"ورقة ضغط".. صحيفة عبرية: هذه خلفيات عودة الدفء بين تركيا ومصر

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة عبرية أن التدهور المحتمل لعلاقات تركيا ومصر مع الولايات المتحدة الأميركية يدفع إلى تقارب بين أنقرة والقاهرة.

وأوضح تقرير "ذا جيروزاليم بوست" أنه "رغم العلاقات الدبلوماسية الباردة بين مصر وتركيا، عرضت أنقرة في 26 مارس/آذار 2021، إرسال زورق قطر لمساعدة مصر في تحرير سفينة حاويات ضخمة تسد قناة السويس، وسط أنباء عن احتمال تحسن العلاقات بين البلدين".

وقال وزير النقل والبنية التحتية، عادل قره إسماعيل أوغلو: إن "بلاده مستعدة لإرسال سفينة الاستجابة للطوارئ نينه خاتون، وهي واحدة من الآلات القليلة في العالم القادرة على تنفيذ عملية بهذا الحجم".

ونقلت وكالة "الأناضول" التركية الرسمية للأنباء عن قره إسماعيل أوغلو قوله: "عرضنا مساعدتهم وإذا استجابوا، فسنرسل المساعدة"، لكن مصر لم تطلب أي مساعدة دولية وتم إعادة تعويم الناقلة بنجاح صباح 29 مارس/آذار 2021.

انفراج حتمي

وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن "العلاقات بين الخصمين الإقليميين وصلت إلى الحضيض بعد الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي عام 2013، الذي كان مدعوما بقوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان".

وتشمل الخلافات الأخرى بينهما، "الحرب التي استمرت ما يقرب من عقد من الزمان في ليبيا، والتي بدأت تتفكك الآن، حيث يدعم البلدان الأطراف المتصارعة".

وفي إشارة إلى رغبتها في إصلاح العلاقات مع القاهرة، ضغطت أنقرة على وسائل الإعلام المصرية المعارضة التي تتخذ من إسطنبول مقرا لها لـ"تخفيف" الانتقادات الموجهة إلى رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، تقول الصحيفة العبرية.

وكانت إسطنبول قد تحولت إلى معقل لوسائل الإعلام للمعارضين العرب الفارين من الاضطهاد من مصر وسوريا واليمن وليبيا في أعقاب احتجاجات الربيع العربي عام 2011.

وفي هذا السياق، قال يوسف إريم، كبير المحللين السياسيين والمحرر في هيئة الإذاعة العامة التركية TRT، لموقع "The Media Line" إن "القوتين الإقليميتين لديهما العديد من المصالح المشتركة".

وأضاف "مصر كانت وستظل دائما مهمة جدا لتركيا والعلاقات الجيدة هي من أولويات السياسة الخارجية لأنقرة"، مشيرا إلى أن "العلاقات العدائية بين رئيسي البلدين أثرت على العلاقات الرسمية بين أنقرة والقاهرة".

وتابع إريم: "لسوء الحظ، كان للعلاقة السيئة بين أردوغان والسيسي تأثير سلبي، ولم يتمكن أي من الجانبين من فصل تجميد العلاقات منذ انقلاب 2013 الذي أطاح بمرسي وشهد وصول السيسي إلى السلطة".

ورغم أن العلاقات الدبلوماسية كانت شبه معدومة، فقد استمر التعاون الأساسي بين البلدين، حيث أوضح إريم: "دعونا لا ننسى أيضا أن تركيا لم تقطع علاقاتها مع مصر أبدا، وكان هناك دائما اتصالات على الأقل على مستوى الاستخبارات، ونرى أن ذلك يرتقي إلى المستوى الدبلوماسي".

كما قال إريم: إن "الرئيس التركي سيضع مصالح المواطنين فوق علاقته بالسيسي"، مشددا على أنه "ومع تغير المشهد الجيوسياسي في المنطقة، كان هذا الانفراج حتميا".

وأوضح "أعتقد أن أحد العوامل الرئيسة الدافعة لهذا التقارب هو الديناميكية الإقليمية المتغيرة، وعودة الاتفاق النووي الإيراني، ووضع حد للقتال في ليبيا، حيث بدأ الجانبان يتوصلان إلى تفاهم على أن مصالح تركيا محمية وأن الأمن القومي لمصر محترم، وأن سلامة أراضي الدولة الواقعة في شمال إفريقيا ستبقى كما هي".

"تليين" الخطاب

وفي سياق متصل، قال الخبير في سياسات الشرق الأوسط بجامعة بريدجبورت في ولاية كونيتيكت، حسن عواد، إن المصالح الاقتصادية والأمنية لتركيا في البحر الأبيض المتوسط ​​تتطلب الجلوس على طاولة المفاوضات مع مصر، وهذا يتطلب "تليين" الخطاب.

ولفت عواد إلى أن الصراع على الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط "​​لعب دورا رئيسا في تغيير موقف أنقرة من القاهرة".

ويعتبر تحديد الحدود البحرية بين مصر وليبيا في البحر المتوسط، ​​مسألة تتعلق بالأمن القومي لتركيا، خاصة بعد ترسيم الحدود المصرية في البحر المتوسط.

وقال عواد: "إذا نجحت العلاقات، ستقدم مصر تنازلات سياسية في البحر المتوسط ​​وربما في ليبيا حيث توجد تركيا".

من جانبه، أوضح إريم أن انتخاب الرئيس الأميركي جو بايدن وتركيزه على حقوق الإنسان، "ربما أجبر كلا الرئيسين على إعادة تقييم سياساتهما الإقليمية".

وأضاف: "يرغب كلا البلدين في الاستعداد لنهج بايدن العملي من خلال رغبته في التدخل في القضايا الداخلية للبلدين وإثارة العديد من الملفات المحلية في  تركيا أو مصر، ويدرك كلا البلدين أنه إذا كانت علاقتهما مع الولايات المتحدة تتدهور، فمن الجيد أن يكون لديهما بدائل في ملف السياسة الخارجية".

وقالت الصحيفة العبرية: إن "إسطنبول تعد موطنا لثلاث قنوات تلفزيونية مصرية: الشرق، وهو منفذ ليبرالي يملكه المعارض أيمن نور، وقناة الوطن، الناطقة بلسان جماعة الإخوان المسلمين، ومكملين وهي قناة مستقلة قريبة من الجماعة الإسلامية".

ونفى نور الأنباء التي تحدثت عن ضغوط على القنوات لتغيير خطها التحريري أو المخاطرة بإغلاقها، وقال لوسائل الإعلام إنه لا توجد "قيود" بل طلب "التعديل"، والحديث عن إغلاق القنوات التلفزيونية المصرية التي تبث من تركيا "غير صحيح" على الإطلاق.

وأكدت الصحيفة أن "هذه القنوات الإخبارية تشكل قدرا كبيرا من المتاعب لحكم السيسي، لأن الملايين من المصريين داخل البلاد يتابعون ما تقدمه لهم من طرح مختلف لتطورات الأوضاع في مصر بعيدا عن الرقابة الرسمية".

وأوضحت أنه "من خلال هذه القنوات، اكتشف المصريون أحداث الاحتجاجات المناهضة للحكومة وبناء السيسي العديد من القصور، كما ناقشت البرامج الإخبارية لقنوات الفساد الحكومي بحرية".

تخفيف التوتر

وفي 12 مارس/آذار 2021، أعلنت أنقرة أنها أقامت اتصالات دبلوماسية مع القاهرة لأول مرة منذ 7 سنوات.

ونفى مستشار أردوغان، ياسين أقطاي، أن أنقرة تخطط لطرد أو تسليم الصحفيين المصريين والمعارضين السياسيين إلى القاهرة، قائلا: "تركيا لن تعتقل أحدا أو تسلم أحدا".

ويبدو أن إصلاح العلاقات مع مصر جزء من خطة تركية أوسع لتخفيف التوتر مع الدول العربية الإقليمية بعد سنوات من التوتر مع السعودية والإمارات، وبعد الحملات العسكرية في سوريا وليبيا والعراق.

وسيبقي أردوغان المعارضة المصرية وأدواتها الإعلامية كورقة ضغط لأن النظام المصري لا يمكن الوثوق به، وفق تقرير الصحيفة العبرية. 

وقال الصحفي المصري والناقد القاسي للسيسي، معتز مطر، الذي يقدم برنامجا يحمل اسمه "مع معتز"، إنه لم يتلق بعد طلبا رسميا للتراجع، لكنه أصر على أن "تركيا تقف في الجانب الصحيح"، مضيفا في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي أنه "يحترم قرار أنقرة".

وأكد "لا نريد أن نثقل كاهل تركيا، فقط عندما نشعر أننا عبء فسنغادر، لا ينبغي أن نكون عبئا أبدا".

واعتبر مطر أن مطالبة السيسي بإسكات القنوات "تثبت أن انتقادهم للنظام على مدى السنوات السبع الماضية كان فعالا".

وأوضح "ونحن في مصر تم أخذ جوازات سفرنا منا وتمت مصادرة أموالنا وطردنا ولم ننكسر، سجنت وتشتتت عائلاتنا ولم نتفكك، شعبنا علق على المشنقة ظلما ولم ينكسر ولا ينثني".

فيما ناقش الإعلامي محمد ناصر المعروف بانتقاده اللاذع لحكم الانقلابي السيسي عبر برنامج "مصر النهاردة" على قناة "مكملين"، قرار أنقرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال مغردا: "أحترم الأتراك وأقدر موقفهم وما فعلوه"، وأضاف "لا أستطيع الاستمرار في العمل مع هذه القيود، وأتطلع إلى الانتقال لبلد جديد.. فأرض الله واسعة".