مراكز أميركية تواصل التشهير بتركيا.. ما علاقتها بحزب الشعب الجمهوري؟

12

طباعة

مشاركة

يعود تاريخ اهتمام الولايات المتحدة الأميركية بتركيا لسبعين عاما مضت، إذ حاولت واشنطن أن تسيطر دائما على أنقرة أثناء الحرب الباردة وقبلها منذ 1950.

وحاولت أن تشكل أميركا منطقة الأناضول من خلال التقارير التي تصدرها مؤسساتها الفكرية. واليوم أيضا، تحاول أن تشكل تركيا عبر نفس الأسلوب، وهو ما تطرقت إليه صحيفتان تركيتان.

ونشرت صحيفة "ستار" التركية، مقالا للكاتب أرصوي ديدي، قال فيه: "سأعرض عليكم ما حدث في الأسابيع الأخيرة! بداية، حاولوا نشر احتجاجات جامعة بوغازيتشي في الجامعات الأخرى بتأثير الدومينو".

وجرت احتجاجات في بوغازيتشي أشهر الجامعات في البلاد بعد أن عين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مليح بولو رئيسا للجامعة مطلع يناير/كانون الثاني 2021. ومنذ خمس سنوات بات بإمكان الرئيس تعيين رؤساء الجامعات من خلال مراسيم.

محاولات متتابعة

ويتابع الكاتب سرد آخر الأحداث بالقول: "ثم استهدفوا (واشنطن) الحكومة بعد مذبحة غارا وحاولوا إلصاق جرائم القتل التي ارتكبها حزب العمال الكردستاني بأردوغان".

ويتحدث الكاتب هنا عن المجزرة التي ارتكبها الحزب بقتله 13 تركيا عثرت على جثامينهم القوات التركية لدى مداهمة إحدى مغارات "بي كا كا" بمنطقة غارا شمالي العراق في إطار عملية "مخلب النسر 2" التي استمرت بين 10 إلى 14 فبراير/ شباط 2021 وانتهت بتحييد 53 عنصرا (وصفتهم أنقرة بالإرهابيين).

ويواصل ديدي: "حاولوا إثارة أحداث من خلال دعم نواب من حزب الشعوب الديمقراطي (كردي) لأعضاء منظمة بي كا كا الإرهابية في السجون بشراء طوابع بريدية لهم بأموال الحكومة والشعب".

وتابع: "وعندما لم ينجحوا في هراء (ادعاءات وجود) التفتيش العاري في أقسام الشرطة والسجون، شرعوا في تشويه سمعة أوزليم زنغين (محامية وسياسية في حزب العدالة والتنمية)، التي كشفت عن أصل ادعاءاتهم. هذا ما حدث فقط في الأسابيع القليلة الأخيرة وإذا ما أردت الاستفاضة في هذا فسيتحول الأمر إلى كتاب أكثر منه مقالا".

وأضاف قائلا: لكن وفي الوقت الذي كنا مشغولين فيه بالتعامل مع حزب العمال الكردستاني ومنظمة غولن الإرهابيتين والمدعومتين من الولايات المتحدة، قال رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي شيئا مهما. 

فقد أوضح بهتشلي أن هناك مراكز في الولايات المتحدة تصدر مقالات وتقارير مناهضة لتركيا. وأشار إلى معهد بروكينغز الذي يعتبر واحدا من أهم هذه المراكز.

ففي الأيام الأخيرة، نشر معهد بروكينغز الفكري في أميركا تقريرا حول العلاقات التركية الأميركية تناول الأزمات التي مرت بها البلدين في الأربع سنوات الأخيرة بعنوان "بين التعاون والتغطية: سياسات أميركا الجديدة تجاه تركيا الجديدة".

وجاء فيه أن تركيا تشكل تهديدا إستراتيجيا للولايات المتحدة أكثر منها حليفا كما تمت الإشارة إلى أن إدارة واشنطن تتبنى هذا الرأي. وقد عرفنا سبب تحذير بهتشلي بعدما قرأنا ما كتب أيتونتش إركين في عموده في صحيفة سوزجو (صحيفة تركية معارضة)، يقول الكاتب.

إذ جاء في التقرير الذي نشر بتوقيع نيكولاس دانفورث (باحث أميركي) أن ما ينتظر تركيا هو "حل سلسة من المشكلات في السياسة الخارجية" بدلا من "إقامة بداية جديدة في العلاقات" بين تركيا والولايات المتحدة. 

واستدرك الكاتب قائلا: لكن لحظة واحدة! إن العلاقات التركية الأميركية ليست أصلا في حالة تسمح بتوجيهها بمثل هذه التقارير. 

فمع دعم واشنطن حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب، وحمايتها للإرهابيين من منظمة غولن ورجوعها عن بيع أنظمة الدفاع الجوي التي دفعنا أثمانها بالفعل، وفرضها علينا العقوبات لشرائنا أنظمة دفاع جوي من دولة أخرى (روسيا)، ألسنا نحن من يجب أن يقول هذا تجاه مواقف واشنطن غير المقبولة؟، يتساءل الكاتب.

وأردف قائلا: أليست تركيا من يجب أن تقول "لنحل قائمة المشاكل والأزمات التي بيننا ثم لتستمر علاقتنا"؟

 وقال نيكولاس دانفورث: "أخيرا، فإن اتخاذ القرار فيما إذا كانت تركيا ستستفيد من إعادة العلاقات مع الغرب يعود إلى حكومة تركية منتخبة ديمقراطيا. لذا وحتى ذلك الحين، سيكمن التحدي الذي ستواجهه واشنطن في متابعة الضغط الذي تمارسه عليها بشكل كاف لتوضيح الوضع دون الإضرار بالعلاقات الثنائية". 

علاقات مشبوهة

من الواضح أن هذا تدخل في السياسة التركية، فلا يوجد تفسير آخر لذلك. وهذه المشكلة لا تعني حزب العدالة والتنمية (الحاكم) وأردوغان فحسب، بل تعني جميع أحزابنا السياسية الموالية منها والمعارضة.

ويتابع الكاتب: "إنهم يسمحون لأنفسهم بالتمادي لأن حزب الشعب الجمهوري (المعارض) لم يقل: من أنتم لتتدخلوا في سياستنا"، خاصة وأن الرئيس الأميركي جو بايدن قال قبل أن يتولى منصبه: "سأتعاون مع المعارضة في تركيا للإطاحة بأردوغان".

ويستطرد الكاتب أن دانفورث يقول صراحة وبكل وضوح: "علينا متابعة الضغط حتى تتغير السلطة في تركيا". لكن لا أحد يعترض على ذلك باستثناء بهتشلي وأردوغان. 

وواصل قائلا: إذا فلنطرح السؤال التالي على كليتشدار أوغلو (زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض) الذي يقول في كل فرصة "سنتولى السلطة مع أصدقاءنا" مرة أخرى.

 من هم هؤلاء "الأصدقاء"؟ وإذا لم يجب حزب الشعب الجمهوري على هذا السؤال بأسرع وقت وبإجابة مقنعة، فلن يتمكن من التخلص من هذا الاتهام أبدا وسيعلق فيه دائما، وفق الكاتب.

فبحسب ما قال إركين في صحيفة سوزجو فإن هناك علامات الاستفهام في أذهان الجميع حول علاقة حزب الشعب الجمهوري بمعهد بروكينغز إلى جانب التساؤلات حول عمالة الحزب لإدارة واشنطن الجديدة من خلال مؤسساتها الفكرية.

أما المسألة الثانية والأكثر أهمية التي أكد عليها إركين فهي قضية التقارير المرسلة إلى هذه المؤسسات البحثية، حيث إن مثل هذه المعلومات الخطيرة والتي يقدمونها في التقارير يمكن أن يحصلوا عليها فقط من بعض الدوائر المقربة من كلا الطرفين. فمن يكتب هذه التقارير إذا؟ يتساءل الكاتب.

ويجيب قائلا: ربما إذا ألقينا نظرة قريبة على الصحفيين العاطلين عن العمل والسياسيين المتقاعدين والأكاديميين الذين يعيشون في فيلل على الرغم من أن رواتبهم لا تكفي لتغطية تكاليف البنزين، فسنفهم ذلك. 

ويختم ديدي مقاله: "يجب ألا نترك السلطة تواجه هذا الوضع بمفردها، كما يجب على كل من يؤمن بسياسة مدنية أن يبذل جهده ويفعل ما بوسعه لأجل تركيا مستقلة. ولا يهم إذا لم ينجح الحزب الذي تنتمي إليه وتدعمه، فالمعركة أكبر بكثير من الانتخابات وصراعاتها".