اعتبرته خطأ كبيرا.. لهذا تحذر "الأناضول" من تقارب حماس مع دحلان

12

طباعة

مشاركة

منذ الإعلان عن إجراء الانتخابات الفلسطينية العامة، تتجه الأنظار إلى المرشحين المحتملين للرئاسة، وأولهم الرئيس الحالي محمود عباس، بينما تغيب أسماء أخرى بشكل رسمي حتى الآن.

وكان الجميع ينتظر ترشح الشخصية الأكثر إثارة للجدل محمد دحلان القيادي المفصول من حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، ومستشار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.

لكن لا يبدو أنه من الممكن حتى الآن أن يكون دحلان مرشحا مباشرا، لأن قانون الانتخابات الفلسطيني يحظر مشاركة من لديهم فضيحة في تاريخهم أو من يهددون الأمن القومي، وهي التهمة التي يوجهها عباس لخصمه الأول.

عودة إلى المسرح

وقالت وكالة "الأناضول" التركية في مقال للكاتب غوكهان بوزباش: "من غير المتوقع أن يدخل دحلان الذي طرد من حركة فتح، الانتخابات بالقوانين الحالية".

 لكن دحلان لا يزال يقود فصيلا داخل فتح يعرف بالتيار الإصلاحي. وقد قال في مقابلة أجراها مع قناة أم بي سي السعودية خلال مارس/آذار إنه يرغب في التعاون على أساس الشراكة مع حركته وأن تمهيد الطريق للشباب في السياسة شرط أساسي لذلك. 

ومن المقرر إجراء الانتخابات التشريعية في 22 مايو/أيار والرئاسية في 31 يوليو/تموز والمجلس الوطني (برلمان منظمة التحرير) في 31 أغسطس/ آب من عام 2021، بحسب مرسوم رئاسي أصدره عباس في 15 يناير/كانون الثاني من نفس العام.

ويتوقع الخبراء أن يدخل دحلان الانتخابات البرلمانية بشكل منفصل عن فتح. وفي هذا السياق، ينظر إلى المساعدات الإنسانية والطبية التي يقدمها دحلان لقطاع غزة على أنها استثمار انتخابي، يلفت الكاتب التركي.

ويوضح: فعلى الرغم من أنه من غير الواضح حتى الآن كيف سيتصرف دحلان في الانتخابات الفلسطينية المقبلة، فمن المعروف أنه يستعد لها وأنه بدأ بالفعل دعاية سياسية يقوم بها من أرسلهم إلى قطاع غزة من الشخصيات السياسية المهمة وخاصة عبد الحكيم عوض، نيابة عنه.

 في الواقع تعتبر هذه الانتخابات استمرارا للواقع الذي فرض على الفلسطينيين في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تحت مسمى "صفقة القرن"، وفق الكاتب.

وأردف: تمت مناقشة العديد من القضايا تحت ما يسمى بـ "صفقة القرن" وحسمت العديد من الموضوعات المهمة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، على حساب فلسطين من قبول القدس عاصمة يهودية مزعومة إلى نقل العديد من السفارات إلى المدينة المحتلة ومن حقوق اللاجئين إلى فشل حل الدولتين.

وتابع: وهكذا بدأت إدارة ترامب التي كانت بحاجة إلى شخص من الداخل لتنفيذ ومتابعة مثل هذا المشروع الكبير، في تلميع نجم محمد دحلان الذي أطلق عليه بوش في الماضي لقب "our boy" (رجلنا). وقد لعبت وسائل الإعلام المصرية والسعودية دورا مهما في ذلك. 

ويقول الكاتب إن حقيقة أن دحلان يعيش خارج فلسطين لما يزيد على عشر سنوات يجعل أحداث اليوم تأخذ بعدا دوليا. 

لذلك لا يمكن فصل استعداد دحلان للانتخابات الفلسطينية وتحضيره لأجلها عن البعد الدولي للقضية، بحسب ما يراه الكاتب التركي. 

"القاتل المأجور"

واستدرك: لكن وقبل كل شيء تجدر الإشارة إلى أن حركة الإخوان المسلمين التي صعدت كتيار سياسي في المنطقة العربية تزامنا مع الربيع العربي، برزت كأيديولوجيا سياسية جديدة تقدم بديلا لنظام الاستعمار الذي دام لقرون. 

وقد كانت الدول والأنظمة الأكثر انزعاجا من هذا الوضع تلك التي يحكمها النظام الملكي.

وشرح ذلك بالقول: "جاء الدعم المالي واللوجستي للانقلاب الذي حدث في 2013 في مصر التي كانت فيها شوكة الإخوان المسلمين أقوى من الدول الأخرى، من السعودية والإمارات".

 وقد كانت محاربة جماعة الإخوان المسلمين الأولوية القصوى لهاتين الدولتين الخليجيتين ولإدارة مصر الانقلابية في سياستهم العالمية، وفق الكاتب.

وأصبح الاعتراف بأن هذه الحركة "منظمة إرهابية" في جميع أنحاء العالم وحظر أنشطتها في البلدان ذات الصلة ـ إن وجدت ـ شرطا أساسيا في جميع العلاقات.

 وهنا تماما جاء دور محمد دحلان، الذي كان بعيدا عن وطنه لسنوات والذي يعرف بكراهيته للإخوان المسلمين، ليصبح أداة مفيدة في هذا الشأن، يقول الكاتب.

ويوضح أن دحلان ارتقى بشكل مفاجئ إلى منصب كبير مستشاري ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد. ويتحدث العديد من المحللين حول شخص عمل في الوحدات الاستخباراتية في فلسطين وأصبح الآن يعمل لصالح دولة الإمارات بمنصبه الجديد. 

فبعداءها للإخوان المسلمين خاصة بعد الربيع العربي، أقامت الإمارات (أو كادت) شراكة مع دحلان الذي عذب عناصر حركة المقاومة الإسلامية حماس في غزة لسنوات.

وتجمع صلات دحلان داخل كل من مصر وإسرائيل وعدوهما المشترك هذين الفاعلين معا، ليتمثل بذلك المثل الشهير للعرب "أنا على أخوي، وأنا وأخوي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب"، يشير الكاتب.

ويضيف: "كان دحلان رائدا دوما في زيادة فاعلية الإمارات في المنطقة خاصة بعد الربيع العربي، حيث أن تاريخه الاستخباراتي ساعد الإمارات بشكل كبير في تنشيط الخلايا النائمة في العديد من المناطق".

 وتم الكشف عن دور خلايا دحلان في الانقلابات المضادة في مصر وليبيا عام 2013. 

وتابع الكاتب: "لم يعد سرا أن دحلان و(رئيس النظام المصري عبدالفتاح) السيسي تواصلا قبل الانقلاب واتخذا ونفذا قرارات حول كيفية محاربة الإخوان المسلمين في الاجتماعات السرية التي عقدوها في فترة ما بعد الانقلاب".

 وقد تورط دحلان بشكل مباشر في محاولة انقلاب أخرى لتشكيل ليبيا من خلال دعم أحمد قذاف الدم، ابن عم العقيد الليبي الراحل معمر القذافي.

وظهر الدور الرئيس لدحلان في عهد ترامب ومشروع السلام المزعوم غير المؤكد الذي أعلنه تحت مسمى "صفقة القرن"، وكان لا بد من العثور وقتها على شخصية قوية بما أنه كان من الواضح أنه ليس من الممكن العمل مع الفاعلين المحليين الحاليين. 

وأردف الكاتب: "لم يكن هذا بالطبع سوى محمد دحلان، وقد قاد جاريد كوشنر (صهر ترامب) سياسة الإدارة الأميركية السابقة تجاه الشرق الأوسط".

إذ زار كوشنر الإمارات والسعودية مرارا وتكرارا في محاولة لتشكيل المنطقة. وقد لعب دحلان الذي يحمل لقب "قاتل الشرق الأوسط المأجور"، الدور القيادي في جهود صهر ترامب هذه.

سياسات دحلان

ويستدرك الكاتب: "بدأ اسم دحلان يحتل جدول الأعمال مرة أخرى في فلسطين خلال الأيام الأخيرة. ومن المفارقات أنه يواصل أو يحاول مواصلة المفاوضات مع كل من حماس وفتح حول الانتخابات".

 ولا تعدو محادثات دحلان مع حماس أن تكون وسيلة لن تستمر طويلا، وفق تقدير الكاتب التركي.  

على الناحية الأخرى وبما أن عباس هو من دفع دحلان لمغادرة فلسطين ومنعه من دخولها فمن الطبيعي أن يحاول الأخير التقارب مع منافسه الأكبر لمحاربة رئيس السلطة الحالي.

لكن سيكون من الحمق ـ على أبسط تقدير ـ أن تراه حماس حليفا حقيقيا بعد كل أعماله المظلمة في الشرق الأوسط، يقول الكاتب.

ويلفت إلى أن دحلان يوجه رسائل سياسية مهمة إلى حركة فتح عبر الصحافة، فهو يرسل إلى الشعب الفلسطيني رسالة مفادها أنه "يمكنكم استعادة الدعم الدولي الذي حرمت منه فلسطين لسنوات عديدة فقط من خلالي أنا"، بما أنه كان قد حصل على الكثير من المساعدات الدولية خاصة في عهد ترامب. 

وقد أرسل نفس الرسالة مؤخرا، من خلال لقاحات كورونا والأجهزة الصحية التي أرسلها بدعم من الإمارات.

ويضيف: من ناحية أخرى هناك تحول اجتماعي كبير في المجتمع الفلسطيني، حيث أن ما يقرب من نصف الشباب عاطلون عن العمل ويقترب هذا المعدل من 60 بالمئة في غزة. 

وزاد الكاتب أن "غالبية الشباب يجهلون حركات الانتفاضة، إضافة إلى أنهم يائسون من المستقبل. ولأنهم يعتقدون أن الفصائل السياسية الحالية قد فشلت، فليس لديهم أي توقعات منها. وبما أن دحلان يعرف هذا تماما، فإنه يستهدف هذه الشريحة باستمرار في خطاباته".

ويختم بوزباش مقاله بالقول: "هناك محاولات لإعادة تشكيل المنطقة من جديد من خلال دحلان. لقد كان واضحا أنه كان يعمل في المنطقة لصالح إدارة ترامب التي استمرت أربع سنوات".

 وبما أن دوره الحالي غير واضح حتى الآن فقد يكون الدور الجديد الذي وكل إليه يتمثل في إرباك السياسة الفلسطينية في الفترة التي يتم فيها التراجع عن الخطوات المتخذة في إطار "صفقة القرن"، بحسب الكاتب.

ويرى أنه يجب على حماس وفتح أن يعملوا على حماية قضيتهم بفتح قنوات التواصل بين بعضهم البعض وليس بالتحالف مع دحلان. 

ويقول: "في إشارة إلى المثل العربي، يجب تمييز الإخوة عن الأعداء بشكل صحيح".