لا انتخابات مبكرة.. "العدالة والتنمية" يرشح وجها جديدا لاستعادة إسطنبول

12

طباعة

مشاركة

تحدث كاتبان تركيان عن احتمالات إجراء انتخابات عامة مبكرة في تركيا، أي قبل موعدها المحدد في يونيو/ حزيران 2023، بالتزامن مع حراك كبير من الحزب الحاكم لكسب مدينة إسطنبول في الانتخابات البلدية.

وقال الكاتب محمد أجيت في مقال له بصحيفة "يني شفق" إن "الظروف الحالية عكس ما كانت عليه في 2018". وفي 22 يناير/كانون الثاني 2021، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عدم إجراء أي انتخابات مبكرة.

وتابع قائلا: كانت الأطروحة الأكثر تداولا في دوائر حزب العدالة والتنمية (الحاكم) قبل ثلاث سنوات، أي في الأشهر الأولى من عام 2018، أن الظروف ستكون أكثر صعوبة إذا أجريت الانتخابات في موعدها، أثناء النقاشات حول سيناريوهات الانتخابات المبكرة.

وأردف: وكان السؤال الذي يلح في الأذهان بعد أن تم إفشال الأشكال المختلفة من محاولات الانقلاب للإطاحة بالسلطة بوسائل غير الانتخابات، هل يتم الاستعداد لتوجيه الضربات الجديدة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بطريقة منهجية؟

وشرح ذلك بالقول: كانت هناك قناعة في الأوساط الاقتصادية بأن عام 2019 سيكون أكثر صعوبة. وهكذا ومع التسليم بذلك بتزايد عدد القائلين بها، تم اتخاذ قرار بإجراء انتخابات مبكرة في أبريل/نيسان 2018.

لكننا إذا نظرنا إلى الوضع في الأشهر الأولى من عام 2021، فإن تركيا تمر كما تفعل جميع دول العالم، بمرحلة تتزايد فيها المشاكل مع تأثير الظروف الوبائية (فيروس كورونا).

من ناحية أخرى، قال الكاتب "ذكرت من قبل أنه وبحسب استطلاعات الرأي، فإن أكثر من 70 في المئة من الشعب يصرح بأنه يرغب في زيادة التركيز على حل المشاكل الحالية بدلا من إجراء انتخابات مبكرة".

وواصل: "يبدو أنه قد تم اتخاذ القرار بالسيطرة على الأمور في 2021، لتكتسب أهداف النمو بعد ذلك زخما اعتبارا من عام 2022".

وبعبارة أخرى، لا يوجد مبرر مقنع لإجراء الانتخابات قبل عام 2023، أي في غير موعدها في ظل الظروف الحالية. وهذا هو السبب خلف إطلاقنا لعنوان "تحركات 2023" بدلا من "تحركات انتخابات مبكرة". 

تقارب جديد

ووفقا للكاتب، بدأ الرئيس أردوغان عام 2021 بخطوات جديدة اتخذها لتوسيع سقف تحالف الشعب، والذي تشكل بين حزبي العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية في 20 فبراير/ شباط عام 2018، لخوض الانتخابات العامة سويا.

 فلم تنته النقاشات في الكواليس السياسية بعد، حول زيارته للرجل الأول الحقيقي في حزب السعادة ورئيس الهيئة الاستشارية العليا، أوغوزهان أصيل ترك الذي يظهر مرونة تجاه حزب العدالة والتنمية أكثر من رئيس حزب السعادة تيميل كاراموللا أوغلو.

وتابع قائلا: "أما توجه الرئيس أردوغان لشخص ذو خلفية من فكر وحركة مللي غوروش (مجموعة من الأحزاب الإسلامية التركية) لرئاسة فرع حزب العدالة والتنمية في إسطنبول في هذه الأيام، فقد برز كتطور أثار فضول الجميع واهتمامه".

وعقد مندوبو "العدالة والتنمية" في إسطنبول، 24 فبراير/شباط 2021 مؤتمرهم العام، ليتقدم مرشح واحد جرى اختياره سابقا، وهو عثمان نوري قاباق تبه، وهو من رفاق القيادي الإسلامي الراحل نجم الدين أربكان ومن مؤسسي حزب "السعادة" الإسلامي. وإثر التصويت حصل قاباق تبه على كامل أصوات المندوبين.

ونقل الكاتب عن أحد أصدقائه القدامى أن "كاباك تيبه شخص يتمتع الآن بمكانة محترمة وعالية في حزب العدالة والتنمية وكان واحدا من 6-7 أشخاص نظموا فعاليات الشباب في حركة مللي غوروش بعد عام 1980". كما أضاف: "لقد كان الأصغر بين هؤلاء السبعة".

ونقل عن صديق آخر له: "عمل لسنوات عديدة كرئيس لقسم التعليم الإعدادي في المنظمات الطلابية، كما عمل في الفروع الشبابية لحزبي الفضيلة والرفاه، وأصبح من أصدقائنا الذين لعبوا دورا مهما في المنظمات الشبابية".

 كثف أعماله في الجمعيات بعد السياسة، وأصبح عضوا في المجلس الاستشاري الأعلى في وقف الشباب التركي (TÜGVA). كما أصبح نائب رئيس مجلس الأمناء عندما تأسس وقف المعارف التركي. إنه مفكر ومثقف وناشط فاعل".

ويرى أجيت أن اتجاه أردوغان عشية المؤتمر إلى اسم بدأ طريقه في السياسة بتعليق المنشورات والملصقات على أعمدة الكهرباء في عمر صغير وأظهر نجاحا في تنظيم الشباب، ليحتوي على رسائل مهمة في الطريق إلى عام 2023.

ولفت إلى أن هذه الخطوة لا تعني 2023 فحسب، بل هي مهمة في سياق الانتخابات المقرر إجراؤها في نهاية مارس/آذار 2024 في إسطنبول (البلدية)، والتي خسرها الحزب بعد ربع قرن، كقطرة تشكل أول الغيث في تجديد التنظيم.

وكان تحالف "الشعب" المعارض الذي يضم حزب "الشعب الجمهوري" و"الحزب الجيد" وحزب "الشعوب الديمقراطي" وحزب "السعادة"، قد حقق أمام "العدالة والتنمية" انتصارا نادرا منذ 18 عاما على تولي الحزب مقاليد الحكم في البلاد، وهو ما دفع "العدالة والتنمية" لمراجعة سياساته الداخلية تمهيدا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في العام 2023.

وتضغط المعارضة بشكل كبير على الرئيس التركي من أجل إجراء انتخابات مبكرة، بهدف استغلال الظروف التي فرضتها جائحة كورونا، وبالأخص تداعياتها السلبية على الوضع الاقتصادي في البلاد وارتفاع الأسعار، في ظل رفض من قبل أردوغان الباحث عن تحالفات جديدة تعزز من مكانة التحالف الجمهوري الحاكم.

استعادة الروح القديمة

من ناحية أخرى، وبحسب موقع بي بي سي التركي، صرح خبير الشرق الأوسط جلال الدين دوران، والذي عرف عثمان نوري كباك تيبه شخصيا وعمل معه لفترة في وقف الشباب التركي أن اختياره "يبدو كخيار يمكن أن يعيد روح الـ 94 بشكل نسبي".

ويتابع دوران الذي عمل نائبا لرئيس وقف الشباب التركي سابقا: إن "كباك تيبه معروف بأنه أحد رواد أقسام الشباب في التسعينيات وأحد الإخوة الذين يمثلون قدوة للأجيال القادمة".

فبحسب دوران قد يرغب الحزب الحاكم الذي خسر انتخابات إسطنبول، بينما ينشط حزب الشعب الجمهوري وأحزاب المعارضة الأخرى فيها، في عكس الوضع باختيار كاباك تيبه.

وقال: "كان هناك حديث عن انفتاح فجوة بين حزب العدالة والتنمية والمجتمع في السنوات الأخيرة. هناك شريحة يمكنها أن تغلق هذه الفجوة مرة أخرى. هذه الشريحة هي ما يمكن أن نطلق عليه أعضاء حزب الرفاه في إسطنبول في التسعينيات والتي كان أردوغان جزءا منها. وهم يطلقون على أنفسهم روح الـ 94.".

كوادر هذا الجيل قوي في تنظيمه، وهم يقولون إنهم لن يخسروا إسطنبول في الانتخابات المحلية أو العامة.

كما يرى إن كاباك تيبه سيكون اختيارا لا يتبع لأي من الحزب الحاكم وحزب السعادة. فهو شخص معروف بأنه يلقى قبولا من الجميع وأنه سيكون سببا في تليين العلاقات بين العدالة والتنمية والسعادة.

فيما يرى رمضان بورصة الصحفي الذي يتابع الجبهة الإسلامية المحافظة عن كثب أن حزب العدالة والتنمية يحاول أن يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد باختياره لكاباك تيبه. 

فقد صرح قائلا: "أعتقد أن الرئيس منزعج من تعمق القومية في قاعدة حزب العدالة والتنمية. لذلك، أنا أعتبر هذا محاولة لعرقلة هذا التحول من خلال تعيين أشخاص من الرؤية الوطنية". وفقا لموقع بي بي سي - النسخة التركية.

وأردف: "ثانيا، أعتبر هذا محاولة لإنهاء الخلافات داخل الحزب، الأمر الذي ينزعج منه الرئيس أردوغان بشدة، وهكذا أعتقد أن انتخاب عثمان نوري كباك سيسهم في ذلك".

 ثالثا، إن حقيقة أن أردوغان رئيس للجمهورية والحزب في آن واحد، يخلق عددا من الانسدادات في إدارة الدولة. لذا سيعيد الرئيس معالجة هذه المشكلة في إطار الدستور الجديد".

وعقب انتخابه، قال قاباق تبه في تصريحات صحفية "من المؤكد من الآن أن إسطنبول ستكون للعدالة والتنمية في الانتخابات القادمة، وأشعر بسعادة بأن أكون رئيسا لفرعها، وستتجلى هذه السعادة عبر خدمة أبناء المدينة، ولن نساهم في انخفاض مستوى الخدمات التي اعتاد عليها أهالي إسطنبول".

وأضاف "سنعمل وكأننا في أيام الانتخابات ولن يتبقى منزل أو فرد أو أي أحد دون أن ندق بابه ونتواصل معه، وسنعمل على تعزيز العدالة والتنوع، والحديث عن القدوم من هنا أو من هناك لا معنى له، حيث تم تكليفي بهذه المهمة وفق القضية التي يؤمن بها حزب العدالة والتنمية، ومن غير المقبول أي تقييم آخر".