وسط شلل سياسي واقتصادي.. لهذا أرسلت تونس أول قمر صناعي للفضاء

12

طباعة

مشاركة

في 22 مارس/آذار 2021، أطلقت تونس أول قمر صناعي محلي الصنع باسم "تحدي 1"، على متن صاروخ روسي، في خطوة صغيرة دوليا لكنها كبيرة بالنسبة للدولة المغاربية.

و"تحدي 1" أول قمر صناعي تونسي مصنع بإمكانيات محلية، مختص في "إنترنت الأشياء" (Internet Of Things).

و"إنترنت الأشياء" مفهوم متطور لشبكة الإنترنت بحيث تمتلك كل الأشياء في حياتنا قابلية الاتصال بالشبكة العنكبوتية، لأداء وظائف محددة من خلال الشبكة، ويستفاد منها في الأنظمة الصناعية الحديثة. 

مصنع محليا

وتقول صحيفة لوموند الفرنسية إن تونس هو البلد الأول في المنطقة المغاربية والسادس في إفريقيا الذي يصنع قمرا صناعيا خاصا به لإنترنت الأشياء.

وتذكر أنها خطوة صغيرة في مجال الطيران الفضائي، لكنها خطوة كبيرة لتونس، حيث يفتح هذا الإطلاق آفاقا محلية جديدة للمهندسين الشباب المغتربين بأعداد كبيرة. 

وبحسب الموقع المتخصص "سبيس أوف أفريكا"، سبقت تونس في القارة الإفريقية إلى صنع قمرها الخاص، كل من جنوب إفريقيا ومصر وغانا.

تم تصنيع القمر الصناعي "تحدي 1"، بواسطة فريق من مجموعة الاتصالات السلكية واللاسلكية التونسية "تالنات"، ومعظم مهندسيها الذين درسوا محليا، تتراوح أعمارهم بين 25 و30 عاما. 

يقول خليل شيحا صاحب 27 ربيعا، الذي أكمل دراسته في المعهد العالي للإلكترونيك والاتصال بصفاقس: "أنا فخور بالمشاركة في هذا المشروع، إن العمل في قطاع الطيران والفضاء هو حلم".

وتؤكد المهندسة هيفاء التريكي (28 عاما)، أنها تابعت من تونس رحلة الكبسولة سويوز التي تحمل القمر الصناعي بقولها "تأثرنا كثيرا، كان ذلك بعد ثلاث سنوات من العمل المكثف، كانت الأجواء جيدة وسط تحدي متمثل في تعلم التقنيات الجديدة، ضحينا كثيرا، لكن الأمر كان يستحق".  

"حلم تحقق"

وانطلق الصاروخ من بايكونور في كازاخستان، وتابعه الرئيس قيس سعيد مباشرة من تونس، حيث انضم إلى المهندسين والصحفيين في مقر تالنات. 

وقال سعيد عن ذلك "ثروتنا الحقيقية هي الشباب الذي يمكن أن يواجه العقبات"، مؤكدا أن تونس المنغمسة في أزمة اجتماعية وسياسية لا تنقصها الموارد بل "الإرادة الوطنية".

 وشدد في ذات السياق على ذلك بقوله: "نحن فخورون بشبابنا والأدمغة التونسية حول العالم".

يغادر عدة آلاف من المهندسين تونس كل عام للعمل في الخارج. كان فريق مشروع القمر الصناعي "تحدي 1" مدعوما بشكل خاص من قبل المهندسين التونسيين المغتربين، وقد شارك أحدهم في مهمة ناسا الأخيرة إلى المريخ. 

أوضح مدير المشروع في تالنات أنيس يوسف، قبل أيام قليلة من الإطلاق "إنه حقا حلم أصبح حقيقة".

يهدف هذا القمر الصناعي إلى تلبية الحاجة المتزايدة لاتصال الأقمار الصناعية بالأشياء، حيث أن أقل من 20 بالمئة من سطح الأرض مغطى بشبكة الإنترنت الأرضية. 

قال أحمد الفاضل، مهندس طيران مقيم في بلجيكا ورئيس الجمعية التونسية للفضاء: "هذه مشكلة كبيرة للزراعة أو المركبات المتصلة بالإنترنت". 

وأضاف في ذات السياق: بينما يزدهر الفضاء في العالم العربي وفي إفريقيا، حيث أطلقت 11 دولة إفريقية من أصل 55 دولة أقمارا صناعية، فإن "نادي منتجيها مغلق تماما".

التقدم التكنولوجي

وفقا لـ "تالنات"، تبلغ قدرة القمر الصناعي "تحدي 1" على نقل 250 كيلوبايت من البيانات في الثانية على مدى ارتفاع 550 كيلومترا. 

تعتزم تالنات إطلاق كوكبة من أكثر من 20 قمرا صناعيا في غضون ثلاث سنوات، بالشراكة مع دول إفريقية أخرى، من أجل استغلال هذه التكنولوجيا تجاريا. 

وقال الرئيس التنفيذي لشركة تالنات محمد فريخة لوكالة الأنباء الفرنسية "هذا يمهد الطريق لفتح خدمة مبتكرة للمنطقة في مجال يتوسع بسرعة".

إلى جانب التقدم التكنولوجي، أكد على "فتح آفاق التوظيف المحلية للمهندسين التونسيين". 

تقول المهندسة التريكي إن "فرص العمل موجودة في تونس. لكن تكمن المشكلة في ترغيب المهندسين الشباب على البقاء في البلاد". 

وتابعت أنه "يجب أن ينسج النظام الاقتصادي فرص لتحفيز الشباب، ليكون لديهم مشاغل أخرى تتعلق بتحقيق طموحاتهم، ولكن أيضا ظروف اجتماعية أفضل". 

تونس التي تضررت بشدة من التداعيات الاجتماعية لوباء كوفيد-19 (كورونا)، مشلولة بسبب أزمة سياسية وتتأثر بتحركات اجتماعية عديدة، وهو ما يدفع الشباب إلى مغادرة البلاد سواء بطريقة قانونية أو عن طريق الهجرة السرية، وفق لوموند.