سفن "الناتو" تحط في ميناء أوكراني.. هل اقتربت المواجهة مع روسيا؟

12

طباعة

مشاركة

تحدثت وكالة الأنباء الروسية ريا نوفوستي، عن قضية وصول سفن حربية تابعة لقوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى ميناء مدينة أوديسا الأوكراني، وذلك للمرة الأولى خلال 2021.

وقالت الوكالة في خبر نشرته 10 مارس/آذار 2021: "وصلت سفينتان تركيتان من مضادات الألغام من طراز A577 TCG وهي Sokullu Mehmet Paşa وسفينة Ayvalik M267 بالإضافة إلى السفينة الإسبانية TSPS Tajo M36 والرومانية ROS Lt Lupu Dinescu 25".

وأفادت أن قائد السرية (التركي) هو قبطان الصف الأول يوسف كاراغولي. وفي نفس اليوم، التقى قباطنة السفن بقادة البحرية الأوكرانية.

على الرغم من عدم الإعلان عن الغرض الرسمي لدخول سفن الناتو إلى أوديسا فمن المرشح أن يكون ذلك استعدادا لتدريبات ومناورات مشتركة للبحرية الأوكرانية والتحالف.   

ومن المخطط أن تتم على الأراضي الأوكرانية هذا العام ثماني مناورات وتدريبات عسكرية يشارك فيها ما يزيد على 20 ألف جندي أوكراني وحوالي 10 آلاف من حلف الناتو.

وكانت وكالة ريا نوفوستي نشرت في 20 فبراير/شباط 2021 مقالا للصحفي نيكولاي بروتوبوبوف تحت عنوان "إنهم يحركون سفنا وطائرات.. ما الذي يحدث في البحر الأسود؟".

وركز الكاتب في مقاله على نوع الطائرات والسفن التي ينشرها الحلف فقد تحركت مدمرات وطائرات ذات مهام استطلاعية وإستراتيجية بحجة مناورات وتدريبات مشتركة للدول الحلفاء.

تعزيز الوجود

لكنه يرى أن الناتو يسعى لتعزيز وجوده في البحر الأسود. غير أن قادة الحلف يصرحون بأن ما يجري يعد إجراءات اضطرارية بسبب تزايد النشاط العسكري الروسي في المنطقة.

ويضيف الكاتب أن قادة الحلف عند التخطيط لمثل هذه الأعمال فإنهم دائما ما يختارون تنفيذ تلك الخطط بواسطة الأراضي والمرافئ الأوكرانية، لعلمهم الأكيد بأن الأوكران يلهثون لنيل رضا الحلف والتقرب منه، وفق تعبيره.

ويشير بروتوبوبوف إلى تصريحات الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ التي قال فيها بوضوح إن الحلف "زاد بشكل كبير من وجوده على حدوده الشرقية في مناطق بحر البلطيق والبحر الأسود".

كما ألمح في تصريحات له في فبراير/شباط 2021، إلى وجود حاجة ماسة إلى زيادة الإنفاق على "برامج الدفاع والاحتواء".

وعزا ستولتنبرغ تحرك قوات الحلف إلى النشاط العسكري للأسطول البحري الروسي خاصة بعد ضم شبه جزيرة القرم (غير القانوني) لأراضي روسيا، غير أنه فضل الصمت عندما طلب منه التعليق على قضية أن النشاط الروسي في البحر الأسود يحمل طابعا دفاعيا.

كما أشار الكاتب إلى تصريحات ستولتنبرغ التي قال فيها: "ثلاث سفن تابعة للأسطول البحري الأميركي وجدت في الأيام الأخيرة في البحر الأسود، حيث وصلت لأغراض تدريبية" .

يرى الكاتب أن أوكرانيا اليوم هي الحليف الأهم للناتو، وأن صناع القرار فيها سعداء لـ"عربدة الحلف" في مياه البحر الأسود، وفق وصفه. وقال إن كييف لا يهمها أن تصبح "مرتعا للقوات الأجنبية"، ولكن تركز على رضا الرعاة.

كما يذكر بروتوبوبوف أنه من المقرر أن تتم في عام 2021 عدة مناورات عسكرية كبرى بمشاركة القوات العسكرية الأوكرانية وقوات من الناتو.

وسينفذ الحلف هذا العام 8 مناورات وتدريبات بمشاركة آلاف الجنود متعددي الجنسيات (من أميركا وبولندا ورومانيا وبريطانيا). وبهذا الخصوص، جرى تمرير قانون بالسماح لجيوش أجنبية بالوجود في الأراضي الأوكرانية.

ويضيف الكاتب كذلك: "لنيل رضا الرعاة في الناتو بشكل أكبر، اقترح السياسيون الأوكرانيون استخدام المجال الجوي فوق شبه جزيرة القرم في العمليات الجوية للتحالف أملا في الحصول على دعم الحلف في مراقبة الوضع الجوي على طول الحدود مع روسيا".

ويلمح الكاتب أنه من المحزن أن كل هذه الخدمات الإستراتيجية التي تقدمها أوكرانيا للحلف لم تؤهل البلاد لأن تصبح عضوا في الحلف، وإنما اكتفى الناتو بمنح كييف صفة حليف ذي إمكانيات موسعة.

عدوان غير مبرر

في هذا الجانب يشير بروتوبوبوف إلى أن نشاط الناتو والولايات المتحدة خاصة زاد منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم، فقد أصبحت السفن الأميركية وطائرات الاستطلاع والطائرات بلا طيار تقترب من الحدود الروسية بذريعة (حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة) علما بأن موسكو أعلنت مرارا أنها لا تنوي الاعتداء على أي جهة.

ويضيف الكاتب أن أعضاء الناتو يستغلون كل فرصة لإرسال سفن ومعدات أميركية إلى حوض البحر الأسود، فالمدمرات الأميركية التي تحمل صواريخ مجنحة من نوع (توماهوك) والمزودة بأنظمة (إيجيس) المضادة للصواريخ، ضيوف دائمين في هذه المنطقة.

ومنذ الأحداث الاستفزازية التي نفذتها القوات العسكرية الأوكرانية قرب خليج كيرتش، زاد الوجود الأميركي.

ففي عام 2019 دخلت السفن الحربية الأميركية البحر الأسود ثماني مرات شاركت فيها قوات واشنطن في مناورات وتدريبات مع البحارة الأوكران.

كما سجلت هيئة الأركان العامة الروسية زيادة في عدد رحلات الطيران الإستراتيجي لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بالقرب من حدود روسيا ما اضطر موسكو لإرسال مقاتلات لتعقب طائرات بي 52 الإستراتيجية الأميركية.

وما يزيد حالة الاحتقان فتح الأوكران مجالهم الجوي لثلاث طائرات من نوع بي 52 عبرت عن طريق بولندا إلى أوكرانيا واستحلت مجالها الجوي.

ويذكر الكاتب أنه في الوقت نفسه، أشار القائد العام للقوات الجوية الروسية سيرجي سوروفيكين إلى النشاط غير المسبوق لطيران الناتو فوق البحر الأسود.

وأفاد بأن عدد رحلات طائرات الاستطلاع في المنطقة زاد بنسبة 40 في المائة فوق البحر الأسود وبنسبة 60 بالمئة بالقرب من حدود شبه جزيرة القرم. 

في الوقت نفسه كان ما يصل إلى خمس طائرات تابعة للناتو تحلق على بعد 15 كيلومترا فقط من الحدود الروسية.

القرم - حصن منيع 

يركز الكاتب على أن الدفاعات الروسية والجيش الروسي على الحدود يتعامل بشكل دائم مع هذه الظاهرة.

وبخصوص أنظمة الدفاع الروسية في شبه الجزيرة يقول الكاتب إن القرم اليوم تعتبر حصنا منيعا وواحدة من أكثر المناطق الروسية حماية.

وبين أن القوات الروسية لن تتهاون مع كل من يحاول اختراق حدودها القانونية الجوية أو البحرية أو البرية.

فتوفير الغطاء الجوي لشبه الجزيرة يتم من قبل فرقة الدفاع الجوي 31، المسلحة بأنظمة صواريخ إس 300 وإس 400 المضادة للطائرات، لاعتراض المتسللين في مطارات دجانكوي وبيلبيك وغفارديسكوي  العسكرية.

كما أن المقاتلات من نوع سو 27 وسو 30 والقاذفات سو 24 وطائرات سو 25 الهجومية في حالة تأهب قتالي دائم.

أما عن جاهزية القوات الروسية فيعلق الكاتب قائلا: "أظهر طيارو القرم مؤخرا قدراتهم القتالية على أرض الواقع".

يظهر ذلك جليا في الصور التي نشرها البحارة الأميركان لطائرة سو 24 الروسية والتي كانت تحلق على ارتفاع منخفض بالقرب من المدمرة "دونالد كوك" في البحر الأسود. 

وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام الغربية حاولت التقليل من قيمة سو 24 واصفة إياها بأنها طائرة قديمة، فإن الصور المنشورة تظهر بوضوح أنه في حالة تفاقم الوضع، فإن بقاء المدمرة على سطح البحر كان أمرا مستحيلا.

كما تحدث الكاتب عن الأسطول البحري الذي يزداد قوة يوما بعد يوم، والقوات البرية كذلك تسيطر على الوضع بشكل تام.

وعلقت الوكالة على دخول قافلة من السفن الحربية التابعة لحلف شمال الأطلسي قائلة: "التحالف الآن في أوديسا".