مجلة إيطالية: "قناة إسطنبول" تثير مخاوف روسيا والغرب.. وهذه الأسباب

12

طباعة

مشاركة

قالت مجلة إيطالية إن تركيا وافقت في 27 مارس/آذار 2021 على خطط لتطوير قناة ضخمة متاخمة لمدينة إسطنبول، وفقا لما أكده وزير البيئة مراد كوروم، وهو ما أثار انتقادات حول تكلفة هذا المشروع وتأثيره على البيئة.

وذكرت مجلة "ستارت" أن هذه الخطوة تأتي بعد عام من إطلاق تركيا لمناقصة أولى بشأن إعادة إعمار جسرين تاريخيين في أكبر مدنها، حيث من المتوقع أن يتم حفر قناة إسطنبول التي يبلغ طولها 45 كيلومترا بدعم من الرئيس رجب طيب أردوغان.

وستصل القناة البحر الأسود في شمال إسطنبول ببحر مرمرة جنوبا وتقدر تكلفتها بنحو 75 مليار ليرة أي ما يعادل 9.2 مليارات دولار.

نسق سريع

من جهتها، تؤكد الحكومة أن القناة ستسهل حركة الملاحة في مضيق البوسفور، أحد أكثر الممرات البحرية ازدحاما في العالم، وستمنع حوادث مماثلة لتلك التي وقعت في قناة السويس منذ أيام.

تاريخيا، أشارت المجلة إلى أن مسألة عبور المضيق شكلت دائما موضوع خلاف دولي، معتبرة أن إنجاز قناة إسطنبول الجديدة قد يقوض اتفاقية مونترو لعام 1936، التي تنظم المرور عبر المضيق، وقد تثير نزاعا بين تركيا وروسيا.

علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي إنجاز المشروع إلى تصاعد التوتر الحالي بين تركيا واليونان وقبرص - الدول التي حدث تقارب كبير بينها وبين إسرائيل في السنوات الأخيرة – وهو ما من شأنه أن يؤثر أيضا على مصالح إسرائيل في شرق البحر المتوسط، وفق تقدير المجلة.

ويذكر أن الرئيس أردوغان عبر عن عزمه منذ عام 2011 على حفر قناة بين البحر الأسود وبحر مرمرة، كممر مائي مواز لمضيق البوسفور.

وفي العام الماضي، اشتد عزمه على تنفيذ المشروع، رغم الانتقادات المتزايدة للخطة، تقول المجلة الإيطالية. 

ولفتت إلى أن فكرة حفر مثل هذه القناة ليست جديدة، وتعود إلى القرن السادس عشر، وأعيد طرحها مؤخرا في بداية التسعينيات.

ونوهت المجلة بأن المسار المستقيم نسبيا للقناة الاصطناعية، مقارنة بالمنحنيات الضيقة لمضيق البوسفور، بمقدوره أن يمنع الحوادث والأضرار التي تلحق بالمدينة والبيئة. 

وأضافت أن إنجاز مجرى إضافي بين البحرين سيسهم أيضا في تقليل حركة الملاحة على مضيق البوسفور، والذي تستخدمه أكثر من 40 ألف سفينة كل عام (أكثر من قناة السويس وقناة بنما مجتمعتين)، وهو رقم تخطط الحكومة التركية إلى زيادته خلال العقود المقبلة. 

علاوة على ذلك، أعلنت الحكومة التركية أنه سيكون لها الحق في فرض رسوم عبور على السفن التي تعبر القناة -وهي ضريبة غير ممكنة في مضيق البوسفور بسبب اتفاقية مونترو (1936)-. 

ويقدر وزير النقل والبنية التحتية التركي، عادل قره إسماعيل أوغلو، إيرادات هذه الرسوم في المرحلة الأولى بنحو مليار دولار سنويا، مضيفا أن هذا المبلغ يمكن أن يرتفع إلى 5 مليارات دولار.

وأوضحت المجلة أن "مشروع قناة إسطنبول يتضمن أيضا بناء مدينة جديدة على ضفافها، تتسع لمليون ساكن وبنى تحتية مختلفة سيتم ربطها بمطار إسطنبول الجديد".

وتشرح أن نية تنفيذ مشروع قناة إسطنبول تعبير واضح عن النسق السريع لتطوير مشاريع في تركيا، ومنذ تولي أردوغان رئاسة الوزراء عام 2003، شيدت بنى تحتية جديدة في جميع أنحاء البلاد وخاصة في إسطنبول".

خاضعة للسيادة

بفضل قناة إسطنبول، يطمح الرئيس التركي إلى تحقيق مكانة كبيرة بين الزعماء الوطنيين، وهذا سيعزز التأييد السياسي لسياساته على المستوى الداخلي، و"بمجرد الانتهاء من إنجاز المشروع، يمكن لأردوغان أن يتباهى بتحقيق نجاح كان يحلم به الكثير من السلاطين ورؤساء الوزراء السابقين"، على حد تعبير المجلة الإيطالية.

وأضافت أن "الهدف من فرض رسوم العبور يعتبر وسيلة يبرز من خلالها أردوغان تفوقه على مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك، الذي أعاد مضيق البوسفور إلى السيادة التركية من خلال اتفاقية مونترو، ولكن بشرط عدم تحصيل أي رسوم عبور للسفن". 

في المقابل، ستكون قناة إسطنبول فور إنجازها خاضعة للسيادة التركية وتدر أرباحا كبيرة لها.

وتعرض المشروع لانتقادات تتعلق بالآثار البيئية للقناة، تشير الدراسات إلى مخاطر مختلفة يمكن أن تنشأ من ربط البحر الأسود ببحر مرمرة، ولا سيما بالنسبة لهذا الأخير. 

بالإضافة إلى ذلك، أكدت المجلة أن أعمال الحفر ستؤدي إلى قطع مئات الآلاف من الأشجار، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم مشكلة تلوث الهواء في إسطنبول. 

وأشارت إلى أن "هناك مخاوف تتعلق بتوفير مياه الشرب خصوصا وأن إقليم تراقيا، الجزء الأوروبي من تركيا، يزود حوالي 40  بالمئة من مياه الشرب لإسطنبول، وسيتعطل التزويد بسبب المشروع وعواقبه، كما يمكن للقناة أن تؤثر سلبا على سكان الشق الأوروبي، خاصة في قطاعي الزراعة وصناعة صيد الأسماك". 

علاوة على ذلك، تحذر المجلة من أن إنشاء حاجز جديد للممر المائي بين إسطنبول وتراقيا سيعقد كلا من حركة قوات الأمن الضرورية للدفاع عن حدود تركيا الأوروبية، وكذلك أنشطة الإغاثة في حالة وقوع كارثة طبيعية في إسطنبول. 

من جهتها، ترى المعارضة "وجود فساد محيط بالمشروع، معتبرة أن خطط إنجازه "وسيلة لتحويل الأموال من ميزانية الدولة إلى أنصار أردوغان من خلال الشركات الخاصة المساهمة في المشروع والتي لها علاقات وثيقة بالحكومة".

وأفادت المجلة بأنه "تم الكشف عن شراء قطعة أرض من المسار المخطط للقناة من  قبل أفراد مقربين من أردوغان وحزب العدالة والتنمية".

فيما يتعلق بالمشاكل المتعلقة بالقانون البحري الدولي، فإن "اتفاقية مونترو" التي تنظم حركة المرور عبر المضيق في أوقات السلم والحرب، أساسية للبلدان الواقعة على طول ساحل البحر الأسود، وفي المقام الأول بالنسبة لروسيا ولهذا السبب يعد مضيق البوسفور بوابة المتوسط. 

وفي هذا الصدد، توضح المجلة أنه "طالما أن تركيا حريصة على احترام روح الاتفاقية فيما يخص قناة إسطنبول، خاصة فيما يتعلق بالقيود المفروضة على مرور السفن الحربية من الدول التي لا تملك ساحلا على البحر الأسود، فلا ينبغي أن يسبب ذلك مشاكل لروسيا". 

واستدركت في الختام بالقول إن "فرض رسوم عبور عبر القناة الجديدة سيرفع من تكلفة نقل البضائع، وهذا الأمر قد يتسبب في عواقب سلبية على الاقتصاد الروسي، لذلك، فإن تشجيع السفن على استخدام القناة الجديدة لتحصيل الرسوم قد يؤدي إلى نزاع بين تركيا وروسيا".