"الأناضول" ترصد التقارب الروسي الصيني لمواجهة التهديد الأميركي

12

طباعة

مشاركة

سلطت وكالة "الأناضول" التركية الضوء على زيارة رسمية أجراها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى الصين بمناسبة مرور 20 عاما على توقيع معاهدة "حسن الجوار والصداقة والتعاون" بين موسكو وبكين.

واعتبرت الوكالة الرسمية، في مقال للكاتبين علي جورا وإمرة غوركان أباي، أن "لافروف بعث رسائل إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قبل وصوله إلى الصين، في الوقت الذي هدد فيه الغرب كلا من روسيا والصين بالعقوبات".

ولفت لافروف إلى "محاولات الضغط التي يقوم بها الغرب لمنع تطور الدول الأخرى"، مشيرا إلى "تعزيز العلاقات بين موسكو وبكين في مجال التنمية الاقتصادية من خلال مناهضة الولايات المتحدة".

وقال الكاتبان: إن "العلاقات بين روسيا والصين في السنوات الأخيرة، تتطور بشكل رئيس من خلال الاقتصاد والطاقة، وفي الواقع، يعود تاريخ العلاقات الاقتصادية القوية بين موسكو وبكين إلى فترة تأسيس جمهورية الصين الشعبية".

ووضحا قائلين: "فبعد قيام جمهورية الصين عام 1949، جعلت بكين نظامها الاقتصادي على النمط السوفيتي بدعم من الاتحاد السوفيتي، وأقامت علاقات تجارية واقتصادية متبادلة مع موسكو، لكن انهارت هذه العلاقات بعد مدة بسبب المشاكل داخل الكتلة الشيوعية، ولم يكن هناك أي تقدم في العلاقات حتى وقت انهيار الاتحاد السوفيتي".

شراكة إستراتيجية

ووفقا لجورا وأباي، فقد اكتسبت العلاقات بين روسيا والصين زخما منذ العقد الأول من القرن الـ21 مع تعيين الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين.

وأضافا أن "لصادرات روسيا من النفط والمواد الخام إلى الصين، وصادرات بكين من المعدات والآلات والسلع الاستهلاكية إلى موسكو، حصة كبيرة في حجم التجارة بين البلدين".

وحاليا، يتجاوز متوسط ​​حجم التجارة السنوي بين الصين وروسيا 100 مليار دولار، وتحتل روسيا المرتبة العاشرة كشريك تجاري بالنسبة للصين، أما بكين فهي الشريك التجاري الأكبر بالنسبة لموسكو.

لقد تمكنت الصين، التي كان من المتوقع أن تصبح أكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي بعد تجاوزها الولايات المتحدة بحلول عام 2030، من تحقيق نمو بنسبة 2.3 بالمائة عام 2020 التي كانت فيه الاقتصادات الرائدة في العالم تعاني وتكافح بسبب تفشي فيروس كورونا"، يقول الكاتبين.

وأردفا: "لهذا كان للاقتصاد والتجارة أهمية خاصة في زيارة لافروف للصين في 24 مارس/آذار 2021، فيما اقتراح لافروف بتقليل البلدين لاستخدام الدولار، وأنه يمكن الحد من مخاطر العقوبات باستخدام عملات وطنية أو عملات بديلة للدولار في التجارة، والابتعاد عن أنظمة الدفع الدولية التي يسيطر عليها الغرب، لافتا جدا للانتباه".

وذكرا أن "اقتراح لافروف أثار النقاشات من جديد حول استخدام العملات المحلية في التجارة على العديد من المنصات، وكانت روسيا قد خفضت بالفعل حصة الدولار في احتياطاتها بسبب العقوبات الأميركية منذ 2018، وزادت حصة الذهب واليورو واليوان".

وأشار جورا وأباي إلى أن "الطاقة تحتل مكانة مهمة في العلاقات بين البلدين، ويثير السوق الصيني، أحد أكبر مستوردي الطاقة في العالم شهية شركات الطاقة الروسية، أحد أكبر مصدري الغاز الطبيعي والنفط في العالم".

وقد تم تشغيل خط أنابيب الغاز الطبيعي في سيبيريا، أحد المشاريع الأيقونة لتجارة الطاقة بين روسيا والصين، في 2 ديسمبر/كانون 2019.

وبينما يتوقع أن تبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع 20 مليار دولار تقريبا، تخطط روسيا لإمداد الصين بـ38 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا عبر خط الأنابيب لمدة 30 عاما، وفقا للكاتبين التركيين.

وتابعا قائلين: "إلى جانب ذلك، تستمر المفاوضات بين البلدين حول إمداد الصين بـ50 مليار متر مكعب من الغاز الروسي سنويا عبر منغوليا، وبينما يبدو من المرجح أن تبيع روسيا المزيد من الغاز إلى الصين في السنوات المقبلة، فإن خطوط الأنابيب التي تعمل على إمداد الصين بالغاز عبر آسيا الوسطى حيث تقع دول مثل تركمانستان، تزيد من منافسة روسيا".

تهديد أميركي

فيما يتمتع قطاع الغاز الطبيعي المسال التي تتميز بمرونة أكبر في عمليات التسليم بسبب التقلبات في سوق الغاز الطبيعي الصيني، بمزايا أكثر مقارنة بخطوط الأنابيب.

لذلك، من المقدر أن تصل شركات الغاز الطبيعي المسال الروسية، وخاصة شركة "نوفاتيك" -أكبر شركة للغاز الطبيعي بعد غازبروم في روسيا- إلى موقع أفضل في السوق الصينية في المستقبل، بحسب ما يراه الكاتبين.

وأضافا: "كما يتزايد طلب الصين على النفط باطراد، كسلعة أخرى تبرز في أسواق الطاقة، وقد زادت واردات الصين من النفط بنسبة 7.3 بالمائة لتصل إلى 542.4 مليون طن في 2020، بينما أمدت روسيا الصين بـ83.6 مليون طن من النفط في ذات الفترة، مما جعلها ثاني أكثر الدول مبيعا للنفط للصين بعد السعودية".

ولفت جورا وأباي إلى أن تأكيد نظير لافروف الصيني، وانغ يي خلال زيارة الأول على أن "العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والدول الغربية على روسيا والصين غير مقبولة"، وتشديده على رسالة العمل المشترك كانت من بين القضايا اللافتة للانتباه.

وبالمثل، أكد لافروف أنه يتفق مع الصين في أن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضد روسيا والصين "غير مقبولة".

جدير بالذكر أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بدؤوا بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية على موسكو مع ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014 بشكل غير قانوني.

في المقابل، عززت روسيا تعاونها الاقتصادي مع الصين للحد من تأثير هذه العقوبات، وزادت الزيارات المتبادلة التي قام بها الرئيس بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ، فيما وصف شي لبوتين بأنه "أفضل صديق" من عمق العلاقات، يشير إلى "بدء التصادم"، وفق جورا وأباي.

واستدركا قائلين: "من ناحية أخرى، فإن مصلحة الولايات المتحدة في آسيا الوسطى، منطقة العمل المشترك لروسيا والصين، جعلت من العلاقات العسكرية والتقنية ضرورة بالنسبة للبلدين".

وقد أدى نشر أميركا لقواتها في أفغانستان والقواعد العسكرية في دول الاتحاد السوفيتي السابقة إلى تعاون روسيا والصين -اللتين تعملان معا بشكل عام في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة- في المجال العسكري والأمني.

وختم جورا وأباي مقالهما منوهين بأن "تهديد الرئيس الأميركي جو بايدن للصين وروسيا من خلال إرسال رسالة مفادها أن (أميركا عادت، وأن التحالف عبر الأطلسي عاد) في مؤتمر ميونيخ للأمن الشهر الماضي، وضغط الغرب على روسيا بالعقوبات في الأشهر القليلة الماضية قد يزيد ويقوي من التقارب بين موسكو وبكين".