حركة "الشباب" الصومالية.. هل تنفذ تهديداتها ضد أميركا وفرنسا بجيبوتي؟

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة إيطالية أن الدعوة التي أطلقتها حركة "الشباب" الصومالي؛ لاستهداف المصالح الأميركية والفرنسية في جيبوتي، تزيد من التوتر في الدولة الإستراتيجية الصغيرة للقرن الإفريقي، ولكنها لا تشكل عائقا أمام فوز الرئيس الحالي إسماعيل عمر جيلي بولاية خامسة. 

وقالت صحيفة "نيغريسيا" إن "رئيس البلاد قد افتتح الحملة الانتخابية للاستحقاقات البرلمانية والرئاسية المقرر إجراؤها في 9 أبريل/نيسان المقبل، منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي خلال اجتماع للهيئة الحكومية للتنمية (IGAD)، مقرها جيبوتي"، معبرا عن نيته في "مواصلة العمل لتحقيق تطلعات الشباب إلى مستقبل أفضل".

وذكرت أن الرئيس جيلي، البالغ من العمر 73 عاما، يترشح لولاية خامسة بعد أن وصل إلى السلطة من بوابة انتخابات عام 1999. 

في المقابل، لا يتمتع منافسه الوحيد، رجل الأعمال زكريا إسماعيل جعفر، بأي فرصة حقيقية بالفوز في هذه الانتخابات، وفق الصحيفة الإيطالية.

رئاسة مدى الحياة

من جهتها، قاطعت الأحزاب الأخرى الانتخابات، متهمة جيلي بالسعي للرئاسة مدى الحياة، خصوصا وأنه ثاني رئيس يحكم البلاد منذ الاستقلال عن فرنسا في 1977، وقد خلف عمه حسن جوليد أبتيدون أحد قادة الكفاح ضد الاستعمار.

ولفتت الصحيفة إلى أن مساحة المنافسة السياسية في البلاد ضئيلة بشكل عام، لكنها تتقلص أكثر قبل الانتخابات، وخلال الحملة الانتخابية لعام 2016، سقط 27 قتيلا إثر اشتباكات وقعت بين قوات الأمن وأنصار المعارضة. 

لذلك، تؤكد "نيغريسيا" أن المناخ السائد هذه الأيام متوتر نوعا ما، ومن المرجح أن يزيد بسبب تهديدات تنظيم حركة "الشباب" الصومالي.

وأوردت الصحيفة أن زعيم حركة "الشباب"، أحمد عمر ديري، دعا عناصره في فيديو نشر منذ أيام، في جيبوتي إلى استهداف المصالح الفرنسية والأميركية وطالبهم بشكل خاص بتحرير البلاد من القواعد الأجنبية. 

ونوهت بالموقع الجغرافي المتميز للبلاد، الذي يمنحها السيطرة على مضيق باب المندب، المطل على خليج عدن والبحر الأحمر، ما يجعلها تتمتع بأهمية إستراتيجية كبيرة. 

وبفضل هذه الميزة، تستضيف جيبوتي قواعد عسكرية أجنبية عديدة على أراضيها، وبالإضافة إلى الولايات المتحدة وفرنسا، تملك الصين واليابان وبعض الدول الأوروبية وجودا عسكريا هناك، ويبقى الوجود الأميركي والصيني هو الأبرز. 

من جانبها، ركزت الولايات المتحدة على القطاع العسكري متجاوزة فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، بفضل قاعدتها الدائمة الوحيدة بإفريقيا، معسكر ليمونير، حيث تضم ما يقارب 4 آلاف جندي.

وتستغل هذه القاعدة للقيام بعمليات ومهمات عسكرية في دول الشرق الأوسط وشرق إفريقيا خاصة ضد حركة "الشباب" حيث تقلع الطائرات بدون طيار من جيبوتي لتقصف بانتظام قواعد "الشباب" في الصومال، مما يتسبب في كثير من الأحيان في وقوع العديد من الضحايا المدنيين.

تهديد جدي

بدورها، تمتلك الصين أيضا قاعدة عسكرية مهمة في جيبوتي، وهي الأولى على الإطلاق خارج البلاد، ويبدو أن الوجود العسكري الصيني موجه في المقام الأول لحماية الاستثمارات الضخمة في البلاد وفي المنطقة، وفق الصحيفة الإيطالية.

كما قامت بكين بتمويل بناء ميناء "دوراليه"، ويقع على مشارف مدينة جيبوتي، الأكثر تطورا في شرق إفريقيا وأحد أهمها في القارة، ويعد أيضا المنفذ العسكري والتجاري لإثيوبيا التي رغم الصراع الذي اندلع في الأشهر الأخيرة في إقليم تيغراي، لا يزال اقتصادها الأسرع نموا في المنطقة. 

وتابعت الصحيفة بالقول إن "الصين استثمرت في السكك الحديدية التي تربط جيبوتي بأديس أبابا، وأنشأت قناة مياه تنطلق من إثيوبيا وتزود جيبوتي بالمياه، بالإضافة إلى إنجاز مشاريع البنية التحتية في خليج تاجورة شمال البلاد".

وأضافت أن جيبوتي تحظى بأهمية قصوى للمشروع الصيني المعروف باسم "طريق الحرير الجديد"، ومن المقرر أيضا إنشاء أكبر منطقة تجارة حرة في إفريقيا، وقد تم بالفعل افتتاح المرحلة الأولى منها عام 2018.

وذكرت صحيفة "نيغريسيا" أنه وفقا لمصادر مستقلة، يحكم الرئيس الحالي "سيطرته الشديدة على القطاع الاقتصادي ويقوم بتوجيه جميع الاستثمارات الأجنبية بواسطة الفساد المستشري، ومن خلال فروع عائلته المختلفة، يهيمن بشكل خاص على قطاعات البناء واللوجستيات والاتصالات والسياحة".

وأكدت أن القليل جدا من عائدات هذه الاستثمارات تصل إلى السكان، الذين لا يتجاوز عددهم مليون نسمة ويعيش أغلبهم تحت خط الفقر وهو ما يرفع من مستوى الإحباط والاستياء المنتشر على نطاق واسع، خاصة وأن البلاد تعاني حاليا من أزمة انخفاض التجارة بسبب تفشي جائحة كورونا.

ووفقا للتقديرات التي نشرها موقع "Crisis 24" المتخصص في تحليل المخاطر استنادا إلى المعلومات الاستخباراتية، سجلت جيبوتي انخفاضا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.5 بالمئة عام 2020. وعلى وجه الخصوص، تأثرت بشكل لافت قيمة عائدات الضرائب، التي تعتمد إلى حد كبير على أنشطة الموانئ.

وبالتالي، بينت الصحيفة أن دعوة زعيم حركة "الشباب" إلى استهداف المصالح الأجنبية بالبلاد تأتي في خضم أزمة اقتصادية قد تؤدي إلى تفاقم الظروف المعيشية المتدهورة بطبيعتها بالنسبة للطبقات الضعيفة. 

واعتبرت أنه من المثير للاهتمام ملاحظة أن دعوة زعيم التنظيم موجهة إلى "الذئاب المنفردة" المستعدة "لتنفيذ عمليات انتحارية فردية"، كما أن عدم امتلاك التنظيم لقاعدة في البلاد في الوقت الحالي، يجبره على تجنيد "الشباب" ويدعوهم إلى عبور الحدود لتلقي تدريبات على يد صوماليين.

وبحسب "نيغريسيا"، يعود السبب في صعوبة اختراق التنظيم لأراضي جيبوتي إلى وجود قواعد عسكرية أجنبية، مجهزة بكل الوسائل اللازمة لضمان أمنها، والتي تعتمد إلى حد كبير على أمن المنطقة التي توجد فيها.

وخلصت الصحيفة إلى القول بأن "التهديد يبقى جديا خصوصا وأن المتحدث باسم القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا (أفريكوم) كان قد صرح لوكالة (صوت أميركا)، أن حركة الشباب لا تزال تشكل تهديدا للمصالح الأميركية في المنطقة، وهو ما يؤكد أن هذا التهديد يؤخذ على محمل الجد".