محمد عكاري.. شاب سوري يطمح لعضوية برلمان هولندا وتحرض ضده الإمارات

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

يطمح الشاب السوري محمد عكاري، للوصول إلى قبة البرلمان الهولندي، في الانتخابات المزمع إجراؤها 17 مارس/آذار 2021، عبر خوضه التجربة مرشحا عن حزب إسلامي تأسس حديثا في البلد الأوروبي، بعدما شارك سابقا في الانتخابات البلدية.

عكاري واحد من مرشحين اثنين ينحدران من سوريا، التي شهدت هجرة نحو 6.6 ملايين شخص موزعين في 126 دولة، حيث بلغت نسبتهم بين اللاجئين عالميا 8.25 بالمئة حتى نهاية 2019، لتصنف بذلك بلد المنشأ الأول للاجئين منذ 2014، بحسب مفوضية شؤون اللاجئين الأممية.

مرشح إسلامي

محمد إبراهيم عكاري (29 عاما) رشح نفسه للانتخابات البرلمانية عن "نداء"، وهو أول حزب إسلامي تأسس في هولندا، كما أنها المشاركة الأولى له في الانتخابات البرلمانية بعد أن شارك سابقا في الانتخابات البلدية.

وفي الموقع الإلكتروني للحزب الهولندي يعرّف محمد عكاري نفسه، قائلا: "كمرشح في حزب نداء، الإسلام بالنسبة لي مصدر إلهام لفعل الخير للناس والمجتمع (..)".

عكاري المنحدر من مدينة بانياس على الساحل السوري، تعود جذوره إلى فلسطين، فأجداده هاجروا أثناء الاحتلال الإنجليزي للبلاد (في الحرب العالمية الثانية)، حسبما كشف أثناء تصريحات صحفية في 28 فبراير/ شباط 2021.

أما والده، فكان معارضا لرئيس النظام السوري السابق حافظ الأسد، فهو ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين السورية، وهرب إلى الأردن نهاية الثمانينيات بعدما علم أن المخابرات السورية تريد اعتقاله في إطار حملة القمع التي طالت الجماعة آنذاك.

الشاب السوري هاجر مع عائلته التي كانت تقيم في الأردن إلى القارة الأوروبية، عندما كان عمره سنة واحدة فقط، حتى استقر بهم الحال بشكل دائم في هولندا منذ عام 1993.

أسس عكاري الحركة الشبابية لحزب "نداء" والتي تسمى "نيه"، كما أنه مؤسس الفرع المحلي للحزب في مدينة سخيدام الهولندية، مشيرا إلى أنه قام بعدة نشاطات لنصرة القضيتين الفلسطينية والسورية.

التجربة السياسية

وعن خوضه غمار السياسة وترشحه للانتخابات البرلمانية، يقول عكاري صاحب التسلسل رقم (21) في قائمة مرشحي الحزب "نداء أمل شارك في الانتخابات البلدية 3 دورات انتخابية مرتين في مدينة روتردام ومرة في مدينة لاهاي".

وأوضح عكاري أثناء تصريحات صحفية أن "برنامج الحزب وخطابه وتفاعله مع الواقع زاد من شعبيته وبعد الدراسة والتقييم وجدنا تجاوبا جيدا من الأعضاء والمواطنين لكي نشارك لأول مرة في الانتخابات البرلمانية. وبإذن الله نتوقع وصول عدد من أعضاء الحزب إلى البرلمان". 

وأكد أن الحزب يضم بين صفوفه أشخاصا غير مسلمين، وهناك اثنان منهم ضمن قائمة المرشحين، هما إيلفن ريخترس ونانسي رايسيل، كما أن هناك أكثر من 10 بالمئة من أعضاء الحزب ليسوا مسلمين، مؤكدا أن "نداء" لديه شعبية في أقاليم "نورد هولاند وزاود هولاند وأوتريخت".

وخاطب عكاري الوافدين، قائلا: "علينا الانخراط في مؤسسات المجتمع والتفاعل الإيجابي فيه، حتى نتمكن من تخفيف تأثير الأحزاب المعادية للدين وللأجانب، ونحن نرى أن غالبية المجتمع ليست معادية وإنما أصوات الأحزاب اليمينية مرتفعة والإعلام يتناغم معها".

كما أشار إلى أن "الكثير من السوريين في هولندا حققوا الكثير من النجاح على مستوى العمل والدراسة"، داعيا إياهم إلى "الاندماج الإيجابي في المجتمع الأوروبي".

مناهض للشعبوية

يعتبر عكاري مناهضا للأحزاب الشعبوية التي تعادي اللاجئين السوريين وتوصد الأبواب بوجههم، حيث يشير إلى أن "الأحزاب اليمينية المتطرفة لديها عداء للدين وللأجانب وهي في الغالب لا يهمها مراعاة حقوق الإنسان".

ولفت إلى أن "حزب نداء يطالب بمناصرة أي مظلوم بغض النظر عن جنسه أو دينه، وكما وقفنا سابقا مع كل اللاجئين عموما، والسوريين خصوصا، فإننا سنبقى إلى جانبهم، وهذا ينسجم مع القانون العالمي لحقوق الإنسان وكذلك مع القوانين المحلية".

وتابع: "كنا وما زلنا في الحزب مناصرين للشعب السوري الذي يطالب بالحرية والعدالة والمساواة، منذ بداية الأزمة طالبنا بتسهيل وصول اللاجئين وسرعة إعطائهم تصاريح الإقامة للتخفيف من معاناتهم، وما زلنا نطالب بتسهيل أمورهم في الإقامة والعمل". 

وأردف عكاري: "لدينا موقف مبدئي بأن عودة اللاجئين بعد هذه السنوات مرتبط بالواقع السوري من حيث الأمن والأمان، وإذا تحسن الوضع هناك حينها يُخير السوري في اتخاذ قراره بحرية تامة".

وأوضح أن "العالم الحر ما زال يرى النظام يمارس الدمار والخراب والقتل لذلك لا يمكن إجبار اللاجئ على العودة في هذه الظروف"، مشيرا إلى أن "بعض الأحزاب اعتبرت التصريحات الرسمية بالقضاء على تنظيم الدولة بأنها مبرر لعودة السوريين، وتجاهلوا أن أساس البلاء الذي حل بالسوريين هو الديكتاتور بشار الأسد".

وبيّن عكاري أن "الشعب السوري بمعظم شرائحه طالب منذ سنوات بإسقاط الأسد ومحاكمته، وعلى الدول الديمقراطية احترام إرادة الشعوب، وبالنسبة لنا نرفض أن يكون لهولندا أي علاقة مع هذا القاتل". 

وأوضح المرشح السوري أن "الواقع الأوروبي فيه تغييرات كثيرة من خلال صعود الاحزاب الشعبوية والمتطرفة وانتشار الإسلاموفوبيا، لكن هناك من الأوروبيين من يقف ضد التطرف ويحث على احترام الآخر والتعايش السلمي للمجتمع".

تحريض إماراتي

في 16 مايو/ أيار 2018، وأثناء فترة صعود الأحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، نشر موقع "ميدل إيست أونلاين" الإماراتي، تقريرا هاجم فيه ما أسماه "توسع نفوذ الإخوان المسلمين في هولندا"، محرضا على محمد عكاري ووالده إبراهيم.

وذكر التقرير أن "محمد عكاري، أحد أبناء إبراهيم، أصبح ناشطا في السياسة اليسارية الهولندية، بما في ذلك الحزب الاشتراكي القوي حزب العمل. وانتقل الآن إلى الحزب الإسلامي الإقليمي (نداء) في روتردام وحزب دنك (المساواة) الشعبوي المؤيّد لأردوغان".

وأفاد الموقع الإماراتي بأن مؤسسا حزب "دنك"، عضوا البرلمان الهولنديان التركيان: سلجوق أوزتورك، وتوناهان كوزو، انشقا عن حزب العمل سنة 2014، وشكّلا حركتهما السياسية الخاصة. وأصبحت تلك الحركة الحزب السياسي "دنك"، وفازت بثلاثة مقاعد في البرلمان الهولندي في انتخابات 2017.

وزعم الموقع قائلا: "غالبا ما تتوافق قيادة (دنك) في خطاباتها وأفعالها مع الإخوان المسلمين في هولندا. على سبيل المثال، لم يصافح كوزو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما زار الأخير البرلمانيين الهولنديين في لاهاي السنة الماضية. فجعله ذلك بطلا على الفور في أوساط الإخوان الهولنديين".

ولفت الموقع إلى أنه في الانتخابات المحلية التي جرت في 21 مارس/ آذار 2018، ساند أنصار الإخوان المسلمين في روتردام حزب "نداء"، وهو حزب محلي بزعامة نور الدين الوالي.

والوالي عضو سابق في مجلس روتردام عن حزب الخضر، وكان المتحدث باسم القارب الهولندي الذي شارك في أسطول غزة سنة 2011، وهو مشروع لحماس. وغالبا ما يكون حاضرا في المظاهرات التي تنظّمها الحركة المؤيّدة لفلسطين في هولندا، بحسب الموقع.

وعن حزب "نداء" الذي ينتمي إليه عمار، قال الموقع الإماراتي إن الحزب في روتردام، وافق رسميا على الانضمام إلى ائتلاف يساري إسلامي تعاونت فيه الأحزاب اليسارية الراسخة (حزب الخضر، وحزب العمل، والحزب الاشتراكي) مع "نداء" في محاولة لتجنّب وصول حزب محلي شعبوي إلى السلطة.

ويزعم الموقع الإماراتي أن "نداء" الذي ينتمي إليه السوري محمد عكاري لديه اتصالات "دافئة" مع اتحاد الديمقراطيين الأتراك الأوروبيين، والذي وصفه التقرير بأنه "الفرع الهولندي" لحزب العدالة والتنمية التركي، بزعامة رجب طيب أردوغان.