موقع عبري: أجواء العالم العربي تشجع على عقد اتفاقات اقتصادية مع إسرائيل

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع عبري عن احتمالات توقيع اتفاقيات اقتصادية جديدة بين إسرائيل والدول العربية غير مرتبطة بشكل مباشر بالأيديولوجيا، في إشارة إلى إمكانية عدم ربطها بالتطبيع المباشر.

وقال موقع "ماكور ريشون" العبري: "قد تشجع الإدارة الأميركية الجديدة المزيد من الدول على تبني اتفاقيات اقتصادية بدلا من الاتفاقيات الأيديولوجية، مما يمنح إسرائيل موطئ قدم قوي في الشرق الأوسط".

ورغم نتائج الانتخابات في الولايات المتحدة التي أفضت إلى فوز جو بايدن على دونالد ترامب أحد أبرز حلفاء إسرائيل من الرؤساء الأميركيين السابقين، فإن الشرق الأوسط يواصل المضي في الاتجاهات الإيجابية التي ميزته على مدى العقد الماضي، يقول الموقع.

جفاف سياسي

وأشار إلى أن التطور الأبرز في الأسابيع الأخيرة كان هو الازدهار الواضح بين إسرائيل ومصر بعد سنوات من الجفاف السياسي.

إذ زار وزير الطاقة المصري طارق الملا إسرائيل في فبراير/شباط 2021 لمناقشة التعاون في مجال الطاقة بين الجانبين، لا سيما التنقيب عن الغاز.

ونوه الموقع العبري إلى أنه عقد في الأيام الأخيرة مؤتمر في شرم الشيخ بمشاركة عشرات من رجال الأعمال من إسرائيل ومصر، في محاولة لتوسيع التعاون الاقتصادي ليتجاوز الزراعة التقليدية والمنسوجات.

وأعلن وزير المخابرات الإسرائيلي إيلي كوهين في 11 مارس/آذار 2021 أنه ترأس وفدا إسرائيليا رفيع المستوى اجتمع قبلها بيوم بمسؤولي استخبارات مصريين في مدينة شرم الشيخ للمرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات.

وقال كوهين في تغريدة على تويتر، إنه بعد التقائه بمسؤولين أمنيين مصريين كبار لتعزيز التعاون الأمني والاقتصادي "ستظهر الثمار قريبا، هكذا يبدو السلام قويا". وتابع "نصنع التاريخ ونحول العلاقات مع مصر إلى سلام دافئ".

وبحث مسؤولون إسرائيليون ومصريون خلال اللقاء التعاون الاقتصادي بين البلدين في مجالات الزراعة والمياه والكهرباء والسياحة.

ونشر مراسل هيئة البث الإسرائيلية الرسمية عدة صور من الزيارة، وقال في تغريدة إن الزيارة "النادرة" ضمت 20 إسرائيليا من قطاع الأعمال لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

ورأى موقع "ماكور ريشون" العبري أن هذا تطور مهم، لأنه على عكس "اتفاق أبراهام" (التطبيع) مع دول الخليج، فإن السلام مع مصر ينتمي إلى عهد مختلف من الاتفاقات التي تم التوصل إليها تحت رعاية المفهوم الغربي الذي اعتبرها تعبيرا عن الشراكة عبر مسار أيديولوجي قيمي.

وأشار الموقع إلى أنه من هنا ولد أيضا توقع "سلام دافئ" بين الشعوب، يحافظ على التجربة الحساسة التي صاحبت هبوط رئيس النظام المصري الراحل أنور السادات في مطار بن غوريون عام 1977.

ولفت الموقع إلى أنه على الرغم من الحفاظ على السلام مع مصر بشكل جيد، إلا أن العلاقات عانت من "البرودة" وكانت المصالح الأمنية هي التي حددت محتوياتها.

وفي السنوات الأخيرة، تحول التعاون بين نظام عبدالفتاح السيسي وإسرائيل نحو البعد الأمني ​​السياسي وانعكس ذلك في المحاولة المشتركة لهندسة الواقع المعقد لقطاع غزة.

وأشار الدكتور دورون متسا المستشرق والباحث والمحاضر في الصراع العربي اليهودي وعلاقات إسرائيل بالأقلية العربية إلى أن السلام مع مصر يكتسب سمة مختلفة من حيث التعاون الاقتصادي على نطاق جديد، أولا وقبل كل شيء في مجالات الطاقة.

فهذا الواقع يعبر بلا شك عن فهم الجهات  الأخرى في الشرق الأوسط ، بخلاف جوهر الشراكة الأولى للاتفاقيات الإبراهيمية، حيث أن مفهوم السلام قد خضع للتغيير واستند إلى فكرة التمكين الاقتصادي، وفق قوله.

موطئ قدم

ويرى متسا أن الاتفاقيات بين إسرائيل ودول الخليج، وفيما بعد مع السودان والمغرب ، هي تعبير عن وجود خط تفكير واقعي براغماتي يتطلب الحاجة إلى التعاون الإقليمي لتعظيم القضايا المتعلقة بمستوى ونوعية الحياة في دول المنطقة وأهميتها.

وبمعنى آخر هذا هو زمن الاقتصاد وليس الأيديولوجية التي تمنح إسرائيل موطئ قدم قوي في الشرق الأوسط، كما يقول.

في الوقت نفسه، يبدو أن تغيير الحكومة في الولايات المتحدة يدفع الجهات الإقليمية بشكل أكبر في اتجاه "اتفاقيات أبراهام"، لا سيما على خلفية تركيز حكومة الرئيس الأميركي جو بايدن على أجندة سياسية قائمة على القيم والأيديولوجيا وصيغة الترويج للديمقراطية ومسألة حقوق الإنسان.

إلى جانب سعيها إلى التسوية مع الأيديولوجيات القاسية في المنطقة مثل النظام الإيراني. 

وأشار الباحث متسا إلى الانتقاد الأميركي لمنظمي الانقلاب في ميانمار، ومزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في روسيا، وكذلك نشر تقرير عن تورط كبار المسؤولين السعوديين في اغتيال جمال خاشقجي. فكل هذه تعبيرات عن الروح الجديدة التي تهب من واشنطن.

كما أنها مصدر قلق من جانب تلك الجهات في المنطقة، الذين فضلوا أجندة الإدارة السابقة التي فضلت الواقعية على القيم.

ويرى الباحث أن هذا الواقع يشجع أولئك الذين كانوا على هامش التطورات على القفز في العربة واعتماد نموذج "الاتفاقيات الإبراهيمية" مثل مصر وفي الوقت نفسه، تدفع جهات أخرى في المنطقة للعمل بعمق وفاعلية في هذه العملية لمحاولة تعزيز أسسها.

ولفت الدكتور متسا إلى أنه في هذا السياق السياسي، من الضروري فهم الزيارة المهمة المخطط لها من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الإمارات العربية المتحدة (لم يحدد موعدها الجديد بعد إلغائها مؤخرا)، والتي تهدف إلى تقوية الأسس السليمة والمضادة للفكر الأيديولوجي في الشرق الأوسط الجديد.

وخلص إلى القول: "إعلان إسرائيل والإمارات العربية المتحدة عن إنشاء صندوق استثماري في حدود 10 مليارات دولار يعبر عن روح الجدية في هذا الاتجاه".

وفي نفس السياق أشار موقع "ماكور ريشون" إلى أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 1977، عندما قام الرئيس المصري أنور السادات بزيارة تاريخية إلى القدس المحتلة، نقل رئيس الوزراء مناحم بيغن عن ملك المغرب وقتها الحسن الثاني قوله علانية إنه إذا ساد السلام في الشرق الأوسط، فإن هذا بمثابة الجمع ما بين إمكانية أن تصبح العظمة العربية واليهودية معا هذه المنطقة من السماء على الأرض.

ولفت الموقع إلى أن هذا حصل أمام أعيننا، فالنموذج القديم في الشرق الأوسط آخذ في الانهيار والذي بموجبه يعد السلام صفقة شاملة تشمل جميع دول المنطقة معا.

ويرتبط هذا التصور أيضا بالطريقة المضللة التي نظرت بها أوروبا والغرب إلى الشرق الأوسط قطعة واحدة، كما لو أن كل دولة من الدول العربية المختلفة ذات شخصية وطنية مستقلة، وكأن ليس لديها مصالح وأولويات مختلفة.

"تعزيز السلام"

وأشار سفير اسرائيل في إيطاليا الدكتور درور ايدر إلى أنه اتضح أنه يمكن "تعزيز السلام والأمن" في مواجهة كل دولة وأخرى على حدة.

وقال إن الاجتماعات السابقة (مع الدول العربية)، دليل آخر على ذلك حيث أدركنا أنه لم يكن من الصواب استبعاد مستقبل المنطقة بأسرها حتى يوافق الفلسطينيون على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وفق تعبيره.

وادعى ايدر أنهم رفضوا طوال المائة عام الماضية كل الخطط التي عرضت عليهم (الفلسطينيين)، بينما إسرائيل معنية بالسلام معهم.

ويقول موجها حديثه للدول العربية: "سنكون سعداء إذا عملتم من خلال دولكم على إقناع الفلسطينيين بالعودة إلى المفاوضات المباشرة. وحتى ذلك الحين، لدينا الكثير من العمل الذي يتعين علينا القيام به لسد الفجوة الناتجة عن الانفصال طويل الأمد بيننا".

وأشار إلى أنه في الآونة الأخيرة، بدأت البعثات الإسرائيلية الجديدة في الإمارات والبحرين والمغرب العمل رسميا.

وأضاف: "تعمل الفرق المحلية مع فريق إسرائيلي لصياغة أكثر من 40 اتفاقية، ستكون بمثابة أساس للعلاقات بين الدول حول مجموعة متنوعة من القضايا: السياحة والتأشيرات والتجارة والزراعة والاستثمارات والضرائب وغيرها".

وتابع: "قرابة 70 ألف إسرائيلي زاروا الخليج (لم يحدد الدول أو الفترة الزمنية) بالفعل، وأكثر من ألف شركة إسرائيلية على اتصال ببعضهم البعض ونحن نشجع هذه الخطوة لفتح رحلات جوية مباشرة بين الدول وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والتكنولوجي".

ولفت أيدر إلى أنه ليس فقط في هذه المجالات، ولكن بشكل خاص في العلاقة الحميمة التي تتشكل بين شعوبنا. وخلال زيارة أجراها مستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات إلى المغرب (ديسمبر/كانون الأول 2020)، أخبره الملك محمد السادس أن حلمه هو زيارة إسرائيل، وفق قوله.

وخلص أيدر إلى القول: "نحن في وقت تتحقق فيه الأحلام. وهنا يجب التذكير أن العلاقات مع المغرب عمرها ألف عام من الوجود اليهودي في شمال إفريقيا".

وتابع: "يعيش مئات الآلاف من اليهود المغاربة في إسرائيل، بعد أن دمجوا الثقافة المغربية في الإسرائيلية وخلقوا روابط مذهلة"، بحسب تعبيره.