حرب لا تنتهي.. هل نجحت إستراتيجية ماكرون مع مسلحي ساحل إفريقيا؟

12

طباعة

مشاركة

سلطت شبكة "بي بي سي" البريطانية، الضوء على النزاعات المستمرة بين الدول الواقعة على ساحل إفريقيا، وانتشار الجماعات المسلحة هناك، والنزاعات بين العديد من الدول كموريتانيا، النيجر، التشاد، مالي، كما تطرقت إلى الحديث عن علاقة فرنسا وجيشها بالأمر.

وكتب الصحفي يوسف رضا في النسخة الفارسية من "بي بي سي"، مقالا، قال فيه: "انعقدت في 16 فبراير/شباط 2021، بالعاصمة التشادية إنجامينا، قمة رؤساء مجموعة دول الخمس بالساحل الإفريقي، بعد 8 سنوات من بداية النزاعات في ساحل إفريقيا، بحضور فرنسا وحلفائها".

وأوضح أنه "تم التباحث في عواقب العمليات والنقلة الإستراتيجية في مواجهة الجماعات المتطرفة في جلسة استمرت يومين، ولم يكن يُنتظر من القمة أن تحل أزمة الساحل؛ ولكن كان هدفها تجديد القوى وتقديم تدابير جديدة".

وأشار رضا إلى أنه "منذ عام 2013 تحاول القوى العسكرية في موريتانيا، مالي، بوركينافاسو، النيجر، والتشاد بقيادة فرنسا أن يقوموا بتضعيف وإبادة أحداث المتمردين والجماعات المتطرفة".

ولفت إلى أن "باريس قامت بإيفاد ما يزيد على 5 آلاف من القوى العسكرية ومستشاري الأمن إلى الساحل، وفقا لما قاله، وزير الدفاع الفرنسي فلورانس بارلي، وأن الانتصارات التكتيكية حتى الآن جديرة بالاهتمام، وقاموا بصد ما بين 1200 إلى 1500 مقاتل".

ومع ذلك فإن ساحل إفريقيا ميدان دام للحرب، ويفصله عن السلام والاستقرار أميال، وفق الصحفي رضا.

وطبقا للتقرير الخاص بحقوق الإنسان أنه فقط في الشهر الماضي، قام المتمردون بقتل 100 قروي في النيجر، وقُتل 32 شخصا بمالي في يونيو/حزيران 2020، وفي العام الأخير فقد أكثر من 350 من المدنيين أرواحهم في بوركينافاسو.

التدخل الفرنسي

يقع ساحل إفريقيا في الضفة الجنوبية لصحراء إفريقيا الكبرى، حيث يمتد من الغرب حتى المحيط الأطلسي، ومن الشرق حتى البحر الأحمر؛ الجو هناك نصف جاف وبها سهوب ضخمة، وجغرافيا تتميز بسهول المراعي وعدم وجود أشجار فيما عدا تلك القريبة من الأنهار والبحيرات.

الطرق التجارية لساحل إفريقيا لها تاريخ يقدر بمئات السنوات، حمل ونقل السلع والمواد الخام سواء كان قانونيا أو غير قانوني يعد مصدرا مهما للدخل الخاص بسكان هذه المنطقة، وينتشر تهريب المخدرات، والأسلحة، وكذلك الإنسان.

وبالإضافة إلى ذلك يمتلئ ساحل إفريقيا بالمصادر الطبيعية كالبترول، الذهب، واليورانيوم، وهذا الأمر يزيد من الأهمية الجيوسياسية للمنطقة.

وفي العقد الأخير، اشتدت الخلافات القومية القبلية وتزايدت وقائع الجماعات المتطرفة، وخاصة في النواحي الغربية لتلك المنطقة؛ كموريتانيا، مالي، بوركينافاسو، النيجر، التشاد.

وفي عام 2012، قام المطالبون بالاستقلال "الطوارق" بدعم من الجماعات المتطرفة من ضمنها فرع "القاعدة" الموجود في شمال إفريقيا بالتمرد ضد الحكومة المركزية في مالي، وسيطروا على شمال الدولة.

عقب ذلك، تدخل الجيش الفرنسي بناء على طلب مسؤولي باماكو، وقاموا بعملية "سرفال" ثم عملية "برخان"؛ بهدف "خلق الاستقرار في الدولة"، وهذه العمليات مستمرة منذ 2013 بتحالف قوى مجموعة دول الخمس.

وكانت الجماعات المتمردة مستقرة في البداية عند المناطق الصحراوية بشمال مالي، والآن أصبحوا ناشطين في الجنوب وفي الدول المجاورة أيضا؛ وخاصة في المنطقة المعروفة بالثلاث حدود الواقعة بين مالي وبوركينافاسو والنيجر، والتي تحولت إلى مجال للنزاع الأساسي مع القوى العسكرية للمجموعة 5، وفقا لما ذكره الكاتب.

وأضاف الكاتب: "صحيح أن مجموعة دول الخمس نجحت في الحيلولة دون سقوط حكومة مالي المركزية، وأجبرت الثوريين على التراجع، وفي النهاية عام 2015، أجبرتهم واقعة الاستقلال هذه على توقيع معاهدة الجزيرة، لكن ظلت الجماعات المتطرفة في مالي".

إستراتيجية ماكرون

وكان العديد من هذه الجماعات من رؤساء قبائل الطوارق الذين خالفوا السلام؛ وكانت هناك مجموعة أخرى من القوى الجهادية والمتطرفة القادمين من الدول المجاورة، وخاصة بعد سقوط زعيم ليبيا الراحل معمر القذافي، توجهوا إلى مالي.

وفي السنوات الأخيرة، ورغم وجود الجيش الفرنسي وحلفائه، إلا أن هجمات الجماعات المتمردة استكملت طريقها، وانتشرت في بوركينافاسو والنيجر، كما اشتدت في جنوب مالي.

وخلال جلسة في 16 فبراير/شباط 2021، أعلن الرئيس الفرنسي إیمانويل ماكرون، أن القوات التي تحت سيطرته نجحت خلال عام 2020 في إلحاق الضرر الكبير بعناصر تنظيم الدولة الناشطة في منطقة الثلاث حدود، واتخذوا من "القاعدة" هدفا لهم في الوقت الراهن.

فمنذ فترة وماكرون يسعى أن يقنع حلفاءه في أوروبا وإفريقيا بلعب دور أكثر جدية في أزمة الساحل، وأعرب عن سعادته من قرار مسؤولي تشاد بإيفاد 1200 جندي إلى منطقة الثلاث حدود، وقال إن فرنسا تميل إلى المواجهة ضد الجماعات الإرهابية في المنطقة.

وعلى مر الزمان يجب العبور من منطق أنها عمليات تتم من قبل جيش خارجي في المنطقة، إلى اعتبارها تحالفا بين جيوش المنطقة، بحسب الكاتب.

ووفقا لما تعتقده مديرة مركز "شبكة الأمن في إفريقيا"، نياجاله باجايوكو، أنه "رغم لزوم المواجهة مع الجماعات الإسلامية المتطرفة، إلا أنه لن يكفي لخلق السلام والاستقرار الدائم في الساحل".

وأشارت إلى أنه "بالإضافة للجماعات المتطرفة، هناك الجماعات المسلحة المجرمة التي تهجم على القرى، وتنهب الناس، فالقرويون كي يحافظوا على أرواحهم وأموالهم ويدافعوا عن أنفسهم، قاموا بتشكيل مليشيات ويتنازعون مع بعضهم البعض بانتظام، ولكن الضحايا الأصليين كما جرت العادة هم المدنيون، الذين تزداد أرقامهم يوما بعد يوم".

واختتم الكاتب رضا مقاله قائلا: "خلال 8 سنوات من النزاعات في الساحل فقد ما يقرب من 6 آلاف شخص من المدنيين أرواحهم، وظل ما يقرب من مليوني شخص دون مأوى".