بعد 10 سنوات على الثورة.. لماذا تعيد المعارضة السورية هيكلة نفسها؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مع مرور عقد على اندلاع الثورة السورية، يجري "الائتلاف السوري" المعارض إعادة في الهيكلية على مستوى العضوية والتمثيل العسكري، ضمن خطة إصلاحية شاملة نظرا للمتغيرات والمعطيات الميدانية، فضلا عن انتقادات وجهت إليه.

العمل على إعادة هيكلة الائتلاف المعارض، الذي يعتبر الواجهة الرسمية لقوى المعارضة والمعترف به من المجتمع الدولي، أثار تساؤلات عديدة بشأن طبيعة هذه التغييرات، وهل من شأنها التأثير على عمل المعارضة في المستقبل؟

توسعة الائتلاف

واحدة من الأسباب التي دفعت "الائتلاف المعارض" إلى إجراء إصلاحات في جسمه، هو توجهه لإجراء توسعة في القوى الممثلة فيه، وذلك من خلال ضم مكونات سورية غير ممثلة، ولا سيما من الأقليات، لتمثيل أطياف الشعب السوري داخل الائتلاف.

وأفادت تقارير نشرتها مواقع سورية معارضة في 15 مارس/ آذار 2021، بأن الأسماء التي انضمت ضمن التوسع الجديد هم: "علا عباس، خزامة العفيف، عبد المجيد الشريف، حافظ قرقوط وفؤاد حميرة".

ولفتت إلى أن إعادة الهيكلة تأتي بضغط دولي الهدف منه تنظيم عمل الائتلاف ومشاركة عدد أكبر من مكونات المجتمع السوري، وخلق "خطة إصلاحية" تحاول تقويم عمله مع الحديث عن إنشاء مجلس عسكري مشترك يحضر للمرحلة الانتقالية للحكم في سوريا.

وبحسب عقاب يحيى نائب رئيس الائتلاف، فإن الهدف من كل ذلك، هو زيادة مشروعيته التي يعد أساسها تمثيل الداخل السوري، وزيادة حضوره في الشمال المُحرر، حتى يكون الائتلاف معبرا عن الشارع السوري، وتستمر فاعليته في العملية السياسية السورية.

وأضاف يحيى خلال تصريحات صحفية في 18 مارس/آذار 2021 أن مشروع الائتلاف يتضمن تجديد الخطاب الوطني، أي الانتقال من حالة الثورة والمعارضة إلى المسؤولية عن مختلف مكونات الشعب السوري، في مناطق النظام وقوات "قسد"، و"هيئة تحرير الشام"، وهذا ما استدعى حوارات ولقاءات ومشاورات دائمة.

لكن تقارير صحفية في 28 فبراير/ شباط 2021 نقلت عن مصادر في "الائتلاف" لم تكشف عن هويتها، قولها إن عملية إعادة الهيكلة لعضوية أعضاء الائتلاف ليست سوى صفقة و"بازار" (السوق) بين كتلتين، الأولى يقودها رئيس الائتلاف نصر الحريري، والثانية يقودها عضو الائتلاف بدر جاموس.

وأشارت التقارير إلى أن القصة بدأت عندما اتخذ الائتلاف خلال الدورة الرئاسية الماضية قرارا بتوسعته، فشكّلت لجنة مؤقتة من عشرة أشخاص.

ومن مهمة هؤلاء اختيار عشرة أعضاء جدد للائتلاف عن مكونات دينية وعرقية غير ممثلة فيه. وقد حدثت بعض المشاكل داخل هذه اللجنة إلا أنهم استقروا على ترشيح 10 أسماء، اعتذر أربعة منهم عن الدخول ضمن أعضاء الائتلاف ليبقى منهم ستة، حسب المصادر.

واتهم المصدر الحريري بإعاقة عملية انضمام الأشخاص الستة لعضوية الائتلاف، فيما سعى لهيكلة عضوية العسكر ليضمن دخول مقربين منه إلى الائتلاف من فصائل يحسب نفسه عليها وتحسب نفسها عليه. وهو ما عارضه جاموس الذي لا يرغب في أن تكون هناك مرجعية واحدة للعسكر لكي يسهل السيطرة على رأيهم، وفقا للمصادر.

ولفتت المصادر إلى أن الطرفين وصلا أخيرا إلى اتفاق بما يشبه "البازار" (السوق)، خلاصته: يوافق الحريري على دخول الأعضاء الستة الجدد الذين اختارتهم لجنة توسعة العضوية وهم يمثلون أقليات معينة، مقابل موافقة جاموس وكتلته على هيكلة العسكر بالشكل المطروح أخيراً، ليصبح عدد أعضاء الائتلاف 94 عضوا. 

إصلاحات عسكرية

وفي الجانب العسكري، أوضح عقاب يحيى في تصريحاته أن الائتلاف يتطلع لبناء "جيش وطني"، للقيام بمهام حماية المناطق المحررة بعيدا عن الجانب السياسي، خصوصا مع زيادة التحديات الأمنية المتمثلة باستهداف الشمال السوري بالعمليات الإرهابية.

وكانت رئاسة الائتلاف، قد فصلت في فبراير/ شباط 2021 عددا من الأعضاء المحسوبين على التكتل السياسي لفصائل عسكرية معارضة، ومنهم العقيد فاتح حسون، ومحمد الفضلي، وبشار الزعبي، وراكان خضير، والعميد محمد رجب رشيد.

وحول أسباب إلغاء عضوية هذه الشخصيات، قالت نائب رئيس الائتلاف، ربا حبوش خلال تصريحات صحفية في 28 فبراير/ شباط 2021، إن إعادة النظر بالعضوية تأتي في إطار الإصلاحات العامة في طريقة عمل الائتلاف، ووجوده في الشمال السوري.

وأضافت أن الفصائل الممثلة بالجيش الوطني والهيئة الوطنية للتحرير، لهم الحق في استبدال الأعضاء، بحيث سيجري استبدال الممثلين للفصائل في الائتلاف، بما يتوافق مع انتشارها على الأرض. 

بمعنى آخر، هناك فصائل لم يعد لها وجود على الأرض، مثل فصائل الجنوب السوري، وفصائل حمص، ويجب استبدال الأعضاء الذين كانوا يمثلونها.

وأشارت حبوش إلى أن لدى الائتلاف مشاريع إصلاحية عدة، ومن أهمها وجوده على الأراضي السورية، كاشفة عن اعتزام الائتلاف إنشاء مكتب إعلامي في الشمال السوري.

ولفتت إلى أن "إصلاح الائتلاف لا يقتصر على الهيكلية والتمثيل، وإنما بطريقة عمله".

من جانبه، أوضح عضو الهيئة العامة في الائتلاف، زكريا ملاحفجي، أن الائتلاف شكل في وقت سابق لجنة لإصلاح العضوية، وتم اقتراح فصل الأعضاء الذين يمثلون فصائل عسكرية تلاشت (فصائل الجنوب، فصائل حمص) نتيجة التطورات العسكرية على الأرض.

وأشار خلال تصريحات صحفية في 28 فبراير/ شباط 2021 أنه جرى الاتفاق على اختيار "الجيش الوطني" المتواجد في مناطق العمليات العسكرية التركية (درع الفرات، غصن الزيتون، نبع السلام)، و"الجبهة الوطنية للتحرير" المتواجدة في إدلب، سبعة أعضاء لكل منهما، ليتم تشكيل "كتلة العسكر" داخل الائتلاف.

ويضم الائتلاف السوري المعارض في عضويته ممثلين عن 22 كتلة وتيارا وحزبا معارضا هي: "كتلة المجالس المحلية، تجمع العاملين في الدولة، المكون التركماني، المجلس الوطني الكردي، المكون السرياني الآشوري، رابطة العلماء السوريين، الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية، الإخوان المسلمين".

وكذلك ينضوي تحت لواء الائتلاف: "التيار الوطني السوري، إعلان دمشق، مجلس القبائل والعشائر السورية، حركة العمل الوطني، التيار الشعبي، رابطة المستقلين الكرد، فصائل الجيش الحر، الحركة الكردية المستقلة، كتلة الحراك الثوري، كتلة المستقلين، تيار المستقبل، الكتلة الوطنية المؤسسة، المنظمة الآثورية الديمقراطية وكتلة الديمقراطيين المستقلين".

"معارضة جديدة"

من جهته، تحدث الكاتب السوري رياض معسعس عن "عودة رياض حجاب (رئيس الوزراء السوري السابق) للظهور مجددا".

وقال خلال مقال نشره في موقع "السوري اليوم" في 20 مارس/ آذار 2021  إن حجاب "دعا لإعادة هيكلة المعارضة السورية، وكأن هناك نية في تشكيلة معارضة جديدة تتماشى مع المرحلة المخطط لها لا تشارك فيها وجوه تفتقر للشعبية بعد فشلها الذريع في تمثيل الثورة والشعب السوري".

أما المحلل السياسي، عبد الكريم العمر، فقد رأى أن التحركات التي تجريها المعارضة، كان يجب العمل عليها منذ سنوات وليس الآن، لافتا إلى أنه "مع ذلك تعتبر إجراءات ضعيفة جدا لا تقاس بحجم الصمود والتضحيات التي قدمها شعبنا في عقد الثورة".

وقال العمر خلال تصريحات صحفية في 18 مارس/آذار 2021 إن "انقسام المعارضة أضعف دورها ومكانتها شعبيا في الداخل وخارجيا على مستوى الحضور الدولي وما كان للقضية السورية أن تأخذ بعضا من مكانتها إلا بصمود أبناء الثورة، وليس بسبب وجود المعارضة السورية التي كانت بعيدة جدا عن الشارع وكانت في واد آخر".

واستدرك العمر قائلا: "محاولات الإصلاح التي يجريها الائتلاف وعقد اجتماعاته بالداخل السوري منذ بضعة شهور هي لا شك خطوات إيجابية ولكنها بطيئة جدا، والمطلوب أكثر من ذلك".

من جهته، قال المحلل السياسي موسى جرادات خلال تصريحات صحفية في الثاني من مارس/آذار 2021 إن عملية الهيكلة المتجددة للائتلاف المعارض، "لم تكن إلا استجابة لنداء الراعي والداعم له، وهي ضمن الجسم نفسه، دون إحداث أي تغيير أو ضخ دماء ورؤى جديدة".

وأشار إلى أن "أي تحول اليوم في جسم الائتلاف سواء طال التمثيل الداخلي للقوى المنضوية في إطاره أو طال ممثليه وقادته لا معنى له، إذا لم يكن هذا الجسم معبرا بالضرورة عن متطلبات المرحلة".

وشدد جرادات على أن الائتلاف لا يزال "يمتلك الحد الأدنى من شرعية تمثيل المعارضة السورية في أي تفاوض مستقبلي، لكن هذا التمثيل سيبقى قاصرا إذا بقي أسير معادلة الإقليم المتحكم فيه".

ورأى المحلل السياسي، أن "المعادلة الإقليمية تنظر بالدرجة الأولى إلى مصالحها أولا وقبل كل شيء، إذ لا يمكن لها دائما أن تتقاطع مع مصالح من يمثله الائتلاف".

وفي السياق، قال الكاتب السوري بكر صدقي خلال مقال نشرته صحيفة "القدس العربي" في 17 مارس/آذار 2021 إنه "بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى، يمكن القول إن انهاء الخلاف الخليجي قد انعكس إيجابا على القضية السورية، على الأقل من حيث إنهاء الوضع المشلول لمؤسسات المعارضة الرسمية بسبب التجاذبات الإقليمية في داخلها".

وتساءل الكاتب السوري في ختام مقاله قائلا: "هل تتحول دعوة رياض حجاب إلى إعادة هيكلة المعارضة إلى موضوع جديد للتجاذبات المؤذية داخل مؤسسات المعارضة تشغل الرأي العام بدلا من إنجاز أي شيء ذي قيمة؟".

وكان رئيس وزراء سوريا الأسبق المنشق عن النظام، رياض حجاب، قد قال إن "المعارضة السورية مترهلة وتحتاج إعادة هيكلة لكن التغيير في سورية قادم، وهو تغيير حقيقي".

وأكد حجاب في مقابلة تلفزيونية مع قناة "الجزيرة" في 12 مارس/ آذار 2021 ضمن "برنامج سيناريوهات" إن "قصة الثورة السورية لم تنته ويجب أن يثق الجميع بحتمية التغيير".