"مناورة دبلوماسية".. موقع إيطالي: لهذا تتجنب ألمانيا أي خلاف مع تركيا

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع إيطالي أن العلاقات بين برلين وروما لا تتوقف عند الصناعة وآليات بروكسل الجامدة، وإنما تمتد إلى مسرح مهم لمصالح كلا البلدين، سواحل شمال إفريقيا وشرق البحر الأبيض المتوسط.

وقال موقع "إنسايد أوفر" إن "أهمية المنطقة بالنسبة لألمانيا اتضحت باختيارها عقد مؤتمر حول ليبيا في يناير/كانون الثاني 2020 ببرلين بعد أن عقد المؤتمر الأول بباليرمو الإيطالية عام 2018". 

وأوضح أن "استضافة قمة رفيعة المستوى بشأن أزمة يعني الاضطلاع (أو رغبة) بدور قيادي في إدارة وحل أزمة أو مسألة معينة"، وفي تلك المناسبة "كان من الواضح للجميع أن النية الألمانية اتجهت نحو الاستحواذ على دور إيطاليا في إدارة مرحلة الانتقال الليبي". 

وبحسب الموقع، "أسعدت هذه الخطوة فرنسا أيضا، التي طالما كانت حريصة على منع روما من انتزاع أدوار قوية في الصراع الذي يعيشه شريك إيطاليا الرئيس في شمال إفريقيا".

مناورة دبلوماسية

ولفت إلى أنه "من الواضح أن ألمانيا لا تمتلك نفس حجم مصالح إيطاليا في ليبيا على عكس روما، تفصل مسافات بآلاف الكيلومترات برلين عن بلدان أخرى كما أنها بحالة من الانفصال المنهجي فيما يتعلق بطرابلس والأراضي الليبية".

واستدرك قائلا: "إلا أن الرسالة التي أطلقتها من انعقاد المؤتمر كانت واضحة للغاية: ألمانيا ترغب في الحضور بشمال إفريقيا وعدم ترك مساحة كبيرة لشركائها الأوروبيين".

وعلى جانب آخر، أشار الموقع إلى أن "الفصل التالي من الإستراتيجية الألمانية يمر عبر المياه الساخنة لشرق المتوسط ويتعلق بالنزاع اليوناني التركي حول التنقيب عن الغاز".

وتركز الاهتمام حول هذه المسألة على قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إرسال سفن وطائرات حربية إلى بحر إيجة؛ لـ"استعراض عضلاته ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ولتحدي أنقرة بالانحياز علنا إلى أثينا من خلال تقديم الدعم العسكري والسياسي".

من جهتها، بدأت برلين مناورتها الدبلوماسية لوضع حد للتصعيد ودون الانحياز علنا إلى جانب أو آخر.

ويفسر "إنسايد أوفر" خيار برلين لعب دور الوسيط من كونه ينبع من المصالح الإستراتيجية الألمانية في المنطقة: اليونان وتركيا شريكان مهمان للغاية لألمانيا، كما أن المنطقة تعد إحدى المحطات الكبرى للصناعة الألمانية على البحر المتوسط. 

وهكذا سعت المستشارة أنغيلا ميركل من خلال وزير خارجيتها هيكو ماس إلى التوصل لاتفاق بين الطرفين المتنازعين، وقد حظيت هذه الخطوة بثناء الأتراك خاصة، وهو ما يؤكده تصريح وزير الدفاع خلوصي أكار لصحيفة "هاندلسبلات" الألمانية بأن أنقرة تعتمد في المقام الأول على برلين: "ألمانيا هي أحد أهم حلفائنا في الهندسة الأمنية الأوروبية".

واعتبر الموقع الإيطالي أن "هذه الرسالة المليئة بالمقاصد، تؤكد أن المحاور المميز لتركيا في أوروبا لا يزال ألمانيا على ضوء العلاقات الإستراتيجية ذات الأهمية الأساسية بين البلدين، وهو في نفس الوقت تحذير موجه لإيطاليا".

سياسة حازمة

وفي هذا السياق، دعا الموقع الإيطالي روما إلى "ضرورة مراقبة التحركات الألمانية بحذر شديد، لاسيما وأن مصالح برلين في شرق المتوسط ​​وليبيا أهم بكثير مما يظنه كثيرون". 

ويتجلى ذلك من خلال تكثف الاتصالات التركية الألمانية، بينما دخلت ليبيا في مرمى النيران الألمانية بفضل المصالح الاقتصادية في إعادة الإعمار وإنتاج الطاقة، وفق الموقع الإيطالي. 

كما أن عودة وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو إلى طرابلس، للقاء المسؤولين الليبيين في جولة ثانية من المحادثات بحضور الوزيرين الألماني والفرنسي أيضا، تشير إلى أن برلين مهتمة بتجنب تحقيق إيطاليا خطوات إلى الأمام على المسرح الليبي خاصة وأن منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​تتمتع بأهمية كبيرة للصناعة الألمانية.

وأكد الموقع الإيطالي أن "المرحلة ليست مثالية بالنسبة لألمانيا خصوصا وأن زيارة رئيس وزراء إيطاليا ماريو دراغي التي أعقبت زيارة وزير الخارجية دي مايو، أكدت أن المسألة الليبية تعتبر أولوية لدى روما". 

من جانبها، تعتبر طرابلس الشركات والحكومة الإيطالية شركاء أساسيين في كل من عملية الانتقال الديمقراطي ومسألة إعادة الإعمار. 

وأردف الموقع بالقول إن "هذا ما أكده أيضا لقاء دراغي بنظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في طرابلس، بالإضافة إلى التصريحات النارية الموجهة إلى الرئيس التركي في مؤتمر صحفي جاء بعد أيام قليلة من اتصال هاتفي بين الزعيمين".

كما تساند الولايات المتحدة النهج الإيطالي الجديد بقيادة دراغي بهدف تعزيز دور حلف الشمال الأطلسي في المنطقة.

وقال الموقع: إن "إيطاليا قامت بتوضيح دورها في اللعبة الكبرى في المتوسط، لكن هذا لا ينبغي أن يقود إلى الاعتقاد بأن كل شيء يسير وفق ما خطط له؛ نظرا لوجود أطراف أخرى فاعلة". 

من جهتها، استغلت فرنسا السياسة الحازمة التركية لتثبت نفسها كمحاور متميز مع اليونانيين والقبارصة في الاتحاد الأوروبي، كما تربطها علاقات قوية مع مصر ولبنان وقبرص. 

ورغم فشل رهانها على دعم الجنرال الانقلابي الليبي خليفة حفتر، إلا أنها تمكنت من وضع أكثر من قدم في المنطقة، وهو ما منع إيطاليا من المناورة بمفردها في طرابلس، يوضح "إنسايد أوفر".

وفيما يتعلق بمحور باريس-برلين، شدد الموقع على أنه "لا ينبغي الاستهانة بألمانيا، التي عبرت منذ فترة عن اهتمامها بليبيا وشرق المتوسط ​​وسوق الحرب في الشرق الأوسط والأزمة في منطقة الساحل". 

وخلص الموقع إلى القول إن "صمت ميركل تجاه أزمة الكرسي التي تخللت زيارة وفد الاتحاد الأوروبي في أنقرة، يشير إلى أن المستشارة تسعى إلى تجنب وقوع خلاف مع تركيا، وإلى أن تكون شريكا في ليبيا لكل من الأتراك وخصوم أنقرة وهو ما يتضح من كلمات أكار".