انتخابات فرنسا.. لماذا يتوقع فوز زعيمة اليمين المتطرف على ماكرون؟

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة لافانغوارديا الإسبانية إن قصر الإليزيه الفرنسي يملك الكثير من الأسباب للاستياء وعدم الارتياح من زعيمة اليمين المتطرف في باريس مارين لوبان. 

في واقع الأمر، ما كان يبدو مستحيلا حتى سنوات قليلة مضت أصبح في التحول تدريجيا إلى واقع لا يمكن إنكاره.

وعلى وجه الخصوص، اكتسب اليمين المتطرف الفرنسي مكانة لا يستهان بها بين شريحة رئيسة من الناخبين، وتحديدا الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاما.

فهذه الشريحة يعتبرها التجمع الوطني (الجبهة الوطنية سابقا) خيار التصويت الأول، بينما يفقد إيمانويل ماكرون دعمها في الانتخابات.

استطلاعات جديدة

وبحسب العديد من استطلاعات الرأي التي نشرتها صحيفة لوموند، بعد أن كان التصويت لليمين المتطرف من المحرمات، أصبحت هذه القطيعة آخذة في التراجع أكثر فأكثر، خاصة بين الأجيال الشابة التي لا تزال ذاكرتها التاريخية قصيرة. 

بالنسبة لهم، فإن الانفعالات الفلسفية أو المعادية لمجموعات أو أخرى التي تبناها سابقا جان ماري لوبان، والد الزعيمة الحالية للحزب اليميني المتطرف، هي أشياء من الماضي، وبعيدة للغاية. 

ونوهت الصحيفة بأن هناك أسبابا أخرى مهيمنة، تتحكم فيهم عند التوجه نحو صناديق الاقتراع. في الحقيقة، يشعر الكثيرون بخيبة أمل تجاه ماكرون بسبب السياسة الاقتصادية التي يرون أنها ليبرالية مفرطة. 

كما أصبح الشباب خائفون وقلقون تجاه مستقبلهم، ومن انعدام الأمن الوظيفي، ومن صعوبة الحصول على منزل. 

وكان لأزمة كورونا تأثير كامل عليهم، على مستوى المهني والشخصي. ويشعر الشباب الفرنسي أن مستواهم المعيشي سيتدهور مقارنة بالمستوى المعيشي الذي وصل له الجيل السابق.

أوردت الصحيفة أن 29 بالمئة من الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاما أيدوا توجه ماكرون في عام 2017 عبر صناديق الاقتراع. أما الآن، أصبح 20 بالمئة فقط مستعدون لفعل ذلك. 

في المقابل، ارتفعت نية التصويت لـ "لوبان" من 23 إلى 29 بالمئة، ويعني ذلك انعكاسا للاتجاه، لصالح اليمين المتطرف، قد يكون حاسما في الانتخابات الرئاسية في ربيع عام 2022. 

ونقلت الصحيفة أنه من ناحية أخرى، من بين الأصغر سنا - الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عاما - سيحصل ماكرون على 29 بالمئة من الأصوات - بزيادة تسع نقاط مقارنة بسنة 2017 - بينما لا يزال الدعم للوبان مستقرا عند حوالي 20 بالمئة.   

مع ذلك، تحذر استطلاعات الرأي من أن الامتناع بين الأصغر سنا يكون أعلى من الامتناع عن التصويت بين الشباب في الثلاثين من العمر.

 لذلك، وبالنظر إلى أن المجموعة الثانية أكثر عددا، يكون المستفيد هو زعيم اليمين المتطرف. 

لكن، من المثير للاهتمام أن دعم جان لوك ميلينشون (من اليسار الراديكالي) بين الشباب آخذ في الانخفاض وأن الدعم لدعاة حماية البيئة آخذ في الارتفاع. 

وفي جميع الأحوال، يوجد عدد أكبر من مؤيدي اليمين المتطرف بين الشباب غير الحاصلين على شهادة جامعية أكثر من أولئك الحاصلين على دبلوم عالي، على الرغم من أن الفارق يتلاشى.

ماكرون يتراجع

وأضافت الصحيفة أن الطبقة الاجتماعية الأكثر ملاءمة لليمين المتطرف، والتي تدعمها بحوالي 34 بالمئة من نية التصويت، هي فئة السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و64 عاما.

 أي الجيل الذي يخشى تدهور ظروف تقاعدهم والعبء الذي يفرضه، في حالات عديدة، رعاية والديهم الذين هم في كفالتهم.

ونقلت الصحيفة أن جزءا مهما آخر من البيانات التي كشفتها استطلاعات الرأي يتمثل في أن غالبية ناخبي لوبان ليسوا "من المحتجين ضد الأحزاب الأخرى"، ولكنهم يشاركون في الفرضيات والفلسفة الأساسية للحزب اليميني المتطرف. 

عموما، هم فئة تنتقد بشدة عواقب العولمة، وتشعر بأنها غير محمية وتعتقد أن الهجرة والتعددية الثقافية تشكل تهديدا لها.

وأوردت الصحيفة أن حزب لوبان راهن منذ فترة على الناخب الشاب. في انتخابات 2019 الأوروبية، كان من المفاجئ أن يقدم الحزب جوردان بارديلا، الذي كان يبلغ من العمر 23 عاما، على رأس القائمة.

 أما اليوم، فهو بالفعل نائب الرئيس لهذا الحزب السياسي. وفي جميع الأحوال، تبين أن الرهان على بارديلا كان ناجحا. 

كما فازت قائمته بنسبة 23.3 بالمئة من الأصوات، متقدمة على قائمة "الجمهورية إلى الأمام"، حزب ماكرون.

وأفادت الصحيفة بأن بارديلا كان هو المرشح بينما اتجه لويس أليوت- الشريك السابق للوبان - إلى ستراسبورغ للتركيز على النضال من أجل رئاسة بلدية بربينيان، والذي فاز بها أخيرا، في محاولته الثالثة خلال 12 عاما. 

يعد كل من بارديلا وأليوت وجهان لإستراتيجية الفوز لحزب التجمع الوطني. عموما، يساعد الأول على جمع أصوات الشباب؛ ويجسد الثاني الجهد الممنوح لتوسيع القاعدة الانتخابية لليمين المتطرف نحو قطاعات محافظة أكثر اعتدالا متعاطفين مع قوى أخرى. 

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا المزيج خطير على ماكرون. وعلى وجه الخصوص، كان يعتقد دائما أن مواجهة لوبان تفيده، لأنه في الجولة الثانية، سيؤدي الخوف من اليمين المتطرف إلى حشد الأصوات حول الرئيس. لكن، يصبح هذا التقدير أقل قوة مع مرور الوقت.

وأوردت أن مارين لوبان تريد إظهار قوتها حين تتاح لها الفرصة. وفي مقابلة مع تلفزيون بي إف إم، قالت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي: "أعتقد أنني سأفوز في الانتخابات الرئاسية". 

بشكل عام، فإن إظهار الثقة بالنفس ليس خدعة من لوبان؛ فهناك ما يبررها من خلال استطلاعات الرأي الإيجابية والشعور المتزايد بأن إيمانويل ماكرون ضعيف.

ونقلت لافانغوارديا عن مصدر على صلة جيدة بالنخبة السياسية الفرنسية أن "ماكرون يشعر بأن نهايته ستكون على يد لوبان". ويضيف المحاور: "لا أحد يعتقد أنه من المستحيل أن تفوز لوبان". 

في نفس السياق، يقول مسؤول كبير في البلدية في ضاحية برجوازية غربي باريس: "لا يمكن استبعاد ألا يصل ماكرون إلى الدور الثاني".

وبينت الصحيفة أن آراء مثل هذه أصبحت أكثر شيوعا. وفقا لاستطلاعين أجريا مؤخرا، من معهد إيبسوس وهاريس، فإن رئيس التجمع الوطني سيفوز بنسبة 46 و47 بالمئة من الأصوات، على التوالي، في جولة ثانية محتملة ضد ماكرون في مايو/أيار سنة 2022.