التحالف القوي بين الإمارات وإسرائيل.. كيف يهدد مستقبل قناة السويس؟

محمد النعامي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تسارع الإمارات الخطى نحو تطوير شراكاتها السياسية والاقتصادية مع إسرائيل، إذ أبرمت منذ توقيع اتفاق التطبيع في سبتمبر/أيلول 2020، عددا كبيرا من الاتفاقات في شتى المجالات، وهو ما بات يمثل تحالفا إستراتيجيا بين الجانبين.

بعد أن ضربت جائحة كورونا الاقتصاد الإسرائيلي بشدة مخلفة خسائر شهرية بالمليارات ومسببة بطالة بلغت 18 بالمئة، حسب التقرير الحكومي الإسرائيلي للعام 2020، خصصت الإمارات حزمة مشاريع اقتصادية ضخمة شكلت أساس البرنامج الاقتصادي لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.

وكان من اللافت في الأمر أن جزءا من هذه المشاريع ستؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد المصري، لا سيما قناة السويس.

دعم لا محدود

في مارس/آذار 2021، أعلن نتنياهو أن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد "تطوع" باستثمار 40 مليون شيكل (12 مليون دولار) في إسرائيل، وأنه "يريد أن يكون شريكا في مشاريع من شأنها تعزيز اقتصادنا بعد جائحة كورونا".

وأشار إلى أنه اتفق أيضا مع ابن زايد على تنظيم زيارة إلى الإمارات في القريب العاجل والدفع نحو اتفاق حول اعتماد "جواز سفر أخضر بين الدولتين".

ومن جانبه، قال الدكتور حاتم أبو زايدة إن العلاقات الإماراتية الإسرائيلية الممتدة على مدار عقدين والتي وصلت مؤخرا مرحلة التطبيع العلني الشامل تدعم دولة الاحتلال في كل المجالات وخصوصا الاقتصادية.

إذ عبر نتنياهو أن اتحاد المال الإماراتي والعقل الإسرائيلي سينتج الكثير "وفي هذا التصريح إهانة واضحة للإماراتيين  ومع ذلك يستمر الدعم الإماراتي غير المحدود للاحتلال".

وأضاف في حديث لـ "الاستقلال": "توفر الإمارات الآن موازنات ضخمة لمشاريع إستراتيجية مع الاحتلال عدا عن آخر دعم لاقتصاد الاحتلال والبالغ 10 مليارات دولار".

 بجانب هذا، يرى أن أبوظبي "تحولت إلى بوابة تجارية وتسويقية لمنتجات الاحتلال، حتى منتجات المستوطنات التي ترفض أوروبا تسويقها، والأمر لا يتوقف هنا بل تمثل الإمارات مركز توزيع لهذه البضائع لكل أنحاء الخليج وهو ما يعتبر التفافا على سياسات مقاومة التطبيع المعلنة".

وأكد أبو زايدة على أن التحالف الإماراتي الإسرائيلي لم يقف عند حاجز الأمن والاقتصاد بل تعداهما لتولي الإمارات دورا ترويجيا للتطبيع وسياساته الإعلامية.

 فبعد الدور الذي لعبته في تطبيع المغرب والسودان وممارستها ضغوطا على دول أخرى كباكستان فإنها "باتت تنتهج سياسات إعلامية واضحة لبث الدعاية الصهيونية وتلميع صورة الكيان الصهيوني الملطخة بالدماء وتصويرها كدولة تعايش وسلام".

 

وأعادت حادثة جنوح السفينة الضخمة إيفر غرين في قناة السويس خلال مارس/آذار، إلى الواجهة مشروع قناة السويس الإسرائيلية أو ما يعرف بقناة بن غوريون، والتي أعلن عن مخططها عام 2015.

 

وتدلل المشاريع التي تمولها الإمارات في إسرائيل وموانئها على البحرين الأحمر والمتوسط على أنه قد تكون بدأت خطوات إنشاء مشروع قناة السويس الإسرائيلية وهو ما كشفته وسائل إعلام عبرية. 

وحسب ما ذكرته القناة العبرية الثانية، فإن المشروع يهدف إلى أن تربط القناة الجديدة بين البحرين الأحمر والمتوسط، حيث ساعدت اتفاقية نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير للسعودية في تحول ممر تيران إلى ممر دولي.

ومن بين المشاريع الإماراتية الإسرائيلية المشتركة التي ستمثل تهديدا لقناة السويس مشروع تدشين خطة سكة حديد يربط ميناء حيفا المحتلة بأبو ظبي، والذي سيقلص  من حجم البضائع التي ستمر عبر القناة.

وكشف رئيس المجلس الاقتصادي في ديوان الحكومة الإسرائيلية آفي سمحون، نهاية مارس/آذار أن الإمارات معنية بالإسهام في تدشين ميناء عميق المياه في إيلات. وشدد على أن هذا المشروع سيمنح إسرائيل بوابة مائية في الجنوب، مشددا على أن له عوائد اقتصادية وسياسية كبيرة جدا.

ونوه إلى أن هذا المشروع سيمكن إسرائيل من استخدام الميناء القائم حاليا في زيادة المساحة الممنوحة للسياحة. كما أوضح سمحون أن تل أبيب وأبو ظبي تدرسان تدشين خط سكة حديد يفترض أن يمر في الأردن والسعودية. 

وأوضح أن ما يعزز فرص تنفيذ المشروع حقيقة أن معظم هذا الخط قائم حاليا وينقصه فقط تدشين 200-300 كلم متر في الأردن، مشددا على أن إنجازه سيسمح بنقل البضائع من إسرائيل إلى الإمارات في غضون يوم أو يومين، وذلك بخلاف النقل عبر الحاويات الذي يستغرق 12 يوما.

مستقبل مظلم

من ناحيته، قال الخبير في الشأن الصهيوني الدكتور صالح النعامي إن الترويج لمشروع قناة السويس الإسرائيلية عاد إلى الواجهة بعد أزمة قناة السويس بوصفه بديلا عنها، وهو الأمر الذي لوح به الاحتلال كثيرا منذ سنوات وقبل ظهور أية مشاكل تتعلق بعمل القناة.

إذ نشرت صحيفة جيروزليم بوست الإسرائيلية في 2015 مخططا حول ما أسمته (قناة سويس إسرائيلية) رغم أن العلاقة مع نظام عبد الفتاح السيسي كانت في أوجها. 

وقد تضمن المخطط تحويل ميناء إيلات لمركز لنقل البضائع والوقود الذي يمر عبر البحر الأحمر إلى حوض البحر المتوسط ومن هناك إلى أوروبا.

وأضاف النعامي في حديث لـ "الاستقلال"":" كانت هناك تحديات في وجه المشروع أولها كان ضرورة وجود دول وجهات مستعدة للتعاون مع هذا الممر الجديد واستخدامه بشكل أساسي، إلى جانب أن التحدي الأكبر هو تمويل هذا المشروع".

إذ يتطلب المشروع تحويل إيلات إلى ميناء مياه عميقة، وبداية هذا المشروع اقتربت من التنفيذ حسبما كشفته جيروزلم بوست مارس/آذار عن تفاهمات إماراتية إسرائيلية بمساهمة أميركية.

وحسب النعامي، فإن هذا المشروع سيضر بشكل محوري بدور قناة السويس وكذلك سيوجه ضربة للموانئ المصرية الموجودة على القناة وسيلغي دور ميناء العقبة الأردني. 

 وقد وقعت الإمارات وإسرائيل على اتفاق ينص على نقل  النفط الإماراتي عبر البحر الأحمر ومن ثم إلى إيلات ومن هناك يتم ضخه من خلال أنبوب إيلات – عسقلان ومن ثم إلى أوروبا.

وأكد النعامي أنه من الغريب صمت نظام السيسي على ما يحصل من مخططات تضر بمكانة قناة السويس وموانئها التي تشكل مصدر تمويل أساسي لمصر.

 وبالرغم من ذلك لم تحتج مصر بل تواصل التعاون على كافة المستويات مع دولة الاحتلال، وكذلك الأمر مع الإمارات التي تعتبر حليفا للنظام المصري.

ويتوقع خبراء إسرائيليون بأن تجني قناة السويس الإسرائيلية المزعومة مداخيل سنوية بقيمة 6 مليارات دولار، وأنه في حال تنفيذ هذا المشروع فإن مدخول مصر من قناة السويس سينخفض إلى 4 مليارات سنويا.

ومن جانبه قال الباحث الاقتصادي محمود أبو مهادي في حديث لـ "الاستقلال" إنه في حال تم تدشين قناة بن غوريون أو السويس الإسرائيلية فهذا الأمر "سيصاحبه ضربة كبيرة للاقتصاد المصري".

إذ سيدفع وجود قناة منافسة مصر لتخفيض تكلفة عبور السفن  وتطوير القناة بشكل مستمر لترقى إلى مستوى المنافسة المتوقع، وفق قوله.

مع الأخذ بالاعتبار العلاقات الإسرائيلية المميزة بالغرب والتي قد تلعب دورا بدعم قناة تل أبيب وتوقيع عقود بمميزات كبيرة مع الغرب كما هو حاصل في اتفاقيات تصدير المزروعات والبضائع مع الاتحاد الأوروبي والتي كان الغرض الأساسي منها دعم الاقتصادي الإسرائيلي.

وأضاف: "في حال تم إنشاء القناة الإسرائيلية ستفقد مصر أقوى ورقة للتأثير على الاقتصاد العالمي وهي قناة السويس والتي يمر من خلالها 40 بالمئة من بضائع العالم، منوها إلى أنه بعد  جنوح سفينة "إيفر غيفن" تضرر الاقتصاد العالمي وازدادت أسعار البترول، ولكن مع القناة الجديدة سيكون هناك دائما بديل منافس.

وأوضح ابو مهادي أن قناة السويس تشغل آلاف العمال المصريين وتورد ما يقارب من 5.6 مليار دولار للموازنة المصرية سنويا وهو ما يكشف الأهمية الاقتصادية للقناة عدا عن أهميتها السياسية التي دفعت مصر لتأميمها عام 1956 وحينها واجهت العدوان الثلاثي من إسرائيل وبريطانيا وفرنسا.