إسرائيل قلقة من المصالحة المصرية التركية المحتملة.. ما التوقعات؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

تصاعدت الأزمات بين أنقرة والقاهرة خلال السنوات الأخيرة، وسط صراع بحري في شرق المتوسط وخلافات سياسية عقب الانقلاب العسكري بقيادة عبدالفتاح السيسي عام 2013.

لكن يثير التحول المفاجئ في نهج العلاقة تساؤلات حول نوايا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في وقت ترى أوساط إسرائيلية أنه يجب على تل أبيب وبعض دول المنطقة "الانتباه إلى هذه التطورات". 

وخلال مارس/آذار، أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، بدء اتصالات دبلوماسية بين تركيا ومصر من أجل إعادة العلاقات إلى طبيعتها.

وأوضح تشاووش أوغلو، أن أي من البلدين لم يطرح شروطا مسبقة من أجل بدء تلك الاتصالات الدبلوماسية.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2020 أعلن وزير الخارجية التركي أن بلاده ومصر "تسعيان لتحديد خارطة طريق بشأن علاقاتهما الثنائية".

وانطلاقا من الموقف التركي الرافض للانقلابات باعتبارها خيارا غير ديمقراطي، عارضت أنقرة الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، أول رئيس مصري مدني منتخب عام 2013، ما أدى إلى تدهور العلاقات بين البلدين، لكن العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما استمرت بشكل طبيعي.

وجاء التحسن الأخير في العلاقات بعد إعلان مصر  عن مناقصة للبحث عن الطاقة الهيدروكربونية، تأخذ بعين الاعتبار حدود الجرف القاري لتركيا، وهو الأمر الذي أشادت به أنقرة.

مطالبات تركيا

وأشار معهد دراسات الأمن القومي العبري إلى أن قبرص (الرومية) وإسرائيل ومصر قدمت خلال العقد الماضي إيضاحات حول حقول الغاز الكبيرة بالقرب من شواطئهم.

وبحسب المعهد: "تستند حقوقهم في المجالات إلى اتفاقية الأمم المتحدة للقانون البحري (UNCLOS)، والتي تستخدم قانونا أيضا للبلدان التي لم توقع عليها، بما في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة".

وأكد أن القانون البحري يعد بمثابة تهديد للحقوق المتعلقة بالمياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الحصرية (EEZ)، مثل الأرض البرية في حالات التداخل للدول المالكة، ويصبح الخط ​​الخارجي على شكل منطقة حدودية.

ونوه المعهد إلى أنه وفقا لاتفاقية القانون البحري، فإن لليونان حقوق بحرية مهمة كبيرة في تركيا. 

لذلك ترفض أنقرة اتفاقية القانون البحري معللة ذلك بأن هذا لا يعطي اليونان الحق بملكية مياه اقتصادية، والمطالبة بملكية المياه والغاز التي يعطيها القانون الدولي أثينا وقبرص (الرومية)، بحسب المعهد.

بالإضافة إلى ذلك، فإن أنقرة مصممة على أن للجمهورية التركية فقط حقوق في الغاز في شمال قبرص والتي تعترف هي بها فقط.

وفيما يتعلق بهذا الشأن، أفادت صحيفة "ديلي صباح" اليومية التركية في الأول من مارس / آذار 2021، بأنهم بحثوا عن الهيدروكربونات التي تضعها مصر في شرق المتوسط واكتشفوا أنها ​​لن تنتهك مطالبات تركيا. 

وأثنى وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو في 3 مارس/آذار على مصر، لاحترامها الجرف القاري التركي في شرق البحر المتوسط، مما يدل على حقوق أنقرة البحرية. وأضافت الصحافة التركية أن أنقرة قد تدير مفاوضات مع القاهرة بشأن اتفاقية الحدود البحرية.

ولفت المعهد العبري إلى تلميحات الاعتراف من جانب مصر في المطالبات التركية أنها أزعجت أثينا، وهرعت القاهرة إلى تبديد تلك المخاوف بشأن التزاماتها مع اليونان.

وأشار المحاضر في الإستراتيجية والسياسة الدكتور صمويل هالبونت إلى أن مصر واليونان وقعا في أغسطس/آب 2020 على صفقة جزئية تجتاز حدودهم البحرية.

 وعقب التقارير في الصحافة التركية، أكد المسؤولون المصريون أن اليونان وقبرص ستكونا جزءا من أي مفاوضات بحرية بين مصر وتركيا.

كما ذكرت الصحافة المصرية أن رئيس النظام عبد الفتاح السيسي اتصل برئيس وزراء اليونان "كرياكوس ميتسوتاكيس" للتأكيد على العلاقات الثنائية الوثيقة وعلى التزامه بالتعاون في "الطاقة والاقتصاد والأمن".

ويرى هالبونت أن مصر لديها الكثير مما ستخسره إذا تخلت عن مشاركتها (مع اليونان وقبرص الرومية) في شرق البحر المتوسط.

ويتابع: فعندما أسقط الجيش المصري حكومة جماعة الإخوان المسلمين التابعة لمحمد مرسي، أصبح أردوغان أحد المعارضين الأكثر حدة للنظام الجديد الذي أقامه السيسي. علاوة على ذلك، ترى القاهرة بدعم أنقرة للإسلاميين تهديد وجودي.

وتستند بعض المطالب البحرية التركية إلى اتفاق وقعت عليه تركيا في عام 2019 مع حكومة الوفاق الوطني الليبية، والذي تعارضه مصر بشدة.

داعم قوي

وأشار هالبونت إلى أن مصر كانت داعم قوي للتحالفات الإقليمية ضد تركيا. ففي عام 2019، أقامت كلا من اليونان، قبرص، إسرائيل، الأردن، السلطة الفلسطينية وإيطاليا منتدى إيست ميد "منتدى غاز الشرق الأوسط"، الذي يقع مقره في القاهرة.

جرى آنذاك استبعاد تركيا بشكل ملحوظ من المنتدى. بالإضافة إلى ذلك وسعت إسرائيل واليونان وقبرص ومصر التعاون الأمني ​​بينهما.

وبحسب الكاتب فإن هناك ثلاثة أسباب مشكوك فيها فيما يتعلق بالتزام مصر بالتحالفات الجيوسياسية الحالية: أولا، أصدرت الصحافة العربية تقارير عن محاولات الاقتراب بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والقاهرة من ناحية أخرى مع أنقرة.

ويرى هالبونت أن هذه البلدان تشعر بالقلق في العلاقة مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. وعلى الرغم من عدم رضاها عن سياسة تركيا، فإنها قد تحمي نفسها من خلال إعادة تأهيل الروابط الإقليمية.

ثانيا: إن الكتلة المناهضة لتركيا في شرق البحر المتوسط ​​مرتبطة بتحالفات غربية، لكن القاهرة مؤخرا أثبتت أنها تقوم بتحركات مستقلة.

وأشار هالبونت إلى أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، انضمت مصر إلى روسيا إلى أول مناورة مشتركة أجريت في البحر الأسود، وهي تخطط لشراء الطائرات الحربية الروسية  من نوع  SU-35 , على الرغم من إمكانية تعرضها لعقوبات أميركية.

ومن المحتمل أن يكون للتوجه المصري إلى روسيا دلالات أكثر لمناورة تركيا بدلا من الابتعاد عن الغرب. ولكن من المفارقات أن مصر قد تتعامل مع مصير مماثل لأنقرة. فبعد حصول أنقرة على نظام الدفاع الجوي إس 400 الروسي، توترت العلاقات مع واشنطن.

ثالثا: لا تتوافق مصالح مصر تماما مع اليونان وقبرص الرومية فيما يتعلق باستخدام الطاقة. وفي إطار الصفقة مع تركيا، ستحصل القاهرة على حقوق المياه التي تدعي نيقوسيا وأثينا ملكيتها الآن. 

وتخطط إسرائيل وقبرص واليونان لإنشاء خط أنابيب تحت الماء يخرج من نيقوسيا ويصل إلى إيطاليا. وطرحت تل أبيب والقاهرة مؤخرا فكرة خط أنابيب ينحدر من حقول الغاز الإسرائيلية جنوبا باتجاه مصر.

ويعتقد هالبونت أن مثل هذا المشروع سيستبعد تركيا، لكنه سيوفر المرور في المياه اليونانية التي تدعي أنقرة أن ملكيتها عليها أمر مثير للجدل وسيتجاوز قبرص أيضا. 

ولفت المحاضر هالبونت إلى أن قبرص كانت قد أعربت سابقا عن اهتمامها بإطلاق غازها إلى مصر لتحويله إلى غاز طبيعي مسال.

لكن لا شك في أن أثينا ونيقوسيا لن تكونا سعداء بخط أنابيب من شأنه أن يعطي اعترافا ضمنيا بمطالبات تركيا البحرية على حسابهما، وأن هذه المخاوف تقوض إلى حد ما مصداقية التقارير التركية حول تغيير السياسة في القاهرة، وفق قوله.

ويرى هالبونت أنه على الرغم من أنه من غير المرجح أن تتغير سياسة مصر، إلا أن هذه التحذيرات ربما لا تزال تساعد الإستراتيجية التركية. وحتى وقت قريب كانت تركيا تعتمد بشكل شبه حصري على أسطولها البحري لفرض مطالبها.

وخلص المحاضر هالبونت إلى القول إن الصفقات المتكاملة التي شكلتها مصر وقبرص واليونان تعد بمثابة كتلة موحدة مناهضة لتركيا، قادت أردوغان بنهاية المطاف ليجد نفسه في عزلة إقليمية، بحسب تعبيره.