"مهمش تاريخيا".. صحيفة إيطالية: هذه أسباب تصاعد العنف شمالي نيجيريا

12

طباعة

مشاركة

رأت صحيفة إيطالية أن الاعتداءات العنيفة وعمليات الاختطاف المستمرة في شمال نيجيريا، المنطقة المهمشة والمتخلفة تاريخيا، تحدث نتيجة عنف العصابات والجماعات المسلحة وأيضا بسبب ضعف الحكومات في منطقة غرب إفريقيا وسهولة اختراق الحدود.

تقول صحيفة "إيل كافي جيوبوليتيكو" إن هذه العمليات تسببت في إحداث أزمة إنسانية خطيرة على إثر نزوح وسقوط العديد من الضحايا في جميع أنحاء المنطقة.

وأشارت إلى أن جماعة بوكو حرام، التهديد الرئيس في المنطقة، النشطة لأكثر من 10 سنوات حتى الآن، شهدت انقسامات داخلية بمرور الوقت وانشق عنها تنظيمان يعرفان باسم "أنصار المسلمين في بلاد السودان" و"تنظيم الدولة- ولاية غرب إفريقيا".

في أواخر عام 2020، تحول شمال نيجيريا إلى مسرح للعديد من عمليات الاختطاف والهجمات ضد القوات الحكومية والمدنيين أيضا. 

وقتل في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ما لا يقل عن 110 أشخاص في قرية بالقرب من مدينة مايدوغوري، واختطف 344 طفلا في ديسمبر/كانون الأول وأطلق سراحهم بعد ذلك بوقت قصير. 

وفي 26 فبراير/شباط 2021، أضافت الصحيفة أن مسلحين  اختطفوا حوالي 300 تلميذة بإحدى مدارس الإناث الحكومية في جانغيبي في ولاية زامفارة شمال نيجيريا. 

أما في الأول من مارس/آذار 2021، أفادت مصادر محلية بتعرض مركز إغاثي للأمم المتحدة في مدينة ديكوا شمال شرقي نيجيريا، إلى هجوم من مسلحين على صلة بتنظيم الدولة. 

وبحسب الصحيفة الإيطالية، بالإضافة إلى العصابات الإجرامية التابعة لعرق الفولاني، تسببت جماعتان مسلحتان بشكل رئيس في تفاقم التوترات العرقية والدينية.

وهما بوكو حرام، التي تتخذ من غابة سامبيسا بالقرب من مايدوغوري معقلا لها، وتنظيم الدولة ولاية غرب إفريقيا النشطة بالقرب من بحيرة تشاد في المنطقة الحدودية مع الكاميرون وتشاد والنيجر.

التنظيمات النيجيرية

تأسست جماعة بوكو حرام في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، للمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية وتحريم التعليم الغربي.

 وبداية من عام 2009، بدأت الجماعة  تمردها المسلح بشكل علني على إثر  مقتل قائدها ومؤسسها محمد يوسف على يد القوات الحكومية. 

أشارت الصحيفة الإيطالية إلى أن أبو بكر شيكاو، الذراع الأيمن السابق ليوسف وزعيم الجماعة الجديد، بدأ حملة انتقام عنيفة وعشوائية ضد السلطات والمدنيين. 

وفي عام 2012، حدث أول انقسام داخل الجماعة على إثر هجومها على مدينة كانو الذي أودى بحياة 185 شرطيا ومدنيا معظمهم من المسلمين. 

وذكرت الصحيفة أن القيادي خالد البرناوي، انشق عن الجماعة وأسس التنظيم المعروف باسم "أنصارو "أو أنصار المسلمين في بلاد السودان. 

وجهت جماعة البرناوي، المقربة من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة الشباب، عملياتها ضد الحكومة والمدنيين غير المسلمين في الحزام الأوسط وفي ولاية زامفارا، حيث وقعت عملية الاختطاف الأخيرة. 

وعلى إثر وقوع خلافات داخلية، وبعد مبايعتها لتنظيم الدولة بقيادة أبو مصعب البرناوي، ابن محمد يوسف، ولد تنظيم الدولة ولاية غرب إفريقيا في 2015 كفصيل مستقل إضافي من بوكو حرام.

من جهته، فضل شيكاو، الذي تم الإبلاغ عن مقتله عدة مرات، اتباع إستراتيجية العنف العشوائي رافضا مبايعة التنظيمات الخارجية. 

أفادت الصحيفة بأن تنظيم الدولة في غرب إفريقيا أعاد تعريف منهجية توسعه السياسي من خلال توجيه ممارسة العنف وفقا لتخطيط منهجي يهدف إلى بسط سيطرة أكثر وضمان التعاطف الشعبي المحلي. 

ويذكر أن التنظيم يدير من معقله بالقرب من بحيرة تشاد، معابر الإتجار غير المشروع من جمهورية إفريقيا الوسطى، كما ينشط في مجال تهريب الأسلحة في تشاد، وحافظ أيضا على نشاطه في ولاية بورنو وفي الجزء الشرقي من ولاية يوبي. 

على غرار الجماعات الأخرى المتحالفة مع تنظيم الدولة في إفريقيا، أوضحت إيل كافي جيوبوليتكو أن الجماعة تسعى إلى تحقيق الاستقلالية المالية وخلق اقتصاد مستقر إلى جانب التحكم أمنيا في المنطقة التي تخضع إلى سيطرتها.

أزمة إنسانية متواصلة

بينت الصحيفة أن نيجيريا تظل واحدة من أفقر البلدان في إفريقيا على الرغم من عائدات صادرات النفط. 

ووفقا لتقرير البنك الدولي، لا يزال حوالي 63 بالمئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر، يسجل الشمال الشرقي أعلى نسبة (75.4 بالمئة) في حين سجلت أدناها في الساحل الجنوبي الغربي للبلاد (47.9 بالمئة). 

يفسر جزء كبير من سكان الشمال الاختلاف مع الجنوب على أنه تمييز منهجي بين المسيحيين والمسلمين، في سياق يولد إمكانية متزايدة لانضمام المسلمين إلى الجماعات المسلحة الإسلامية، وفق الصحيفة الإيطالية. 

وتابعت أن الانقسامات العرقية والدينية أدت إلى انقسام البلاد إلى جزأين.

إذ دعم بعض الفاعلين السياسيين المحليين في الشمال جماعة بوكو حرام لتكثيف عملية الانفصال عن الحكومة المركزية، والتي أثبتت عجزها سواء خلال رئاسة المسيحي جوناثان غودلاك  وحاليا مع المسلم محمد بخاري.

تحدثت الصحيفة عن الحرب بين السلطات النيجيرية وجماعات بوكو حرام وتنظيم الدولة - ولاية غرب إفريقيا، والتي بدأت قبل أكثر من 10 سنوات.

وقالت إن هذه الحرب خلفت أزمة إنسانية خطيرة على إثر نزوح 3 ملايين شخص ولجوء حوالي 305 ألف نيجيري إلى تشاد والنيجر والكاميرون، بالإضافة إلى سقوط 38 ألف ضحية (معظمهم من المسلحين والمدنيين).

في الختام، أكدت الصحيفة أن الحلول العسكرية وحدها تظل غير كافية لمعالجة الوضع بالنظر إلى تجذر هذه المليشيات في المنطقة.

لذلك إلى جانب عمليات مكافحة التمرد، من الضروري تطوير برنامج قوي للقضاء على التطرف، إعادة التأهيل وتوفير المساعدات الإنسانية.