بعد "بريكست".. كاتب تركي: هذه سياسات بريطانيا بالشرق الأوسط والخليج

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

نشرت وكالة "الأناضول" التركية مقالا قالت فيه إن "مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وبالنظر للمناقشات التي ظهرت عقب ذلك، كانت تقضي بأن المملكة المتحدة ستضطر لتحمل التكاليف، خاصة تلك المتعلقة بالاقتصاد". 

وأضافت الوكالة الرسمية في مقال للكاتب محمد تشاغري بيلير، أن "احتمالية حرمان بريطانيا من السوق الأوروبية بشكل مباشرة والاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والدول غير الأعضاء كانت تدعم هذه الشائعات، فقد كان السيناريو الأكثر احتمالا يتمثل في تحول بريطانيا إلى عقد اتفاقيات تجارية جديدة ومراجعة الشراكات القائمة".

واعتبر بيلير أن "التطورات التي حدثت بعد خروج بريطانيا من الاتحاد أكدت هذه التوقعات؛ فقد وقعت لندن اتفاقيات تجارة مع ما يقرب من 60 دولة من الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بينهم تركيا إلى جانب الخطوات التي اتخذتها تجاه دول الخليج كما قدمت طلبا لتصبح عضوا في اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ التجارية (CPTPP)".

وأضاف: "كما أن عقدها لاتفاقيات تتضمن بيع 48 طائرة حربية للسعودية التي فرضت عليها دول مثل ألمانيا حظر بيع الأسلحة، وافتتاحها قاعدة بحرية دائمة في البحرين، ومنشآت لوجستية وتدريبية عسكرية في عمان من أجل زيادة الوجود البريطاني عسكريا في الخليج، ليلفت الانتباه".

أهداف اقتصادية

وأكد بيلير أن "تعليقات ظهرت تفيد بأن اتخاذ بريطانيا للخطوات المذكورة أعلاه، يعود لضمان أمن دول الخليج كونها ضرورية لضمان أمن الطاقة في ظل التوتر المتصاعد باستمرار في الشرق الأوسط".

فبسبب الحاجة المتزايدة للطاقة والموارد المحدودة بعد الحرب الباردة، أصبحت بريطانيا مستوردا أساسيا للطاقة، خاصة في ظل المشاكل الاقتصادية المحتملة التي قد تحدث بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وفق الكاتب التركي.

واستدرك: "هناك وجهة نظر أخرى في هذه القضية، وهي ترى أن بريطانيا ترغب في أن تتولى مهمة قيادة الخليج ضد التهديد الذي تشكله المنظمات الإرهابية مثل تنظيم الدولة وإيران، التي يتزايد نفوذها وروسيا التي جاءت إلى المنطقة بسبب خلو الساحة الذي حدث بتحول أولوية السياسة الخارجية للولايات المتحدة".

وأردف بيلير قائلا: "بالطبع، تفسر التعليقات المقدمة والأسباب المقترحة والنتائج الأخيرة العلاقات الخليجية البريطانية العميقة إلى حد ما، لكن من الممكن أيضا تقديم تحليل منظور أوسع، حيث إنه يلاحظ أن بريطانيا تصرفت بطريقة مختلفة عن الأعضاء الآخرين في المرحلة من دخولها في الجماعة الاقتصادية الأوروبية (EEC)، وحتى خروجها من الاتحاد الأوروبي".

وشرح ذلك: "فهي لم تشارك في استخدام العملة المشتركة، ولم تنضم إلى منطقة شنغن، إلى جانب موقفها الصارم من اتخاذ القرارات في إطار السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة للاتحاد الأوروبي (OGSP) بالإجماع، وعدم ترددها في دخول السوق المشتركة".

وتابع: "بعبارة أخرى، من الواضح أنها تهدف إلى الاستفادة من الامتيازات الاقتصادية التي يوفرها الاتحاد أثناء محاولتها تقديم حد أدنى من التنازلات من سيادتها عن طريق منع الأحداث التي قد تتطور خارج سيطرتها.

وخلص الكاتب إلى أن "بريطانيا وإضافة إلى هذه الأرضية الفريدة والمختلفة التي تقف عليها تاريخيا في أوروبا، فإنها تملك موقفا وعلاقة مختلفة مع دول الخليج مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى بسبب ماضيها الاستعماري".

ويرى بيلير أن "هناك عاملا حاسما آخرا في موقف بريطانيا وهو متعلق بسياسة الولايات المتحدة في المنطقة؛ فقد تسببت حقيقة أن واشنطن تركت أوروبا وحدها مع الأزمة، وخاصة في مرحلة تفكك يوغوسلافيا بعد الحرب الباردة".

وفي المرحلة التي تليها، عملت بريطانيا مع الولايات المتحدة عندما غزت العراق تحت رئاسة جورج دبليو بوش، رغم الخطاب المكثف المناهض للحرب داخل الاتحاد الأوروبي.

لكن الضغط الشديد الذي مارسته الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما على شركائها الإستراتيجيين لتحمل "المزيد من تكاليف الدفاع وظهور أزمات إقليمية وتخليها عن حلفائها، دفع بريطانيا لاتخاذ موقف"، بحسب الكاتب.

وأوضح قائلا: "فقد خلقت كل هذه الأزمات الإقليمية مشاكل خطيرة لأوروبا في قضايا مثل أمن الطاقة والإرهاب والهجرة، واستمر هذا أثناء عهد ترامب أيضا. حتى أن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق النووي الإيراني، الذي أيده الاتحاد الأوروبي بشدة، ويتم تقييم هذا الوضع على أن التهديد الإيراني على الاتحاد الأوروبي سيزداد أكثر".

تداعيات التقارب

وعلى صعيد آخر، أدى تطور العلاقات في المجال الاقتصادي إلى زيادة حجم التجارة مع دول الخليج بنحو ضعفين ونصف، وذلك من عام 2010 إلى عام 2016.

وبعبارة أخرى، فتحت بريطانيا مساحة لنفسها بشكل مستقل عن الاتحاد الأوروبي وزادت نفوذها اقتصاديا وعسكريا في منطقة تخضع عادة لحماية الولايات المتحدة، وفق الكاتب.

وقال بيلير: إن "نتائج السياسة الأميركية تفسر وتوضح لماذا لم يكن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مكلفا، وما أسباب تعميق العلاقات البريطانية الخليجية، فعلى الرغم من أن مسارات المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي منفصلة رسميا، إلا أن العديد من الناس يقولون إن الجغرافيا السياسية للمنطقة لم تتغير".

وأضاف "لهذا، فإن عدم ذهاب الدول الأوروبية التي تواجه المشاكل الإقليمية بمفردها وتملك مساحة ضيقة جدا، لمعاقبة قرار انفصال إحدى أقوى دولتين في الاتحاد خاصة في مجال الأمن لنتيجة متوقعة".

أوضح بيلير: "بعبارة أخرى، فإن القوة التفاوضية للاتحاد أقل مما تمتلكه بريطانيا ضدها، وقد لوحظ في المفاوضات أن التنازلات المتبادلة ستستمر فقط في سياق التغييرات التي تم إجراؤها في طريقة التنفيذ، حتى أن كلا من الطرفين يظهران حسن النية والالتزامات الشفوية لتحقيق المزيد من التعاون". 

وبهذه الطريقة، ستكون بريطانيا قادرة على تطوير العلاقات مع الدول غير الأعضاء دون الحدود التي ترسمها الأحكام الملزمة للاتحاد الأوروبي، كما ستكون قادرة في الوقت نفسه على مواصلة العلاقات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي بأقل قدر ممكن من الضرر، بحسب ما يراه الكاتب.

وخلص بيلير إلى أنه "يمكن تفسير العلاقات العميقة بين المملكة المتحدة والخليج باعتبارها إحدى الفرص التي أوجدها انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة وليس كنتيجة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".

وأشار إلى أنه "بالنظر لمستقبل هذه العلاقات، فإن حملة الرئيس الأميركي جو بايدن الانتخابية وخطابه بعد الانتخابات يشيران إلى أن واشنطن ستعيد علاقاتها مع حلفائها التقليديين، ومع ذلك، فإن هذه الإشارات تتشابه مع الخطاب الليبرالي الجديد في عهد أوباما".

ولفت بيلير إلى أنه "من المحتمل أن يزداد نفوذ وفاعلية إيران في المنطقة لتشكل تهديدا على تركيا وعلى دول الخليج تماما كما كان في عهد أوباما، في حال مد بايدن يده بالجزرة مقابل الاتفاق النووي الإيراني".

واستدرك: "لكن هذا لا يعني أن بريطانيا ستعود إلى المنطقة لقيادتها كما كان قبل عام 1971، حيث تحاول المملكة المتحدة فقط توسيع دائرة نفوذها من خلال تجنب التكاليف قدر الإمكان وفقا للظروف المتغيرة".

وختم بيلير مقاله بالقول إن "بريطانيا ستعزز علاقاتها مع الشرق الأوسط بشكل عام، ومع الخليج بشكل خاص بسبب رغبتها في التخلص من عبء الاتحاد الأوروبي ورغبة الولايات المتحدة في تقاسم عبئها، وهذا سيفتح أبواب تعاون جديدة مع الفاعلين الإقليميين المهمين مثل تركيا ومصر".