علي مطهري.. مرشح رئاسي إيراني يتعهد بتحسين العلاقة مع السعودية وأميركا

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

لطالما اعتبر السياسي الإيراني علي مطهري، من أكثر الشخصيات المتمردة على المنظومة السياسية والعسكرية وحتى الدينية في بلاده، من خلال انتقاداته المتكررة تجاه قضايا حساسة طالت حتى المرشد علي خامنئي، والحرس الثوري، متجاوزا بذلك "الخطوط الحمراء".

علي مطهري الذي غالبا ما تثير تصريحاته الجدل في الأوساط السياسية والشعبية، أحد المرشحين البارزين في الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقرر إجراؤها في يونيو/ حزيران 2021، ولديه سياسته الخارجية الخاصة التي ينوي تطبيقها في حال انتخب رئيسا للبلاد.

سياسته الخارجية

آخر التصريحات المثيرة للجدل التي طرحها علي مطهري، كانت خلال كلمة انتخابية ألقاها في 3 أبريل/ نيسان 2021، قال فيها إن من مصلحة بلاده إقامة علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة الأميركية التي تعتبرها طهران أكبر عدو و"الشيطان الأكبر".

وقال مطهري: "بإمكاننا أن نتمتع بلوبي قوي داخل الكونغرس الأميركي لو أصبحت علاقاتنا اعتيادية". وتابع: "الأصل عند البعض في الداخل هو الوقوف بوجه أميركا حتى تدميرها. نحن ارتكبنا الكثير من الأخطاء في العلاقة مع واشنطن. لو أصبحت رئيسا للجمهورية سأحسن العلاقات مع أميركا".

وبخصوص التوترات مع السعودية، فقد وصف علي مطهري مهاجمة سفارة الرياض في طهران بـ"العملية البشعة"، والتي جرى على إثرها قطع العلاقة بين البلدين منذ عام 2016.

وخلال مقابلة مع صحيفة "خراسان" الإيرانية في 13 مارس/آذار 2021، قال مطهري: "كان يجب أن نجعل الدول العربية والإسلامية أصدقاء لنا، ولقد قمنا بأشياء بشعة مثل مهاجمة السفارة السعودية".

ولفت إلى أن "علاقتنا بالدول المجاورة نقطة ضعيفة للغاية، إذ لا توجد لدينا علاقات جيدة مع الدول الإسلامية، وقمنا ببناء جزيرة بأنفسنا ونعمل فقط مع حزب الله و(حركة المقاومة الإسلامية) حماس".

وأوضح مطهري: "يجب حشد العالم الإسلامي ضد إسرائيل، لأن تحرير فلسطين يتحقق بالوحدة الإسلامية وليس بالقيام به وحدنا، لأن ذلك يتسبب بالضغط على شعبنا"، مشيرا إلى أن "سياستنا الخارجية في السنوات السبع أو الثمانية الماضية تجاه دول الجوار العربية والإسلامية لم تكن جيدة وليست كما ينبغي".

وقبل ذلك، انتقد مطهري، معاداة إيران للعالم العربي، بالقول: إن مشكلة إيران مع الولايات المتحدة وإسرائيل فقط، وكان لا بد من جذب الدول العربية "لا تهديدها بالصواريخ". 

وقال مطهري خلال تصريح في 13 فبراير/ شباط 2021، إن "مشكلتنا كلها مع الولايات المتحدة وإسرائيل ولا توجد مشكلة لدينا مع فرنسا وبريطانيا، كان يجب أن نجتذب دولا عربية بدلا من تهديدها بالصواريخ".

وأضاف: "لو كانت لدينا سياسة، فإن علاقاتنا مع السعودية يمكن أن تكون مثل عهد (الرئيس الأسبق الراحل) هاشمي رفسنجاني"، لافتا إلى أن "أحد أبواب التأثير على العالم هو التواصل مع الولايات المتحدة مع الحفاظ على القضية الفلسطينية، يجب علينا توسيع علاقاتنا". 

وتابع مطهري، قائلا: "إسرائيل تريد تدميرنا لكن الولايات المتحدة لا تريد ذلك، علينا العمل مع واشنطن خطوة بخطوة"، متسائلا: "لماذا تكون علاقتنا مع مصر مقطوعة؟".

كما انتقد مطهري في الثاني من أغسطس/آب 2020، صمت السلطات في بلاده تجاه قمع السلطات الصينية، وحجم الانتهاكات التي ترتكبها بحق مسلمي الإيغور الذين يعيشون في إقليم شينجيانغ، مشيرا إلى أن صمت إيران بسبب مصالح اقتصادية.

وكتب مطهري تغريدة عبر حسابه الرسمي على "تويتر" قال فيها: "تحتج الولايات المتحدة على معاملة الصين للمسلمين واضطهادهم في منطقة شينجيانغ من أجل القضاء التام على الثقافة الإسلامية في تلك المنطقة، لكن إيران ظلت صامتة بسبب حاجتها الاقتصادية".

وقال أيضا في تغريدة أخرى، إنه "بصرف النظر عن مضمون وثيقة التعاون بين إيران والصين التي سوف تستمر 25 عاما، وقبل التوقيع عليها، يجب تحديد مصير مليوني مسلم صيني يتعرضون للتعذيب في معسكرات الاعتقال؛ للتخلي عن دينهم وثقافتهم ومساجدهم".

ونقلت هيئة الإذاعة الألمانية (دويتشه فيله) - النسخة الفارسية، عن مطهري في الثاني من أغسطس/آب 2020 وهو يخاطب المسؤولين في بلاده بسبب مزاعم دفاعهم عن المسلمين في اليمن أو فلسطين، قائلا: "ولا يختلف المسلمون الصينيون عن المسلمين اليمنيين أو الفلسطينيين".

مرشح رئاسي

برز اسم علي مطهري من ضمن المحسوبين على تيار الإصلاح، وأعلن في 25 أغسطس/آب 2020، أنه قد يخوض الانتخابات الرئاسية، قائلا إن ترشيحه أمر لا يتوقف على الظروف، لكنه في الوقت نفسه لا يستبعد إمكانية الترشح.

مطهري قدم نفسه في السباق الانتخابي على أنه محافظ وإصلاحي سياسي في الشؤون الثقافية، ويقول: إنه اتخذ مواقف كان الأصوليون فيها سعداء أحيانا وكان الإصلاحيون مستائين، "وأنا أكثر ميلا للإصلاحيين في مناقشات مثل حرية التعبير".

وقال مطهري في مؤتمره الصحفي لإعلان ترشحه رسميا في 25  فبراير/ شباط 2021، إن "قراره بترشحه للانتخابات الرئاسية جاء بعد النظر في الأوضاع التي تمر بها إيران".

وأضاف أنه "يشعر بالقدرة على ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية"، داعيا جميع الذين يرون في نفسهم القدرة على الترشح بخوض سباق الانتخابات.

وقال مطهري "أنا أعتبر نفسي الشخص المناسب لإدارة البلاد، وأعتقد أنه من أجل تشجيع الناس على المشاركة يجب على أي شخص يرى هذه القدرة في نفسه أن يقدم برنامجه".

وطالب السياسي والنائب الإيراني السابق المقرب من معسكر الإصلاحيين، جميع القوى السياسية بعدم مقاطعة الانتخابات الرئاسية، مشددا على ضرورة أن يقوم مجلس صيانة الدستور بالموافقة على أي مرشح يقبل الدستور الإيراني.

ولد علي مطهري في عام 1956 في طهران، وهو حاصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة طهران حيث ما زال يدرّس. دخل البرلمان في عام 2008، وهو زعيم حزب "صوت الأمة".

منذ عام 2016 يشغل منصب نائب رئيس مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني. تمثل بعض وجهات نظره كلا المعسكرين، (المحافظين) والإصلاحيين، وقد أثار غضب الأصوليين بسبب انتقاده لسياساتهم.

كان والده، مرتضى مطهري الذي اغتيل عام 1979، واحدا من أكثر الشخصيات تأثيرا في الدائرة الداخلية لمرشد الثورة الإيرانية السابق روح الله الخميني في الفترة التي سبقت الثورة، إذ كان واحدا من الأيديولوجيين البارزين لإيران، وقبل اغتياله في عام 1979، كان رئيس مجلس قيادة الثورة الإسلامية بتكليف من الخميني.

وعلى مدى السنوات الأربعين الماضية، يتم الاحتفال بوفاته سنويا في الثاني من مايو/ أيار باعتباره يوم المعلم الوطني، ونتيجة لذلك، يعتبر علي مطهري شخصية معروفة ومحترمة في المؤسسة الإيرانية.

وإلى جانب كونه ابن رجل ذي تأثير كبير ويعرف بمواقفه "البطولية"، يرتبط مطهري بعائلة أخرى ذات نفوذ، فهو صهر علي لاريجاني، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي ورئيس مجلس الشورى السابق.

مهاجم شرس

انتقد مطهري الرئيس محمود أحمدي نجاد (2005-2013)، حتى خلال فترة ولايته الأولى عندما دعمه جميع رجال الدين بشكل فعال. وعلى الرغم من أن مطهري أدان الاحتجاجات الجماهيرية التي أعقبت الانتخابات الرئاسية عام 2009، إلا أنه شجب حملة القمع القاسية على المتظاهرين.

وعندما وضع قادة الحركة الخضراء، حسين موسوي، وزهراء رهنورد، ومهدي كروبي، رهن الإقامة الجبرية دون اتباع الإجراءات القانونية، دعا مطهري مرارا وتكرارا إلى منحهم الحرية، مشيرا إلى أن المرشد الأعلى مخطئ بإبقائهم مقيدي الحركة.

وفي حينها، قال على منصة عامة في مدينة مشهد: "لا يمكن لنبي الإسلام نفسه أن يقول إن عقوبة الشخص قاسية، من دون محاكمة أو دفاع، وأن تصدر حكما بدون سماع دفاعهم. لم أكن مقتنعا بهذه الحجة، وما زلت أحث على أن الإقامة الجبرية بدون أمر قضائي هي قمع وإجراء غير عادل".

وعلاوة على ذلك، غالبا ما يردد أنه لو لم يجر اغتيال والده مرتضى مطهري بعد الثورة بوقت قصير، لما كان علي خامنئي قد وصل إلى أعلى منصب في إيران. تعتبر هذه الإشارات إلى المرشد الأعلى حساسة للغاية في مناخ يجري فيه التعامل معه على أنه معصوم من الخطأ.

وانتقد مطهري أيضا الحرس الثوري القوي والمرعب بنفس القدر، قائلا إن "نطاق أنشطة وحدات الاستخبارات للحرس الثوري الإيراني غير مقبول". كما شكك في الدور السياسي والاقتصادي للحرس الثوري الإيراني، الذي أصبح موضوعا حساسا بالنسبة للنظام بشكل متزايد.

وبحسب قوله، إن "تدخل الحرس الثوري الإيراني في العديد من المراكز الانتخابية جاء على شكل دعم جدي للمرشحين، الذين كانوا متوافقين معه".

وبين أن "العديد من المرشحين، بمن فيهم أولئك الذين تم انتخابهم والذين لم يجر انتخابهم، يقبلون هذا الواقع ويعتبر هذا مفسدة للحرس الثوري الإيراني، ومستقبل الثورة الإسلامية، ويتعارض مع توجيهات الإمام الخميني المعروفة (فيما يتعلق بعدم تدخل الجيش بالسياسة)".

وأردف: "واجب حماية المثل العليا للثورة، التي ورد ذكرها في دستور الحرس الثوري الإيراني، لا يعني التدخل في السياسة، بل محاربة الجماعات المسلحة مثل المجاهدين، وجماعة الفرقان، وحزب الحياة الحرة الكردستاني (البيجاك)، الذين حملوا السلاح أثناء تمردهم".

وعلاوة على ذلك، كان معارضا صريحا لحملة القمع ضد الصحفيين والناشطين والفاعلين على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد وصف حسين شريعتمداري رئيس تحرير صحيفة "كيهان ديلي" التي يمتلكها علي خامنئي، بـ"الصديق الأحمق" للمرشد الأعلى.

وتسببت مواقفه العلنية من هذه القضايا في عواقب له، حيث تعرض علي مطهري في السنوات الأخيرة إلى هجمات من جماعات متشددة، واعتداء جسدي في مدينة شيراز في عام 2015.