تتفقان على الخطر الكردي المسلح.. فعلام تختلف إيران وتركيا في العراق؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

رأى موقع "ذا ناشونال إنترست" الأميركي، أن التطورات الميدانية والطموحات الاقتصادية لكل من تركيا وإيران، تضع البلدين على شفا مواجهة وصدام مرتقب في العراق.

وانتقد السفير الإيراني لدى العراق إيراج مسجدي، في 27 فبراير/شباط 2021، ما أسماه التدخل العسكري التركي هناك، داعيا أنقرة إلى سحب قواتها.

وقال مسجدي، في مقابلة مع قناة رووداو الكردية: "لا نقبل إطلاقا التدخل في العراق عسكريا سواء كانت تركيا أو أي دولة أخرى". وشدد كذلك على أن "العراق يجب أن يحافظ على أمنه".

ورد المبعوث التركي إلى العراق فاتح يلدز، على تويتر، قائلا إن نظيره الإيراني "آخر شخص يلقي محاضرة على تركيا بشأن احترام حدود العراق". وفي أعقاب الخلاف، استدعت طهران وأنقرة سفيري بعضهما البعض للتعبير رسميا عن احتجاجهما.

خلاف دبلوماسي

وجاء الخلاف الدبلوماسي وسط "تزايد الوجود العسكري التركي في شمال العراق" الذي تقول أنقرة إنه يهدف لمحاربة المسلحين الأكراد المنتمين إلى حزب العمال الكردستاني، الجماعة المصنفة كمنظمة إرهابية في تركيا وعدة دول أخرى. 

وفي 10 فبراير/شباط 2021، نفذت أنقرة عملية عسكرية في جبال غارا بمحافظة دهوك العراقية لإطلاق سراح عدد من الرهائن الأتراك المحتجزين لدى حزب العمال الكردستاني. 

وبعد "فشل العملية" في تحقيق الهدف المحدد ومقتل 13 رهينة، هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن تركيا ستوسع حملتها ضد حزب العمال الكردستاني إلى سنجار، وهي منطقة إستراتيجية تقع على الحدود العراقية مع سوريا.

وفي أعقاب تهديد أردوغان بغزو سنجار، نشرت قوات الحشد الشعبي العراقية المدعومة من إيران آلاف الجنود في ثلاثة ألوية في سنجار لمواجهة ما يرون أنه نية أنقرة لاحتلال أجزاء من بلادهم، وفق الموقع. 

واعتبرت وسائل الإعلام التركية هذه الخطوة على نطاق واسع على أنها تدخل من قوات الحشد الشعبي لإنقاذ حزب العمال الكردستاني ومؤشرا على دعم إيران للمسلحين الأكراد. 

وعلى هذا النحو، يبدو أن النهجين الإيراني والتركي المتباينين ​​تجاه المسلحين الأكراد في العراق هو العامل الرئيس وراء التوترات الأخيرة. 

ومع ذلك، فإن مثل هذه الحجة تتجاهل حقيقة أنه مؤخرا في يونيو/حزيران 2020، شنت طهران وأنقرة ضربات جوية ومدفعية متزامنة ضد المتمردين الأكراد في شمال العراق، مما أثار تكهنات بأن البلدين نسقا تحركاتهما العسكرية ضد أولئك المسلحين.

ولذلك يطرح التقرير السؤال: ما الذي تغير في أقل من عام وما الذي أثار الخلاف بين الجانبين حول نفس القضية - على ما يبدو؟

 ويشير التقرير إلى أن الخلاف بين طهران وأنقرة في العراق متجذر في اعتبارات توازن القوى وسعيهما إلى نفوذ أكبر. 

وعلى مدى العامين الماضيين، كان لدى القادة الإيرانيين انطباع بأن نفوذهم في العراق آخذ في التراجع وأن الجو المعادي لإيران يسيطر على الدولة العربية. 

وكانت الاحتجاجات الشعبية الواسعة النطاق في العراق في أواخر عام 2019 ضد الدور الإيراني أول علامة رئيسة على هذا التدهور، فيما وجه اغتيال واشنطن قائد فيلق القدس الإيراني اللواء قاسم سليماني (يناير/كانون الثاني 2020) أشد ضربة لنفوذ طهران في العراق.

ومما أدى لتفاقم المشاكل أكثر بالنسبة لإيران، استبدال رئيس الوزراء المدعوم منها عادل عبد المهدي في مايو/أيار 2020 بمصطفى الكاظمي ، وهو سياسي عراقي أكثر استقلالية يحاول الحفاظ على علاقة متوازنة مع طهران وجيران العراق الآخرين، بما في ذلك السعودية وكذلك تركيا.  

وبحلول ذلك الوقت، كانت أنقرة قد توصلت بالفعل إلى اتفاق مع بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل لطرد حزب العمال الكردستاني في سنجار. وجعل استبعاد إيران من الاتفاقية الثلاثية طهران تشك في خطط تركيا الخاصة بالعراق. 

وتشعر طهران بالقلق بشكل خاص من أن أنقرة قد تستخدم حملتها المناهضة للأكراد لتأسيس وجود عسكري طويل الأمد في سنجار، كما فعلت سابقا في شمال سوريا ومحافظة دهوك العراقية. وتنظر إيران الى العراق ودمشق على أنهما المكونان الرئيسان "لعمقها الإستراتيجي".

 وهذا يعني أن طهران غير راغبة في الأساس في مشاركة مجال نفوذها الإستراتيجي المتصور مع الخصوم ما لم يتمكنوا من البناء على معادلات القوة المتغيرة بسرعة لفرض أنفسهم على الأرض، مثل حالة الوجود العسكري الأميركي في العراق أو الوجود التركي في شمال سوريا. 

مخاوف إيران

كما أن لدى إيران ما تخشاه على المستوى الاقتصادي، حيث تعتبر تركيا المنافس الاقتصادي الرئيس لطهران في السوق العراقية. 

وفي عام 2019، صدرت تركيا ما قيمته 10.2 مليار دولار من البضائع إلى العراق، متجاوزة بشكل طفيف صادرات إيران البالغة 9.6 مليار دولار خلال نفس الفترة. 

كما استثمرت الشركات التركية حوالي 25 مليار دولار في 900 مشروع إنشائي وبنية تحتية - بما في ذلك الطاقة والمياه والصناعات البتروكيماوية - في مدن عراقية مختلفة. 

وهناك أيضا منافسة متزايدة بين طهران وأنقرة في صناعة الكهرباء في العراق، والتي كانت تهيمن عليها الشركات الإيرانية في السابق.

إلى جانب ذلك، تعتبر تركيا موقعها الجغرافي عند مفترق طرق أوروبا الشرقية وغرب آسيا ميزة جغرافية اقتصادية فريدة، لذلك تسعى بشكل متزايد إلى احتكار طرق العبور في المناطق المجاورة. 

ومن خلال توسيع العلاقات الاقتصادية مع العراق، تريد تركيا منع نقل الطاقة الإيرانية المحتملة إلى أوروبا عبر العراق وسوريا، وأن تصبح المحور الرئيس لصادرات الطاقة إلى أوروبا.

وكذلك ترغب تركيا بفتح ممر جنوبي إلى الأردن والمملكة العربية السعودية لضمان عبور البضائع الأوروبية  والتركية إلى الأسواق العربية والخليج العربي. 

وعلى هذا النحو، على الرغم من أن القوتين الإقليميتين غير العربيتين حاولتا تاريخيا تحديد مناطق نفوذهما في العالم العربي بطريقة تتجنب الاحتكاك والتنافس المباشر، عندما يتعلق الأمر بسوريا والعراق، فإن مصالحهما على المدى الطويل تتعارض بشكل أساسي مع بعضها البعض.

في غضون ذلك، وفي أعقاب تصاعد المشاعر المعادية لإيران في العراق واغتيال سليماني، ربما استنتج القادة الأتراك أن الوقت قد حان لدحر النفوذ الإيراني واستعادة ما يعتبرونه دورا تاريخيا لتركيا في بغداد، وفق الموقع. 

ومع ذلك، لا يبدو أن تركيا تسعى إلى مواجهة مع إيران في العراق، ولكنها تتطلع إلى استغلال فراغ السلطة الحالي في البلاد لتعزيز نفوذها الإستراتيجي على جيرانها الجنوبيين على المدى الطويل، وفق التقرير.

وعلى الرغم من عدم استعداد أنقرة لمواجهة طهران في العراق، فإن المسار الحالي ينطوي على مخاطر حدوث صدام غير مرغوب فيه.  

وإذا كانت سوريا مثالا على ذلك، فإن المقاربات الإيرانية والتركية الصارمة تجاه مناطق نفوذهما الفعلية أو المتصورة يمكن أن تؤدي بسهولة إلى التصعيد، إذا قرر أحد الطرفين تحدي مصالح الطرف الآخر.

وفي فبراير/شباط 2020، كانت إيران وتركيا على وشك مواجهة مباشرة في إدلب، بعد انتشار المليشيات المدعومة من طهران لأول مرة في محافظة شمال غرب سوريا للمشاركة في القتال ضد القوات المدعومة من أنقرة.

وإذا أدت حملة تركية محتملة في سنجار إلى مواجهة بين أنقرة ومليشيا الحشد الشعبي المدعومة من إيران، فمن الصعب الافتراض أن إيران ستجلس مكتوفة الأيدي وتدع الأتراك يمضون قدما كما يريدون، وفق التقرير.

وعلى الرغم من أن طهران تشارك أنقرة مخاوفها بشأن التمرد الكردي في شمال العراق، إلا أن مخاوفها بشأن التداعيات طويلة المدى لحملة عسكرية تركية ممتدة قد وضعت الجانبين في خلاف بشأن الوضع في سنجار.