"حرب السفن".. سيناريوهات تطور صراع إسرائيل وإيران بالشرق الأوسط

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تبادُل استهداف السفن بين إسرائيل وإيران ينذر بتصعيد الصراع غير المباشر بين الطرفين بالشرق الأوسط، إذ جرى تفجير سفينة "شهركرد" الإيرانية في 10 مارس/ آذار 2021، بعد نحو أسبوعين على هجوم مماثل ضد سفينة "هيليوس راي" الإسرائيلية.

ففي مطلع مارس/آذار 2021، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إيران بالوقوف وراء تفجير استهدف السفينة "هيليوس راي"، وهدد بالرد، مشيرا إلى أن إسرائيل تضرب إيران على كل الجبهات، وستواصل ذلك، كونها تمثل التهديد الأكبر.

التصعيد بين تل أبيب وطهران عبر استهداف السفن، فتح الباب واسعا أمام السيناريوهات المقبلة في الصراع بين الطرفين وإلى الحدود التي يمكن أن يصل إليها، لا سيما في ظل تعثر المفاوضات بشأن الاتفاق النووي الإيراني، بعد انسحاب واشنطن منه، قبل ثلاث سنوات.

جبهة جديدة

رغم رفض المسؤولين الإسرائيليين التعليق حول التورط في حادث السفينة الإيرانية "شهركرد" في البحر الأبيض المتوسط، لكن تقريرا نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، كشفت فيه أن "إسرائيل استهدفت ما لا يقل عن 12 ناقلة نفط إيرانية منذ 2019".

وذكرت الصحيفة، خلال تقريرها الذي نشرته في 11 مارس/ آذار 2021، نقلا عن مسؤولين أميركيين وإقليميين، أنه منذ أواخر عام 2019 استخدمت إسرائيل أسلحة تشمل ألغاما بحرية لضرب السفن الإيرانية أو تلك التي تحمل شحنات إيرانية أثناء توجهها إلى سوريا، في هجمات نفذت في البحر الأحمر وفي مناطق أخرى بالمنطقة.

وأكدت أن ثلاثة من هذه التفجيرات وقعت في سنة 2019 و6 منها في سنة 2020 و3 أخرى في السنة الجارية 2021. وقال المسؤولون الأميركيون إن بعض السفن كانت تحمل أسلحة إيرانية إلى النظام السوري.

ويسيطر الحرس الثوري الإيراني على شحنات النفط الإيرانية المتجهة إلى سوريا، وتستهدف العمليات الإيرانية التحايل على العقوبات المفروضة على كل من طهران ودمشق لتمويل "الحرس"، وغالبا ما تحمل مثل هذه الناقلات نفطا بمئات الملايين من الدولارات، وفقا للصحيفة.

وهذه المرة الأولى التي يجري الكشف عن هجمات ضد ناقلات نفط إيرانية، وإن كان بعض المسؤولين الإيرانيين قد أبلغوا عن بعض الهجمات في وقت سابق، وقالوا إنهم يشتبهون في تورط إسرائيلي.

كما أن إسرائيل لم تعلق من قبل على مثل هذه الحوادث، رغم أنها وجهت من قبل مئات الضربات الجوية، معظمها في سوريا، واستهدفت فيها الجماعات المدعومة من إيران.

لكن هذا الكشف، دفع المسؤولين الأميركيين والإقليميين للقول إن إسرائيل فتحت جبهة جديدة لم تكن معلومة من قبل، وهي استهداف السفن الإيرانية في عرض البحر، بعد أن كانت تستهدف مواقع إيرانية عبر طائراتها ومقاتلاتها العسكرية على الأراضي السورية ومناطق حدودية، وفقا للصحيفة.

"حرب السفن"

ويأتي تقرير "وول ستريت" متزامنا مع تصريحات للمتحدث باسم شركة الملاحة البحرية الإيرانية، علي غياثيان، في 12 مارس/آذار 2021 قال فيها إن سفينة حاويات إيرانية تعرضت لأضرار في هجوم "إرهابي" بالبحر المتوسط.

وأضاف المتحدث أن السفينة (شهركرد) تعرضت لأضرار طفيفة بشحنة متفجرة تسببت في حريق صغير لكن لم يصب أحد على متنها. وتابع أن "مثل هذه الأعمال الإرهابية ترقى لأن تكون قرصنة بحرية، وتخالف القانون الدولي حول أمن الملاحة التجارية".

وأشار إلى أنه "سيرى اتخاذ إجراءات قانونية لتحديد هوية منفذي (الهجوم) عبر المؤسسات الدولية المعنية"، لافتا إلى أن "السفينة كانت متوجهة إلى أوروبا عندما وقع الهجوم وستتحرك صوب وجهتها بعد إصلاحها".

وفي المقابل، امتنع وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، عن التعليق مباشرة على الحادث، لكنه أقر خلال تصريحات نقلتها صحيفة "إسرائيل اليوم" في 13 مارس/ آذار 2021 بأن إسرائيل تعمل على منع "تحركات إيرانية مشبوهة في البحر". وقال إن إيران ترسل بانتظام أسلحة إلى وكلائها في المنطقة عن طريق البحر والجو والبر، "وهي عمليات لا بد أن نمنعها".

وأضاف غانتس في ندوة عبر الإنترنت استضافها حزبه "أزرق أبيض"، "نحبط إمدادات الأسلحة وأشياء أخرى تتعلق بتطوير العمليات والإمكانات العسكرية جوا وبحرا وبرا"، مضيفا: "ولا أقول بهذا ما إذا كنا فعلنا أو لم نفعل هذا أو ذاك".

ونقلت الصحيفة العبرية عن مصادر مرتبطة بسلاح البحرية الإسرائيلي (لم تكشف هويتها)، قولها إن "أي تطرق للموضوع، ولو نظريا، سيكون اعترافا غير مباشر بأن لإسرائيل علاقة بتفجير السفينة بشكل معين".

من جهته، قال ضابط البحرية المتقاعد، العميد مايك إلدار، خلال تصريحات صحفية في 13 مارس/ آذار 2021 إنه "بعد أن استهدفوا سفينة رجل الأعمال رامي أونغر في خليج عمان، تساءلت لماذا إسرائيل تصمت... ولماذا لا يعقب أي مسؤول إسرائيلي".  

وأضاف: "أدرك الآن أن هذا الصمت كان يستند إلى معرفة أوسع للحلبة، ولما يحدث في المنطقة، ويبدو أننا نوجه ضربات للإيرانيين".

ورأى إلدار أن "بإمكان إسرائيل تنظيم عملية عسكرية ترسل من خلالها طاقما من الكوماندوز البحري ليضع ألغاما على سفينة، وحتى أنه بالإمكان تنفيذ ذلك في أي ميناء ترسو به... قد نفذ ذلك طالما أن ناقلات النفط كانت إيرانية، لأنه مثلما رأينا، إسرائيل تعمل داخل إيران وفقا لتقارير أجنبية".

انزلاق خطير

وبخصوص مستقبل الصراع الإسرائيلي الإيراني الذي فتح جبهة جديدة من خلال تبادل استهداف السفن، رأى المحلل السياسي نادر الغول خلال تصريحات صحفية في 13 مارس/ آذار 2021 أن "حرب السفن" الجارية بين الجانبين هي "مواجهة غير مباشرة خارج الحدود الدولية للبلدين".

لكن الغول استبعد تطور الوضع الحالي بين إسرائيل وإيران إلى مواجهة مفتوحة "لأنها لا تخدم مصالح البلدين، وهناك تواصل أميركي إسرائيلي بخصوص الملف النووي لإيران يمثل ضمانة بالنسبة لإسرائيل".

من جهته، قال المحلل المختص بالشأن الإيراني، محجوب الزويري، إن الصراع في المياه الدولية هو أحد فصول المعركة الدائرة بين الجانبين منذ سنوات، مشيرا إلى أن ما حدث مؤخرا قد يتكرر لاحقا لسفن إسرائيلية أخرى لا تحمل علم "إسرائيل".

وأضاف الزويري خلال تصريحات صحفية في 14 مارس/آذار 2021 إن تقرير "وول ستريت" عن "استهداف أكثر من 12 سفينة منذ 2019 يؤكد أنها حرب ليست جديدة وإن لم تكن معلنة".

ولفت إلى أن إيران تخشى من أن يتعرض أمنها للخطر عبر هذه السفن، خصوصا بعد اتفاقات التطبيع، في حين تخشى "تل أبيب" أن تكون إدارة بايدن أكثر تصالحا مع إيران، ومن ثم ستواصل توجيه هذه الضربات وسترد إيران ما استطاعت.

وشدد الزويري على أن "حرب المياه الدولية مستعرة لكنها بعيدة عن الأضواء، وقد تنزلق إلى مرحلة أخطر مستقبلا بسبب مخاوف الجانبين".

وفي السياق ذاته، قال الباحث في معهد "كارنيجي" مهند الحاج علي خلال مقابلة تلفزيونية في 12 مارس/آذار 2021 إن "إيران اليوم محرجة بمعنى أن قائمة الردود المطلوبة من طهران باتت طويلة جدا، والإهانات متتالية، بالنهاية هناك 200 غارة إسرائيلية حصلت على مواقع لإيران وحلفائها على الأراضي السورية، ولم يحصل رد واحد عليها".

وأضاف: "إذا ضمينا الضربات على السفن الإيرانية إلى الخارطة السورية إضافة إلى الضربات في العراق والبحر وداخل إيران نفسها، فإن خريطة الهجمات باتت متسعة جدا وتحتمل ردود كثيرة لم تحصل، وهناك أسئلة عديدة وإحراج كبير للجانب الإيراني بعد تقرير صحفية وول ستريت".