"لا رؤية ولا هدف".. موقع تركي يلخص 8 سنوات من حكم السيسي

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع تركي أن المنافسة في شرق البحر الأبيض المتوسط، أجبرت الدول على التعاون في محاولة منها لتأمين وحماية مصالحها الخاصة وخاصة في الأشهر الأخيرة.

وأوضح موقع "فيكير تورو" في مقال للكاتب إسماعيل نعمان تيلجي، أن "المسؤولين في مصر وتركيا أعلنوا ولأول مرة بعد 8 سنوات، بدء الاتصالات بينهما على المستوى الدبلوماسي بين وزارات الخارجية والمخابرات".

وتابع: "وبما أن السؤال الرئيس يدور حول ما إذا كانت هذه الخطوات ستؤدي إلى تطبيع كامل في العلاقات، فقد يساهم إلقاء نظرة قريبة على مصر ودينامياتها السياسية واقتصادها وقوة جيشها وبنيته الاجتماعية، في الوصول إلى تحليلات أكثر دقة وصحة".

واعتبر تيلجي أن "مصر رغم أنها دولة مكتفية ذاتيا من حيث الموارد الطبيعية، إلا أنها لا تستطيع تحقيق تقدم جاد من حيث الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية لأسباب تتعلق بسوء الإدارة وتدخل الفاعلين الإقليميين والعالميين في شؤونها الداخلية".

الشعب فقد ثقته

وذكر تيلجي أن "العديد من الخبراء يعتبرون إدارة (رئيس النظام المصري) عبد الفتاح السيسي الذي تولى السلطة بعد الانقلاب العسكري على الرئيس الشرعي محمد مرسي عام 2013، إدارة فاشلة بسبب موقفها القمعي تجاه المعارضة وخطواتها المغامرة في السياسة الخارجية".

وأضاف: "هنا سيكون من الجدير الحديث عن مشاكل السياسة الداخلية والخارجية لمصر والذي يزيدها نظام السيسي تعقيدا، فبالنظر إلى ماضيها وتقاليدها وعمقها الثقافي، يمكن اعتبار مصر واحدة من أقدم الدول في الشرق الأوسط بلا منازع".

واستدرك قائلا: "لكن مصر التي تآكلت أهميتها الإقليمية وتراجعت نفوذها خاصة بعد الرئيس الأسبق أنور السادات، وراحت ضحية للقيادة السياسية التي لم تتمكن من التحول لنظام مدني في السنوات الأخيرة، مما تسبب في تزعزع ثقة الشعب في المؤسسة السياسية وفقدان ولائه للدولة".

وتشكل السياسات الإقصائية التي نفذتها الإدارة التي وصلت إلى السلطة بعد انقلاب 2013 أحد أهم الأسباب، فقد دفعت انتهاكات حقوق الإنسان التي تنتقدها المنظمات الدولية وقمع المعارضة السياسية، المثقفين والشباب والأثرياء المصريين لمغادرة بلادهم، ليتحول الجيل الديناميكي والمتعلم إلى "جيل غير فعال إلى حد كبير"، بحسب الكاتب التركي.

وأضاف قائلا: "السياسات الشاملة والإقصائية المتبعة من أجل منع المعارضة السياسية في بلد مثل مصر والتي تملك ماض حضاري قديم وتتقبل تاريخها، وتملك نسيجا اجتماعيا منتجا وتعدديا ومنوعا ثقافيا، قد حولت المجتمع الديناميكي إلى مجتمع راكد ذا هيكل خامل". 

وشدد تيلجي على  أن "هذا الوضع ينعكس في كل المجالات من الاقتصاد إلى التعليم، ومن الثقافة إلى التجارة ومن حياة السياسة إلى السياسة الخارجية، لتصبح الدولة ذات بنية ضعيفة وغير فعالة لا تملك رؤية ولا هدفا بعد أن حافظت على مكانتها الريادية في العالم العربي لسنوات".

وأوضح أن "السياسات التي تنتهجها إدارة السيسي في السياسة الداخلية والخارجية بعيدة عن الدعم الاجتماعي، فلم يقتنع معظم المجتمع بالعديد من القضايا، لا سيما السياسة المتبعة ضد جماعة الإخوان المسلمين، لذلك، فإن التأييد والدعم الذي يتلقاه السيسي منخفض للغاية، وقد أدى عدم الرضا عن الإدارة إلى استمرار سخط الشعب".

المشاكل الاقتصادية

ويرى تيلجي أن "المؤشرات الاقتصادية السيئة تجعل من إدارة السيسي أكثر هشاشة في السياسة الداخلية والخارجية، فخلال فترة حكم حسني مبارك التي استمرت لثلاثين عاما (1981-2011)، كانت مصر تحاول إنعاش اقتصادها السيء من خلال قطاعات السياحة والموارد الطبيعية، لكن هذا الوضع بدأ يزداد سوءا مع الثورة عام 2011".

وتابع: "مع أن حالة عدم اليقين التي سادت فترة ما بعد الثورة أثرت سلبا على اقتصاد البلاد، إلا أن مناخ الاستقرار الذي ساد لفترة قصيرة مع انتخاب محمد مرسي رئيسا عام 2012 كان له تأثير إيجابي على الاقتصاد".

وشرح ذلك بالقول: "فقد جرت في هذه الفترة محاولات لحل المشاكل الناجمة عن الوضع الاقتصادي الثقيل الموروث عن النظام السابق، كما تمت زيادة الدعم والتوظيف والرواتب، وقد قدمت كل من تركيا وقطر وليبيا دعما ماليا للقاهرة خلال هذه الفترة التي كان فيها صندوق النقد الدولي مترددا في تقديم قروض لمصر".

واستدرك قائلا: "أما السيسي فقد حدد خطته الاقتصادية في زيادة إمدادات الطاقة، وزيادة التمويل الأجنبي، وتوسيع القطاع الخاص، عندما تولى منصبه عام 2013 ولجأ في ذلك إلى الدعم الخارجي، وفي هذا السياق، أعلنت السعودية والإمارات، اللتان دعمتا الانقلاب العسكري في مصر، عن حزمة مساعدات بقيمة 12 مليار دولار".

وفي عام 2016، تلقت مصر قرض إنقاذ مدته 3 سنوات بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، وبينما تسبب هذا القرض في ظروف قاسية، تم قطع دعم الدولة عن الضروريات الأساسية مثل الغذاء والوقود مع إدخال ضريبة قيمة مضافة جديدة في إطار الإصلاحات التي تم إجراؤها في هذا السياق، وفقا للكاتب.

وأردف: "وهكذا أصبحت الظروف المعيشية للفقراء والطبقة الوسطى الذين يشكلون غالبية المجتمع، صعبة للغاية، وقد أدى الكشف عن فساد إدارة السيسي إلى غضب الشعب، ورغم أن الحكومة حظرت جميع أنواع الاحتجاجات، نزل الآلاف إلى الشوارع في الأشهر الأخيرة من عام 2019 للاحتجاج على سياسات السيسي وخاصة مزاعم الفساد المتعلقة به".

فشل ذريع

وبحسب تيلجي فإن "المكانة التي يحتلها الجيش في السياسة والاقتصاد تميز مصر عن العديد من البلدان الأخرى، حيث يعتبر أهم قوة اقتصادية في البلاد بما أنه يملك أنشطة مكثفة في العديد من القطاعات من الصناعات الدفاعية إلى الصناعة، ومن المنسوجات إلى الغذاء، ومن الزراعة إلى الاتصالات".

وأضاف: "يمكن القول إن الجيش المصري، يواجه الكثير من المشاكل من حيث القدرات والوظائف والتشغيل، حتى أنه ليعجر عن التصدي لهجمات تنظيم ولاية سيناء بسبب النقص الذي يعانيه في المعدات الضرورية في الرد على التهديدات الحديثة ومكافحة التنظيمات الإرهابية، وهذا يتسبب في إثارة ردود فعل خطيرة ضد إدارة السيسي".

وأردف تيلجي قائلا: "للتقليل من ردود الفعل هذه، تزيد الحكومة من مشتريات الأسلحة خاصة من الخارج، في محاولة للحفاظ على صورة جيش قوي أمام الرأي العام، وفي هذا السياق، من المعروف أن مصر تلقت كمية كبيرة من الأسلحة من دول مثل فرنسا وروسيا وإنجلترا والولايات المتحدة في الفترة ما بعد الانقلاب العسكري عام 2013".

من ناحية أخرى، تقف دول الخليج التي تدعم السيسي وتهدف إلى الحفاظ على قوته وراء عمليات شراء الأسلحة لبلد يعاني من صعوبات اقتصادية، فالجهات الفاعلة مثل السعودية والإمارات، لا تقدم الدعم المالي فحسب، بل تستخدم أيضا أدواتها الدبلوماسية والاقتصادية وعلاقاتها لجذب رؤوس الأموال العالمية إلى مصر، بحسب الكاتب التركي.

واستطرد تيلجي: "من ناحية أخرى تواجه مصر مشكلات في السياسة الخارجية أيضا، فقد كانت مع شركائها الخليجيين من الدول التي دعمت اللواء الانقلابي خليفة حفتر الذي حاول إسقاط الحكومة الشرعية في ليبيا بانقلاب عسكري عام 2019، لكن تدخل تركيا وفشل محاولات حفتر، أجبر مصر على مراجعة سياستها، لتنهي دعمها لحفتر وتعيد استئناف علاقاتها مع إدارة طرابلس بأجندة إيجابية".

ويعتبر بناء سد إثيوبيا على النيل تحد آخر تواجهه إدارة السيسي، حيث فشلت في التوصل إلى اتفاق مع إثيوبيا حول بناء سد النهضة والذي سيسبب مشاكل كبيرة في السنوات المقبلة لمصر، "فشلا ذريعا"، وفقا للباحث.

وأردف قائلا: "كما تواجه مصر مشكلة أخرى في البحر الأحمر، حيث تركت جزر تيران وصنافير، التي كانت تعتبر تابعة إلى مصر لسنوات عديدة، إلى السعودية بعد الانقلاب العسكري، مما تسبب في بدء مظاهرات بمشاركة واسعة في جميع أنحاء البلاد ضد هذا القرار".

وأكد أن "قضية فلسطين تعتبر قضية أخرى ذات تأثير مماثل، فقد رفعت إدارة السيسي، التي أمرت بهدم الأنفاق في غزة، علاقاتها مع تل أبيب إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، وقبلت سياسات الاحتلال الإسرائيلي دون أي اعتراض، لتفقد سمعتها لدى الشعب المصري، الذي يملك حساسية كبيرة تجاه قضية فلسطين".

وختم تيلجي مقاله بالقول: إن "الإصرار على سياسة معاكسة بدلا من تبني المؤسسات الديمقراطية وتعزيزها، سيؤخر مصر في الوصول إلى الديمقراطية، ويؤجل أجندة التنمية، ويبعد البلاد عن مكانتها التي تستحقها في السياسات الإقليمية والعالمية".