لصالح إسرائيل.. كيف تتلاعب أذرع الإمارات بالانتخابات الفلسطينية؟

سليمان حيدر | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تخوفات وشكوك تدور حول الدور الذي تلعبه الإمارات عبر أذرعها في الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية المقررة وفق المرسوم الرئاسي في 22 مايو/أيار و31 يوليو/تموز 2021 على التوالي.

أبرز التخوفات تمثلت فيما حذرت منه مؤسسة القدس الدولية من تسلل أتباع الإمارات إلى المجلس التشريعي الفلسطيني، عبر قائمة مدعومة من القيادي المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان الذي يعمل مستشارا أمنيا لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، من أجل السيطرة على المشهد في مدينة القدس المحتلة. 

ويتنافس على البرلمان 36 قائمة اعتمدتها لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، منها 7 قوائم فقط تمثل فصائل وأحزابا فلسطينية بينما يخوضها المستقلون عبر 29 قائمة. 

ويخوض التيار التابع لدحلان الانتخابات التشريعية تحت قائمة "المستقبل" وعلى رأسها سمير المشهراوي، وماجد أبو شمالة اللذان طعن عليهما في الانتخابات بدعوى ضلوعهما في التآمر على الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وهو الطعن الذي قوبل بالرفض من قبل لجنة الانتخابات.

مخططات في القدس

أعربت مؤسسة القدس في 7 أبريل/نيسان 2021 عن تخوفها من نجاح الأكاديمي الفلسطيني سري نسيبة المعروف بأنشطته التطبيعية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي والمدعوم ماليا وبشكل معلن من الإمارات. 

وفشل نسيبة في تكوين قائمة مستقلة تحت اسم "القدس أولا" ليعلن انضمامه في اللحظات الأخيرة إلى قائمة دحلان ليكون المرشح الثاني على القائمة، وهذا "ربما يسهل نجاحه"، وفق المؤسسة. 

وترى المؤسسة أنه بذلك سيواصل دوره مسنودا بالتمويل الإماراتي والصفة الرسمية ليقيم في القدس "سلطة وكالة" في سياق اتفاق أبراهام (التطبيع) لإخضاع الشعب الفلسطيني.

ويعتبر نسيبة من المنظرين للتطبيع مع دولة الاحتلال والمطالبين بالتعامل معها على أنها أمر واقع لا يمكن التخلص منه، وهو ما تسبب في تعرضه للضرب والطرد من الجامعة أكثر من مرة واتهامه بالتنظير لأفكار مسمومة ضد القضية الفلسطينية.

وفي عام 2005 طرده طلاب جامعة النجاح في نابلس ومنعوه من دخول حرم الجامعة أو إلقاء محاضرات فيها بسبب مواقفه وأنشطته الداعمة للتطبيع مع الاحتلال.

ويوضح تقرير لصحيفة الأخبار اللبنانية كيف وجدت الإمارات في نسيبة الشخصية المقدسية التي يمكن لها أن تنظر لعلاقات التطبيع الإماراتية الإسرائيلية. 

وقالت الصحيفة في 9 أبريل/نيسان 2021 إن الإمارات دعمت نسيبة ومنحته 12 مليون دولار في عام 2018 لإنشاء ما يسمى "مجلس القدس للتطوير والتنمية الاقتصادية". 

وأشارت إلى أن هذه الأموال جرى إنفاقها خلال العامين الماضيين لضمان تبعية المؤسسات الأهلية المقدسية للممول الإماراتي الذي سرب في الخفاء العقارات والأملاك الفلسطينية في القدس إلى دولة الاحتلال. 

ورغم أن الانتخابات الفلسطينية كان الهدف منها معالجة الانقسام بين غزة والضفة فإن مؤسسة القدس ترى أنها ربما تفضي إلى انقسام ثلاثي بإضافة القدس كمنطقة رخوة لنفوذ الإماراتيين، تقدم من خلاله خدمات أمنية وسياسية ودينية للصهاينة عبر دحلان ونسيبة. 

كما حذرت المؤسسة من استغلال الإمارات الانتخابات لتوسيع دورها كوكيل للاحتلال في مدينة القدس المحتلة من خلال عملية شراء العقارات من الفلسطينيين وبيعها إلى جهات وشخصيات إسرائيلية.

واعتبر الخبير في شؤون القدس زياد بحيص أن الإدارة الإماراتية تعمل على تقديم الخدمة في القدس باعتبارها مدخلا للعلاقة مع الصهاينة كإضافة نوعية لسلوكها العام. 

وقال في تصريحات تلفزيونية لقناة الحوار اللندنية في 7 أبريل / نيسان 2021، إن ما تقدمه الإمارات للاحتلال اليوم هو أنها تستطيع أن تلعب دورا في القدس لا يجرؤ أحد على لعبه.

"لذلك أسست مجلس القدس للتنمية قبل عامين من توقيع اتفاق التطبيع ليكون الأساس الممهد للهيمنة على الشخصيات التي تقود العمل الأهلي المقدسي بحيث تبني رأيا عاما يؤيد توجهها" حسب وصفه. 

وأشار بحيص إلى أن ما تقوم به الإمارات هو عمل منهجي مخطط وواضح، وأن الجدوى منه هو الدخول في تحالف يحمي أبوظبي كما تظن ويحافظ على مصالحها من خلال تشكيل كتلة يمين حاكم عربية صهيونية أميركية. 

وفي حديثه أكد بحيص أن نسيبة لو ترشح في الانتخابات على أساس دوائر مناطقية "فليس له فرصة في النجاح في القدس ولكن حينما يترشح ثانيا على قائمة دحلان وفي حال حصولها على نسبة الحسم فوجوده في المجلس التشريعي أمر محسوم". 

وأضاف: "وهذا ما يدعونا للقول بأن هذا استغلال لأنه ليس شخصا له حيثية يستطيع أن يفوز بشكل طبيعي في القدس وليس مرجعية عادية للمدينة، وإنما يراد إقحامه على القدس كمرجعية باستخدام المال ومن خلال وجوده على لائحة محمد دحلان". 

دعم سخي

لعبت الإمارات دورا كبيرا في صناعة دحلان والحفاظ عليه كورقة رابحة خلال السنوات العشرة الأخيرة بعد طرده من حركة فتح واتهامه في العديد من قضايا الفساد والقتل. 

وفي يونيو/ حزيران 2011 قررت اللجنة المركزية لحركة فتح فصل دحلان وإنهاء علاقته بالحركة وإحالته للمحاكمة في عدد من القضايا الجنائية والمالية.

 وفي 14 ديسمبر / كانون الأول 2016 اعتبرت محكمة مكافحة الفساد الفلسطينية دحلان المقيم في الإمارات منذ أكثر من عشر أعوام هاربا من العدالة. 

وتشير العديد من التقارير إلى أن الإمارات تضغط من أجل فرض دحلان على الداخل الفلسطيني وخاصة حركة فتح ليكون بديلا لرئيس السلطة الفلسطينية الحالي محمود عباس.

يقول رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة عدنان أبو عامر إن دحلان وأنصاره لا يخفون الدعم الإماراتي السياسي والمالي والإعلامي الذي يتلقونه حتى يتمكنوا من العودة إلى السياسة الفلسطينية.

وأشار في مقال للنسخة الإنجليزية من موقع الجزيرة في 21 مارس/آذار 2021 إلى أن الدعم الإماراتي مكن دحلان وأنصاره من تشكيل تحالفات مع القوى السياسية الفلسطينية بما في ذلك التحالف مع شخصيات داخل حركة فتح تشعر بالاستياء من عباس. 

وأضاف أبو عامر: "كان دحلان حليفا وثيقا للإمارات التي اعتنت به على مدار العقد الماضي، ورعته ودعمته بكل الطرق".

ويعتقد بعض المراقبين أن أبو ظبي كانت تعد دحلان كزعيم مستقبلي للسلطة الفلسطينية. ويرى أبو عامر أن الهدف من أنشطة الفاعلين الخارجيين في الانتخابات الفلسطينية هو ضمان انتخاب قيادة جديدة يمكن أن تتأثر بسهولة من قبل القوى الأجنبية والضغط عليها للموافقة على أي مطالب جديدة تأتي بها إسرائيل.

وكشفت صحيفة الوطن القطرية في 20 مارس/آذار 2021 عن دعم سخي لدحلان من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد لمساعدته على الفوز بالانتخابات الفلسطينية المقبلة. 

ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمها أن الإمارات وضعت 400 مليون دولار تحت تصرف القيادي المفصول من فتح لمساعدته على دخول المطبخ السياسي الفلسطيني والفوز على عباس في الانتخابات المقبلة.

كما ساهمت الإمارات في عودة القيادات التابعة لما يسمى التيار الإصلاحي التابع لدحلان إلى قطاع غزة لأول مرة منذ عام 2007.

وفي منتصف فبراير/شباط 2021 بدأ العديد من رجال دحلان العودة إلى قطاع غزة بعد ضغوط مصرية إماراتية على حركة المقاومة الإسلامية حماس في القاهرة من أجل إعادة تمكين دحلان وإعادته إلى المشهد الفلسطيني.

وفي مقابلة خاصة مع قناة العربية السعودية قال دحلان في 17 مارس/آذار 2021 إن عودة قيادات "تيار الإصلاح" التابع له إلى غزة تمت بتفاهمات مع حركة حماس وبعد دفع الإمارات الدية لأهالي من قتل من حركتي فتح وحماس في أحداث الانقسام التي وقعت عام 2007.

ومن بين أشكال الدعم الواسع الذي قدمته الإمارات وما زالت لدحلان المساعدات الطبية واللقاحات المجانية للوقاية من وباء كورونا في قطاع غزة. 

وفي 17 ديسمبر/كانون الأول 2020 و10 يناير/كانون الثاني 2021 قدمت الإمارات عبر دحلان مساعدات ضمن قافلة طبية إماراتية لوزارة الصحة في القطاع. 

وقال نائب رئيس حركة فتح محمود العالول في تصريحات لموقع المونيتور الأميركي: "إن الإمارات تستغل تفشي وباء كورونا لتحقيق أهداف سياسية" من بينها تلميع صورة دحلان داخل الأراضي الفلسطينية. 

وعبر العالول في 13 يناير/كانون الثاني 2021 عن رفضه للمساعدات الإماراتية قائلا: "إن أية مساعدة ترسل للفلسطينيين عبر التطبيع وبدون تنسيق مع السلطة تعتبر مشكوكا فيها ومرفوضة".

كما ربط الكاتب الفلسطيني طلال عوكل بين الانتخابات الفلسطينية القريبة والمساعدات الإماراتية وأكد أن الإمارات تريد تعزيز شعبية دحلان ليحل محل عباس "الذي فشل في تحقيق السلام مع الإسرائيليين".

وقال عوكل في تصريحاته للمونيتور: إن دحلان الذي يحظى بالدعم الإماراتي لديه قبول وموافقة من الولايات المتحدة ودول عربية من بينها مصر.