صحيفة تركية: 8 أهداف لزيارة بابا الفاتيكان إلى العراق تدل على عدم صدقه

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "يني شفق" التركية الضوء على زيارة الزعيم الروحي للكاثوليك في العالم بابا الفاتيكان فرانسيس إلى العراق من 5 إلى 8 مارس/آذار 2021. 

وقالت الصحيفة في مقال للكاتب والأستاذ في جامعة يلديرم بايزيد في أنقرة أوزجان غونغور إنه عند تقييم الزيارة في سياق كل من الواقع التاريخي والاجتماعي والسياسي، سيتبين لنا أن الغرض منها ونتائجها تستند إلى إستراتيجيات مختلفة جدا.

عقلية نابليونية

ويلفت غونغور إلى وجود تشابه في التركيز على الرموز والمبادئ المشتركة في الرسائل التي أرسلها البابا قبل زيارته والشعار الذي اختاره وفي التحية التي استخدمها نابليون بونابرت الذي أراد أن يحتل مصر بطريقة أسهل، وهو أمر بالغ الأهمية من حيث تصويره لعقلية مشتركة.

ويعتقد أن "زيارة البابا هذه تحتوي على عدة قضايا دينية وإستراتيجية. فيبدو أن الأولوية الأولى لهذه الزيارة كانت تهدف إلى دعم الأقلية المسيحية التي تواجه العديد من الصعوبات نتيجة لتقلص عدد السكان المسيحيين في العراق".

فمع أن المسيحيين في العراق ليسوا كاثوليك، فلا شك أن البابا قدم هذا الدعم وفقا للرؤية الدينية التي حددها لنفسه. فيبدو أن انخفاض نسبة السكان من المسيحيين من 6 بالمئة إلى حوالي 300-400 ألف نسمة يشكل مصدر قلق سياسي وعقائدي للفاتيكان، بحسب الكاتب.

وتابع: أما الهدف الثاني فهو متعلق بالأماكن التي اختار البابا زيارتها بشكل خاص، حيث أنه من الواضح وجود أهداف دينية وإستراتيجية خلف زيارة مدن مثل نينوى المذكورة في الكتاب المقدس، وقره قوش وأور كونها مسقط رأس إبراهيم عليه السلام".

فمن الملاحظ ـ على الأقل ـ وجود خطط لإحياء رموز الهوية المسيحية والتذكير بها، بحسب تقدير الكاتب.

ويقول: "يجب أن نتذكر هنا بأن هذه المناطق كانت قبل مجيء الإسلام تحت الحكم المسيحي سياسيا. ويمكن فهم معنى هذه الزيارة بشكل أكثر وضوحا بالنظر في الرسالة الجديدة التي تدعو إلى تنصير الكنيسة الكاثوليكية في الألفية الثالثة".

قم ضد النجف

ويستطرد غونغور: وفيما يتعلق بالهدف الثالث، يلاحظ أن تفضيل البابا لمدرسة النجف على مدرسة قم يحمل معان مختلفة، حيث أن التأكيد على كون (الممثل الأعلى للشيعة) علي السيستاني الفاعل الحقيقي في العراق على الرغم من الشيعة الموالين لإيران لن يرضوا بهذا الوضع بشكل أكيد وقاطع، لأمر بالغ الأهمية".

ويوضح ذلك بالقول: فبينما تقوي إيران علاقات الشيعة ـ حتى الموجودين منهم في تركيا ـ بمدرسة قم، تقوم بتقييد مدرسة النجف من خلال عناصر الحشد الشعبي.

ويبدو أن الفجوات في السلطة بدأت في الظهور في (مليشيات) الحشد الشعبي العراقي الشيعية خاصة بعد اغتيال الولايات المتحدة قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني و(نائب رئيس هيئة الحشد) أبو مهدي المهندس مطلع 2020.

وهكذا يبدو أنه وبينما تمارس إيران سلطتها وتقمع التمردات المحتملة بهاتين الوحدتين بكل سهولة ويسر، فإن مطالب مؤيدي السيستاني للصلاحية والسلطة في الحشد الشعبي تضع الجماعات الشيعية في مواجهة حادة ضد بعضها البعض، يقول الكاتب.

ومن المثير للاهتمام حديث المسؤولين بمعرفة السيستاني عن هذه التوترات في الأيام الأخيرة. لذا يمكن تقييم ذلك كخطوة إستراتيجية لتعزيز انقسام الشيعة، وزيادة المنافسة القائمة من خلال كسر التوازن بين الجماعات وتمهيد الأرضية للصراع. 

ويستدرك الكاتب: أما الأمر الرابع فيذكرنا بأنه لا ينبغي تقييم الزيارة في إطار زيادة مكانة العراق الإقليمية والدولية فحسب، بما أن زيارة البابا تمت في الوقت الذي تمر فيه بغداد بظروف صعبة؛ في ظل انتشار فيروس كورونا وانعدام الأمن. 

ويشرح ذلك قائلا: يمكن الربط بين الهجمات الأخيرة على قواعد تضم قوات التحالف الدولي في العراق وزيارة البابا هذه. وبالطبع، من المثير للاهتمام حقا أن يكون البابا لاعب سياسي وديني في خطة تحالف لتضييق الخناق.

ويتعلق الأمر الخامس باحتمال اتخاذ موقف نشط ضد التنظيمات الإرهابية المتطرفة الموجودة في العراق منذ سنوات عديدة.

 فعلى الرغم من الاستنكار المستمر للأحداث الإرهابية في الوقت الحاضر، إلا أن التساؤلات تثار حول ما إذا كان البابا سيتخذ موقفا نشطا أو إجراء حقيقيا تجاه الظلم والاحتلال والاضطهاد وما إلى ذلك من الأسباب الداعية للإرهاب، بحسب الكاتب. 

مخالفة الفعل القول

ويرى غونغور أن الأمر السادس يتعلق بخطاب البابا فرانسيسكو الذي زار العراق لأول مرة، باعتباره خطابا ملائما تماما لإدارة الموقف العالمي والتصورات؛ وذلك لأن البابا يبرز كشخص "يؤمن بأن الفعل الصحيح مهم" أكثر من دفاعه عن القضايا اللاهوتية والمعتقدات الدوغمائية.

فحقيقة أن زيارة البابا للعراق مليئة بالدعم الملموس، والإدانة، واتخاذ مواقف، والتأكيد على وجود الجهات الفاعلة في المكان الصحيح وإعطاء رسائل واضحة للجمهور الغربي، تظهر أن هذه الزيارة تشكل فرصة للسلام الإقليمي وتهديدا للأنشطة التبشيرية للفاتيكان، يلفت الكاتب.

ويردف قائلا: يتمثل الأمر السابع في محاولة البابا مد يد العون والدعم لجميع الطوائف في العراق دون إغفال مهمته الأصلية وفقا لقرارات مجلس الفاتيكان. 

لكن هل يشير عدم ذكر البابا لتركيا في رسالته إلى خطة دينية إستراتيجية؟ في الحقيقة، ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كانت هناك نية لدعم تحالف جديد في رؤية البابا بما أن الرسالة لم تُنشر باللغة التركية، بينما تم توجيه الخطاب إلى مجموعات عرقية ودينية أقل بكثير من التركمان من حيث العدد والتأثير.

وهكذا، من الواضح أنه قد تم تخطيط هذه الزيارة على أبعاد دينية وإستراتيجية. وفي هذا السياق، تشكل زيارة البابا لبلد إسلامي أهمية خاصة من بعض النواحي لفهم الأمر وربط العلاقات بشكل صحيح. 

ويوضح الكاتب: ذلك لأن الباباوات اكتفوا بالشجب والاستنكار أمام الآلام والمآسي التي عانى منها المسلمون نتيجة للظلم والاضطهاد، عبر تاريخ البشرية - كما في حرب البوسنة - بينما أثاروا الرأي العام العالمي باسم "الوحدة المسيحية" بخطاب وعمل ودعوات أكثر فاعلية عندما ظهرت مشاكل المسيحيين كأقلية عرقية ودينية.

ويقول: "ولا أعلم إن كانت هناك حاجة لأن أذكّر بأن الجوع والفقر والإرهاب والبطالة ونقص التعليم هو ما يعاني منه المجتمع الذي وصفوه بـ الأخ والشقيق". 

 بينما يظهر تزايد الخطابات والمواقف المعادية للإسلام (الإسلاموفوبيا) في المجتمعات الغربية كأمر لافت للاهتمام على الناحية الأخرى. 

الأمر الثامن أن تطوير أنشطة الحوار هدف آخر من أهداف زيارة البابا للعراق، عبر الخطاب الذي تم استخدامه لفترة طويلة تحت اسم "الحوار في الحياة"، والذي سمي بـ "حوارات الفاتيكان".

ويقول إن هذه الحوارات لم تتخذ حتى الآن أي إجراءات ملموسة لإيقاف القمع والظلم والصراع والحروب في العالم، ولم تقدم أو تؤخر شيئا، يؤكد الكاتب التركي.

ويختم مقاله قائلا: إن تحديد الأولويات بين "الخلق" من خلال اختيار الأهداف الإستراتيجية والجماعات العرقية والدينية في الأماكن التي تمت زيارتها يجعلنا نعتقد أن الفاتيكان وخاصة البابا، ليس صادقا في الكلمات التي يقولها في سياق الحوار، وإنه يلقي مثل هذه الخطابات وفقا للظروف السياسية والدينية الموجودة حاليا.