موقع إيراني: عُمان بوابة جديدة للاستثمار الصيني في الشرق الأوسط

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع إيراني عن الأهمية الإستراتيجية لسلطنة عمان بالنسبة للصين، من حيث رغبة العملاق الآسيوي في السيطرة على الاقتصاد العالمي.

وقال موقع "إيران ديبلوماسي" إن أهمية عمان الإستراتيجية بالنسبة للصين تكمن في أنها تقع قرب العديد من الدول الهامة في المنطقة، وكذلك أهميتها في الحدود البحرية، وكذلك طريق الحرير الاقتصادي.

سيطرة الصين

وأضاف: "في السنوات الأخيرة، تعمل الصين على ترسيخ مكانتها العالمية بالتجارة والاستثمار ثنائي الطرف بالاتصال مع آسيا، أوروبا، وإفريقيا، في الدول الممتدة على طريق الحرير برا وبحرا، وذلك عن طريق الاستثمار في الأبنية التحتية الفيزيائية، أي الموانيء، خطوط الأنابيب، والسكك الحديدية السريعة، وباقي الأساسيات".

من المقرر أن تلعب عمان دورا مهما في الطريق المتوسع للصين في الشرق الأوسط. فموقع السلطنة البحري المتميز، نفوذها في أسواق الطاقة والسياسة الخارجية المستقلة، حولها إلى شريك مميز بالنسبة لبكين.

ويقول الخبير الإيراني في العلاقات الدولية مقصد ميرابكف: "تتمتع عمان بالأهمية الإستراتيجية الأساسية في بناء وتحقيق اكتشاف طريق الحرير البحري في القرن الواحد والعشرين".

قبلت عمان الصين بحرارة وأعربت عن رغبتها كي تستغل النفوذ المتزايد لبكين في الشرق الأوسط؛ لتحويلها إلى مركز تجارة عالمي منتج.

ذكر الكاتب أن سياسة بكين تجاه عمان هي جزء من سياستها الكلية في الخليج العربي والشرق الأوسط والتي تعد بدورها جزءا من سياسة الصين الخارجية على مستوى العالم.

في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، عرض الشرق الأوسط أربع أولويات مهمة بالنسبة لسياسة الصين الخارجية، أبرزها أهمية المنطقة باعتبارها مصدر للطاقة وأيضا منطقة مهمة للتجارة والاستثمار الصيني.

باعتبار بكين أكبر المستهلكين للطاقة في العالم بشكل عام، وثاني مستورد للبترول الخام، فالحفاظ على التدفق المستمر لذلك البترول من المنطقة من أهم مخاوف الشعب الصيني.

 ثانيا: تعد هذه المنطقة على وجه الخصوص جزءا مهما من اكتشاف الصين بالنسبة لعناصر طريق الحرير البحري.

في الماضي، كانت بكين تنظر إلى الشرق الأوسط باعتباره منطقة محيطة فقط ولا شيء بالنسبة للعالم، ولكن في الوقت الحالي تعتبر المنطقة بمثابة تقاطع جيوإستراتيجي عالمي حرج، وأهم منطقة لتحقيق خطة الصين، أكثر من آسيا - المحيط الذي يجاورها.

ثالثا: تنظر بكين إلى الشرق الأوسط باعتباره منافس للقوى العظمى، التي يجب أن تكون هناك قوة وشيكة الظهور مثل الصين، ويتم النظر إليها على أنها المتحكمة.

وفي النهاية، يقول الكاتب: "لدى الصين مصالح أمنية حرجة في الشرق الأوسط تتعلق بانتشار الإرهاب والأيديولوجية المتطرفة"، بحسب تعبيره.

أهمية عمان

تابع ميرابكف: على الرغم من عدم الاستقرار المباشر لسلطنة عمان في الطرق التجارية البحرية، فإن هذه الدولة مستعدة للعب دور هام في مساعي الصين لإحياء الطرق التجارية البحرية القديمة، وتتمتع بنصيب اقتصادي وجيوسياسي مرتفع في الممرات البحرية الاقتصادية للخطة الموضوعة من قبل بكين.

تحظى عمان بهذه الأهمية والقيمة الإستراتيجية للنجاح في هذا الاكتشاف، بحسب الكاتب.

بداية، تقع عمان في الجنوب الشرقي لشبه الجزيرة العربية، ومجاورة لمضيق هرمز، وتعد شريان بحري حيوي بين الخليج العربي، وخليج عمان، وبحر العرب، والمحيط الهندي.

 ترتبط حدود عمان مع السعودية، اليمن، والإمارات، وتقع الهند، إيران، باكستان، شرق إفريقيا، ومنطقة كبرى من المحيط الهندي بالقرب منها، حيث يعد هذا الأمر إحدى المخاوف الرئيسة لأمن الصين القومي.

سيتسبب الوجود المنتشر للصين في عمان في تزايد وجود بكين بالمحيط الهندي وبحر العرب.

ويقول الكاتب: "تجاور عمان لبحر العرب، خليج عمان، والخليج العربي، والمحيط الهندي، يؤهلها للوصول إلى أهم ممرات الطاقة في العالم، ويزيد موقعها من وضعها في سلسلة تأمين الطاقة العالمية".

إذ يعبر أكثر من 80 بالمئة من التجارة البحرية في العالم في ما يتعلق بوسائل نقل البترول خلال طرق المحيط الهندي، 18.5 بالمئة من تجارة البترول كلها.

 كما تعبر 40 بالمئة من التجارة البحرية العالمية لتجارة البترول من مضيق هرمز، وتعد هذه المنطقة الكبرى من نوعها في العبور البحري في العالم.

 تستطيع الصين بمساعدة عمان أن تحصل على ما تحتاجه من تدفق الطاقة بشيء من الإدارة والتحكم المؤثر، بالإضافة إلى فتح سوق جديد، وطرق تجارية لعمان والشرق الأوسط؛ لأن خطة بكين تصل اقتصاد المنطقة بالجنوب الشرقي وشرق آسيا.

مساع وأهداف

وأردف الخبير: "يسعى الاقتصاد الآسيوي بدوره إلى زيادة الدمج والتعاون الاقتصادي. فيما يتعلق بوسائل النقل، فإن هذه الدولة تقع في أهم طرق النقل الدولية كما تصل العديد من القارات ببعضها البعض".

كما تملك كذلك طرق التجارة المباشرة للسوق المرتبط بتزايد مجلس التعاون الخليجي والهند وإفريقيا.

تتمتع عمان ببنية تحتية جيدة للغاية من وسائل النقل، كما تعرض ثلاثة موانئ، خمسة مطارات عالمية، وكذلك شبكة طرق من الدرجة الأولى. 

فعلى سبيل المثال، ترتبط الصين بعلاقة خاصة مع مرفأ صحار ومنطقة عمان الحرة. يقع هذا الميناء البحري في المياه العميقة الواقعة في خليج عمان في الجزء الشمالي الغربي من الدولة بالقرب من حدود السلطنة مع الإمارات ومنطقة التجارة الحرة. 

ترغب بكين في توسيع شبكات طريق عمان والسكك الحديدية والتي تستفيد من دمج مرفأ صحار والمنطقة الحرة في طرق وسائل النقل الخاصة بحكومة عمان ومجلس التعاون الخليجي وحتى الإمارات والسعودية.

واختتم الخبير مقالته قائلا: "الموقع الإستراتيجي لعمان يُمكن الصين من استغلال نفوذها الجيوسياسي في المحيط الهندي بأكمله، ومركز الجذب الجيوسياسي الجديد".

 سيتحول هذا المحيط إلى مركز تجارة عالمي جديد وتدفق للطاقة التي تشكل نصف حركة الحاويات العالمية، و70 بالمئة من الحمولات البترولية.

ومع ذلك هناك قيود وموانع خاصة في العلاقات بين الصين وعمان والتي يمكنها أن تحول دون هذه العلاقات أو تعوقها. 

فعلى سبيل المثال، تحاول عمان أن تستفيد من موقعها الجغرافي للتحول إلى جزء من طريق التجارة العالمي، ولكنها مجبرة على التعامل مع دول مجلس التعاون الخليجي بأكملها والتي ترغب في الاستثمار في مراكزها اللوجستية. 

ومن ناحية أخرى الاضطراب الجيوسياسي في الخليج العربي خلال السنوات الأخيرة، يمكن أن يؤثر على أمن استثمار الشركات الصينية. 

تستقر عمان بين منافسين في المنطقة أي السعودية وإيران، وكذلك اليمن دولة مجاورة لها، حيث تدرك مسقط أن هذا الموقع الإستراتيجي باعث على مخاطر جيوسياسية كبرى.

وبالإضافة إلى ذلك، تريد الهند الاستفادة من شبكات عمان التجارية من خلال إيجاد طريق للوصول إلى أسواق أكثر في إفريقيا والشرق الأوسط، وكذلك أن تستكمل تنافسها من خلال النفوذ الجيوسياسي في سائر المحيط الهندي. 

بين عمان والهند علاقات دبلوماسية قريبة، وكذلك ثقافية واقتصادية، تشمل التحالف الواسع في المجالات العسكرية والدفاعية.