بشار أخفى الثروة عن مواطنيه.. هكذا تتقاسم 3 دول آبار النفط في سوريا

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في ظل تحول سوريا إلى كانتونات تديرها دول ومليشيات مساندة لنظام بشار الأسد وأخرى معادية له، فإن آبار النفط هي الأخرى تظل خاضعة في المحصلة إلى إدارة هذه الجهات التي تبسط سيطرتها على مساحات واسعة من الأراضي السورية، وتتحكم بتصدير منتجاتها.

وتنحصر سيطرة آبار النفط في سوريا بين الأطراف الثلاثة: الأميركية والروسية والإيرانية، إذ تتقاسم هذه الجهات ثروات سوريا عبر قواتها الرسمية والمليشيات التابعة لها الممسكة للأرض، ففي الحالة الإيرانية الروسية هناك تنسيق بينها على اقتسام الآبار.

سيطرة إيرانية

لعل آخر تطور في ملف آبار النفط السورية، ما كشفت عنه مواقع سورية معارضة في 30 مارس/آذار 2021، بأن الحرس الثوري الإيراني بدأ بتشغيل حقول الزملة النفطية والغازية جنوب مدينة الرقة، بعد الاستيلاء عليها بشكل كامل أواخر الشهر ذاته، بعد توقف دام 4 أعوام.

وقالت التقارير إن شاحنات البترول بدأت تعبئة خزاناتها من الحقول، بعد انقطاع دام 4 سنوات جراء تعرضها للتدمير من طيران التحالف الدولي، لافتة إلى أن هذه الحقول رغم ضعف إنتاجها حاليا بحكم الدمار الحاصل، إلا أنها قادرة على إنتاج 5 آلاف برميل يوميا عبر آليات الضخ الموجودة فيها.

وبينت أن مهندسي بترول يتبعون للحرس الثوري الإيراني وعشرات العمال بدؤوا صباح 30 مارس/آذار 2021، عملية تزويد الشاحنات بالبترول، ويجري أيضا إعادة صيانة حقل الغاز الموجود في المنطقة في ظل تحصينات عسكرية ضخمة للمليشيات في المنطقة.

يأتي ذلك استكمالا لما جرى عام 2020، من تقاسم حقول النفط السورية بين إيران وروسيا، إذ قامت الأخيرة بمنح  استثمار حقلي نفط التيم والورد، في محافظة دير الزور، إلى شركة (أرفادا) التي سمحت لها دمشق في 2020 بتأسيس مصفاتين للنفط (الرصافة) لتكرير النفط الثقيل و(الساحل) لتكرير النفط المتكاثف.

وذكرت تقارير مواقع سورية مطلع مارس/آذار 2021 أن اجتماعا عقد في مطار دير الزور العسكري، بين ضباط روس ورجل الأعمال السوري الموالي للنظام حسام قاطرجي (39 عاما) وقع خلاله الأخير صاحب شركة "أرفادا"، عقد استثمار للآبار النفطية "التيم" و"الورد" مع القوات الروسية، لمدة 5 سنوات.

وبينما أوكلت روسيا استثمار حقلي "التيم" و"الورد" إلى شركة حسام القاطرجي، أبقت حقلا "الحسيان" و"الحمار" في ريف البوكمال تحت سيطرة الحرس الثوري الإيراني الذي رفض تسليمها إلى موسكو، بذريعة توقيع عقود استثمار مع دمشق لمدة 10 سنوات.

وتسيطر القوات الروسية على حقلي التيم والورد بدير الزور، منذ الصيف الماضي، في حين تسيطر المجموعات الإيرانية على حقلي الحسيان والحمار في ريف البوكمال، منذ انتزاعها من سيطرة تنظيم الدولة عام 2017.

وحسب أرقام حكومية سورية، ينتج حقل التيم 2500 برميل يوميا، فيما يبلغ إنتاج حقول دير الزور الواقعة تحت سيطرة النظام وحلفائه 4600 برميل يوميا. فيما تنتج حقول الجفرة وكونيكو لإنتاج الغاز، وحقول ديرو والجفرة والخراطة الواقع تحت السيطرة الإيرانية، نحو 2000 برميل، يوميا.

تمدد روسي

وفي 17 مارس/ آذار 2021، أفادت تقارير صحيفة أن دوريات مجموعة "فاغنر" الروسية عادت للظهور بمناطق سيطرة النظام في دير الزور، حيث نشرت 150 عنصرا مسلحا لحماية منشآت نفطية خاضعة للنظام والقوات الروسية، تزامنا مع وصول 100 عنصر من "حزب الله" العراقي إلى حقل الزملة للنفط والغاز جنوب الرقة الخاضع لسيطرة إيران.

وفرضت روسيا وقوات "الفيلق الخامس" منتصف مارس/آذار 2021 سيطرتها على حقل "الثورة" النفطي وحقل "توينان" للغاز في ريف الرقة بعد انسحاب مليشيا "فاطميون" التابعة للحرس الثوري منه، لتضاف تلك الحقول إلى حقلي "الورد" و"التيم" النفطيين اللذين سيطرت عليهما روسيا صيف 2020.

وأفادت مواقع للمعارضة السورية، بأن دورية "فاغنر" تتجول في حي القصور بمدينة دير الزور الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية والروسية، حيث يتمركز عدد من عناصرها في مشروع حقل التيم النفطي، ضمن مجموع كلي للعناصر يقدر بنحو 150 عنصرا.

كانت أنباء سابقة تحدثت عن انسحاب "فاغنر" من دير الزور ومناطق سيطرة النظام شرق البلاد، نهاية عام 2020، والاعتماد على المليشيات الإيرانية في مهام حماية الحقول النفطية في مواجهة هجمات تنظيم الدولة التي تزايدت خلال الأشهر الأخيرة.

وعلى صعيد آخر، صادقت حكومة النظام السوري في 17 مارس/آذار 2021 على عقد مع شركة روسية للتنقيب عن النفط في البحر الأبيض المتوسط مقابل ساحل طرطوس.

وذكر إعلام النظام أن العقد وقعته وزارة النفط السورية وشركة "كابيتال" محدودة المسؤولية الروسية، وبموجبه تمنح الدولة السورية الشركة حقا حصريا في التنقيب عن البترول وتنميته "في البلوك البحري رقم 1 في المنطقة الاقتصادية الخالصة للجمهورية العربية السورية في البحر الأبيض المتوسط، مقابل ساحل محافظة طرطوس حتى الحدود البحرية الجنوبية السورية اللبنانية بمساحة 2250 كيلومترا مربعا".

وحسب العقد الموقع، فإن مدته تقسم إلى فترتين: الأولى فترة الاستكشاف ومدتها 48 شهرا تبدأ بتوقيع العقد، ويمكن تمديدها لـ36 شهرا إضافية، أما الفترة الثانية فهي مرحلة التنمية ومدتها 25 عاما قابلة للتمديد لمدة 5 سنوات إضافية.

وفيما يخص تقاسم الحصص، ذكرت تقارير صحفية في 17 مارس/آذار 2021 أن "الأمر مرتبط بسعر النفط والكميات المنتجة، وكذلك الأمر فيما لو كان المنتج غازا طبيعيا".

مشيرة إلى أن هذا العقد هو الثاني بعد توقيع عقد الاستكشاف في البلوك رقم 2 الموقع مع شركة "إيست ميد عمريت"، والممتد من شمال طرطوس إلى جنوب بانياس بمساحة 2190 كلم، حيث جرى الانتهاء من الدراسات والتقييم، وتم تحديد مواقع أولية للحفر بانتظار إجراء الدراسات السايزمية ثلاثية الأبعاد.

استحواذ أميركي 

وفي المقابل، تسيطر القوات الأميركية على أهم حقول النفط والغاز في شرق سوريا، بعدما أكد البنتاغون في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، أنه خطط لتعزيز وجوده العسكري في شمال شرق سوريا، لحماية حقول النفط هناك من السقوط مجددا بيد تنظيم الدولة.

وتنسق أميركا تعزيز مواقعها في شمال شرق سوريا، مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، حتى "لا تقع مجددا بيد تنظيم الدولة، أو فاعلين آخرين مزعزعين للاستقرار"، وفق البنتاغون.

ومن أهم الحقول النفطية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة هناك هي: "العمر، التنك، كونيكو، والرميلان"، إذ أنشأت القوات الأميركية قواعد عسكرية قرب هذه الحقول عقب استعادتها من تنظيم الدولة.

ويعد حقل العمر النفطي أكبر حقول النفط في سوريا مساحة وإنتاجا، ويقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات، على بعد حوالي 10 كيلومترات شرقي مدينة الميادين بمحافظة دير الزور، ويصل حجم إنتاجه وفق إحصائيات النظام السوري قبل اندلاع الأزمة إلى 30 ألف برميل يوميا.

وانخفض إنتاج الحقل تدريجيا مع تعرضه مرارا لغارات جوية من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، ولا تتوفر إحصائيات دقيقة على قدرته على إنتاج النفط حاليا.

أما "حقل التنك"، فإنه يعد أيضا من أكبر الحقول في سوريا بعد "حقل العمر"، ويقع في بادية الشعيطات بريف دير الزور الشرقي، وأكدت تقارير: أنه كان ينتج قرابة 40 بالمئة من إنتاج سوريا النفطي قبل الأزمة، وكان يبلغ إنتاجه اليومي نحو 10 آلاف برميل.

وفي 21 مايو/أيار 2018، نشر موقع "جرف ميديا"، الذي يركز في تغطيته على مناطق شمال وشمال شرقي سوريا، تسجيلا مصورا يظهر قيام أميركا بأعمال صيانة داخل حقل التنك النفطي.

وحسب مواقع معارضة، فإن أميركا تهدف من حينها إلى استخراج نحو 5 آلاف برميل يوميا من النفط الخام. ولم يعلن رسميا من أي جهة في ريف دير الزور الشرقي استئناف إنتاج النفط في الحقل الذي تسيطر عليه "قسد" والقوات الأميركية.

حقول مخفية

وعلى غرار حقلي العمر وكونيكو النفطيين اللذين سبق أن بنت القوات الأميركية قاعدتين عسكريتين فيهما، أنشأت قاعدة أخرى في حقل التنك منتصف أبريل/نيسان 2018، لتكون ثالث قاعدة أميركية في دير الزور.

وتشير تقارير إلى أن "حقل كونيكو" للغاز، يعد بالفعل أكبر معمل لمعالجة الغاز في سوريا، كما يستفاد منه في إنتاج الطاقة الكهربائية ويقع بريف دير الزور الشمالي.

ويقدر إنتاج الحقول الثلاثة معا بنحو 140 إلى 150 ألف برميل يوميا، من أصل نحو 386 ألف برميل نفط يوميا في عام 2010، في وقت كان استهلاك سوريا فيه نحو 250 ألف برميل يوميا.

ومن ضمن الحقول المهمة التي تقع تحت يد الأميركيين، حقل "الرميلان" الذي تسيطر عليه حاليا "الوحدات الكردية"، بدعم أميركي، ويقدر عدد الآبار النفطية التابعة لحقول رميلان بقرابة 1322 بئرا للنفط، و25 بئرا للغاز.

وبلغ إنتاج حقول الرميلان أكثر من 90 ألف برميل نفط يوميا عام 2010، إذ كانت الآبار فيها وجهة الكثير من المجموعات المسلحة، لا سيما "جبهة النصرة سابقا" (تحرير الشام حاليا)، حيث نشبت إثر ذلك معارك ومواجهات مسلحة بين الجبهة و"الوحدات الكردية" انتهت بسيطرة الأخيرة بعد التوصل إلى تفاهمات واتفاقات عام 2017.

ولا توجد دراسات علمية دقيقة ومستقلة تماما عما تملكه سوريا من موارد طاقة، خصوصا أن نظام الأسد سبق أن أخفى أسماء العديد من آبار النفط خلال السنوات التي سبقت الثورة السورية.

حيث اكتشف السوريون أن هناك آبارا مختلفة عن التي ذكرت في الكتب المدرسية والإعلام الرسمي، عرفت بعد أن سيطر عليها تنظيم الدولة، وفق تقرير وكالة الأناضول في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.

وتشير بيانات موقع "بريتش بتروليوم" للنفط، إلى أن إنتاج النفط في سوريا، بلغ 406 آلاف برميل عام 2008، وانخفض عام 2009 ليصبح 401 ألف برميل يوميا، ثم أصبح 385 ألف برميل عام 2010، و353 ألف برميل عام 2011.

وفي عام 2012، بلغ الإنتاج 171 ألف برميل، و59 ألف برميل في عام 2013، و33 ألف برميل في عام 2014، ثم 27 ألف برميل في عام 2015، و25 ألف برميل في عامي 2016 و2017، و24 ألف برميل في عام 2018، حسبما نقلت الأناضول.