موقع تركي: رغبة الصين في التمدد تزيد من احتمال نشوب حرب مع أميركا

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع تركي أن اتجاه مسار العلاقات الأميركية الصينية التي تدهورت في عهد الجمهوري دونالد ترامب وتحول تفككها إلى مشكلة عالمية في فترة الديمقراطي جو بايدن "يثير فضول العالم كله".

وأوضح موقع "فيكير تورو" في مقال للخبير في مركز السياسات بأنقرة أوميت ألبيرين، أنه "عندما ننظر إلى الأزمات في العلاقات الصينية الأميركية في الخمسين عاما الماضية، نرى أنه رغم أن سياسات الرؤساء الديمقراطيين تجاه الصين أخف في الخطاب من سياسات الرؤساء الجمهوريين، إلا أنهم أكثر تشددا في الممارسة".

وأشار ألبيرين إلى أنه "رغم كل شيء، حدثت أزمات العلاقات في الغالب في عهد الديمقراطيين، بينما تحسنت في عهد الجمهوريين". 

فعلى سبيل المثال، كانت العملية المعروفة باسم "دبلوماسية كرة الطاولة" التي بدأت بدعوة الصين لفريق تنس الطاولة الأميركي الذي كان في اليابان لحضور بطولة العالم عام 1971، ورفع أميركا للحظر المفروض على الصين في اليوم الذي استقبل فيه رئيس وزراء الصين "تشو إن لاي" الفريق واستمرت بزيارات متبادلة في عهد الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون.

أما أزمة مضيق تايوان التي تدخلت فيها الولايات المتحدة لصالح تايوان عام 1995، والأزمة التي حدثت في مايو/أيار 1999 بعد قصف الطائرات الحربية الأميركية أثناء عملية للناتو ضد يوغوسلافيا "العرضي" للسفارة الصينية والتي قتل فيها 4 أشخاص وجرح 27، بينهم 3 صحفيين صينيين، فقد حدثت في عهد الديمقراطيين.

وعلّق ألبيرين على ذلك: "هكذا من المفيد أن نضع في اعتبارنا هذا الاختلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين والسياسة التي خلفها ترامب تجاه الصين، في تقييم الكيفية التي ستكون عليها العلاقات الصينية الأميركية في عهد بايدن".

إحياء التحالف

وذكر ألبيرين أن "وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلنكين صرح في مقابلة أجراها قبل أن يصبح وزيرا، أن الصين تدرك أن الولايات المتحدة تستمد قوتها الرئيسة من التحالفات، وإضعاف إدارة ترامب لعلاقات أميركا مع حلفائها لا سيما في آسيا، ساعدت الصين على تحقيق أهدافها الإستراتيجية".

ولهذا، فإن تطوير التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة مع الجهات الفاعلة الآسيوية والأوروبية مهم في الإستراتيجية التي تتبعها أميركا تجاه الصين.

وأوضح ألبيرين ذلك بالقول: "فلو نظرنا من المنظور الاقتصادي وحده، فإن حصة الولايات المتحدة يمثل 25 بالمائة من الاقتصاد العالمي، بينما يمثل 50-60 بالمائة مع الحلفاء، لذلك، يظهر توازن لا يمكن تجاهله ضد الصين، التي لا تزال تتبع سياسة خارجية قائمة على أساس اقتصادي إلى حد كبير".

واستدرك قائلا: "أما بالنسبة للصين، فيتمثل أكبر مخاوفها في إغلاق العالم الغربي لأسواقه أمامها، إلا أن هذه المخاوف لم تكن لتتحول إلى خطر سياسي إلا إذا اتبعت الولايات المتحدة سياسة من شأنها أن ترضي مصالح التحالف العالمي وتقضي على مخاوفه".

واعتبر ألبيرين أن "إدارة ترامب وسعت الساحة للصين بانسحابها من الشراكة عبر المحيط الهادي، والتي تهدف إلى تطوير العلاقات التجارية مع دول أخرى تقع بالفعل على ساحل المحيط الهادي غير الصين".

لكن بايدن وعلى عكس ترامب، سيحاول تقوية تحالفاته في الدول الأوروبية ومنطقة المحيطين الهندي والهادي، دون أن يقوم بتغيير أهداف سياسته الإستراتيجية تجاه الصين.

ويمكن تقييم تأكيد سفير ألمانيا بسنغافورة على المحيطين الهندي والهادي في المقال الذي كتبه في صحيفة "ستريت تايمز" الرائدة في تايوان، ونشر ألمانيا لبيان ضد الصين بسبب انتهاكها لحقوق الإنسان ضد الإيغور باسم 39 دولة في الأمم المتحدة، "علامة على أن أوروبا يمكن أن تعمل وفق سياسية الولايات المتحدة تجاه الصين"، وفقا لما يراه الكاتب.

استعادة الثقة

ويرى ألبيرين أن "مدى قدرة إدارة بايدن على إصلاح الشرخ في الثقة الذي خلفه ترامب في أنظمة التحالف وقدرتها على توجيهها لأمر مثير للجدل".

وشرح ذلك بالقول: "بايدن يتبع في تحالفاته نهجا يركز على منطقة بعينها بدلا من التحالف بإستراتيجية شاملة على نطاق عالمي، ويعطي تجاهل إدارة بايدن لتركيا حليفتها والتي تمتلك أكبر ثاني جيش في حلف الناتو في قضية إعادة جمع التحالف انطباعا بأنها لا تدرك حتى الآن مدى التوسع الصيني حول العالم".

لذلك، يمكن أن نتوقع أن يتصرف بعض أعضاء التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بشكل نصف مستقل عن الولايات المتحدة في السياسات الصينية، خاصة وقد مهد تجاهل واشنطن في عهد ترامب للتحالف في شرق آسيا وأوروبا، الطريق أمام هذه الدول للاعتناء بنفسها، وفقا للكاتب التركي.

وأوضح قائلا: "يبدو أن أعضاء الحلف يرغبون في التعاون مع الصين في المجال الاقتصادي، ولكنهم يعدون أيضا الأدوات التي تشكل ضغطا على الصين وتحميهم في نفس الوقت، فمثلا أخذت ألمانيا، التي أشارت بإمكانية التعاون مع الولايات المتحدة، زمام المبادرة في توقيع اتفاقية الاستثمار بين الصين والاتحاد الأوروبي".

وتابع: "كما وقعت اليابان وأستراليا، الحليفتان للولايات المتحدة اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP) والتي تشمل الصين، مع أنهم غير راضين تماما عن سياسات الصين الإقليمية".

وهكذا قضت الصين على مخاوفها الكبرى مع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، ولم تبق بمعزل عن النظام، كما حدث في اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي.

ويعد توقيع اتفاقية أمنية بين أستراليا واليابان بعد (RCEP)، وظهور السفن الحربية الألمانية والبريطانية في اليابان في بحر الصين الجنوبي أمرا مهما من حيث أنه يظهر أن الدول غير المرتاحة لسياسات الصين "تبحث عن توازن"، وفق الكاتب.

وأضاف: "كما أن مراجعة اليابان لنظام دفاعها الصاروخي تثير قلق الصين، لقد كانت اليابان وأستراليا تعتبران الولايات المتحدة عامل توازن، ومع ذلك، يلاحظ أن الدول التي اعتمدت على واشنطن وترامب تحاول إيجاد الاعتماد على نفسها، أي أن هذه الدول تطور نظام موازنة خارج المنطقة وداخلها".

وهكذا يمكن القول إن انتشار التعاون التنافسي بين الولايات المتحدة والصين، إلى ما بين الصين والدول الأخرى في المنطقة قد يتسبب في جعل التوازنات والسياسات أكثر تعقيدا وحتى أكثر فوضوية على المستويين العالمي والإقليمي، مما قد يضيق على الصين في كل من شرق آسيا والعالم، يقول الكاتب.

الانتهاكات الحقوقية

واعتبر ألبيرين أن "حقوق الإنسان من العناوين التي ستبرز أيضا في العلاقات الصينية الأميركية خلال الفترة الجديدة، حيث تعتقد إدارة بايدن أن انتهاكات الصين لحقوق الإنسان في هونغ كونغ ومنطقة الإيغور لم يتم الرد عليها بشكل كاف بسبب تخلي إدارة ترامب عن القيم التي كانت موضع تساؤل داخل أميركا بحد ذاتها في عهده".

وشرح ذلك قائلا: "انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، والتي برزت مع مقتل الأميركي من أصل إفريقي جورج فلويد على يد الشرطة، وتحدي ترامب بعد إعلان بايدن انتصاره، وأعمال الشغب في الشوارع الأميركية هيأت الظروف للصين، ويمكن القول إن هذا الوضع حسن من صورة الصين أمام الرأي العام الدولي خلال عهد ترامب".

أوضح ألبيرين أن "انتقادات حقوق الإنسان التي وجهتها إدارة ترامب للصين بشأن هونغ كونغ ومنطقة الإيغور أدت إلى ظهور الادعاءات بأن اتباع أميركا لسياسة القيم قائم على الاستفادة منها، مما سمح للصين بالدعاية بأن نموذجها أفضل من النموذج الأميركي.

وهكذا فإن تصريحات هونغ كونغ حول الإيغور والتبت يمكن أن تضع رئيس الصين "شي جين بينغ" الذي يملك صورة الرئيس "القوي" سواء في الداخل أو في الخارج، في وضع حرج حال تمكنت إدارة بايدن من حل مشاكل حقوق الإنسان داخل الولايات المتحدة، بحسب الكاتب.

وبحسب ألبيرين فإن تكليف فريق العمل الذي تم تشكيله من قبل إدارة بايدن والمكون من عسكريين ومدنيين بالبنتاغون بدلا من وزارة الخارجية بالبحث حول الصين وتقديم النصائح العسكرية وتلك التي تتعلق بالأمن القومي للبنتاغون يؤكد ما ذكر أعلاه. 

وتابع: "يمكننا أن نستنتج أن رئيس الحزب الديمقراطي الأميركي، بايدن، ينظر إلى الصين على أنها تهديد أمني وأنه مستعد لجميع أنواع التطورات المحتملة، بعبارة أخرى، يمكننا أن نقول إن احتمال نشوب صراع حاد بين الولايات المتحدة والصين قد ازداد، وأن واشنطن قد أنشأت مركزا في البنتاغون لتجنب هذا الصراع المحتمل وردعه".

كما أشار ألبيرين إلى أن "قوة الولايات المتحدة انخفضت في العشرين عاما الماضية، بينما ازدادت قوة الصين، وبينما تحافظ الأخيرة على موقفها الثابت والحازم بشأن تايوان وبحر الصين الجنوبي، فإن التهديد الذي تتصوره واشنطن من بكين ورغبتها في الحد منه يزيد من احتمال نشوب صراع".

وختم ألبيرين مقاله بالقول: إن "إخطارات إدارة تايوان الأخيرة بانتهاكات الطائرات الحربية الصينية للحدود تزيد من خطر نشوب صراع قادم، وفي الواقع، لا يتوقع الجانب الصيني أن تكون علاقاته مع أميركا ودية في عهد بايدن، ولكنه يتوقع تلينا نسبيا في الحروب التجارية وفي قضية تايوان على الأقل".