"الصفحة الأخيرة".. كاتب تركي: هذا مستقبل علاقات روسيا والاتحاد الأوروبي

12

طباعة

مشاركة

نشرت وكالة "الأناضول" التركية مقالا ذكرت فيه أن وزير خارجية الاتحاد الروسي سيرغي لافروف أعرب مؤخرا عن استعداد موسكو لإنهاء العلاقات مع الاتحاد الأوروبي في حال قرر الأخير فرض عقوبات إضافية قد تؤثر سلبا على الاقتصاد الروسي.

وقالت الوكالة الرسمية في مقال للكاتب والدكتور في جامعة مرمرة إلياس كمال أوغلو إن "لافروف لم يتردد في التذكير بعبارة، إذا كنت تريد السلام فكن على استعداد للحرب" مبينا أن "روسيا تريد تطوير التعاون مع الاتحاد الأوروبي ولا تريد الانعزال عن العالم".

واعتبر كمال أوغلو أن "تصريح لافروف في 12 فبراير/شباط 2021، كان أكثر صرامة من التصريحات المعتادة على الخط الأوروبي الروسي، فبينما هناك اعتقاد بأن العلاقات بين موسكو وواشنطن ستأخذ مجرى سلبيا خاصة بعد تولي جو بايدن الحكم في الولايات المتحدة، استمر الحوار بين روسيا وأوروبا لسنوات، وإن كان بمستوى منخفض، رغم كل المشاكل بينهما".

إذن كيف نفسر بيان لافروف؟ وما هي الأسباب التي دفعت أحد وزراء الخارجية الأكثر خبرة في العالم للإدلاء بمثل هذا التصريح؟ يتساءل الكاتب.

دور نافالني

وفي السياق، أجاب كمال أوغلو: "لقد أدلى لافروف بهذا التصريح بعد أن زار الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيف بوريل روسيا في 4-6 فبراير/شباط الجاري، وقد التقى لافروف خلال زيارته، كما التقى بممثلي المنظمات غير الحكومية".

وصرح بوريل، الذي جاء إلى موسكو لمناقشة قضية انتهاكات حقوق الإنسان في روسيا ونقل مطالب الاتحاد الأوروبي بشأن هذه القضية، أنهم تناولوا الإشكاليات مع لافروف "بوضوح وصدق" بعد الاجتماع.

واستدرك الكاتب قائلا: "لكن وبعد أن تم تقييم الزيارة التي تخللها هذا البيان بأنها مهينة من قبل مختلف مراكز الاتحاد الأوروبي، غيّر بوريل الذي عاد إلى بروكسل رأيه بشأن الاجتماع، وذكر أن البيان الصحفي وقع في بيئة قاسية للغاية وأنه يعتقد أن روسيا ترى أن الديمقراطية تشكل تهديدا عليها". 

وقد برزت قضية فرض الاتحاد الأوروبي لعقوبات جديدة على روسيا على جدول الأعمال مرة أخرى بعد عودة بوريل من روسيا، لذا لا بد من تقييم تصريح لافروف في إطار جميع هذه التطورات، بحسب ما يراه كمال أوغلو.

واستطرد: "كما هو معروف، تدهورت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا بعد الثورة في أوكرانيا عام 2014، وبدأ الاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات متعددة على روسيا، لترد عليها الأخيرة بنفس الطريقة قبل أن يمر وقت طويل". 

وتابع: "لكن رغم كل ذلك، لم تنقطع الاتصالات الدبلوماسية وواصلت دول الاتحاد الأوروبي استيراد الغاز من روسيا، وجدير بالذكر هنا أن دول الاتحاد ليست لها سياسة مشتركة تجاه روسيا".

وبينما بدأت مؤخرا الدول الكبرى في أوروبا بالدعوة إلى ضرورة إحياء العلاقات مع موسكو، لا سيما لأسباب اقتصادية، فإن الأعضاء الجدد في الاتحاد (دول التكتل الشرقي سابقا) لا "يزالون يعتبرون روسيا تهديدا ويرغبون في فرض العقوبات"، بحسب كمال أوغلو.

لكن وخلال الأشهر الأخيرة، كانت هناك بعض التطورات الجديدة التي دفعت العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي إلى التراجع أكثر، وكان أهمها حادثة المعارض ألكسي نافالني، فقد تم تسميم الأخير عام 2020 وعندما عاد إلى روسيا بعد علاجه في أوروبا خلال العام الجاري، تم اعتقاله وحكم عليه بالسجن 3 سنوات ونصف.

ويزعم الغرب بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي، أن للكرملين يد في تسميم نافالني ويتهم روسيا باتباع سياسات مناهضة للديمقراطية، وفقا للكاتب.

وأردف قائلا: "فيما يرفض المسؤولون الروس الاتهامات ويزعمون أن الغرب يقوم بدعم نافالني، وقد زادت التظاهرات التي بدأت في جميع أنحاء روسيا بعد اعتقال نافالني من مستوى التوتر بين الطرفين (مع أن معظم المتظاهرين يشتكون من الظروف المعيشية في البلاد أكثر مما يقومون بدعم نافالني)".

كما يعتبر كمال أوغلو أن "أحد الأسباب التي أدت إلى زيادة التوتر بين روسيا والاتحاد الأوروبي كانت مشاركة بعض موظفي السفارات الأجنبية بموسكو في المظاهرات الأخيرة، والذي أعلن بعده الكرملين أنه سيتم ترحيل واحد من الدبلوماسيين العاملين في كل من السفارات الألمانية والسويدية والبولندية".

وقد وصف المسؤولون الروس تصريحات الدول الغربية بشأن حادثة نافالني والمظاهرات في روسيا بأنها تدخل في الشؤون الداخلية، و"هكذا يظهر أن العقوبات الإضافية التي يخطط الاتحاد الأوروبي لفرضها على روسيا وتصريحات بوريل ولافروف مرتبطة بشكل مباشر بحادثة نافالني"، يقول الكاتب التركي.

مستقبل العلاقات

ولفت كمال أوغلو إلى أن "هناك مشاكل أخرى بين الطرفين، يتمثل أولاها في عدم صدور التصاريح المطلوبة لبناء خط أنابيب الغاز الطبيعي (نورد ستريم 2) حتى الآن، ويشكل تهديد الولايات المتحدة بإدراج الشركات المشاركة في المشروع بالقائمة السوداء أكبر عقبة أمام إكمال هذه المشروع".

أما روسيا، فهي مصممة على إحياء خط الأنابيب هذا جاعلة من الأمر "قضية كرامة".

كما يرى الكاتب أنه "لم يكن من السهل إلغاء مشروع (نورد ستريم 2) رغم طرح هذه الفكرة في الاتحاد الأوروبي بسبب التطورات الأخيرة، فقد كان لافروف يقصد بالعقوبة التي ستضر بالاقتصاد الروسي، إلغاء نورد ستريم 2 الذي اكتمل بنسبة 95 بالمائة".

هناك قضية مهمة أخرى تؤثر في العلاقات الثنائية وتتمثل في التطورات الحادثة في الجزء الشرقي من أوكرانيا، حيث يقول الاتحاد الأوروبي بأن المشكلة الانفصالية في شرق أوكرانيا يجب حلها في إطار اتفاقية مجموعة المينسك (ألمانيا وفرنسا وروسيا وأوكرانيا).

وأضاف كمال أوغلو قائلا: لكن لم يسفر ذلك عن شيء؛ فبينما تتهم أوكرانيا روسيا بعدم الوفاء بالتزاماتها، تقول موسكو إن أوكرانيا هي من تعيق تحقيق الاتفاقية، وقد اشترط مسؤولو أوروبا حل هذه المشكلة أيضا لتطبيع العلاقات بين موسكو والاتحاد".

وتابع: "مع ذلك، لا يبدو ممكنا أن يتم حل المشكلة في شرق أوكرانيا على المدى القصير، لذلك، ستبقى هذه المشكلة على جدول أعمال العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي في الفترة المقبلة إلى جانب قضية نافالني، وستستمر كذلك في التأثير على العلاقات سلبا دون شك".

ويرى كمال أوغلو أن "تولي بايدن للسلطة يعني احتمال زيادة التعاون بين واشنطن والاتحاد الأوروبي (بما في ذلك القضية الروسية)، على عكس عهد الرئيس السابق دونالد ترامب".

ويتساءل الكاتب: لكن ما مدى واقعية إنهاء العلاقات التي تحدث عنها لافروف؟ فبعد أن طردت روسيا 3 دبلوماسيين أوروبيين، أعلنت كل من الدول أن أحد الدبلوماسيين الروس "غير مرغوب فيه" أيضا، ومع ذلك، يمكن القول إن العلاقات الدبلوماسية وحتى الاقتصادية وغيرها لن تنقطع بالكامل.

وشرح ذلك بالقول: "رغم المشاكل المستمرة لسبع سنوات بين البلدين، إلا أن العلاقات التجارية تستمر دون انقطاع، ورغم انخفاض حجم التجارة بين روسيا والاتحاد الأوروبي من 322 مليار يورو عام 2012 إلى 232 مليار يورو في 2019، إلا أنه ظل على حاله تقريبا خلال السنوات القليلة الماضية". 

وأضاف: "كما لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من إيجاد بدائل كثيرة لروسيا في مجال الطاقة، وبالنظر إلى حقيقة أن موسكو زادت من نفوذها في القوقاز والشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، فمن الواضح أن الطرفين بحاجة إلى بعضهما البعض للتطور على الساحة الدولية".

واختتم كمال أوغلو مقاله قائلا: "لقد صرح بوريل بعد زيارته لموسكو، أن روسيا تنفصل عن أوروبا أكثر فأكثر، ورغم صحة هذا القول، لا ينبغي أن ننسى أن العقوبات لم تقرب أبدا بين الدولة التي تفرض العقوبات والدولة الخاضعة لها".

واستدرك: "لكن يبدو أن الاتحاد لن يرغب في خسارة موسكو بشكل كامل ولن يوافق على عقوبات إضافية واسعة النطاق مثل إلغاء مشروع (نورد ستريم 2) والتي سيلحق المزيد من الضرر بالاقتصاد الروسي في قمة الاتحاد الأوروبي التي ستنعقد في 22 فبراير/شباط الجاري".