مخرج فيلم "المنشق" يكشف سر الصمت الدولي على اغتيال خاشقجي

يتحدث مخرج الفيلم الوثائقي "المنشق" بريان فوغل، عن اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي تعرضه منصة "فيلمين" الإسبانية لأول مرة؛ ويسلط الضوء على إفلات النظام السعودي من "العقاب"، وصمت الحكومات والقوى الاقتصادية أمام انتهاكه لحقوق الإنسان.

وقالت صحيفة "ألموندو" الإسبانية: "في الوقت الذي يبدو فيه كل شيء قادر على أن يكون مرئيا على مختلف منصات السينما بغض النظر عن اهتمامه أو جودته، أصبح من الصعب تخيل أن يلاقي فيلم وثائقي، من توقيع أحد المخرجين الأكثر شهرة في هذا المجال، الكثير من الرفض".

وأكدت أنه "رغم أن فيلم المنشق مواكب لأكثر الأحداث المثيرة للألم والذعر، ويسلط الضوء على تجاهل حقوق الإنسان حول العالم، إلا أنه لاقى الكثير من الصعوبات قبل أن يخرج إلى النور".

وعلى وجه الخصوص، عندما قدم فوغل فيلم المنشق في مهرجان "صندانس" الأخير، اعتبره "النقاد على أنه إنجاز جديد للمخرج الذي كان مسؤولا عن الكشف عن فضيحة المنشطات الأولمبية في روسيا".

لقطة مفزعة

وأشارت الصحيفة إلى أن "الفيلم استحق الأوسكار، وكان قادرا على أن يصبح أحد نجوم منصة نتفليكس الأشهر عالميا، لكن هذه المرة، ووجه الفيلم بصمت مجحف".

وعلى وجه الخصوص، لم تهتم أي من المنصات العالمية بالفيلم الوثائقي الذي يصل اليوم إلى شركة "فيلمين" الإسبانية والمستقلة؛ وهو ما يعتبر "أمرا مثيرا للريبة والشكوك".

وتعليقا على هذا الرفض، قال المخرج فوغل: "تعلمت أن الخوارزميات لا تفهم حقوق الإنسان".

وفي الآن ذاته، رفض فوغل الاستمرار في الحديث عن هذا الجانب، ثم يقول بهدوء وحذر قبل كل شيء: "لم يكن الأمر سهلا، لكن الفيلم شوهد بالفعل في كثير من أنحاء العالم.. ورغم عدم ترشحه من قبل أكاديمية هوليوود، إلا أنه حصل على عدد لا يحصى من التقدير".

ونوهت الصحيفة بأن "فهم هذا الرفض والمصاعب التي لاقاها فيلم بحجم المنشق، قد يحتاج إلى إلقاء نظرة على الحبكة، وفي الواقع، يعيد الفيلم الوثائقي بوضوح شديد، صياغة تفاصيل مقتل الصحفي الذي عمل سابقا ضمن فريق صحيفة واشنطن بوست، في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018 بقنصلية السعودية في إسطنبول".

وأضافت أنه "عمل استقصائي دقيق، إلى حد مرضي تقريبا، ولكنه مبني على هيكل فيلم إثارة محموم تظهر أحد مشاهده الرئيسة خطيبة الضحية السابقة، الذي قتل وقطع وحرق، وحدها في المنزل الفارغ حيث كان من المقرر أن يعيش الزوجان بعد زواجهما، وقد كانت هذه اللقطة فريدة من نوعها، ومفزعة، تلخص عالمنا الحالي".

وذكرت الصحيفة أن أحدث تقرير لوكالة المخابرات المركزية الأميركية حول قضية خاشقجي نشر في 27 فبراير/شباط 2021.

ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن 4 مسؤولين أميركيين قولهم إن "التقرير يشير إلى أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وافق، ومن المرجح أنه أمر، بقتل خاشقجي".

قتل بوحشية

وأوردت "ألموندو" أن فوغل صرح في حوار معها، بين الدهشة والاستسلام فقط، أن "التقرير يتحدث عن جريمة قتل، لكنه لا يذكر شيئا عن العقوبات أو أدنى عقوبة محتملة من شأنها أن تمس ولي العهد السعودي".

وأضاف "ومن هنا، يتصرف عالم الأعمال والسياسة كما لو أنه لم يتم قتل الرجل الذي كان يطالب ببساطة بحرية التعبير، بوحشية، كما كانت خطيئته الظاهرة متمثلة في مجرد انتقاد ابن سلمان، والتشكيك في نزعته الإصلاحية المزعومة".

وواصل فوغل: "نحن لا نتحدث عن متطرف، بل عن صحفي عالمي تلقى تعليمه في الغرب، تمتع بدعم النظام السعودي وتم القضاء عليه بوحشية، ورغم ذلك، يتصرف العالم كما لو أن خاشقجي لا يزال على قيد الحياة".

وحول ما إذا كانت الأوضاع ستتغير بعد أن أصبح جو بايدن رئيسا لأميركا بدلا من دونالد ترامب، اقتصر فوغل على التصريح بأنه، "في الوقت الحالي، لا توجد حقائق، فقط هناك كلمات". 

وأفادت الصحيفة بأن "المخرج لم يتردد منذ فترة في إدانة أعمال كل من نتفليكس وأمازون مع النظام السعودي، وعلى وجه الخصوص، لم يبث أي منهما فيلمه الوثائقي الناقد لهذا النظام".

وتجدر الإشارة إلى أن "مؤسس أمازون، جيف بيزوس، يمتلك كلا من صحيفة واشنطن بوست، حيث كتب خاشقجي، ومع ذلك، فإن الخوارزميات عمياء، لا ترى حقوق الإنسان".

من جهتها، أكدت مواقع إسبانية أخرى أنه حتى قبل عرض فيلم "المنشق" في مهرجان "صندانس" السينمائي، شعر المخرج فوغل بأن بيع فيلمه الوثائقي، الذي سيفجر حقائق حول مقتل خاشقجي، "سيكون صعبا".

وعموما، كان الفيلم، المتاح عند الطلب خلال يناير/كانون الثاني الماضي، في الولايات المتحدة، أحد أكثر الأفلام المنتظرة في "صندانس" الذي نظم في الفترة ما بين 28 يناير/كانون الثاني و3 فبراير/شباط2021.

وتجدر الإشارة إلى أن فيلم فوغل السابق، "إيكاروس"، عن المنشطات الروسية في الأولمبياد، فاز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي.

من جهته، قدم فيلم "المنشق" تسجيلات صوتية لاغتيال خاشقجي، فضلا عن مشاركة خطيبة خاشقجي، التركية خديجة جنكيز، وتفاصيل عن جهود الاختراق السعودية، بما في ذلك تسلل قراصنة سعوديين إلى هاتف مؤسس أمازون، بيزوس.

وختمت "ألموندو" تقريرها بالقول: "خلال عرض الفيلم، ناشد فوغل الشركات الإعلامية ألا تصاب بالذعر".