عالم كورونا.. صحيفة إسبانية ترصد "دبلوماسية اللقاح" لدى روسيا والصين

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة إسبانية إن "التطعيم ضد فيروس كورونا بدأ بالفعل في 190 دولة من أصل 194 دولة عضو في منظمة الصحة العالمية، ورغم ذلك، فإن جرعات اللقاح نادرة، خاصة بعد مشاكل الإمداد المختلفة التي أظهرتها شركات الأدوية مثل أسترازينيكا البريطاني، في الاتحاد الأوروبي".

وأوضحت "الإسبانيول" أن "هذه المشاكل تسببت في جعل لقاح كورونا أحد الأسلحة التي أعادت تحديد ملامح الجغرافيا السياسية العالمية الجديدة، وعلى وجه الخصوص، تستخدم دول مثل روسيا والصين، التي تصنع لقاحات خاصة بها الجرعات لتعزيز تحالفاتها ومشاريعها في مناطق معينة، أو كسب حلفاء في المستقبل أو زرع خلافات بين أعدائها".

وأضافت الصحيفة أن "اللقاحات التي تصنعها الصين تصل بالفعل إلى حوالي 41 دولة، العديد منها في القارة الإفريقية، ولا تتلقى دول مثل ناميبيا والغابون وموريتانيا وغينيا إلا لقاحات من أصل شرقي، وذلك ليس من قبيل المصادفة، حيث إن للاقتصاد الصيني تأثيرا كبيرا في هذه المناطق وفي المشاريع العامة الكبرى".

وأشارت إلى أن "ميناء ليبرفيل الذي يتم بناؤه حاليا والبنى التحتية الكبيرة الأخرى للموانئ على الساحل الغربي لساحل غرب إفريقيا، من المشاريع الكبرى التي تسيطر عليها الصين".

الشريك الأول

في هذا السياق، يوضح الباحث في مركز "برشلونة للشؤون الدولية"، إدوارد سولير إي ليتشا، في مقال نشره المركز، قائلا: "بالنسبة للعدد المتزايد من البلدان النامية، أصبحت الصين بالفعل الشريك التجاري الأول وحامل الديون والمستثمر في مشاريع الاتصال الإستراتيجي".

وأضاف: "تبدو الصين الآن أيضا كشريك مستعد لتقديم اللقاحات التي لا يمكنهم شراؤها في السوق الدولية والتي لم تتمكن الآليات المتعددة الأطراف من توفيرها بعد".

وأفادت الصحيفة بأن طريق الحرير الصيني "الجديد" يلعب دورا رئيسا في توزيع اللقاحات الصينية، وبشكل عام، تعد المبادرة، التي تحمل اسم "مبادرة حزام واحد، طريق واحد''، أحد أكبر مشاريع بكين لتعزيز هيمنتها على الاقتصاد العالمي والتي يجرى بناؤها من خلال تحالفات مع دول في 3 قارات.

من جهتها، تلقت إسبانيا دعوة للانضمام إلى المبادرة عام 2018، لكن بيدرو سانشيز، الذي كان بالفعل رئيسا للحكومة، رفض اقتراح الانضمام إلى المشروع الموازي الذي ينفذه الاتحاد الأوروبي.

وأضافت الصحيفة أن مصر، عبر قناة السويس، تلعب دورا رئيسا في الطريق البحري الذي يعزز طريق الحرير الجديد، لذلك، فإن اللقاح الوحيد الذي يتلقاه هذا البلد هو "سينوفارم" الصيني، إلى جانب جرعات قليلة من "أسترازينيكا" البريطاني السويدي.

من جهتها، تلعب تركيا أيضا دورا رئيسا بالنسبة للصين في البحر الأبيض المتوسط، سواء عن طريق البحر أو البر، وبالتالي، فإن معظم اللقاحات التي تلقتها تركيا هي أيضا من أصل صيني.

وأوردت الصحيفة أن "طريق الحرير الجديد يشمل جميع أنواع صيغ النقل، ويتنوع من السكك الحديدية إلى خطوط الأنابيب، وفي هذا المعنى، يلعب بعض حلفاء بكين، مثل العراق وباكستان، الذين يتلقون أيضا لقاحات صينية الصنع، دورا رئيسا في الطريق الصيني الجديد".

ونوهت بأنه "في هذه الحالات، لا تهتم حكومة تشي جي بينغ فقط بمواقف الدول وتأثيرها الاقتصادي، فوفقا لمصادر دبلوماسية، تسعى إستراتيجية التطعيم في الصين أيضا إلى توسيع وتقوية تحالفاتها وهيمنتها على المناطق التي تتحكم في موارد الطاقة، مثل الهيدروكربونات، أو المواد الخام الأخرى".

ونقلت الإسبانيول أن "المصادر التي تم استشارتها تؤكد أنه ليس من قبيل المصادفة أن تنشر بكين تحالف اللقاحات الخاص بها في بعض دول أميركا اللاتينية".

في الوقت الحالي، تعتبر اللقاحات الصينية هي اللقاح الرئيس ضد جائحة كوفيد19 في تشيلي وبيرو، وهما دولتان تتحكمان في 40 بالمئة من إنتاج النحاس العالمي، وسيكون ذلك ضروريا للغاية في سياسات التنقل الكهربائي على نطاق عالمي، والتي يتم إطلاقها في الوقت الراهن.

وأوضحت الصحيفة أن "اللقاحات مفيدة أيضا للأعمال والاستثمارات، على وجه الخصوص، قبل انهيار مستشفيات البرازيل بسبب فيروس كورونا، رفض رئيسها، جايير بولسونارو، السماح لشركة هواوي الصينية متعددة الجنسيات بالمشاركة في مزاد بمليارات الدولارات لشبكات 5 جي البرازيلية، والتي من المتوقع أن يتم تركيزها هذا الصيف".

وفقا لعقيدتها

ونوهت الصحيفة بأن "علاقة بولسونارو بالبيت الأبيض، عندما كان دونالد ترامب مقيما فيه، كانت أساسية في العلاقات الصينية البرازيلية".

ومع ذلك، فإن وصول الديمقراطي جو بايدن إلى رئاسة الولايات المتحدة والحاجة إلى اللقاحات دفع الرئيس البرازيلي لتغيير رأيه، ومن هذا المنطلق، قد يكون لدى هواوي حصة من قطعة كعك إحدى شبكات الهاتف المحمول الأكثر نجاحا في أميركا اللاتينية.

وأبرزت الصحيفة أن "بكين تعزز إستراتيجيتها من خلال قدرتها على تصنيع اللقاح، رغم أن التطعيم داخل الحدود الصينية ليس بالضبط من بين أعلى المستويات عالميا، في الواقع لقد تم تلقيح 11 جرعة فقط لكل 100 نسمة، أقل من أي بلد في الاتحاد الأوروبي".

وأفادت بأن "روسيا اختارت أيضا دبلوماسية اللقاحات مثل الدبلوماسية الصينية، رغم أنها أقل انتشارا، وقد جازفت بهذه الخطوة على رغم أن نسبة التطعيم فيها أقل بالنسبة لكل مائة ساكن، فضلا عن انخفاض قدرتها الإنتاجية، وفي جميع الأحوال، يستخدم سبوتنيك 5 في 23 دولة، في العديد منها بشكل حصري".

هذا هو حال فنزويلا أو الجزائر أو إيران، كل هذه الدول تتمتع بعلاقة قوية مع موسكو، وموارد طاقة مهمة، ولا تستخدم سوى "سبوتنيك 5"، توضح "الإسبانيول".

في هذا السياق، قال الباحث سولير إي ليتشا: "من خلال اللقاح، تدعي روسيا أنها قوة عالمية، وهذا يفسر، على سبيل المثال، سبب نشاطها بشكل خاص في أميركا اللاتينية، وهي قارة نائية جغرافيا اعتبرتها الولايات المتحدة فناءها الخلفي".

وأضاف المحلل: "مرة أخرى، تعمق روسيا وتعزز إستراتيجيتها في الاتجاه السابق، لأنه قبل الوباء، كانت بالفعل داعما حاسما لنيكولاس مادورو في فنزويلا، في الآن ذاته، فإن محاولة تقسيم الشركاء الأوروبيين مألوفة أيضا بالنسبة لموسكو؛ ففي السابق كان الغاز، واليوم اللقاحات".

وأشارت الصحيفة إلى أن "دبلوماسية اللقاحات الروسية واجهت عقبة تتمثل أساسا في محدودية القدرة على التصنيع، وعموما، تفتقر موسكو إلى العديد من منشآت تصنيع لتتمكن من السير على خطى الصين في الاستفادة من اللقاحات وتحديد ملامح النظام العالمي الجديد وفقا لعقيدتها".

لذلك، تبحث موسكو في جميع أنحاء القارة الأوروبية عن جهات تصنيع مختلفة، من بينها مجموعة "زيندال" الإسبانية، وهي شركة الأدوية الوحيدة في إسبانيا التي تملك القدرة على تصنيع اللقاحات، وهي تفكر حاليا في ذلك.

في الوقت نفسه، تلعب الهند أيضا دورا في دبلوماسية اللقاحات، لكن بطريقة أكثر تحفظا، عموما، تتبرع الدولة، التي تضم بعضا من أكبر مصانع الأدوية واللقاحات في العالم، بجرعات للبلدان المجاورة ودول صغيرة أخرى.

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول: "يبقى أن نرى ما إذا كانت ملامح العالم الجديد، بعد أكبر حملة تطعيم في تاريخ البشرية، ستحدد عبر دبلوماسية اللقاح، وفي انتظار حلول سنة 2022 ستكون الإجابة عن هذا التساؤل ممكنة، خاصة وأنه من المتوقع تلاشي الفيروس بحلول هذا التاريخ".