السيدة الأولى و"الدم المائع" في العالم العربي

فاطمة الوحش | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

ما زالت وستبقى زوجة الحاكم العربي تلعب دورا في مجمل السياسات العامة للبلاد، بل وتسجل حضورا يعكس مجمل أهداف الدولة الخارجية ضمن تأثيرات السيدة الحاكمة في البلدان العربية.

وقد عرفتها بأنها الدم المائع الذي يحدث طفرة في جسم الوطن ويصوغ تاريخه، والحقيقة القريبة البعيدة أن المرأة الحاكمة تعمل من خلف الكواليس بشرعية الهامش الفعال وتستخدم أسلوب العميائية أو السديمية لتحقيق الغايات والمقاصد، فهي صاحبة اللغة الصامتة التدميرية وهي المرأة السيريالية أي (الاستمرار) للحكم للثلاثي الزوج والابن وهي!! 

هي التي تستطيع تحقيق التحولات النوعية في المفاهيم المجتمعية والسياسية في إطار من السيطرة على ميادين النشاط الاجتماعي والمشاركة المجتمعية والميادين الصحية والخيرية، التي تحوي على فلسفة السياسات الاجتماعية والثقافية، وهي الأكثر التصاقا بالمؤسسات الدينية والتعليمية والأمنية الإعلامية والقانونية.

وعليه فهي الأكثر نجاحا في مخاطبة العقول والأفئدة، وفي تشكل قوة تأثيرية ضاغطة داخلية ومؤثرة خارجيا، فهي مركز الحدث لا هامشه الذي تتحطم على أعتابه قضايا الوعظ الأخلاقي المباشر. ولن تحقق السيدة الأولى نجاحاتها إلا إذا انطوت في نيل الرضى التام عنها خارجيا، مؤسسة لنظام كوني صهيوني له عقيدة سياسية تُنفّذ بطاعة واقتدار وتفاني تحت وطأة من المغريات والعطاءات السخية مما يجعلها الأكثر انقيادا للنظم والقوى الخارجية.

وهنا فإن لزوم الاستمرار يتطلب التبعية على نحو مغاير، إذ تكون التغيرات في النصوص الموروثة والرؤى الفكرية للأجيال التي بدورها تكون لها القدرة بالسيطرة على المجتمع، وهذا غاية في الأهمية والخطورة معا، لأنه يعكس انتقالا وتغيرا جوهريا من الوضع الوطني إلى الوضع الآخر الجديد، وهو التابع ويتعدى ذلك إلى إحداث خلخلة تنتاب المجتمع بأسره وتقطعه عن أصوله، فهنا يحدث أن تؤسس لتنميط سلوك فكري جديد بل وأساليب تحمل مفاهيم مشوهة، وتستمر قوى الشر في تشكيل هذه المفاهيم في حالة من حرب على الوعي العربي والوطني!!!

أن السيدة الأولى تعمل بجهل وبأسلوب غير قانوني وغير مقيد ويتخذ صفة العالمية وتحت حماية السلطة الوطنية ومسرح النفوذ المأزوم داخليا، فيصبح ولاء وطموح السيدة الأولى كياني ذاتي فرداني أن التخفي تحت مواضيع المرأة والطفل والتعليم كله تهديد مباشر على البنية الفكرية العربية والوطنية من خلال التوجيه العقائدي والإعلامي، فتصبح هذه السيدة هي من يصنع السياسية والثقافة معا.

أن السيطرة على القضاء وتغير القوانيين، تستطيع من خلال هذا المدخل الواسع الشامل إكسابها قيم وترتيبات جديدة وأنماط سلوكية، مما يجعلها تعيش في حالة من الاستعراض بإسقاط التابوهات الدينية والاجتماعية عامة، أي بمعنى إذابة للهوية الوطنية.

 أن السيدة الأولى في إطار خدمتها للنظام الكوني الصهيوني فإنها تجهر بكفرها البواح وثقافتها وطنية وتسعى عن عمد إلى إقصاء عنيف للمجتمع فيظهر الفساد الأخلاقي وضياع للأمن المجتمعي لأنها تستثني القانون وتكرر فكرة النموذج الأوحد المأخوذ من الحاكم المسيطر وصاحب السطوة وهذا يجعل بلداننا مساحة واسعة لكل أشكال الفتن وحقلا مفتوحا للأغراب. وهنا تكون السيدة الأولى الأشد خطورة في إحداثيات البنية العامة للوطن داخليا وخارجيا.