بعد تقرير خاشقجي.. "ألموندو": بايدن رسم خطوطا حمراء لن يتجاوزها ابن سلمان

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة إسبانية أن تقرير المخابرات الأميركية بشأن اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، فتح فصلا جديدا في العلاقات بين واشنطن والرياض؛ رسم فيه قيود استبداد ولي عهد المملكة محمد بن سلمان.

وقالت صحيفة "ألموندو" إن "نشر تقرير المخابرات الأميركية في 26 فبراير/شباط 2021، حول اغتيال خاشقجي في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول، في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، يحيل إلى أن الرئيس جو بايدن يتخذ خطوة أخرى في إعادة تحديد أسس العلاقات بين واشنطن والرياض في ظل إدارته".

وأوضحت أن "إيماءات بايدن منذ توليه الرئاسة تهدف إلى فتح فصل جديد في العلاقات بين البلدين، وتنطوي على تباعد واضح وقطيعة مع سياسات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تجاه قطاعات معينة من النظام الملكي السعودي، في الآن ذاته يحاول بايدن إعادة توجيه المسار الرسمي للعلاقات بين البلدين".

ملطخة بالدماء

وأكدت الصحيفة أن "نشر تحقيق وكالة المخابرات المركزية في قضية خاشقجي وحقيقة رغبة بايدن في التواصل مباشرة مع الملك سلمان وليس نجله، ولي العهد، يشكلان ضربة لقيادة ابن سلمان ويهدفان إلى الحد من نفوذه، وعلى المدى الطويل، تهميش صعوده الإقليمي".

وأضافت أن "الخطوات التي اتخذها بايدن هي عبارة عن توضيح لحقيقة أن قضية حقوق الإنسان مهمة مرة أخرى بالنسبة للولايات المتحدة، خلال فترة رئاسته، وعلى وجه الخصوص، يبدو ابن سلمان معنيا مباشرة بهذا التوضيح". 

وتابعت: "يفسر ذلك بأن قيادة ابن سلمان - التي بدأت في الصعود عام 2015 وتأكدت عندما تم تعيينه خلفا للملك سلمان بن عبد العزيز عام 2017 ـ ملطخة إلى الأبد بدماء خاشقجي؛ رغم أنه أطلق لمسة تحويلية وإصلاحية فعالة مثل مشروع رؤية 2030، والذي كان ينوي من خلاله تحديث البلاد، بما في ذلك مجتمع أكثر انفتاحا قليلا على دور المرأة".

ولفتت "ألموندو" إلى أن "الصحفي البالغ من العمر 59 عاما انتقد بعض القطاعات الثابتة في السلطة السعودية ولم يتردد من منبره في صحيفة واشنطن بوست- حيث كان كاتب عمود- في الإشارة إلى السياسات الاستبدادية لابن سلمان".

وفي تقاريره، تحدث خاشقجي عن ابن سلمان مؤكدا أنه "زعيم قبلي قديم الطراز" يريد الاستمتاع "بثمار حداثة العالم الأول، ووادي السيليكون والمسارح، ولكنه يريد أيضا أن يحكم مثلما قاد جده البلاد".

وأكدت الصحيفة أن "خاشقجي كان في مرمى نيران السلطات لكونه صحفي مزعج لدرجة أنه اضطر إلى الذهاب للمنفى، وفي 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، عندما ذهب إلى قنصلية بلاده بإسطنبول، للقيام ببعض الإجراءات البيروقراطية بقصد الزواج من خطيبته، اغتيل على يد عملاء سعوديين، وقُطع جسده، وحتى يومنا هذا، لا يزال مصير رفاته مجهولا".

وبينت الصحيفة أن "تقرير المخابرات الأميركية الذي رفعت عنه السرية ينص على أن ابن سلمان وافق وربما أمر بقتل الصحفي".

وخلصت إلى أنه "وفي ظل هذا الوضع، تمثل الوثيقة نقطة تحول بالنسبة لبايدن؛ لتحديد مسافة واضحة مع ابن سلمان، الذي حافظ على اتصالات وثيقة مع ترامب وحتى تواصل عبر تطبيق واتساب مع مستشاره وصهره جاريد كوشنر".

متعطش للدماء

وأفادت الصحيفة بأن "بايدن يريد تغيير هذه العلاقة، ومن هذا المنطلق، لن يكون ابن سلمان محاورا للبيت الأبيض، ومن الآن، سيكون الملك سلمان المحاور الذي يتواصل معه بايدن مباشرة، رغم أن تقدمه في العمر (85 عاما) ومشاكله الصحية قد تجعل الحوار المرن مستحيلا".

ونوهت بأن أسلوب ابن سلمان، رغم كونه يبلغ من العمر 35 عاما، لا يزال نموذجا مثاليا "للمدرسة القديمة" للمستبدين العرب ذوي اليد الحديدية.

وأشارت إلى أن "هذا الأمر بدا جليا وتحققنا منه بالفعل في سوريا مع بشار الأسد، عندما كانت خطاباته مليئة بالوعود بالتحديث إبان خلافة والده المخيف، حافظ الأسد، عام 2000، والقطيعة معها واستبدالها فيما بعد بالوحشية التي أظهرها عند اندلاع ثورة 2011".

وأوضحت الصحيفة أن "استبداد الأسد تجلى تحديدا عند قيادة جيش نظامه ضد المتظاهرين السلميين وعدم تردده في تحويل الرغبة في الإصلاح إلى حرب ما زالت تعصف بالبلاد إلى اليوم".

وأوردت أن "ولي العهد السعودي حقق رقما قياسيا كقائد متعطش للدماء ومستبد منذ صعوده إلى خط الخلافة، وعموما، لا تعد حادثة مقتل خاشقجي استثناء، بل تواترت العديد من الأسباب التي شوهت شخصيته".

وفي هذا المعنى، يقف ابن سلمان وراء تدخل السعودية في الحرب في اليمن المجاور، حيث كان وزير الدفاع أيضا؛ وقاد موجة قمع وحشية ضد نشطاء حقوق الإنسان؛ وعمد إلى مصادرة مليارات الدولارات بذريعة مكافحة الفساد، فضلا عن الاحتجاز خارج نطاق القضاء، وحصار قطر أو اختطاف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري"، وفق "ألموندو". 

وأشارت الصحيفة إلى أن "بايدن أكد بالفعل عندما كان مرشحا أنه سيحاول إعادة ضبط العلاقة مع الرياض، التي لن تحصل على الدعم غير المشروط من واشنطن".

خطوط حمراء

وفي هذا الصدد، تمثلت أولى قرارات الرئيس الديمقراطي عندما وصل البيت الأبيض، في سحب الدعم اللوجستي والعسكري للسعودية في تدخلها في اليمن، و"بذلك شلت واشنطن عقود بيع أسلحة للرياض يمكن استخدامها في عمليات هجومية في هذا البلد". 

وعموما، تتمثل أحد أهداف بايدن في وقف الصراع أو على الأقل التدخل السعودي فيه، ولهذا عين مبعوثا خاصا لتعزيز الجهود الدبلوماسية، لكن في الوقت الحالي، لم تتجل بعد ثمار جهود بايدن حيث يستمر الصراع في الاشتعال، وأصبح اليمن، البلد الذي عاش في الفقر حتى قبل الحرب، غارقا في أخطر أزمة إنسانية على هذا الكوكب.

ومنذ أن بدأت السعودية حملة القصف في مارس/آذار 2015، لقي أكثر من 130 ألف شخص مصرعهم ويعتمد 80 بالمئة من سكانه على المساعدات من أجل البقاء على قيد الحياة.

وأبرزت الصحيفة الإسبانية أن "الخطوات التي اتخذتها إدارة بايدن لتهدئة الصراع مع قطر تُظهر علامات على تجاهل وتجاوز ابن سلمان، وباتخاذ مسافة جدية عنه، أوضحت إدارة بايدن الآن أن ابن سلمان لم يعد يملك صلاحيات واسعة".

وبرهنت أيضا أن "الخط الأحمر لحقوق الإنسان مهم مرة أخرى في واشنطن، ولو فقط من أجل مسألة الإسقاط الدولي والصورة السياسية". 

واستدركت الصحيفة قائلة: "لكن في جميع الأحوال، تظل السعودية حليفا حاسما للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، حيث أُبرم اتفاق صداقة عام 1945، بين الرئيس الأسبق فرانكلين روزفلت والملك عبد العزيز - جد محمد بن سلمان، وبهذه الخطوة، ضمن الملك للولايات المتحدة الحصول التفضيلي على نفطها مقابل الحماية العسكرية".

وأكدت أنه "على مر السنين، نجا التحالف من 6 حروب عربية إسرائيلية، وتغييرات في الاصطفافات الدبلوماسية، وهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 أو الغزو الأميركي للعراق عام 2003". 

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول إن "العلاقة الأميركية السعودية ليست في خطر.. كما أن خلافة العرش السعودي ستتحقق يوما ما في شخص ابن سلمان، لكن في عالم لم يعد فيه النفط حاسما بالنسبة للجغرافيا السياسية، قرر بايدن أن يفعل شيئا لم يفعله ترامب: شرح للملك المستقبلي حقيقة حدوده وإيضاح الخطوط الحمراء التي لا يجب تجاوزها".