صحيفة روسية: الناتو يواصل الاعتداء على خط "نورد ستريم 2" لنقل الغاز

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة روسية الضوء على آخر التطورات في بحر البلطيق وأبرزها ما أسمته استمرار مسلسل استهداف حلف شمال الأطلسي "الناتو" لمصالح روسيا الاتحادية. 

وأوضحت صحيفة فزغلاد في مقال تحليلي بأن العديد من السفن المدنية والعسكرية التابعة لحلف الناتو أخذت تتكدس في المنطقة التي يتم العمل فيها على إنشاء خط أنابيب الغاز الروسي الجديد "نورد ستريم 2"، كما شهدت أجواء تلك المنطقة نشاطا ملحوظا للطيران الحربي.

ويعارض مشروع نورد ستريم 2، الذي يربط بين ألمانيا وروسيا، كل من الولايات المتحدة وأوكرانيا وبولندا ودول البلطيق. ومن المقرر أن ينقل المشروع الغاز الطبيعي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق.

من قلب الحدث 

ويذكر المقال أن الأمر وصل إلى حد التصادم بين سفن الناتو وسفن معدات الحفر وأنه إلى الآن يتم احتواء الأزمة بواسطة سفن وزوارق الإنقاذ المدنية الروسية.

ويتساءل إن كان على روسيا التدخل بأسطول بحر البلطيق الروسي لحماية تلك المنطقة أم أن عليها التحلي ببرود الأعصاب وقطع الطريق على الحلف الذي يستفز روسيا نحو أزمة جديدة؟

ويعرج المقال على تصريحات أندريه مينين مدير فرع شركة الإنشاء نورد ستريم – 2 أيه جي (NORD STREAM-2 AG) والتي أشار فيها إلى أن تلك التحركات تتم بشكل استفزازي وقد تنجم عنها أعطال أو أضرار لخط الأنابيب الممتد في قاع بحر البلطيق أوالمعدات التي تعمل هناك.

كما أشار مينين في تصريحات لوكالة تاس الروسية إلى أنه عندما تقوم أعمال حفر مشابهة فإنه يتم تحديد مجال آمن حول منطقة العمل بقطر ميل ونصف تمنع فيه حركة السفن غير المشاركة في أعمال الحفر والإنشاء.

وجاء في التصريحات كذلك أن غواصة مجهولة كانت في وضع الإبحار السطحي انتهكت منطقة الحظر وكانت تبحر على بعد ميل واحد من سفينة الحفر "فارتونا" نهاية مارس/آذار.

وبعدها أجرت سفينة تابعة لقوات البحرية البولندية رقم 823، مناورات بجوار (فارتونا). 

ووفق المصادر الإعلامية  فإن هذه السفينة تسمى "كراكوف" وهي مخصصة لمهام الإنزال وزرع الألغام البحرية من طراز لوبلين والمسجلة في قاعدة اشوينواويشتشه. 

وبحسب مينين فإن سفينة  الخدمة الروسية (المنقذ كاريف) اضطرت للإبحار بالتوازي مع كراكوف ومرافقتها حتى غادرت. 

ويشير التقرير إلى تعليق الخبير العسكري (قبطان أول بحرية) كونستانتين سيفكوف الذي أفاد بأن الغواصة المجهولة لا تتبع على الأرجح للبحرية الأميركية، فالولايات المتحدة لا تمتلك غواصات تعمل على وقود غير نووي، وأن السفينة على الأرجح تتبع لإحدى دول حوض البلطيق. 

ويؤكد المقال معلومات سيفكوف بالقول إنه بالقرب من منطقة الحفر ووجود سفينة (فارتونا) تقع مرابض غواصات البحرية البولندية التابعة لقاعدتي غدينيا واشوينواويشتشه.  

ويعود التقرير للتذكير بتصريحات مينين التي قال فيها إن عدد طلعات الطائرات الحربية المضادة للغواصات قد ازداد في النصف الأخير من شهر مارس/آذار، حيث حلقت طائرات (PZL-Mielec М-28В1 Rbi) البولندية على ارتفاعات منخفضة و مسافات قريبة جدا من سفينة مد الأنابيب. 

يذكر التقرير ضمن تصريحات مينين أن الناتو لا يستخدم السفن والغواصات الحربية في هذه العمليات فحسب، بل يزج بسفن الصيد المدنية فيها كذلك.

ويشير إلى أن سفينة الصيد البولندية إس دبليو آي 106 (SWI-106) كانت قد تجاوزت المجال الآمن لعمليات  (فارتونا) نهاية شهر فبراير/شباط جنوبي جزيرة برونهولم الدنماركية حيث تحركت سفينة الصيد تلك من اتجاه الجنوب نحو فارتونا التي حاولت إجراء عدة اتصالات لاسلكية مع السفينة.

غير أن كل المحاولات بالاتصال باءت بالفشل مما دفع سفينة الإمداد الروسية (فلاديسلاف ستريجيف) للتحرك لقطع الطريق على سفينة الصيد البولندية ومحاولة إبعادها عن منطقة الأشغال.

ويفيد ممثل شركة نورد ستريم أن البولنديين لم يتجاوبوا مع نداءات البحارة الروس بالابتعاد عن المنطقة إلا بعد اصطدام السفينتين.

حينها قام قبطان السفينة البولندية بالرد على الاتصالات اللاسلكية والاعتذار عن الحادثة، بحسب تصريح آخر لمينين في الأول من أبريل/نيسان لوكالة إنترفاكس الروسية للأنباء.

"الإجراءات الاستفزازية التي تتم بشكل ممنهج من قبل السفن المدنية والعسكرية والغواصات والطائرات التي تهدف إلى عرقلة مشروع اقتصادي بعيد كل البعد عن الشؤون العسكرية" وصفها مينين بأنها "سابقة تاريخية".

الاستفزازات الأخيرة

يشير المقال إلى أن الأنباء عن ارتفاع وتيرة استفزازات سفن وطائرات وغواصات الناتو وخاصة البولندية أتى بالتزامن مع المرحلة الأخيرة من مد (نورد ستريم - 2). 

وأكدت الشركة إتمام ما طوله 2300 كم من خط الأنابيب وما تبقى من المشروع هو مد 121 كم وهو ما يعادل 5 بالمئة من الطول الإجمالي للمشروع.

في المقال يتم التنويه إلى أن شركة غاسكاد الألمانية القائمة على مد خط أنابيب الغاز البري انتهت في الأول من أبريل/نيسان من استكمال فرع خط الأنابيب الثاني يوغال، ومن المخطط أن يحصل خط يوغال على الغاز من نورد ستريم 2 حال إدخال الأخير الخدمة.

يرى المقال التحليلي أن تصرفات بولندا الاستفزازية تعكس مدى قلق وارسو من فقدان امتيازاتها كبلد عبور للغاز الروسي بعد افتتاح نورد ستريم 2. لذا فهي تسعى بكل ما أوتيت من قوة لعرقلة المشروع حالها حال الجارة الأخرى أوكرانيا. 

ويشير التقرير إلى العقوبات التي فرضتها وارسو على السفن العاملة في مشروع نورد ستريم 2 المملوكة لشركة ألمانية ولكنها مسجلة لدى غرفة غدانسك البحرية.

يلمح المقال إلى أن وارسو تأمل في تدخل الشركاء الكبار في حلف الناتو. 

ففي نهاية مارس/آذار علق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على التطورات في بحر البلطيق بالتأكيد على أن واشنطن ستستمر في فرض العقوبات على الشركات العاملة في مشروع نورد ستريم 2 ومن المتوقع أنها ستفرض عقوبات على شركة نورد ستريم ايه جي المنفذة للمشروع.

ويذكر التقرير ما قاله إيغور يوشكوف خبير مؤسسة أمن الطاقة الوطنية لصحيفة فزغلاد أنه من المتوقع زيادة اهتمام دول الغرب باستفزاز روسيا والقائمين على نورد ستريم 2 لعرقلة المشروع، وأن معارضي المشروع يسوقون إلى أن موسكو تسعى لفرض هيمنتها على منطقة بحر البلطيق عبره.

وذكر يوشكوف أن الأميركان وبعض الأوروبيين كانوا يدعون أن مشروع نورد ستريم 2 لا يعتبر مشروعا اقتصاديا بقدر ما هو سياسي إستراتيجي تسعى موسكو من خلاله لتحريك أسطولها في البلطيق بحجة حماية خط الغاز للسيطرة على حوض البلطيق كاملا.

والآن وبعد أن دحضت مزاعمهم حول الأمر فإنهم يسعون عن طريق بولندا إلى استفزاز روسيا ودفعها نحو تصعيد جديد يثبتون به تلك المزاعم، وفق قوله.

ويضيف التقرير إلى أن يوشكوف قد بين أن من بين مهام السفن البولندية بالإضافة إلى أعمال الاستفزاز مهام التجسس على الشركات العاملة في المشروع لإدراجها لاحقا في قوائم العقوبات كما حدث مع السفن الألمانية المسجلة في غدانسك.

في الشأن نفسه يعرض المقال رأي رئيس حركة دعم الأسطول البحري الروسية قبطان أول ميخائيل نيناشيف الذي يرى أن لا ضرورة لإعطاء هذه الاستفزازات زخما أكبر مما تستحقه.

إذ إن حاملات الطائرات والقطع الحربية  الكبيرة للناتو لا توجد في هذه المنطقة من البلطيق، ويقتصر نشاط الحلف على فرقاطات وغواصات متواضعة الإمكانيات يمكن التعامل معها كما تم في أزمة القراصنة الصوماليين على السواحل الإفريقية الغربية حين أرسلت روسيا سفنا كاسحة للألغام لحماية الصيادين والبحارة الروس هناك.

كما يمكن إرسال سفن صغيرة مضادة للغواصات وفي حال الضرورة يمكن إرسال دوريات طيران إلى المنطقة، وفق نيناشيف.

ويتابع: "بهذه المعدات يمكن خلق حالة من التوازن في المنطقة ما قد يشكل رادعا للتصرفات الصبيانية للبولنديين و أن الكلمات والامتعاض والشجب وإن كان منطقيا وعادلا إلا أنه لن يحل الأزمة". 

تعليقا على ما أسمتها الصحيفة "الافتراءات الغربية" بشأن نية روسيا استخدام نورد ستريم 2 لأغراض سياسية وعسكرية، يشير المقال إلى ما جاء على لسان الخبير العسكري ألكساندر غولتس أن اتهامات كهذه لا ترتكز على المنطق.

ويقول غولتس إن "روسيا ليست معنية بإحاطة المشروع بأزمات وتحديات أخرى ناهيك عن علمها بأن بحر البلطيق يزخر بأجهزة ومعدات التجسس الغربية".

ويختتم المقال بأن المركز الوطني الروسي للدفاع بناء على معطيات وحدات المراقبة التابعة لأسطول البلطيق الروسي يصدر تحذيرات بين الحين والآخر عن تحركات للسفن الأميركية وحلفائها في الناتو كما حصل في سبتمبر/أيلول 2020، حينما رشحت معلومات تفيد باقتراب المدمرة الأميركية المضادة للصواريخ روس (Ross) من موقع العمل.