بعد تغير ساكن البيت الأبيض.. هذا فريق بوتين الجديد في الكرملين

أحمد يحيى | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مع بدء حقبة الرئيس الديمقراطي جو بايدن في البيت الأبيض، في يناير/كانون الثاني 2021، وتصاعد موجة المظاهرات العارمة الداعمة للمعارض الروسي المعتقل أليكسي نافالني، بدأ الرئيس فلاديمير بوتين إجراء تغييرات هيكلية في عدد من مفاصل الدولة، وقياداتها في الكرملين، مقر الرئيس بالعاصمة موسكو.

يدشن بوتين قوة جديدة في مسار السلك الدبلوماسي، معتمدا على أولئك الذين تمرسوا لفترات طويلة في مهام مختلفة داخل الدولة، والمقربين منه على مدار سنوات حكمه، لمساعدته في المرحلة القادمة على خوض معاركه الإستراتيجية، على الصعيد الداخلي والخارجي.

هذه التغييرات الداخلية لا تأتي بمعزل عن تمدد ونفوذ موسكو الخارجي، كونها من اللاعبين الرئيسين على الساحة الدولية، امتدادا من شبه جزيرة القرم إلى سوريا وليبيا، وحاجتها إلى إدارة قوية تستطيع أن تجابه تحديات الصراع مع الاتحاد الأوروبي وواشنطن.

فلا شك أن صعود بايدن وإدارته الجديدة يؤرق الزعيم الروسي، وسبق أن ذكرت مجلة "نيويوركر" الأميركية عام 2012، أن جو بايدن (نائب الرئيس آنذاك) عندما قام بزيارة موسكو في 2011 لم يكتف باجتماعه بزعماء المعارضة الروسية، بل دعا بوتين صراحة إلى عدم ترشيح نفسه مجدّدا للرئاسة.

وبلغ الأمر أن قال بايدن لبوتين بعد لقائه: "أنْظُر في عينيك، ولا أعتقد أن لديك روحا"، لذلك فمن المنتظر ألا تكون العلاقات بين واشنطن وموسكو على نفس الدرجة من الانسجام أثناء حكم الرئيس السابق دونالد ترامب.

ألكسندر دفورنيكوف

في 10 فبراير/ شباط 2021، قالت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المعنية بشؤون الاستخبارات، إن "بوتين يستعد للانتخابات الرئاسية في 2024، عبر إعداد جيل قادم من السياسيين المتنفذين في مسالك الاستخبارات الروسية (KGB) بالإضافة إلى جنرالات الجيش والأجهزة الأمنية".

وذكرت المجلة الفرنسية أسماء مجموعة من كبار موظفي الدولة الذين تم تصعيدهم إلى مناصب قيادية خلال الفترة الماضية، وهم: "ألكسندر دفورنيكوف، وأليكسي دومين، ودميتري ميرونوف، وميخائيل بابيتش، ويفغيني زينتشيف".

ووفق الصحيفة، فإن جل هؤلاء من المقربين للرئيس بوتين والذين وثق فيهم خلال فترة طويلة، واختبرهم في وظائف ومناصب متعددة، حتى تمت ترقيتهم مؤخرا.

ويأتي الجنرال ألكسندر دفورنيكوف، على رأس قائمة المصعدين، حيث يتم تجهيزه لخلافة رئيس أركان الجيش فاليري غيراسيموف (65 عاما)، وهو المنصب الذي شغله منذ عام 2012، لكنه اتخذ غيراسيموف خطوات أولى نحو التقاعد عندما عين في منصب فخري، كرئيس لأكاديمية العلوم العسكرية.

أما ألكسندر دفورنيكوف (59 عاما) فيشغل منصب قائد المنطقة العسكرية الجنوبية، التي تشمل شمال القوقاز وشبه جزيرة القرم، وقاد مجموعة القوات المسلحة التي انخرطت في الحرب السورية منذ 30 سبتمبر/ أيلول 2015، وحصل على وسام "بطل روسيا" من الرئيس بوتين عام 2016.

ودفورنيكوف، هو أحد قيادات موسكو التي فرض عليها قبل الاتحاد الأوروبي عقوبات عام 2019 لدوره في اعتراض 3 سفن بحرية أوكرانية بمضيق كيرتش عام 2018.

أليكسي دومين

الكرملين شرع كذلك في إجراء تغيير واسع في الهياكل الأمنية أبرزها ترشيح حاكم تولا، أليكسي دومين، الحارس الشخصي السابق لبوتين، لمنصب رئيس "وكالة أمن الدولة الفيدرالية (FSB)"، أو ما يعرف بجهاز الاستخبارات الداخلية الروسي".

ويستعد أليكسي دومين لخلافة ألكسندر بورتنيكوف، الموالي بشدة لبوتين، والذي يرأس "وكالة أمن الدولة الفيدرالية" منذ عام 2008، لكنه على وشك بلوغ سن التقاعد.

في 9 فبراير/ شباط 2016، نشرت صحيفة "كومرسانت" الروسية تقريرا عن "أليكسي دومين" قالت خلاله إن دومين يهوى رياضة الهوكي، وينحدر من مدينة كورسك على ضفاف نهر سيم، وتخرج من المدرسة العسكرية العليا عام 1994، بعدها تم إلحاقه بالقطاع الفني لمكافحة التجسس، ثم عين للعمل في خدمة الأمن الفيدرالية، وهي واحدة من أكثر الخدمات الخاصة سرية في البلاد.

منذ عام 1999، انتقل دومين للعمل في جهاز الأمن الرئاسي، حيث تضمنت واجباته الأساسية ضمان حماية شخص الرئيس، وفي عام 2009، حصل على درجة الدكتوراه من أكاديمية الخدمة المدنية الروسية.

وفي عام 2012 تمت ترقيته ليكون نائب رئيس أمن الرئاسة، وفي 2014 أصبح نائبا لرئيس جهاز المخابرات، في فترة بالغة الحساسية، وكان لدومين دور رئيس في ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، وبعدها بعام واحد حصل على رتبة فريق، وعين نائبا أول لقائد القوات البرية.

وفي 21 ديسمبر/ كانون الأول 2020، أصبح الرئيس بوتين رئيسا لمجلس الدولة، وأعلن هيئته الاستشارية التي كان أليكسي دومين واحدا من أعضائها، ما جعل البعض يتحدث عنه كخليفة محتمل لبوتين، قبل أن ينفي الكرملين هذه المزاعم لاحقا.

ديمتري ميرونوف

وفي إطار  تصعيد جنرالات آخرين من الأجيال الأصغر عمرا في مناصب أكثر أهمية، كان من بين هؤلاء ديمتري ميرونوف، نائب وزير الداخلية السابق (53 عاما)، والذي أصبح حاكما لمنطقة ياروسلافل عام 2016.

ميرونوف الذي ولد في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 1963، يتولى مسؤولية سياسة الشباب في مجلس الدولة الروسي، وهي هيئة استشارية مكونة من قادة أُدرج دورهم مؤخرا في الدستور الجديد، وهو منصب حساس وشديد الأهمية.

وينحدر ميرونوف من عائلة خدمت لعقود طويلة في الجيش الروسي، وجده حصل على وسام "بطل روسيا"، ووالده كان عقيدا في الجيش أيضا. 

وفي عام 2013  أصبح ميرونوف مساعدا لوزير الشؤون الداخلية، وفي 1 سبتمبر/ أيلول 2014، بأمر مباشر من بوتين، أُدرج ميرونوف في مجموعة العمل المشتركة بين الإدارات المعنية بمكافحة المعاملات المالية غير القانونية. 

وفي 27 يوليو/ تموز 2016، تم استدعاء ديمتري ميرونوف للتحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبعد ذلك تم تعيينه حاكما لمنطقة ياروسلافل.

 

ميخائيل بابيتش

ويأتي ميخائيل بابيتش، كواحد من أبرز الصاعدين في قيادة الدولة، وعُين نائبا لوزير التنمية الاقتصادية قبل عام بعد أن شغل منصب سفير لدى بيلاروسيا، وأصبح مؤخرا نائبا لمدير "الخدمة الفيدرالية للتعاون العسكري التقني"، والذي يعد جهازا إستراتيجيا مهما للغاية.

وأوردت وكالة "ريا نوفيستي" الروسية (حكومية) عن السيرة الذاتية لبابيتش، أنه ولد في 29 مايو/ أيار 1969 (51 عاما)، وفي 15 ديسمبر/ كانون الأول 2011 بموجب المرسوم الرئاسي، أصبح ممثلا مفوضا لبوتين في منطقة الفولغا الفيدرالية، وبعدها بأيام تم تعيينه رئيسا للجنة الدولة الروسية لنزع الأسلحة الكيميائية، ليجمع بين المنصبين. 

وفي 21 أغسطس/ آب 2017، أعد صندوق "سياسة بطرسبورغ" تصنيفا للشخصيات المؤهلة لقيادة البلاد بعد بوتين، وتم اختيار 19 شخصية تحظى بثقة الشعب الروسي، وكان ميخائيل بابيتش واحد من هؤلاء.

يفغيني زينيتشيف

السياسي الآخر المنحدر من أجهزة الاستخبارات، والذي كان يعد أحد أفراد الحرس اللصيق ​​لبوتين، هو يفغيني زينيتشيف، الذي تمت ترقيته إلى رتبة جنرال في 20 ديسمبر/ كانون الأول 2020.

قام زينيتشيف بحماية رئيس الوزراء آنذاك بوتين من 2008 إلى 2012، بصفته عنصرا سابقا في وكالة الحماية الفيدرالية (وكالة حكومية اتحادية مكلفة بمهام حماية العديد من كبار مسؤولي الدولة). 

وعُين يفغيني زينيتشيف نائبا لمدير "وكالة أمن الدولة الفيدرالية" عام 2016 بعد فترة قصيرة للغاية قضاها في مقاطعة كالينينغراد، شغل فيها في البداية منصب مدير المكتب الإقليمي لوكالة أمن الدولة الفيدرالية، ثم منصب الحاكم المؤقت للمقاطعة.

وفي عام 2018، عُين وزيرا لحالات الطوارئ (وزارة الاتحاد الروسي للدفاع المدني والطوارئ والقضاء على عواقب الكوارث الطبيعية)، وهو المنصب الذي شغله وزير الدفاع الحالي سيرغي شويغو لفترة طويلة.