مجلس الأمن يمدد العقوبات على نجل صالح.. لماذا طالبت "الحوثي" برفعها؟

سام أبو المجد | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

بالتزامن مع انطلاق حملة نظمها أنصار الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، للمطالبة برفع العقوبات الأممية عن نجل صالح، سفير الإمارات في اليمن أحمد علي، أصدر مجلس الأمن قرارا جدد فيه العقوبات على أحمد علي حتى مارس/آذار 2022.

كانت الحملة التي نظمها أعضاء حزب المؤتمر بالإضافة إلى حوالي 46 من أعضاء البرلمان اليمني قد دعت في بيان، إلى رفع العقوبات عن أحمد علي بحجة أنها بنيت على معلومات غير واقعية وفي ظرف زمني غير طبيعي، كما أن المصلحة الوطنية تقتضي رفع العقوبات، بحسب البيان.

وكان قرار العقوبات قد صدر ضد قائد الحرس الجمهوري أحمد علي  في أبريل/نيسان 2015، بموجب الفقرتين 11 و15 من القرار رقم 2140 لعام 2014، والفقرة 14 من القرار رقم 2216 لعام 2015، وقضى بإدراجه في قائمة العقوبات بسبب "تقويضه للسلام والأمن والاستقرار في اليمن".

وذكرت مسودة القرار أنه "ما فتئ أحمد علي يعمل على نسف سلطة الرئيس (عبد ربه منصور) هادي وإفشال محاولاته الرامية إلى إصلاح المؤسسة العسكرية، وعرقلة الانتقال السلمي إلى الديمقراطية في اليمن".

وأضاف: "كان لصالح دور أساسي في تيسير التوسع العسكري للحوثيين. وحتى منتصف فبراير/شباط 2013، كان أحمد علي صالح قد وزع آلاف البنادق الجديدة على ألوية الحرس الجمهوري وعلى شيوخ قبائل مجهولي الهوية، وكانت الأسلحة قد اشتريت أصلا عام 2010 واحتُفظ بها خصيصا لكسب ولاءات الجهات المتلقية في سبيل تحقيق مكاسب سياسية في وقت لاحق".

تجميد أرصدة

وتقضي العقوبات بتجميد كافة أموال أحمد علي وأرصدته البنكية في كافة البلدان، كما تقضي بمنعه من السفر للخارج، وحظر استيراده للأسلحة والعتاد ووسائل النقل العسكرية، وعليه فإن أنصار أحمد علي يطالبون بالإفراج عن تلك الأموال.

ليس من المعلوم على وجه الدقة، كم تبلغ ثروة أحمد علي وأرصدته البنكية، رغم توارد تقارير تتحدث عن امتلاك أصول عقارية تقدر بملايين الدولارات.

صحيفة ليبراسيون الفرنسية نقلت في 22 ديسمبر/كانون الأول 2020، أن النيابة الوطنية المالية في فرنسا كشفت أن تحقيقا أوليا في "اختلاس أموال" فتح لشبهات بتحقيق عائلة الرئيس السابق علي عبد الله صالح "مكاسب غير مشروعة" في فرنسا، وأن عائلة صالح اشترت منذ 2005، شققا سكنية عدة في غرب باريس بالقرب من الشانزليزيه وقوس النصر بملايين اليوروهات.

وأضافت الصحيفة الفرنسية أن أحمد عضو في الشركة المدنية العقارية التي تم إنشاؤها لعمليات الشراء هذه، وقد تم تحويل 30 مليون يورو من صنعاء إلى حساب فتحه نجل صالح باسم آخر في أحد مصارف باريس.

وأوضحت الصحيفة أن النيابة الوطنية المالية قد فتحت هذا التحقيق في 2019 بعدما تلقت طلب مساعدة جنائية من سويسرا التي رصدت تحركات مشبوهة للأموال بين باريس وجنيف.

علاوة على ذلك، فإن أولاد صالح يديرون ثروة والدهم الذي قتل في ديسمبر/كانون الأول 2017 على أيدي جماعة الحوثي، وهي ثروة قدرها تقرير للأمم المتحدة في فبراير/شباط 2015 بنحو 32 إلى 60 مليار دولار جمعها على مدار 33 سنة، وهي فترة بقائه في السلطة، بمتوسط مليار إلى ملياري دولار في السنة الواحدة، بحسب التقرير.

وفي يناير/كانون الثاني 2018، صدر تقرير آخر للأمم المتحدة كشف عن إدارة خالد لأموال والده صالح بعد مقتله، لتفادي العقوبات التي يفرضها مجلس الأمن على شقيقه أحمد، ومع هذا فإن الأخير مازال يمارس نشاطا ماليا حذرا وغير مباشر، وهو ما أشارت إليه صحيفة ليبراسيون.

وحسب التقرير الأممي، فقد ترك صالح أصولا مالية على شكل ملكية أو نقد أو أسهم أو ذهب في أكثر من 20 بلدا، من بينها فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، تحت أسماء مستعارة.

استقطاب وإعاقة

وفق مراقبين، فإن تمديد العقوبات يعني الحد من  قدرة أحمد على التصرف بتلك الأموال، وهو الأمر الذي يؤثر عليه من عدة نواح، من بينها عدم قدرته على الاستمرار في عملية الاستقطاب السياسي.

والاستقطاب السياسي هو نهج كان أحمد علي قد درج عليه أثناء توليه قيادة الحرس الجمهوري، مقتفيا سياسة والده في شراء ولاءات قبلية وحزبية، وهو ما أشار إليه تقرير فريق الخبراء الذي تم بموجبه إدراجه بقائمة العقوبات وفق القرار 2216 في الفصل السابع.

علاوة على ذلك، ووفق خبراء، فإن لدى مجلس الأمن مخاوف من أن يسخر أحمد علي تلك الأموال في عرقلة عملية السلام التي يسعى لها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفث.

هذه المخاوف تتمثل في أن أنصار الرئيس السابق ونجله أحمد مازالوا يؤدون دورا عسكريا في الساحل الغربي باليمن، من خلال تشكيلات عسكرية غير نظامية تعمل تحت قيادة طارق صالح، بن شقيق الرئيس صالح، وتتلقى مرتباتها من الإمارات.

وأشار تقرير الأمم المتحدة إلى أن رفع العقوبات أو إيقافها تتم عندما يثبت أن المستهدف بالعقوبة لا يفي أو لم يعد يفي بمعايير الإدراج في قائمة العقوبات.

عقب صدور القرار، وفي تغريدة، دعا عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، الإمارات إلى السماح لأحمد علي بالعودة إلى اليمن لأسباب إنسانية، قائلا في تغريدة أخرى: "إذا كانت الإمارات تعتبر السفير أحمد علي أسير فنحن مستعدون للتبادل".


وترغب جماعة الحوثي بالاستفادة من أحمد علي الذي يمتلك ثروة هائلة، ويمتلك قاعدة شعبية، خصوصا من جناح حزب المؤتمر الخاضع لجماعة الحوثي في صنعاء.

سلطان زابن

قرار التمديد الذي شمل أحمد علي، شمل شخصا آخر من عناصر جماعة الحوثي، وهو مدير البحث الجنائي بالعاصمة صنعاء سلطان زابن، لأنه شارك في أعمال تهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن، بما في ذلك انتهاكات القانون الإنساني الدولي المعمول به وانتهاكات حقوق الإنسان، بحسب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وأوضح القرار أن "زابن قد قام بدور بارز في سياسة التخويف واستخدام الاعتقال والاحتجاز والتعذيب والعنف الجنسي والاغتصاب ضد النساء الناشطات سياسيا، استخداما منهجيا".

وأضاف القرار أن "زابن مسؤول مباشرة، بصفته مديرا لإدارة البحث الجنائي أو بموجب السلطة المخولة له، عن استخدام أماكن احتجاز متعددة، بما فيها أماكن الإقامة الجبرية ومراكز الشرطة والسجون الرسمية ومراكز الاحتجاز غير المعلنة، أو شريك في استخدام تلك الأماكن".

 

وتابع القرار: "في تلك المواقع، تعرضت نساء، ومنهن قاصر واحدة على الأقل، للإخفاء القسري وللاستجواب المتكرر والاغتصاب والتعذيب والحرمان من العلاج الطبي في الوقت المناسب، كما أُخضعن للعمل القسري. وقد قام زابن، بنفسه، بالتعذيب مباشرة في بعض الحالات. الأفراد والكيانات ذوو الصلة المدرجة أسماؤهم في القائمة".

وسبق لصحيفة الاستقلال أن نشرت تقريرا في فبراير 2020 سلطت فيه الضوء على الانتهاكات التي ارتكبها مدير البحث الجنائي سلطان زابن بحق النساء، واعتقال نساء في فلل سرية تابعة لجماعة الحوثي واغتصابهن، وقيامه بإنشاء شبكة استخباراتية نسائية من "الزينبيات" تعمل لصالح جماعة الحوثي.