ضربة إسرائيلية جديدة لإيران.. ما تأثير هجوم نطنز على مفاوضات النووي؟

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

في الوقت الذي كانت فيه إيران تحاول التعافي من آثار هجوم مماثل وقع في 22 يوليو/ تموز 2020، تلقت طهران ضربة إسرائيلية جديدة استهدفت مشروعها النووي في منشأة نطنز وتسببت في تدمير الموقع الرئيس لتجميع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

في 11 أبريل/ نيسان 2021، وقع انفجار بعبوة ناسفة استهدف مصنع نطنز لتخصيب اليورانيوم وسط إيران، ما أحدث أضرارا جسيمة بأنظمة الكهرباء الأساسية والاحتياطية، قد يستغرق 9 أشهر لإعادة تخصيب اليورانيوم في المنشأة، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".

تكرار الهجمات على مشروع إيران النووي، أثار تساؤلات عدة بخصوص مدى تحمل النظام الإيراني للضربات الإسرائيلية، وهل يضعف عدم الرد على الهجمات التي تستهدف منشآتها الحساسة، موقف طهران في المفاوضات على برنامجها مع الولايات المتحدة الأميركية؟

إرهاب نووي

حملت إيران رسميا إسرائيل مسؤولية الحادث الذي وقع في منشأة نطنز النووية، مؤكدة أنها ستنتقم لذلك، حسبما نقل التلفزيون الإيراني عن وزير الخارجية محمد جواد ظريف، في 12 أبريل/ نيسان 2021.

وصفت طهران الحادث بأنه "إرهاب نووي"، قائلة إنها تحتفظ لنفسها بالحق في اتخاذ إجراءات ضد الجناة، وذلك بعدما أجرت إيران والقوى العالمية ما وصفتاه بمحادثات "بناءة" في 7 أبريل/ نيسان 2021، بهدف إحياء الاتفاق النووي المبرم مع طهران عام 2015 والذي انسحبت منه واشنطن قبل 3 سنوات.

ظريف قال: "الصهاينة يريدون الانتقام من الشعب الإيراني للنجاحات التي حققها في مسار رفع العقوبات. قالوا علنا إنهم لن يسمحوا بذلك، لكننا سننتقم من الصهاينة".

وأضاف أن منشأة نطنز النووية هي اليوم أقوى من السابق، مضيفا: "إذا تصور العدو أننا ضعفنا في المفاوضات النووية، فإن الذي سيحصل هو أن هذا العمل الجبان سيقوي موقفنا في المفاوضات".

لكن رئيس "مركز التفكير السياسي" في العراق، إحسان الشمري، رأى خلال تغريدة على "تويتر" في 11 أبريل/ نيسان 2021 أن "الضربات الإسرائيلية تتصاعد ضد إيران ومن دون رد ستضعف من موقفها في مفاوضات الملف النووي".

أما القنصل الإسرائيلي السابق في نيويورك، ألون بنكاس، فرأى أنه "في الأيام الأخيرة ترسخت الحكمة الشائعة حول التصعيد المتعمد ضد إيران.. حيث يتصرف نتنياهو انطلاقا من عدة دوافع منها، الدافع السياسي، بخلق أجواء طوارئ أمنية لتحسين المناخ السياسي الإشكالي الذي هو غارق فيه، ومحاولة تشكيل حكومة".

وأضاف خلال مقال بصحيفة "هآرتس" العبرية: "الدافع السياسي، هو إحباط المفاوضات غير المباشرة التي تجري في فيينا بين واشنطن وطهران، لعودة الطرفين للاتفاق النووي، وخلال ذلك خلق مواجهة مع الإدارة الأميركية التي هي أيضا، حسب هذه النظرية، ستساعده في الساحة السياسية".

استثمار التفجير

وبخصوص السر في توقيت التفجير، قال مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق، بي جي كراولي، خلال تصريحات صحفية أبريل/ نيسان 2021 إن الولايات المتحدة "لا تفهم تماما ما حصل في منشأة نطنز"، مشيرا إلى أن توقيت الهجوم بالتزامن مع محادثات فيينا "يثير الاهتمام".

لكن كراولي شكك في حصول "تقدم كبير" في محادثات فيينا، موضحا أن هناك "عقبات كبيرة أمام العودة إلى الاتفاق النووي حاليا".

من جهته، قال الخبير العسكري الإسرائيلي وآف ليمور: "الفرضية هي أن إيران لن توافق على العودة إلى الاتفاق دون رفع كامل وفوري للعقوبات، لكنها قد تحاول استغلال الحدث الأخير كي تصلب مواقفها في المفاوضات، ويبدي الزعيم الأعلى (علي) خامنئي شكوكا كثيرة تجاه واشنطن، ويحتمل أن يختار الانتظار إلى أن تتضح نوايا الأميركان".

وأضاف ليمور خلال مقال بصحيفة "إسرائيل اليوم" 13 أبريل/ نيسان 2021: "إلى جانب ذلك، ستكون إيران مطالبة بأن تحسم كيف سترد على إسرائيل، والتقديرات في هذه الحالة هي أن إيران سترد، وعمليا إيران تبحث عن رد منذ عملية اغتيال مسؤول المشروع النووي محسن فخري زادة التي نسبت للموساد في نوفمبر/تشرين الثاني 2020".

وفي هذا الصدد، علق الخبير في الشؤون الإيرانية والإقليمية، محمد مهدي شريعتمدار، بالقول: "الموقف الأميركي جيد لكنه لا يكفي"، متسائلا: "كيف ستكون المواقف الأميركية والأوروبية لو قامت إيران بعملية مشابهة؟".

 وأوضح شريعتمدار خلال تصريحات صحفية في 13 أبريل/ نيسان 2021 أن عدم إدانة الجريمة "يعتبر استثمارا سياسيا لها من أجل استخدامها في إطار سياسة العصا والجزرة"، مبينا أن هناك "سوء تقدير من الإدارة الأميركية ومن تل أبيب بشأن الرد الإيراني".

وأضاف الخبير الإيراني شريعتمدار: "عملية نطنز تدل على فشل العمليات الإسرائيلية السابقة سواء في سوريا أو إيران أو في البحر".

رهان خطير

صحيفة إسرائيلية أكدت، أن الاحتلال الإسرائيلي سيدفع ثمنا باهظا بسبب عملياته المتواصلة ضد إيران، وذلك في حال لم تقف الولايات المتحدة خلف ظهره. ونقلا عن "مصادر مخابراتية"، أكدت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية "كان"، أن "الموساد نفذ هجوما إلكترونيا تسبب في ضرب مفاعل نطنز النووي الإيراني الليلة الماضية.

وأوضحت صحيفة "يديعوت أحرنوت" في افتتاحيتها التي كتبها إيتمار آيخنر بعنوان "رهان خطير"، أنه بمناسبة "اليوم النووي الإيراني"، أمر الرئيس حسن روحاني بتفعيل أجهزة طرد مركزي متطورة في منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز.

وتابعت الصحيفة بقولها: "إيران لم تقدر أنها في تلك اللحظة ستتلقى هدية خاصة بمناسبة الحدث، تعمل على تعطيل قدرتهم على تفعيل أجهزة الطرد المركزي في المنشأة، وربما لفترة زمنية ذات مغزى".

وذكرت محافل استخباراتية في الغرب، أن "الحديث يدور عن عملية يقف خلفها الموساد، ما كان يمكن تجاهل صور رئيس الوزراء نتنياهو، وهو يرفع النخب بمناسبة يوم الاستقلال في مقرات الموساد، الشاباك والجيش، ما يعطي الانطباع بأن إسرائيل، ظاهرا، تفعل كل شيء كي تخرب على الاتصالات بين الولايات المتحدة وإيران بوساطة أوروبية في الطريق إلى إحياء الاتفاق النووي وإلغاء العقوبات على طهران".

ونبهت إلى أن "الخلل في نطنز يأتي في توقيت حساس آخر، بالتوازي مع زيارة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى إسرائيل، وهذه هي الزيارة الأولى لمسؤول كبير في إدارة جو بايدن إلى تل أبيب".

ولفتت الصحيفة، إلى أنه "ليس صدفة أن بايدن بعث إلى هنا بوزير الدفاع وليس بوزير الخارجية، فالولايات المتحدة تريد أن تتأكد من أن الاتفاق النووي لن يمس بأمن إسرائيل، وستوفر واشنطن حلولا لاحتياجاتها الأمنية إذا ما نشأت احتياجات كهذه كنتيجة لإلغاء العقوبات عن طهران والعودة إلى الاتفاق".

وتابعت: "لكن في زيارة أوستن توجد رسالة أخرى، فالولايات المتحدة تسعى لأن تتأكد أن إسرائيل لا تعتزم المس بجهودها باستئناف المسار الدبلوماسي حيال إيران في فيينا، وثمة من يرون في زيارة أوستن، في هذا التوقيت، محاولة أميركية للجم إسرائيل".

ورأت الصحيفة العبرية أن "تل أبيب تأخذ هنا رهانا خطيرا، فعمليات محتملة في المستقبل حيال إيران من شأنها أن تشعل المنطقة فيما لا يكون لها ريح إسناد أميركية".

رد إيران

وفي السياق ذاته، قال الكاتب اللبناني حسام عيتاني خلال مقال نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" في 12 أبريل/ نيسان 2021: "إيران مصرة على مواصلة المشروع كمكَون أساسي من مكونات تقدم البلاد وسيرها على طريق التحول إلى قوة صناعية واقتصادية ناجزة الاستقلال وقادرة على تخطي كل العقبات أمام نموها".

يضاف إلى ذلك، بحسب الكاتب: "المشروع موضع إجماع وطني، حيث يتفق الإصلاحيون والمحافظون على ضرورة النجاح في إدخال الطاقة النووية إلى بلادهم، بل إن قسما من الإصلاحيين يتهمون المحافظين بالتفريط بالمشروع طمعا في الحصول على رضا الغرب، بحسب مواقف راجت في ولاية الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد الأولى".

ويرجع الإجماع الإيراني بالدرجة الأولى إلى "السمة القومية التي أضفتها السلطة على المشروع النووي وتصويره على أنه الباب الذي لا بد من دخوله للانتقال إلى مصاف الدول المتطورة".

وتابع: "الجانب العسكري الذي يدور الكثير من الحديث عنه في وسائل الإعلام الأجنبية، جانب واحد من الرؤية متعددة الزوايا للمشروع في الخطاب الإيراني".

وأردف: "يرغب الإيرانيون في إقناع خصومهم أنه لا الفيروسات ولا الحرائق على غرار تلك التي أصابت نطنز في يوليو/ تموز 2020، ولا الانفجارات مثل التي وقعت مؤخرا، قادرة على وقف تقدم البرنامج أو إعاقته".

ما تقوم به إيران لن ينتهي بضربة واحدة على النحو الذي انتهى به مفاعل "أوزيراك" أو "تموز" العراقي بغارة إسرائيلية واحدة في 1981، وفق الكاتب. وأنهم لن يقعوا في الأخطاء التي وقع بها الرئيس الراحل صدام حسين عندما حاول الدفع ببرنامج نووي عسكري قبل غزو الكويت 1990، ما سهل حشد تحالف عالمي ضده.

بهذا المعنى، يشير الكاتب إلى أن بعض الجهات الإيرانية ترى أن الرد الحقيقي على الهجوم الذي لن يكون الأخير، يتمثل في مواصلة العمل على المشروع ضمن إستراتيجية متماسكة تنطوي على تهديد واضح بتجاوز الحد الأقصى للتخصيب المخصص للمفاعلات النووية ويلامس المستوى العسكري، وهو ما كانت إيران قد باشرت به برفعها مستوى التخصيب إلى 20 بالمئة وهو "العتبة" التي يعتبر تجاوزها انتقالا إلى "الدرجة الحربية" من التخصيب.

وتابع: "تقتصر حاجة المفاعلات المنتجة للطاقة على يورانيوم تقل درجة تخصيبه عن 20 بالمئة (تعمل أكثر المفاعلات بدرجة تخصيب 3.5 بالمئة). بيد أن ذلك لا يلغي إمكان توجيه إيران ضربات عسكرية أو سيبرانية إلى المصالح الإسرائيلية في الأسابيع المقبلة لضرورات الحفاظ على هيبة الدولة الإيرانية التي وجهت اتهامات قاطعة إلى إسرائيل".