"دويتشه فيلله": هل تتدخل روسيا في ليبيا لدعم حفتر؟

الاستقلال - قسم الترجمة | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

تساءل موقع الإذاعة الألمانية "دويتشه فيلله" عن احتمال تحول ليبيا إلى سوريا جديدة. وأشار التقرير إلى وجود شائعات بأن الجنرال الليبي خليفة حفتر يحظى بدعم الكرملين، تتسق مع تقدمه إلى طرابلس عاصمة البلاد.

وزادت النسخة الإنجليزية للموقع، قائلا: "في سوريا، استعرضت روسيا عضلاتها العسكرية، لكنها لم تظهر أوراقها في ليبيا حتى الآن"، لافتا إلى أنه مع تصاعد الصراع في ليبيا ظلت كلمات موسكو هادئة وعقلانية.

وضع دقيق

وذكّر التقرير بزيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى مصر حيث قال: "إن مهمة روسيا هي مساعدة الشعب الليبي على التغلب على خلافاته الحالية في الرأي، والتوصل إلى اتفاق مستقر للمصالحة بين الجانبين".

وفي بداية الأسبوع، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: إن "روسيا ستستغل كل فرصة ممكنة لدعوة جميع الأطراف لتجنب التسبب في إراقة الدماء والوفيات بين السكان المدنيين".

وبحسب "دويتشه فيلله"، فإن قوات الجنرال خليفة حفتر تتجه منذ أوائل أبريل/ نيسان نحو العاصمة طرابلس، وهو المكان الذي تتمركز فيه حكومة رئيس الوزراء فايز سراج المعترف بها دوليًا، وتتهم حفتر بمحاولة الانقلاب.

ويشغل حفتر قيادة الجيش الوطني الليبي، الذي تدعمه حكومة منافسة في شرق البلاد. ويبدو أن روسيا تحاول تجنب اتخاذ جانب واضح في الصراع المتصاعد.

ونقلت "دويتشه فيلله" عن فياتشيسلاف ماتوزوف، الذي عمل دبلوماسيا لفترة طويلة ويعمل الآن خبيرا مستقلا في شؤون الشرق الأوسط، قوله: "إنه وضع دبلوماسي دقيق للغاية بالنسبة لروسيا".

وتابع المتحدث: "يدعم العديد من حلفاء روسيا أطرافا مختلفة في النزاع: تركيا والجزائر، على سبيل المثال، تدعمان حكومة طرابلس المدعومة من الأمم المتحدة، بينما تدعم مصر والسعودية الجنرال حفتر".

ومضى يقول: "إذا تجاوزنا النزاع الليبي، أصبحت كل من الجزائر ومصر من كبار المشترين للأسلحة الروسية. وتركيا شريك مهم لروسيا على الصعيد الدولي، سواء في الصراع في سوريا أو مع الخلافات المتزايدة بين تركيا وحلف الناتو، وهو تحالف تعتبره روسيا تهديدا. علاوة على ذلك، تحتاج روسيا إلى إبقاء السعودية إلى جانبها كشركة عملاقة للنفط".

ونقلا عن ماتوزوف، قال التقرير إن السبب الرئيسي وراء تورط روسيا في هذا التخبط الدبلوماسي هو خوف موسكو من أن الفوضى في ليبيا قد تسمح بعودة تنظيم الدولة، الذي ستكون مصدر قلق أمني خطير لموسكو.

ليبيا حبل مشدود

وبحسب "دويتشه فيلله"، فإن بافل فيلغنهاور، المحلل العسكري الروسي المستقل يرى أن ليبيا "لغز" دبلوماسي بالنسبة لموسكو، قائلا: "سوف تتعامل روسيا بحذر شديد في النزاع ولن تعلن ولاءها علانية".

وفي حين يصر ماتوزوف على أن روسيا محايدة مثل تصريحاتها الرسمية، يجادل فيليغنهاور، قائلا: "من الواضح أن موسكو تدعم حفتر وراء الأبواب المغلقة"، وهو ما نفاه الكرملين.

واستطرد التقرير: "في الواقع ، قام كل من الجنرال حفتر ورئيس الوزراء سراج بزيارة موسكو، لكن يبدو أن حفتر يتمتع بميزة في الكرملين. لقد زارها 3 مرات منذ عام 2016، وتم نقله حتى على متن حاملة الطائرات الروسية الرائدة الأدميرال كوزنتسوف في عام 2017، حسبما ورد، لحضور مؤتمر عبر الفيديو مع وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو".

ويعتقد فيلغنهاور أن شيئًا واحدًا يخل بالموازين لصالح حفتر وهو المال، لافتا إلى أن الجنرال الليبي مسؤول عن جميع المناطق المنتجة للنفط في ليبيا تقريبًا، وهذا يعني أنه يملك المال، مما يعني أنه مهم بالنسبة لموسكو، بحسب المصدر ذاته.

وأوضح المتحدث للإذاعة الألمانية، أنه على الرغم من حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، فإن موسكو قد تصارع لبيع أسلحة لحفتر، أو أنها باعتها بالفعل.

وتابع التقرير، في 7 أبريل/ نيسان، منعت روسيا بيان مجلس الأمن الدولي الذي كان سيحث القوات الموالية لخليفة حفتر على وقف تقدمها في طرابلس، مصرة على أن البيان يجب أن يحث جميع القوات في البلاد على وقف القتال. ورأى فيلغنهاور أن هذه الخطوة علامة واضحة على دعم روسيا الضمني لحفتر.

علامات غامضة

ووفقا لتقارير وسائل الإعلام المختلفة، قد تكون لروسيا طريقة أخرى للانحياز بهدوء في ليبيا. ففي أواخر عام 2018، أفادت الصحيفة الروسية اليومية RBC بوجود قوات روسية في شرق ليبيا، نقلاً عن مصدر قريب من وزارة الدفاع الروسية.

ونشرت صحيفة "نوفايا غازيتا" المستقلة شريط فيديو يظهر يفغيني بريجوزين يشارك في محادثات مع الجنرال حفتر في موسكو.

بريجوزين هو صديق مقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو شخصية غامضة تترأس مصنعا عملاقا، بحسب وسائل التواصل الاجتماعي في روسيا، فضلاً عن شركة عسكرية روسية خاصة تدعى Wagner Group، يقال إنها ظهرت في صراعات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك شرق أوكرانيا وسوريا وفنزويلا وجمهورية أفريقيا الوسطى، بحسب "دويتشه فيلله".

ويعتقد الدبلوماسي الروسي السابق ماتوزوف، أن إرسال مرتزقة روس إلى ليبيا سيكون أمرا مستحيلا، ووصف هذه الادعاءات بكونها "معلومات مضللة".

وقال للإذاعة الألمانية: "لو كان هناك مرتزقة في ليبيا لكنا عرفنا بالفعل"، مشيرا إلى أنه لا يوجد تمييز واضح بين مختلف الجماعات المتحاربة في البلاد، موضحًا أن المقاتلين في الصراع غالباً ما ينتقلون بين الجماعات اعتمادًا على كيفية تطور الوضع على الأرض، ولهذا السبب لا توجد أسرار في ليبيا.

لكن الخبير العسكري فلغنهاور يعتقد أن المرتزقة الروس ربما يكونون على أرض ليبيا وفي مجالها الجوي، ويجادل بأن هذا سيكون حلاً أنيقًا للغاية للغموض الدبلوماسي الروسي، بحسب التقرير.

وأضاف فلغنهاور: "لكونهم غير مرتبطين رسمياً بالحكومة، يُسمح لمرتزقة روسيا بالتورط وبشكل يسمح لها بالإنكار المعقول".

سوريا ثانية

وفي أوائل عام 2018، أدت تصريحات روسيا حول خططها لسحب القوات من سوريا إلى زيادة الشائعات حول عملية عسكرية روسية محتملة في ليبيا.

ومع ذلك، أفادت الإذاعة أنه من غير المحتمل أن تشن روسيا تدخلاً واسع النطاق في ليبيا كما فعلت منذ ما يقرب من 4 سنوات في سوريا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها لا تزال متورطة في الصراع هناك.

وأشار فلغنهاور للإذاعة إلى أن القدرات الروسية منهكة في سوريا، خاصة أنها ليست الاتحاد السوفييتي، موضحا أنه لا يعتقد أن ذلك يناسب أهداف روسيا الإستراتيجية الشاملة.

وأردف فلغنهاور قائلا: "التوجه الرئيسي للسياسة الخارجية والسياسة العسكرية الروسية هو معاداة أمريكا. هذا حاصل في سوريا وفي فنزويلا، لكن في ليبيا ليس من الواضح من الذي يدعمه الأمريكيون فعلاً".

ويتفق معه ماتوزوف في أن ليبيا لن تكون سوريا الجديدة لروسيا، مضيفا للإذاعة الألمانية: "السبب في وجود قاعدتين عسكريتين أنشأتهما روسيا في سوريا خلال النزاع يعني أن موسكو لا تحتاج إلى موطئ قدم آخر لتغطية مصالحها الإستراتيجية في الشرق الأوسط. علاوة على ذلك، لم تتمكن موسكو ببساطة من شراء قاعدة في ليبيا".

ويستشهد ماتوزوف، في حديثه لـ"دويتشه فيلله"، بسبب آخر لعدم قيام روسيا بشن عملية عسكرية واسعة النطاق كما هو الحال في سوريا، قائلا: "ليبيا تشبه الرمال المتحركة، أي شخص يتدخل فيها سوف يتم استدراجه".