"دخلت التاريخ".. موقع إيطالي: هذه التحديات تواجهها رئيسة تنزانيا الجديدة

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

قال موقع إيطالي إن عملية انتقال سياسي كبيرة تجري في تنزانيا، منوها بأن سامية صلوحي حسن دخلت تاريخ السياسة التنزانية كأول امرأة تعين رئيسا للبلاد، دون أن تخوض انتخابات، وذلك إثر وفاة الرئيس السابق جون ماغوفولي.

وأكد "موقع معهد تحليل العلاقات الدولية" أنه من المهم فهم السياق السياسي الحالي للبلاد للإجابة عن سؤال ما هي التحديات المباشرة التي تواجهها الرئيسة الجديدة المعروفة باسم "ماما سامية"؟

وأشار إلى أن تنزانيا "تعتبر مثالا للسلام والاستقرار في شرق إفريقيا نظرا لعدم تعرضها لنفس التوترات السياسية والاضطرابات الأهلية التي عانت منها العديد من البلدان المجاورة مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية وموزمبيق ورواندا وكينيا وأوغندا".

توافق كبير

وفي هذا الإطار، نوه الموقع الإيطالي بأن أول رئيس للبلاد و"أب الأمة" جوليوس نيريري ركز بصفة أساسية في مشروعه الذي تم تنفيذه فور الاستقلال على بناء الشعور بالوحدة الوطنية. 

وتجلى ذلك من خلال تأسيس مؤسسات سياسية وخدمات مدنية لا تستند إلى التقسيم العرقي النموذجي للقارة الإفريقية: على سبيل المثال، يبرز هذا الجانب في تقاسم السلطة الرئيسية ونشر اللغة السواحلية كلغة وطنية غير استعمارية مما يغذي روح الوحدة التنزانية.

ولفت الموقع إلى أن هذا المشروع الديمقراطي لم يكن مثاليا لا سيما وأن ثورة عام 1964 في زنجبار، والتي أدت إلى قيام جمهورية تنزانيا المتحدة، شكلت حقبة دموية، كما لا تزال العلاقة بين الأرخبيل شبه المستقل والجزء القاري من البلاد تنجاقيا، تتسم بالتوترات العرقية.

علاوة على ذلك، من المهم التأكيد أنه رغم التنصيص على التعددية الحزبية عام 1995، إلا أن الحزب الحاكم تشاما تشا مابيندوزي "الحزب الثوري" باللغة السواحلية، هيمن على البلاد لعقد من الزمان على الأقل واستمر هذا الوضع إلى غاية انتخابات 2015.  

جدير بالذكر أن المعارضة رفضت الاعتراف بنتائج الانتخابات التي أعلنت فوز الرئيس السابق ماغوفولي بنسبة 58 بالمئة من الأصوات وهو ما تسبب في وقوع أعمال شغب، كما تكررت نفس المشاهد في انتخابات 2020 مما تسبب في ارتفاع الانقسامات العرقية داخل البلاد.

وبحسب الموقع الإيطالي، من المهم تسليط الضوء على نقطتين أساسيتين من أجل الحصول على صورة واضحة للإطار السياسي الحالي لتنزانيا الذي يحيط برئيسة البلاد الجديدة.

أولا، ورثت سامية صلوحي حسن للأربع سنوات ونصف القادمة وضعا سياسيا يتسم بالانقسام الشديد جراء تداعيات النشاط السياسي للرئيس التنزاني السابق.

ورغم أن أجندة ماغوفولي في مكافحة الفساد، والتركيز على العمل الجاد، والاستثمارات الكبيرة في القطاع العمومي إلى جانب علاقاته التصادمية مع شركات التعدين متعددة الجنسيات، قد حظيت بثناء جزء من الرأي العام، إلا أن هذه الأهداف رافقها تضييق شديد للفضاء السياسي (سواء في الأماكن العامة أو عبر الإنترنت) بالإضافة إلى تزايد الاستبداد.

ونتيجة لذلك، تفاقمت الانقسامات السياسية العميقة في أعقاب الاتهامات بتزوير الانتخابات التي أجريت في نهاية العام الماضي، وانتهت فاز ماغوفولي بنسبة 84 بالمئة.

وأضاف الموقع أن النقطة الثانية تتعلق بالدعم القوي لماما سامية للأجندة الحكومية وقيامها في عديد المناسبات بتمثيل ماغوفولي في الخارج خلال فترة توليها منصب نائب الرئيس، رغم أنها لم تنكر أبدا الشائعات حول توتر علاقاتها بالرئيس السابق عام 2016. 

وقد سمح لها ذلك بالحصول على توافق كبير واعتراف دبلوماسي من المرجح أن يكون له بالتأكيد آثار إيجابية على دورها المستقبلي في الحياة السياسية التنزانية كرئيسة للبلاد، دور ومسؤولية على غاية كبيرة من الأهمية، وفق الموقع الإيطالي.

أكثر دبلوماسية

من جانبهما، أعرب اثنان من زعماء المعارضة الرئيسية، تندو ليسو وزيتو كابوي، عن أملهما في أن تغير الحكومة مسارها تحت قيادة سامية حسن المعروفة بكونها أكثر دبلوماسية من سلفها.

لذلك يأمل جزء كبير من الرأي العام التنزاني أن "تخفف حكومتها من حدة الخطاب الشعبوي وقمع المعارضة وتقلل أيضا من الممارسات الاستبدادية، إلا أن هذا قد يكون صعبا على المدى القصير، حيث ستحتاج إلى بناء قاعدة سياسية صلبة داخل الحزب الحاكم قبل الشروع في إجراء تغييرات سياسية كبرى"، يشرح الموقع الإيطالي.

وأوضح الموقع أن "من أبرز التحديات الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية التي يتعين على ماما سامية مواجهتها، تحقيق النمو الاقتصادي الذي سجل انخفاضا حادا من 5.8 بالمئة عام 2019 إلى 2 بالمئة في 2020 وهو ما تسبب في فقدان عديد الوظائف في القطاع الرسمي، كما بلغ عدد القابعين تحت خط الفقر مئات الآلاف".

وتابع بأن "احتواء الجائحة ومجابهة آثارها يعد من التحديات المرتبطة أيضا بالأزمة الاقتصادية. وفي هذا الصدد، وُصفت استجابة الرئيس السابق لتفشي الجائحة بالمحزنة والمقلقة خصوصا وأنه لم يتخذ قرارات في فرض تدابير وقائية صارمة للسيطرة على انتشار الوباء مخيرا المصلحة الاقتصادية على حساب صحة السكان".

وفي الوقت الحالي، أدرك الرأي العام التداعيات الخطيرة لهذا النهج في ظل انتشار الوباء في جميع أنحاء البلاد، مما تسبب في تسجيل عدد كبير من الوفيات وبالتالي هناك حاجة ملحة في اتخاذ تدابير لاحتواء العدوى.

ويتوقع الموقع أن يكون لهذا الوضع تأثير اقتصادي كبير خلال عامي 2021 و 2022 لاسيما مع تسجيل انخفاض حاد في الإنتاج وأيضا في الاستهلاك والصادرات.

في هذا الإطار، أكد موقع المعهد أن "الرئيسة الجديدة للبلاد مطالبة بتوجيه اهتمامها فوريا بمكافحة فيروس كورونا في ظل إنكار الرئيس السابق وجود الفيروس في مايو/آيار 2020، وفقط في فبراير/شباط من هذا العام، شجع المسؤولون الحكوميون السكان على ارتداء الأقنعة الواقية". 

وأضاف "رغم ارتفاع عدد الحالات التي تعاني من الأزمات التنفسية الحادة الناجمة عن الإصابة بعدوى الفيروس، إلا أنه لا حديث في الوقت الحالي عن توفير اللقاحات خصوصا وأن إنكار ماغوفولي ونظامه لحقيقة تفشي الجائحة كان له تأثير كبير على الصحة العامة والاستعداد لإطلاق حملات التطعيم". 

لذلك يرى الموقع الإيطالي أن "الأولوية القصوى لسامية حسن يجب أن تكون شراء اللقاحات ثم العمل على إقناع التنزانيين المشككين والرافضين للتلقيح".

عموما، تعيش البلاد بعد 6 سنوات من حكم ماغوفولي استقطابا وانقساما شديدين، ولم تؤد التعامل مع المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية إلا إلى زرع المزيد من الخلاف بين الشعب التنزاني، وزيادة عزلة تنزانيا على الصعيد الدولي، لذلك يمكن لصورة سامية حسن على المستوى العالمي أن تعيد تنزانيا إلى الخريطة الدبلوماسية. 

وختم الموقع مقاله بالقول: "في خطابها الذي ألقته بعد أدائها اليمين الدستورية في 19 مارس/آذار 2021، تحدثت سامية عن الحاجة إلى دفن الخلافات وإظهار التضامن، لذلك، من الواضح أن صدق وعقلانية الرئيسة يمكن أن يكونا أساسيين في دفع تنزانيا نحو حل مشاكلها".