردود فعل الرأي العام الدولي على قرار بلد ما بالتخلي عن مئات الآلاف من الأشخاص ودفعهم نحو المجهول في ظروف تعرض حياتهم للخطر لا سيما وأن مخيم داداب تديره الأمم المتحدة، وفق قول الموقع الإيطالي.

ويذكر أن الحكومة الكينية قد منحت المفوضية مهلة 14 يوما لإيجاد حل قبل تنفيذ قرار الغلق. وبطبيعة الحال، تعد هذه المهلة فترة رمزية وغير كافية على الإطلاق لإعداد تدابير فعالة، يعلق الموقع الإيطالي. 

وعلى إثر انتهاء المهلة، أبطلت المحكمة العليا الكينية مرة أخرى محاولة الحكومة إغلاق مخيمات اللاجئين، استجابة لمطالب النشطاء ومعظم الرأي العام الذين اعتبروا أن التخلي عن اللاجئين وإعادتهم إلى الصومال أمرا خطيرا للغاية.

وتم إرجاء طلب الحكومة لأنه انتهك كلا من قوانين الدولة الداخلية والقانون الدولي الذي وضع أدوات لحماية اللاجئين وحظر التعذيب، علاوة على ذلك، لا يمكن تنفيذ قرار الترحيل إلا إذا كان طواعية وخاليا من الضغط الخارجي، وكذلك إذا كان نحو مكان آمن، يشرح الموقع الإيطالي.

وبين أن الأسباب التي دفعت الحكومة الكينية لقرار إغلاق المخيمات، المؤجل حاليا لمدة 30 يوما أخرى، تتمثل في اعتبارها مصدرا لانعدام الأمن لاحتوائها على آلاف الإرهابيين المحتملين، وبدافع محاولة الانتقام من الصومال لرفعها نزاع البلدين حول الحدود البحرية إلى محكمة العدل الدولية.

وأردف الموقع بالقول إن الأسباب لا تتعلق حصريا بالسياسة الدولية، وإنما يأتي القرار في إطار الحملة الانتخابية الجارية تمهيدا للتصويت القادم الذي سيجرى عام 2022، خاصة وأن تحقيق الأمن وحماية السكان من الهجمات المسلحة يعد أداة دعائية ممتازة.

وذكر الموقع أنه إلى جانب محاولة إغلاق المخيمات منذ عام 2014، خاصة داداب، انطلقت في نفس العام أشغال بناء جدار على طول الحدود مع الصومال لمنع اللاجئين من دخول التراب الكيني، إلا أن مصير هذا المشروع كان الفشل وتم بناء 5.4 كم فقط على حدود يبلغ طولها 700 كلم.

غير إنسانية

وصف الموقع قرار الحكومة الكينية إغلاق مخيمات اللاجئين وأيضا الحياة داخلها بأنهما "غير إنسانيين على حد سواء".

داخل هذه الخيام، يحبس العديد من الأشخاص منذ عقود، دون إمكانية الخروج ولا يملكون وثائق ولا فرص أمامهم من أجل العمل وكسب قوة العيش أو إمكانية الاندماج في المجتمع الكيني.

كما أن قدرات الأمم المتحدة في توفير الخدمات الأساسية تتضاءل نتيجة ارتفاع عدد اللاجئين، وكذلك بسبب عدم تعاون الحكومة الكينية وافتقارها للموارد المالية.

وأردف الموقع بالقول إن المفوضية "تواجه وضعا معقدا للغاية ولا تملك الموارد اللازمة للتعامل معه، لا سيما في ظل تزايد انتشار الخلايا الإرهابية في الصومال".

كما فاقم تفشي جائحة كورونا الوضع المحفوف بالمخاطر داخل المخيمات وعقد من جهود توفير الخدمات اللازمة، كما أثر الوباء بشكل سلبي على الصحة النفسية للأشخاص الذين يعيشون داخل المخيمات وزاد من استيائهم.

وأكد الموقع الإيطالي أن الأزمات الإنسانية التي تتعلق بظروف السكان على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية وأيضا احترام حقوق الإنسان، "لا يمكن فصلها عن البعد السياسي". 

وفي نفس السياق، أوضح أنه طالما أن الوضع السياسي في الصومال غير مستقر، فلن يكون من الممكن وقف تدفقات اللاجئين، وطالما أن الجهاز البيروقراطي في كينيا، المرتبط بهيكلها الاقتصادي والاجتماعي، غير قادر على الاستجابة لمثل هذا الطلب المرتفع على سوق العمل والاندماج في المجتمع، "لن تتحقق تغييرات".

وختم الموقع بالقول: إنه "من غير المعقول الاعتقاد أن كينيا تستطيع في غضون بضعة أشهر دمج 400 ألف شخص في المجتمع المحلي، أو أنه سيتم القضاء على كل خلايا تنظيم الشباب في الصومال".

في المقابل، سيسهم التفكير في العمل المشترك على عدة جبهات (كينية وصومالية)، مقترنا بخطة منظمة لتوفير وضمان الخدمات داخل المخيمات، "في إيجاد حل طويل الأمد".